إفتتحت مساء الجمعة أول كنيسة في دولة قطر ستتيح لعشرات الآلاف من الوافدين المسيحيين ممارسة شعائرهم الدينية، وهي خطوة إعتبرتها الدوحة رسالة تسامح وتعادل بين الأديان. ووسط إجراءات أمنية مشددة، نظمت الرعية الكاثوليكية في قطر حفل إفتتاح حضره عشرات السفراء والدبلوماسيين والإعلاميين إضافة إلى عشرات الأساقفة ورجال الدين الكاثوليك وغير الكاثوليك، فيما مثل حكومة قطر نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة عبدالله بن حمد العطية. وقال العطية للصحافيين داخل كنيسة "سيدة الوردية" أن إفتتاح هذه الكنيسة الأولى بين سلسلة كنائس لباقي الطوائف المسيحية ستفتتح في المجمع نفسه تباعا خلال الأشهر المقبلة، "هي رسالة محبة وتسامح من قطر". وأضاف أن بناء الكنيسة التي شيدت على أرض قدمتها الحكومة هي "رسالة ايجابية للعالم ورسالة قوية سوف تخدم الإسلام. نحن نطالب ببناء مساجد ومراكز إسلامية كثيرة في الغرب وفي نفس الوقت يجب أن نكون أيضا متعادلين". واعتبر العطية ان "من يطلب يجب ان يعطي ايضا وهذه عملية توازن وفتح طريق للحوار بدلا من التصادم" مذكرا بان بلاده كانت سباقة في تنظيم مؤتمرات الحوار بين الاديان لاسيما الاديان السماوية. وزينت الكنيسة التي اثار بناؤها جدلا واسعا في الصحافة والمنتديات الالكترونية، باعلام قطر والفاتيكان وانتشر العشرات من رجال الامن حول المبنى وتم تفتيش المدعويين بواسطة الات للكشف عن المعادن. الى ذلك، نفى العطية ان يكون السماح ببناء كنائس هو نتيجة ضغوط اجنية واميركية خصوصا. وقال "نحن دولة حرة مستقلة لا نضع اي اعتبار لهذه الامور، ولولا اقتناع الامير والحكومة والشعب في قطر لما حصل هذا الشيء". كما ذكر العطية انه بحث مع السفير البابوي لدى قطر امكانية قيام البابا بنديكتوس السادس عشر بزيارة الى الدوحة من دون ان يدلي بمزيد من الايضاحات. ومعظم الكاثوليك في قطر هم هنود وفيليبينيون اضافة الى الغربيين والعرب لاسيما اللبنانيين. من جهته، قال اسقف الجزيرة العربية بول هيندر الذي مقره ابوظبي وتخضع كنيسة الدوحة الجديدة لسلطته، ان كلفة بناء الكنيسة بلغ حوالى 75 مليون ريال تقريبا (حوالى عشرين مليون دولار) واستغرق بناؤها منذ الحصول على موافقة الحكومة وحتى افتتاحها ثماني سنوات. واكد الاسقف كذلك ان الكنيسة ستخدم نحو مئة الف شخص في قطر وهي لا "تحوي اي علامات مسيحية ظاهرة للخارج كالصليب مثلا شأنها في ذلك شأن الكنائس في باقي دول الخليج". واعتبر هيندر ان بناء الكنيسة هو نتيجة "الانفتاح الكبير والطيبة والكرم لدى قطر واميرها". ويحتفل الكاثوليك السبت باول قداس لهم في الكنيسة الجديدة التي شيدت في موقع صحراوي بعيد نسبيا عن التجمعات السكنية واستوحي تصميمها من العمارات التقليدية في الخليج. وفي هذا الصدد قال ممثل الفاتيكان في الخليج ان هناك مباحثات جارية للسماح ببناء كنائس في السعودية التي لا تزال تحظر ممارسة اي دين غير الاسلام على ارضها، كما اكد ان مسؤولين خليجيين طرحوا معه فكرة قيام البابا بزيارة الى الخليج. وقال المونسينيور منجد الهاشم السفير البابوي في الكويت وقطر والكويتوالبحرين واليمن، "المسيحيون في السعودية حوالى ثلاثة او اربعة ملايين وحتما نأمل ان تكون لهم كنائسهم". واضاف في حديث مع الصحافيين "هناك مباحثات جارية، لا يمكننا استباق الامور، لكن هناك مباحثات (..) والا لماذا اتى الملك عبدالله الى الفاتيكان؟" مشيرا الى زيارة العاهل السعودي التاريخية الى الكرسي الرسولي العام الماضي. كما اعرب الهاشم عن امله في ان تقوم علاقات دبلوماسية بين الفاتيكان وكل من السعودية وسلطنة عمان مشيرا الى ان الفاتيكان "يقيم علاقات مع جميع الدول الاسلامية والعربية عدا هاتين الدولتين". الا ان الهاشم اكد انه "سيعلن قريبا عن بدء علاقات دبلوماسية مع سلطنة عمان" حيث يمارس المسيحيون شعائرهم بحرية في كنائسهم. وعلى صعيد آخر، اكد الهاشم انه تم طرح مسألة زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر الى الخليج علما ان تصريحات له العام الماضي خلال محاضرة في جامعة المانية اثارت موجة عارمة من الغضب في العالم الاسلامي. وقال في هذا السياق "ان موضوع زيارة البابا طرح، اولا من قبل ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة واليوم من قبل معالي الوزير" في اشارة الى نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الطاقة والصناعة عبدالله بن حمد العطية الذي مثل الحكومة القطرية في افتتاح كنيسة الدوحة. واضاف "بصفتي سفيرا سانقل هذه الرغبة لكن البابا يقرر". ووصف الهاشم افتتاح كنيسة في الدوحة بانه امر "طبيعي جدا. هناك عشرات الاف الكاثوليك في قطر ومن الطبيعي تأمين مكان لهم لممارسة واجباتهم الدينية كما يجب ان يكون للمسلمين مساجدهم". واعتبر السفير البابوي ان "هناك اليوم جو تقارب ومن الضروري ان ننتهي من تصادم الحضارات والاديان. هناك احداث مهمة جدا حصلت مؤخرا منها زيارة العاهل السعودي الى الفاتيكان والمنتدى الاسلامي الكاثوليكي الذي تقرر عقده في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في الفاتيكان".