ك رّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اليوم الفائزين بجوائز الدورة العاشرة لجائزة الصحافة العربية، خلال الحفل الذي أقيم في ختام فعاليات أعمال الدورة العاشرة لمنتدى الإعلام العربي، في فندق جراند حياة دبي. وعلى غرار السنوات السابقة، لم تكن جائزة الصحافة العربية بمعزل عن الأحداث المحيطة بها، والتفتت بتوجيهات من سموه إلى تكريم ضحايا المهنة، الذين فقدوا حياتهم أثناء تأديتهم رسالتهم. حيث قام سموه بتكريم عائلات الضحايا الذي سقطوا هذا العام، وهم عائلة الصحافي المصري في صحيفة الأهرام أحمد محمد محمود، الذي توفي في الثالث من فبراير متأثراً برصاصة قناص أصابته يوم 29 يناير مطلع هذا العام. وعائلة المصور الصحافي القطري علي حسن الجابر، رئيس قسم التصوير في قناة الجزيرة، الذي توفي في الثاني من مارس 2011 في كمين تعرض له فريق قناة الجزيرة في منطقة الهواري جنوب غرب مدينة بنغازي أثناء تغطيته الأحداث في ليبيا، وعائلة الصحافي العراقي صباح البازي مراسل قناة العربية في بغداد، والذي توفي في 29 من مارس2011، جراء انفجار مبنى محافظة صلاح الدين شمال بغداد. وسلم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جائزة شخصية العام الإعلامية لسنة 2010 لعميد الصحافة القطرية والأمين العام لاتحاد الصحافة الخليجية الأستاذ ناصر محمد العثمان، وقد اختار مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية العثمان تقديراً لجهوده في مسيرة الإعلام العربي والخليجي والقطري بشكل خاص، حيث أسهم في في انشاء أول إذاعة في قطر؛ وأشرف في العام 1970على إقامة أول معرض دولي للكتاب في الدوحة. كما شارك في العام 1978 في إنشاء "دار الخليج للنشر والطباعة" والتي صدرت عنها جريدة Gulf Times ، ثم أشرف على تأسيس جريدة "الراية" وكان رئيساً لتحريرها؛ وتولى رئاسة تحرير صحيفة "الشرق" ثم عاد إلى لرئاسة تحرير الراية ومازال مستشاراً لها. ...وأطلق العثمان وعدد من زملائه فكرة إنشاء اتحادٍ للصحافة الخليجية، وتولى الأمانة العامة، ولديه العديد من المؤلفات والمقالات. كما سلّم صاحب السمو جائزة أفضل عامود صحافي إلى الكاتب السعودي تركي السديري رئيس تحرير صحيفة الرياض، ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، ورئيس اتحاد الصحافة الخليجية، وقد اشتهر السديري بزاويته اليومية "لقاء" التي مازالت تصدر يومياً. وتزامن الإعلان عن جوائز الصحافة العربية مع اختتام أعمال الدورة العاشرة لمنتدى الإعلام العربي الذي جرت فعاليته في دبي يومي 17-18 مايو، بمشاركة ما يزيد على 2500 شخص من الوطن العربي والعالم. وألقى معالي خلفان الرومي رئيس مجلس إدارة الجائزة كلمة بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس جائزة الصحافة العربية، أشاد فيها بدور الأمانة العامة في تعزيز مكانة الجائزة وقدرة هذه المبادرة على رصد مرحلة تاريخية مهمة من مسيرة الإعلام العربي، مشيدا بإسهامات لجان التحكيم في دعم الجائزة وخدمة أهدافها النبيلة، حيث شارك في عضوية لجان التحكيم أكثر من 500 صحافي وباحث وأكاديمي عربي، وتعاقب على مجلس إدارتها 35 من أبرز الكفاءات الإعلامية العربية .. وقد سلم الدكتور والكاتب الصحافي أحمد عبد الملك، عضو مجلس إدارة الجائزة ، درع جائزة الصحافة الاستقصائية للصحافي أيمن السيسي من صحيفة الأهرام المصرية عن عمله بعنوان "تحقيق يكشف وكر القراصنة". وقدم الكاتب جميل مطر عضو مجلس تحرير صحيفة الشروق المصري وعضو مجلس إدارة الجائزة، درع جائزة الصحافة الاقتصادية للصحافي مجدي عبيد من صحيفة البيان عن عمله بعنوان "إستراتيجية إمارة دبي في هيكلة وإدارة الديون..". بينما قام الأستاذ ظاعن شاهين المدير التنفيذي للشؤون الصحافية في مؤسسة دبي للإعلام وعضو مجلس إدارة الجائزة بتسليم درع جائزة الصحافة السياسية للصحافي محمد أمين المصري من صحيفة الأهرام المصرية عن عمله بعنوان "دوافع التقارب العثماني مع الشرق". وقام الكاتب والمفكر الدكتور عبدالإله بالقزيز عضو مجلس إدارة الجائزة بتسليم درع جائزة الصحافة الثقافية للصحافي خليل صويلح من صحيفة تشرين السورية عن عمله الفائز بعنوان "الشاعر الغاضب والمتمرد والضجر ..محمد الماغوط.. الغياب الرابع"، وقام الأستاذ محمد يوسف رئيس جمعية الصحافيين الإماراتية وعضو مجلس إدارة الجائزة بتقديم درع جائزة الصحافة التخصصية للصحافي أحمد عطية إبراهيم من صحيفة الشروق عن عمله الفائز بعنوان "مصر ترفض أن ترى الشمس". وسلم الدكتور محيي الدين عميمور وزير الثقافة والاتصال الجزائري الأسبق وعضو مجلس إدارة الجائزة درع جائزة الحوار الصحافي لحسين حسن من مجلة الفيصل الثقافية السعودية عن عمله الفائز بعنوان "المعلمون أضروا بالفصحى". بينما قام الكاتب جورج سمعان" وعضو مجلس إدارة الجائزة بتسلم درع جائزة الصحافة الرياضية للصحافي معتز الشامي من صحيفة الاتحاد الإماراتية عن عمله بعنوان "الاتحاد تجوب أوروبا و تكشف واقعها الاحترافي وأسرار دورياتها". وقامت الدكتورة حصة لوتاه الأستاذ المساعد بجامعة الإمارات وعضو مجلس إدارة الجائزة بتقديم درع جائزة الرسم الكاريكاتيري للرسام الفائز عماد الدين حجاج من صحيفة الإمارات اليوم، ويذكر أن هذه المرة الثانية التي يفوز بها الحجاج بفئة الرسم الكاريكاتيري، حيث سبق وأن فاز في الدورة الخامس للجائزة. وقام نائب رئيس مجلس إدارة الجائزة الأستاذ محمد بركات رئيس مجلس إدارة صحيفة الأخبار المصرية بتسليم درع الفوز للفائزين الأربعة بفئة الصحافة العربية للشباب، وهم محمد عثمان، من شبكة إخباريات للإعلام والنشر في فلسطين، وقادة بن عمار من صحيفة الشروق الجزائرية، وعبد الوهاب عليوه من صحيفة الوفد المصرية، حمزة البحيصي من صحيفة إيلاف الإلكترونية. وتجدر الإشارة أن فئة الشباب اعتمدت أربعة فائزين لهذا العام بشكل استثنائي نظراً لارتفاع عدد المشاركات واحتدام المنافسة، بالإضافة إلى تقارب نتائج التقييم لبعض الأعمال وتساوي بعضها، ورغبة من الجائزة بدعم المواهب الشابة وحفز الطاقات الإعلامية الجديدة. وكانت الأمانة العامة لجائزة الصحافة العربية قد استلمت هذا العام أكثر من 3800 عمل من مختلف أرجاء الوطن العربي والعالم، حيث شهدت الجائزة منافسة واسعة على كافة فئاتها، لترسخ مكانتها كأكبر جائزة على مستوى الوطن العربي من ناحية الانتشار والقيمة المالية. ويُذكر أن جائزة الصحافة العربية قد تأسست في العام 1999 بمبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتهدف إلى توفير ساحة تنافس تتسم بالحيادية والشفافية الكاملة وفق آلية عمل محددة يتولى الإشراف عليها مجلس إدارة الجائزة والذي يضم في عضويته نخبة من كبار الصحافيين في العالم العربي. وكانت فعاليات اليوم الثاني لمنتدى الإعلام العربي بدأت بورشة عمل "الشباب العربي يصنع منبره" التي مثلت جلسة حوارية طلابية خالصة. وقد تم اختيار الطلبة ليمثلوا بقية زملائهم وشريحة واسعة من الشباب العربي، وذلك لأول مرة منذ انطلاق دورات المنتدى في عام 2000. وقد أدار الجلسة الإعلامي الشاب نورالدين اليوسف من مؤسسة دبي للإعلام، وتحدث فيها كل من الطالبة أمينة رحيمي، من قسم الإعلام والإتصال الجماهيري في كلية دبي للطالبات، كليات التقنية العليا، والطالب عبد الله قاسم، من كلية الإتصال في جامعة الشارقة، والطالبة هند مصطفى من كلية محمد بن راشد للإعلام، الجامعة الأمريكية في دبي، والطالب ياسر النيادي من قسم الإعلام و الإتصال الجماهيري، جامعة الإمارات. وأثارت الجلسة عدة تساؤلات منها تهميش الشباب العربي للإعلام التقليدي والتوجه نحو الإعلام الجديد، ومخاطبة الإعلام الجديد للشباب، ومصداقية الإعلام التقليدي والإعلام الجديد. كما تطرق المتحدثون إلى تحليل موقف الشباب العربي وتأثير وسائل الإعلام الجديد في ضوء الأحداث التي تشهدها المنطقة. وأشار الطالب عبد الله قاسم، من كلية الإتصال في جامعة الشارقة إلى وسائل الإعلام التقليدية لم تعد تحظى لديه بذات القدر من الثقة التي تحظى بها وسائل الإعلام الجديد التي تتميز بسهولة الوصول اليها في أي وقت وبتوفيها لمنصة فاعلة للتشارك في الآراء ووجهات النظر. وقالت الطالبة هند مصطفى من كلية محمد بن راشد للإعلام: "على الرغم من أن الشباب استطاع أن يغير ملامح المشهد السياسي والثقافي والإعلامي في عدد من العواصم العربية معتمدين في ذلك بشكل كامل على فضائهم الإلكتروني الخاص، لا زال الإعلام التقليدي يغطي الكثير من الأخبار، ولكن نسبة قليلة منها تخاطب الشباب العربي". فيما علقت الطالبة أمينة رحيمي، من قسم الإعلام والإتصال الجماهيري في كلية دبي للطالبات قائلةَ: "من المنتظر أن تغيّر وسائل الإعلام التقليدي أجندتها في المستقبل القريب وذلك باتجاهها نحو جعل المحتوى أكثر قربا من الشباب العربي وواقعه. وانطلاقاً من الفائدة التي حققها الإعلام التقليدي من تجربة الشباب مع الإعلام الجديد، فمن المتوقع أن يعمل الإعلام التقليدي على تطوير نفسه ليصبح أكثر تماشياً وتكاملاً مع الإعلام الجديد". وتأتي هذه الورشة في ظل رؤية المنتدى الرامية إلى إتاحة الفرصة لطلبة الجامعات للتفاعل مع القائمين على صناعة الإعلام من مقدمي البرامج وكتاب الأعمدة ورؤساء التحرير والمراسلين وغيرهم، وللاستفادة من الحوارات والنقاشات حول أبرز ظواهر وقضايا وتطورات المشهد الإعلام العربي والدولي. ورأى ياسر النيادي من قسم الإعلام والإتصال الجماهيري، جامعة الإمارات، أنه على الإعلام التقليدي التوجه نحو التجدد لمواكبة الإعلام الجديد، لأن الإعلام الجديد أصبح صانع للخبر مثله مثل الإعلام التقليدي علماً بأنه من الممكن الوثوق بمحتواه أكثر من الإعلام التقليدي وذلك لسرعة انتقال الخبر وإعطاء الفرصة لأكبر شريحة من الشباب للمشاركة وإبداء الرأي ووجهات النظر. من جهة أخرى، ذكرت إدارة المنتدى أنه تم التنسيق مع مجموعة من طالبات الإعلام في كلية دبي للطالبات من أجل توظيف مهاراتهم الصحافية في التصوير وإعداد التقارير من أجل توثيق كافة الفعاليات المصاحبة للدورة العاشرة، حيث سيتم رصد العديد من الأنشطة المتعلقة بمراحل تنظيم هذا المشروع الإعلامي السنوي، وستقوم الطالبات بدورهن بتحميل المواد المعدة وبثها لمتابعة المهتمين على قناة النادي على موقع "يوتيوب" الإلكتروني وعلى موقعه الإلكتروني الرسميwww.arabmediaforum.ae ومختلف الشبكات الاجتماعية التي ينشط فيها النادي. وقد تباينت آراء المتحدثين في الجلسة الرابعة لمنتدى الإعلام العربي في يومه الثاني، بين مؤيد لمفهوم التزاوج بين الإعلام الجديد التواصلي وبين الإعلام التقليدي، وبين من يرى أن الأول يدفع الأخير نحو القبر والاندثار، ولكن أجمع الجميع أن كلا النوعين يتبادلان المعلومات والموضوعات الصحفية من أجل المزيد من الانتشار وكشف الحقائق. وكانت الجلسة التي عقدت تحت عنوان "العرب بين تحديات التغيير السياسي والتغيير الإعلامي" وأقيمت بالتعاون مع قناة العربية الفضائية وأدراها الإعلامي طالب كنعان، قد استضافت كل من أوكتافيا نصر، المؤسس لشركة بردج ميديا كونسلتنت، بالولايات المتحدةالأمريكية، وقينان الغامدي، رئيس تحرير صحيفة الشرق، بالمملكة العربية السعودية، ونبيل الخطيب، رئيس التحرير في قناة العربية، وعبير الناصر، استاذة الإعلام في الجامعة الأمريكية بالشارقة، والإعلامي المصري أحمد المسلماني. وأكدت أوكتافيا في بداية الجلسة على أن هناك شراكة بين الإعلام التواصلي الجديد وبين الإعلام التقليدي مع عدم إنكار دور الأول في الحركات التي شهدتها المنطة خلال الأشهر الماضية، مشيرة إلى أنه عندما تغيب المعلومة ويمنع الإعلام الأجنبي من العمل، فإن الشعب يقوم بحمل كاميراته وهواتفه ويضع الأخبار على شبكة الانترنت وهو ما يحتم وجود آليات للتأكد من صحة الأخبار التي يتم تدوالها بناءً على هذه الحالات وفقاً لآليات وطرق متنوعة. ومن جانبه قال الخطيب، إن الإعلام التقليدي مازال يحظى بنسب مشاهدة عالية تتراوح بين 5-6 مقارنة مع الإعلام الجديد، دون إغفال أن هناك إقبال كبير وسريع على شبكات التواصل الاجتماعي، موضحاً أنه كلما أدى التغيير السياسي والاجتماعي إلى تغيير في البيئة التي تعمل فيها وسائل الإعلام تصبح هذه الأخيرة حديثة ومتطورة وتعمل وفق معايير حرية أكبر ويكون هذا على حساب وسائط التواصل الاجتماعي. وأشار إلى خطورة الأخبار الموجودة في وسائل الاعلام الاجتماعي والتي قد تستغلها أجهزة المخابرات لضرب مصداقية وسائل الإعلام وهو ما حدث عندما قامت كل من رويترز والجزيرة والعربية ببث صور ليست صحيحة عن الثورات الحالية وهي صور أخذت في مواقع وأزمنة مختلفة. وأكد ضرورة تعزيز روايات شهود العيان عبر عدة طرق مؤكداً كذلك أن ليس كل إعلامي يستطيع التحدث بما يريد دون أي اعتبارات اخرى، خاصة الذين ينتظرون رواتبهم، حيث يوجد هناك انطباع رومانسي حول كيف يكون الإعلام حر دون أن يتحدث عن أشياء محددة، موضحاً أن هناك العديد من الشباب قاموا بافتتاح قنوات على اليوتيوب وقدموا خلالها برامج سخرية سياسية بعد أن رفضتهم قنوات رئيسية، ويتبعهم مئات الآلاف من المشاهدين. وبدورها قالت عبير الناصر إن وسائل الإعلام التقليدي ومن أهمها التليفزيون لعبت دور كبير في إيصال الرسائل إلى الجماهير في ظل ارتفاع نسب الأمية في الدول العربية، مع النسب التي مازالت منخفضة لمستخدمي الانترنت، مؤكدة أنه ليس هناك إعلام ليس له أجندته الخاصة والتي يفضل أن تكون هي إظهار الحقيقة ونقل الواقع للجمهور، فالإعلام الآن له أجندة سياسية متعلقة بالأنظمة أو القوى التي تستطيع أن تتحكم فيه وتحركه. وأشارت إلى أنه يجب أن تكون أحد المخرجات الرئيسية للإعلام في هذه المرحلة هي إعادة بناء صورة المواطن العربي لنفسه خاصة بعد الثورات والحراك السياسي والاجتماعي الحالي، كما أنه يجب أن يكون للإعلام دور جديد في بناء العملية السياسية وبالتالي عدم اعتماد المحطات الفضائية العربية على المصدر الوحيد للمعلومات. وفي كلمته قال قينان الغامدي، إن هناك عدد كبير من أصحاب الشعارات في الوطن العربي يخلطون بين واقع الأنظمة السياسية وبين ما هو مطلوب من الإعلام فقبل الثورتين التونسية والمصرية لم يكن أحداً داخل البلدين يستطيع التحدث ناهيك عن العربية والجزيرة، وقام الشباب بالتعبير عن أنفسهم عبر العالم الافتراضي وهو ما أدى إلى تفجير الثورات ثم قامت الثورات بعد ذلك بتغيير الإعلام، مشيراً إلى أن الإعلام الجديد يدفع الإعلام الحكومي إلى القبر.
أما أحمد المسلماني فقال إن الإعلام الجديد يمثل الطبقى الوسطى الجديدة من مستخدمي الانترنت والتويتر الذين تواجدوا في ميدان التحرير أثناء الثورة المصرية، ولم تكن هذه الطبقة بخبرة تفاوض الجيل السابق فاتخدوا موقفاً أكثر حسماً أمام النظام، موضحاً أنه في المجتمعات القوية المتماسكة يمكن للإعلام أن يلتزم المهنية فحسب، أما في المجتمعات غير الناضجة يتحول الإعلام من المهنية إلى الرسالة. وكانت سلّطت إحدى جلسات اليوم الثاني والأخير من الدورة العاشرة لمنتدى الإعلام العربي، الضوء على واقع التغير في المؤشر الإعلامي المصري بعد أحداث 25 من يناير الماضي، والتي ساهمت في تغيير ملامح التركيبة السياسية والإعلامية والثقافية في مصر. وانعقدت الجلسة وسط حضور كثيف من الحضور شمل كوكبة من ممثلي وسائل الإعلام العربية والدولية، ونخبة من القيادات الفكرية والسياسية والأكاديمية والباحثين وطلبة الإعلام. وقد أدار الجلسة الإعلامي محمد كريشان من قناة الجزيرة الفضائية، وتحدث فيها كل من، وائل قنديل مدير التحرير في صحيفة الشروق المصرية، ومجدي الجلاد رئيس تحرير صحيفة "المصري اليوم"، والإعلامي حمدي قنديل، والإعلامية مني الشاذلي من قناة دريم الفضائية. استهل كريشان الجلسة بسؤال وجهه للإعلامية منى الشاذلي حول مظاهر التغير التي طرأت على الإعلام المصري بعد الثورة، وأبدت الشاذلي تحفظاً على مسمى "بعد الثورة" مؤكدة على أن الفترة الحالية هي فترة "أثناء الثورة" على اعتبار أن الثورة لن تنتهى إلا بتحقيق كافة الأهداف التي قامت من أجلها. ووصفت الشاذلي الفترة بين 25 يناير و11 فبراير بأنها فترة مربكة للغاية لكافة الإعلاميين في مصر ونتجت عنها الكثير من الدروس المستفادة. ووجه كريشان بعد ذلك مجموعة من الأسئلة إلى المتحدثين حول ما رافق التطورات الأخيرة من أحاديث حول استرداد مصر لمكانتها وريادتها ونفوذها في المنطقة العربية والعالم؛ وانعكاسات هذا التطور على المشهد الإعلامي العربي الذي تراجع الحضور المصري في ساحاته إلى درجات متدنية مقابل صعود مشاريع إعلامية عربية أخرى وسيطرتها على الفضاء العربي. وتطرق حمدي قنديل في حديثه إلى مظاهر القمع الإعلامي التي كانت تمارس في فترة النظام السياسي السابق والتي وصلت حسب قول قنديل إلى مايقارب الألف قضية في المحاكم المصرية في عام 2010 متهماً بها إعلاميون وكيف كان جهاز أمن الدولة يتدخل في اختيار ضيوف البرامج وفي معايير التوظيف وأغلاق الصحف. وأكد قنديل أن الشباب المصري استطاع كسر كل تلك القيود وقفز من فوق كل أسوار الحظر التي فرضتها الحكومة وذلك عبر اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي. أما مجدي الجلاد، فتناول في حديثه سلبيات الغياب الكامل للرقابة الاعلامية في ظل صناعة إعلام أرتبط بالحكومة على مدار عقود سابقة رسخت معها ثقافة الإعلام الحكومي في عقول العاملين في هذا الحقل، حيث أشار الى أن الإعلامي المصري تعود على أن يتم توجيهه وأن يتلقى الأوامر فإذا غاب هذا الدور ومع غياب الوعي سنجد تطرفا في الخطاب. وأكد الجلاد أن مستقبل الإعلام في مصر مرتبط بتطورها ونضجها السياسي. كما تطرق كريشان لظاهرة ما سمي ب "المتحولون" وهم الإعلاميون الذين تحول موقفهم من بوق إعلامي للنظام السابق قبل 25 يناير إلى أشد المؤيدين للثورة والثوار بعد هذا التاريخ، وعلق وائل قنديل على تلك الظاهرة مشيرا إلى أن تلك الظاهرة لم تكن محصورة على الإعلام الحكومي بل طالت الإعلام الخاص، وأكد أن هناك الكثير من الإعلاميين المؤيدين للثورة لم يقفوا بجانبها وخذلوها بسكوتهم وعدم تغطيتهم لبعض الممارسات التي عانت منها الثوار بعد احداث 25 يناير. بينا قللت الشاذلي من أهمية تلك الظاهرة ورأت أنه لا ينبغي إعطاؤها أكبر من حجمها ويجب أن نركز على مستقبل الإعلام في مصر وميثاق الشرف الذي يجب أن يخط من جديد، غير أنها شككت في المعايير التي سيخط على أساسها هذا الميثاق كونه غير متضح الملامح. وحين وجه كريشان سؤال لحمدي قنديل حول ما إذا كانت المؤسسة العسكرية الحاكمة لمصر حاليا تفرض نفس معاير الحظر السابق، أجاب قنديل بأن السلطة ستظل هي السلطة في كل مكان وزمان، تضع القيود وترفع الحواجز ويبقى الإعلامي هو من يستطيع اجتياز تلك العوائق بضميره الوطني واستقلاليته المهنية. وحول نفس الموضوع تحدث الجلاد واصفا المؤسسة العسكرية بالمنطقة المحظورة والصندوق المغلق عند الإعلام المصري، وجرى العرف على عدم التجرؤ والاقتراب منها إعلاميا. ولكن وعي الإعلاميين المصريين جعلهم يتفقون بشكل غير معلن على أن الموسسة العسكرية تلعب الآن دورا سياسيا ومن هنا يجب أن ننتزع حقنا في انتقاد دورها وأداءها السياسي. فيما أكد وائل قنديل على الفرق بين المؤسسة العسكرية والمجلس العسكري، فالأخير هو من يحكم مصر وهو من يجب محاسبته إعلامياً. تجدر الإشارة إلى أن جلسات وورش العمل في اليوم للمنتدى شهدت مشاركة أكثر من 1700 شخص في بينما تابع وقائع الجلسات الرئيسية أكثر من 8000 مشاهد عبر البث المباشر عن طريق الموقع الإلكتروني www.arabmediaforum.ae بالاضافة إلى المشاهدة باستخدام الهواتف المحمولة.