في خطوة جيوسياسية حاسمة وتحمل دلالات عميقة تتجاوز بعدها التقني، أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعليق كافة خدمات نظام تحديد المواقع العالمي الأمريكي (GPS داخل أراضيها، واعتمادها رسميًا على نظام "بيدو" (BeiDou) الصيني، لتصبح أول دولة في الشرق الأوسط تتخلى كليًا عن المنظومة الغربية للملاحة الفضائية. القرار ليس تقنيا فقط... بل استراتيجي بالكامل ما قامت به إيران ليس مجرد تحوّل فني في بنية شبكات الملاحة والمعلومات الجغرافية، بل إعلان واضح عن فك الارتباط التكنولوجي مع الولاياتالمتحدة. تعزيز التحالف الاستراتيجي مع الصين في الفضاء التكنولوجي. ردع محاولات التجسس أو التشويش الأمريكي على بنيتها الدفاعية والمدنية.في ظل حرب إلكترونية متنامية ومع تصاعد الهجمات السيبرانية والرقمية في منطقة الخليج، يبدو أن إيران قررت لعب الورقة الأقوى قطع أي منفذ تحكمي أمريكي في فضائها السيادي. الخليج على صفيح ساخن.... والتشويش طال أكثر من 1000 سفينة منذ مطلع السنة، تفيد بيانات أمن الملاحة بأن موجات من التشويش المتعمد على إشارات GPS أثرت على مسارات أكثر من 1000 سفينة تجارية وعسكرية في منطقة الخليج خاصة في مضيق هرمز وخليج عُمان مصادر غربية اتهمت إيران بتجريب "البيئة النظيفة من "GPS" ضمن مناورات إلكترونية تشمل: محاكاة التشويش على الطائرات بدون طيار. تعطيل أنظمة التموضع للمركبات البحرية. التجهيز لإغلاق "العيون الغربية" في حال حدوث مواجهة مباشرة. نظام "بيدو": الصين تمد نفوذها التكنولوجي... وبديل واقعي للهيمنة الغربية "بيدو" الصيني، الذي دخل حيز التشغيل الكامل في عام 2020، بات اليوم النظام الملاحي الأكثر تطورا في آسيا، ويضاهي من حيث الدقة نظام GPS الأمريكي و GLONASS الروسي. انضمام إيران إليه يعكس توسع نفوذ الصين الجغرافي الرقمي، وارتباط إيران بالمحور الأوراسي. توجه استراتيجي نحو بناء شبكات سيادة تكنولوجية بديلة عن الغرب. نقل الصراع العالمي من الأرض إلى الفضاء الرقمي. هل بداية تفكك نظام GPS العالمي ؟ ما كان يعتقد أنه "منظومة خدمات مدنية كونية" بات اليوم ينظر إليه كأداة سيطرة أمريكية خالصة. ومع توسع استخدام "بيدو"، و GLONASS ، و GALILEO الأوروبي يبدو أن العالم يتجه نحو تعدد أقطاب رقمي يحد من احتكار أمريكا للمعلومة الجغرافية. إيران، من خلال هذه الخطوة تعلن أن معركتها ليست فقط نووية أو عسكرية، بل معلوماتية وسيادية من الدرجة الأولى. الرسالة الإيرانية: لا تبعية رقمية بعد اليوم بينما تقرأ واشنطن الخطوة في إطار التمرد، تروج طهران لها على أنها استعادة للقرار الرقمي الوطني"، ورسالة مبطنة للحلفاء والأعداء معًا: "المعركة القادمة قد لا تكون بالصواريخ فقط، بل بالبيانات والمعلومات والتقنيات". في عصر الهيمنة الرقمية... من يتحكم في الأقمار، يتحكم في الحروب.