بعد افتتاح وتشغيل محطة شبوة.. الرئيس الزبيدي يدشن توسعة شمسية عدن إلى 240 ميجا    إعلام إسرائيلي: غارات صنعاء مخططة لاستهداف قيادات حوثية    السعودية تهزم اليمن بهدف وحيد في افتتاح كأس الخليج للشباب    "الجهاد الإسلامي" تدين العدوان الصهيوني الجديد على اليمن    الشرعية اليمنية: ثراء أسود في زمن الحرب    انطلاق بطولة الفقيد الحباري الثانية لفئات الفروسية بصنعاء    المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه    53 ميجا وات كهرباء هنيئا لشبوة المرتكز    السيد القائد : خروج الغد مهم للغاية    إدارية الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي تقف أمام أداء وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وخططها المستقبلية    فيديو .. مستهلكون من مختلف محافظات اليمن يشيدون بتخفيضات مجموعة هائل سعيد أنعم لأسعار منتجاتها    ياما فرح المصريين.. الغندور يطالب الجميع بالدعاء ل حسن شحاتة    فريق من مجلس المستشارين يطّلع على جهود مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات    - الاوراق ينشر نص بيان المؤتمر الذي فيه قرار فصل أحمد علي صالح ويأسف لاعتقال الأمين    لقاء موسع للعلماء والخطباء في صنعاء الجديدة بذكرى المولد النبوي    الرئيس يحذر من خطورة استمرار تدفق الأسلحة الايرانية بما فيها المحرمة دوليا إلى المليشيا    الأرصاد يتوقع أمطاراً رعدية متفاوتة الغزارة مصحوبة بحبات البرد على معظم المحافظات اليمنية    لقاء موسع للعلماء والخطباء والمرشدين في ذمار بذكرى المولد النبوي    محافظ ذمار يطلع على الاستعدادات للاحتفال بذكرى المولد النبوي    لقاء تشاوري موسع لمنظومة الدفاع المدني الشعبي بالحديدة    سفيرات "جولف السعودية" يعززن حضورهن العالمي في بطولة أرامكو هيوستن ضمن سلسلة PIF العالمية    مصرع 15 شخصا في انهيار مبنى سكني بالهند    المجلس الأعلى للتكتل الوطني يبحث مجالات التعاون مع المعهد الديمقراطي    إنزال جوي اسرائيلي في سوريا بعد غارات جوية على موقع عسكري    تقرير خاص : صنعاء اليمنية تحترق وعدن الجنوبية تغرق    في احتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف تدشين البطولات الرياضية بصالة أهلي صنعاء    البنك المركزي يسحب تراخيص ست منشآت صرافة مخالفة خلال يومين    رئيس الوزراء: الإصلاحات الاقتصادية خيار وطني لا رجعة عنه    وفاة 6 أشخاص وتضرر أكثر من 1200 أسرة في الحديدة جراء السيول    العثور على أحفورة غريبة على ضفاف نهر الفولغا    فريق درجة رابعة يطيح بمانشستر يونايتد من كأس الرابطة الإنجليزية    السعودية تهين الأحزاب الموالية لها وتبقي مجلس العليمي في حالة شلل    60 مليار دولار ما نهب عفاش.. كيف سرق الخائن صالح خزينة اليمن؟    قائمة لأغلى 5 لاعبين قيمة سوقية في العالم    لمريض ارتفاع ضغط الدم.. ما لا يجب أن يكون على مائدتك    معاهد الحجوري وأمام معبر امتداد لدور المعاهد العلمية الاصلاحية    فرق بين من يبني لسعادة البشرية وصعمر متقطع يعيش على فتات النقاط    دوري ابطال اوروبا: بنفيكا يطيح بفنربخشة    الخامري: كشف الإعاشات نزيف مستمر يهدد حاضر اليمن ومستقبله    أبو شوارب: إغلاق باب الحوار كارثة سياسية.. والتاريخ يحذر من الضربة القاضية    مصدر يكشف ل"يمنات" تفاصيل محاولة اغتيال الصحفي والناشط الحقوقي مجاهد القب    وزير الشؤون الاجتماعية يدشّن أنشطة رعاية جرحى العدوان بمبلغ 2.4 مليار ريال    من النوادر التاريخية.. صدق المواقف    الإفراج عن أكثر من 900 سجين في الحديدة بمناسبة المولد النبوي    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يعقد لقاء موسع حول التعليم بالضالع، يفضي إلى تعليق الإضراب واستئناف الدراسة    اكتشاف سلالة بشرية غير معروفة من قبل في كولومبيا    الحوثيون يضيئون مقابر قتلاهم ويغلقون المتحف الوطني بذريعة فواتير الكهرباء    منظمات إغاثية: أكثر من 100 ألف يمني تضرروا من السيول    أصبحت منطقة منكوبة..سيول مدمرة تضرب جبل حبشي    شباب مخدوعون بثقافة ترى أن أوروبا هي الجنة    حين غسلت الغيوم وجه صنعاء    الحوثيون يضيئون مقابر قتلاهم ويغلقون المتحف الوطني بذريعة فواتير الكهرباء    إغلاق 18 منشأة صحية وصيدلية مخالفة للتراخيص والأسعار بشبام    مصر تعلن عن اكتشاف استثنائي وتاريخي تحت الماء    أطعمة تمنع تكون الحصى في الكلى    يا مُسَلّي على خاطري..    هيئة الأدوية تبدأ العمل بالتسعيرة الرسمية الجديدة لضبط الأسعار وضمان توفره    زاوية صحية: التهاب الجهاز التنفسي (العلوي )    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه
نشر في شبوه برس يوم 28 - 08 - 2025

لقد كان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه، وعبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بأنه «رحمة للعالمين» وهذه الرحمة لم تكن محدودة فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان بل تمتد على امتداد التأريخ بأسره {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}.
والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبَّة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده». [رواه مسلم]. وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». [رواه البخاري]
قال ابن رجب: «حبَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} . ولما قال عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلاَّ من نفسي فقال: «لا يا عمر، حتَّى أكون أحبَّ إليك من نفسك» فقال عمر: والله أنت الآن أحبُّ إليَّ من نفسي، قال: «الآن يا عمر». [رواه البخاري].
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرَّف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
وألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في [المدخل] في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلاما مفيدا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه المدخل في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي.
قال خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي في كتابه «حسن المقصد في عمل المولد» بعد سؤال رفع إليه عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع، وهل هو محمود أو مذموم، وهل يثاب فاعله؟ قال: «والجواب عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما وقع في مولده من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه و ينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
وقد رد السيوطي على من قال: «لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة» بقوله: «نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود مبينا أن إمام الحفاظ أبا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قد استخرج له أصلا من السنة، واستخرج له هو - يعني السيوطي- أصلا ثانيا موضحا أن البدعة المذمومة هي التي لا تدخل تحت دليل شرعي في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة»
روى البيهقي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: «المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما : أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر بن الخطاب في قيام شهر رمضان نعم البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي.
قال السيوطي: «وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان، فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك سلطان العلماء العز ابن عبد السلام».
وأصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة، لأن ولادته أعظم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، وهذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال: «لأن في هذا الشهر منّ الله تعالى علينا بسيد الأولين والآخرين، فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير وشكر المولى على ما أولانا به من النعم العظيمة».
والأصل الذي خرج عليه الحافظ ابن حجر عمل المولد النبوي هو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى، قال الحافظ: ... «فيستفاد منه فعل شكر الله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر يحصل بأنواع العبادات كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم»
ويؤكد الحافظ ابن حجر على ما ينبغي أن يعمل في الاحتفال فيقول:" فينبغي أن نقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة وما كان مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به».
ونقل السيوطي عن إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري من كتابه «عرف التعريف بالمولد الشريف» قوله: «إنه صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في النار كل ليلة اثنين لإعتاقه ثويبة عندما بشرته بولادة النبي عليه الصلاة والسلام. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي عليه السلام، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم. وأنشد الحافظ شمس الدين الدمشقي في كتابه المسمى مورد الصادي في مولد الهادي:
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه ... وتبَّت يداه فى الجحيم مخلدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائما ... يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذى كان عمره ... بأحمد مسرورا ومات موحدا؟
ويمكن الاستدلال بعموم قوله تعالى: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}، فلا شك أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم من أيام الله فيكون الاحتفال به ما هو إلا تطبيقاً لأمر الله، وما كان كذلك فلا يكون بدعة، بل يكون سنة حسنة حتى ولو لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونحن نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم لأننا نحبه، ولما لا نحبه وقد عرفه وأحب كل الكائنات قال صلى الله عليه وسلم: «إنه ليس شيء بين السماء والأرض إلا يعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن والإنس» [رواه أحمد والدارمي وابن أبي شيبة].
ومما سبق ذكره من أقوال الأئمة كابن حجر، وابن الجوزي، والسيوطي، وغيرهم، وتبين أن هذا حال الأمة من القرن الخامس الهجري، نرى استحباب الاحتفال بالمولد الشريف موافقة للأمة والعلماء، وأن يكون الاحتفال بما ذكر من تلاوة القرآن والذكر وإطعام الطعام، ولا يتطرق إليه مظاهر مذمومة كالرقص والطبل وما إلى ذلك، ولا عبرة بمن شذ عن هذا الإجماع العملي للأمة وأقوال هؤلاء الأئمة؛ وليس ذلك الاحتفال بكثير على النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة حبيب رب العالمين، وفي الختام أذكر قول صاحب البردة:
فهو الذي تم معناه وصورته ... ثم اصطفاه حبيبًا بارئُ النَّسمِ
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غيرُ منقسمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحًا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
إن فضل رسول الله ليس له ... حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفمِ
والله تعالى أعلى وأعلم

أ.د. #علي_جمعة
#شهر_النور_والسرور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.