يشهد جنوباليمن منذُ أكثر من عقدين من الزمن صراعات تعرض خلالها لشتئ أنواع الاضطهاد ، وتوالت الأحداث الواحدة تلو الأخرى ولم يكن من نتاج ذلك الإِ أن أثرت سلباً على كافة الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتعليمية ، فقد تعددت الصراعات تحت مسميات مختلفة وتزايدت معها وتيرة العنف والإضطهاد مع كل حركة تشهدها الساحة الإِ أن أشدها ضراوة هي تلك التي أنتجتها حروب الاحتلال الغاشم التي تجري أحداثها هذه الأيام ، تخلف ورآءها آثار الدمار المعنوي المتمثل في المآسي والآلام لشعب الجنوب ، والدمار المادي من خلال إحراق المدن وتهجير السكان و تضييق الخناق في إدارتهم لشؤون الحياة بقطع الخدمات عنهم . عدن مدينة السلام ، حضرموت الأرض والإنسان ، ولحج الحضارة ، والضالع الصمود ، وأبين الابية وشبوة العنيدة ، محافظاتجنوباليمن التي لم تسلم قط من ممارسات الاحتلال اللإنسانية ، وهي مايطلق عليها اليوم بالمناطق المنكوبة لشحة الموارد المعيشية بعد أن دمر الاحتلال كل سبل العيش فيها بالرغم من امتلاكها لثروات ضخمة تؤهلها للعيش الرغيد . كثيراً ما يثار التسآؤل عن الأسباب التي اوصلتنا إِلى هذه المرحلة ؛ هل هي أسباب ودوافع خارجية خارجية فرضت علينا هذه المآسي والمعاناة تحقيقاً لرغبة الدول الكبرى ؟ أم هي دوافع ذاتية تتعلق بأعمالنا الدينية والدنيوية ، قوله تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا {124} ". وردَّت آيات في سورة البقرة من الذكر الحكيم أرى من وجهة نظري إنها الأقرب لتعليل التسآؤلات التي تثار غالباً حول الدوافع التي أجبرتنا على العيش تحت طائلة ممارسات قوى الشر المتنفذة ، قال تعالى : "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ {152} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {153} وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ {154} وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {156}أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {157} " . يبتلينا الله بأنواع من البلايا كالخوف الوجوع وخسارة الاموال وذهاب الأنفس وموت الاحباب والاصحاب وضياع الثمار والمزروعات ، ويرشدنا الله إِلى طريق الهداية وسبيل الرشد ؛ أذكروا الله بالطاعة والعبادة يذكركم الله بالثواب والمغفرة ، وأشكروه على نعمه ولاتكفروها بالجحود والعصيان ، واستعينوا بالصبر والصلاة على أمور دنياكم وآخرتكم فبالصبر تنالون الفضائل وتنتهون عن الرذائل والله حليفكم بالنصر والتأييد ، ويبشركم الله أن الشهداء هم أحياء عن ربهم يرزقون في حياة برزخية أسمى من هذه الحياة ، ويبشر الصابرين على المصائب والبلايا الذين إذا نزل بهم كرب أو بلاء استرجعوا وأقروا بأنهم عبيد لله يفعل بهم مايشاء وهولاء هم المهتدون إلى طريق السعادة . لنعلم أن لا سبيل لنا لنحظى بعيش هنيَّ الا بأتباع المنهاج الذي شرعه الله لنا ، وأن ما أصابنا من البلايا كان بسبب ما صنعته ايدينا ، ولنعلم أن لا خلاص لنا من المآسي عن طريق أولئك الذين يدعون الإصلاح وهم ليسوا سوى دعاة للفتن ، و لايعَّدوا عن كونهم مجرد ادوات تستخدمها الدول الطامعة لتنفيذ اجندتها باستغلال ثروات شعب الجنوب وإغراقه في دوامه الصراعات .