لعدن رب يحميها لا أعرف سر الحملة الغريبة على ترحيل بعض العمال المتبطلين الذين يقيمون بدون عمل في محافظة عدن في زمن الحرب والاغتيالات. فهولاء المتبطلون بصدق يشكلون مصدر قلق امني، على ان هولاء المرحلين يستطيعون العودة بمجرد إحضار بطاقة هوية او حصول المُبعد على تعريف، فلا يوجد في العالم شخص بدون هوية حتى الموتى لهم هويتهم! لقد طالت الإغتيالات خيرة أبناء الوطن، من قضاة ومن رجال أمن ونشطاء، بل وطالت كبار الطيارين وكبار العسكريين وبعضهم برتبة ألوية ومنهم الشهيد -اللواء جعفر- محافظ عدن، والشهيد -اللواء ناصر هادي- ومن كبار القضاة طالت يد الشر قريبي الشهيد -القاضي هادي المفلحي- طيب الله ثراهم بل وهناك قائمة من الاف الشهداء تتذكرهم عدن، قتلوا وهم يسعون في الارض عزل بدون سلاح . لقد قامت الدنيا ولم تقعد، وهاجت الصحف ووسائل الأنباء، تناهت الى مسامع الناس هذه الكارثة الساحقة الماحقة!! وطغت في ضجيجها على الحرب الظالمة التي قتلت وأزهقت وروعت وهدمت، فصارت بعض مدن الوطن خرائب وأنقاض. من يهتم بأمر المرحلين فليحتضنهم عنده الى حين، بل ويوفر لهم السكن والمأوى وبطاقة الهوية . ومن يستكثر على هولاء الترحيل، ليعمل على وقف هذه الحرب الظالمة التي لا سابقة لها في تاريخ الوطن ومنذ عهد - ذو نواس- الى اليوم . إن الجميع يدرك أن ابناء الجنوب عشاق السلام وهم عشاق الوحدات وهم من كتبها - كلازمة - في كل رسالة رسمية منذ يوم الإستقلال، وهم من ردد كلماتها في نشيدهم الوطني كل صباح، رددوها في مدارسهم ومعسكراتهم واحتفالاتهم وفعالياتهم. لو أن هذه الفواجع الذي وقعت في -عدن- لو أنها وقعت في -صنعاء- ودارت الشكوك عن متبطلين من ابناء الجنوب، وفي انهم قد يصبحون بندقية مستأجرة، او تبين تورط بعضهم في اعمال إرهابية وزعزعة الامن، لو ان هذا حدث في -صنعاء-، لرأيت الجنوبيين يحشرون ويرحلون من صنعاء، ويلقى بهم في صحاري - خرز- بل ربما يلقى بهم في عرض البحر صوب سواحل جيبوتي. كم جنوبي في صنعاء أكتشفت في بيته معامل متفجرات ومفخخات وأحزمة ناسفة ومسدسات كاتمة الصوت؟ كم من الجنوبين اعتقلوا وهم يحاولون نسف مقرات حكومية ؟ . منذ ان أعلن الحراك وهو يرفع راية السلم، ومنذ ان عرف الحراك وهو يحشد الملايين ولا يتهجم في حشده على اشقائه من ابناء المحافظات الشمالية سواء في عدن او الضالع او حضرموت او يافع بل في كل الجنوب. لا زالوا الاشقاء من المحافظات الشمالية بيننا، وهم اهلنا وملمحنا وتاريخنا وجينتنا الوراثية. نحن نسيج واحد لم يتمزق الا بعد ان مزقتنا الحرب الظالمة والفواجع والظلم الذي يتوطد، والإستئثار الكامل الشره والمخيف لكل مقدرات الوطن الكبير، في البحر والبر وما تحت الثرى . هل بلغت إلى أسماعكم في عدن وغير محافظات الجنوب، إغلاق المتاجر والمطاعم والبسطات والبقالات والمخابز وكلها تعود لاخوتنا من المحافظات الشمالية! هل هناك من تعز او صنعاء او الحديدة من يعمل ويقيم في عدن، وهُدد بترك عمله الخاص او الحكومي؟ هل هناك من رحل من هولاء الذين يتماهون بننا وعديدهم يزيد عن سكان الجنوب؟ وهم يعيشون معنا بكل حب وسلام فهم منا ونحن منهم، نسيج واحد ولُحمة واحدة ؟. لا تحمّلوا عدن أوزار الحرب ولا تشيطنوها ، فاذا تشيطنت فلن تعود الى رشدها *- بقلم : فاروق المفلحي – برانتفورد كندا