عندما يفكر الإنسان العادي، كيف نجد رجل حكيم قائدا لشعبه، هل يمكن ان نصنعه، او يمكننا أن ندربه الحكمة ليصبح حكيما و رحيما و قائدا؟ لا اعتقد ان ايجاد مثل هذا الرجل يحتاج لتأهيل او صناعة، فأزعم مثل هذا الرجل لا يوجد الا بتفاعل عراقة الأصل، و حكمة من ربّاه، و شخصية الأم الحنون، و خبرة الصحراء، و تعب العيش في تلك الأيام القاسية، و مرافقته كل ابناء قومه من كبير و صغير و فقير و غني، لو خلطنا كل هذه الأشياء اعلاه توجد لك حاكما فريداً، و قائداً فذاً مثل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه". عاش الشيخ زايد بكنف والده و لم يكن يفارقه منذ سنوات عمره الأولى، فكانت هذه المعايشة هي من تعلم منها منذ الصغر أصول الحكم و تجربتها. و كان كثير الحركة في فيافي ابوظبي، كثير الزيارات لأهلها و قبائلها، و كثير التحدث لهم منذ نشأته، و هذه علمته كيف يقترب من هموم الناس، و احلامهم، و إحتياجاتهم. و من قسوة اراضي الأمارات و جبالها، و كيف رأى أجداده يتعاملون معها بهمة الرجال، من ذلك تعلم الفروسية و الشهامة، و نجدة الملفهوف. من حالفه الحظ و جلس في مجلس يتحدث فيه زايد، يكون قد سمع من شخصية ذاك الرجل فهم راق مستنير، متسلح بخلفية دينية متمكنة من القرآن، و متحليّ يسماحة الإسلام، و هذا و ذاك استلهمه ممن علموه و أدّبوه من "المطاوعة" الذين علموه القرآن منذ كان عمره ست سنوات، فتعلم منهم القرآن الكريم، و الحديث الشريف مع حس قومي عروبي تجذر فيه أكثر عندما اصبح شابا يجالس أقرانه الشباب، و يتبادلون الحديث عن قصص و حكايات العرب و امجادهم. كل هذا زرع في زايد الحكمة، و العطاء الجارف و الحب الفطري لعمل الخير، و هذا ما جعله احد ابرز قادة العالم في القرن العشرين. لا اريد الحديث على ما قدمه زايد للعالم، فهذا أمر يعرفه الكل، و لكن عندما نتحدث عن زايد نرى فجأة معان و قيم كثيرة تقفز الى الذهن، فمن اسمه تعلم ابناء شعبه ان زايد يعني العطاء، و يعني الخير و يعني الحكمة، و قوة الارادة و الايمان القوي بالله. زايد هو الأسم المحبوب الذي يعرفه كل العرب و غير العرب. الكلام عن زايد لا ينتهي، و مواقفه الخيرية مع اهله و مع الآخرين لا تحصى، و هنا لا يسعني الا ان انهي: رحم الله زايد الخير و العطاء رحم الله زايد الإنسان رحم الله زايد الحكمة، زايد الإصرار و العزيمة، زايد النظرة الثاقبة الحكيمة. رحم الله زايد الذي ما زالت روحه تنفح فينا القوة و العطاء و الخير. علي محمد جارالله 4 يونيو 2019