المآسي الكثيرة التي يعاني منها الأحوازيون على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية أكبر من أن ترصد، وأوسع من أن يتحدث عنها المرء، فلكل مأساة قصة، ولكل حدث يتعلق بالإنسان الأحوازي رواية، فالظلم الذي يعانيه الأحوازي في الخارج في بداية مساره نحو مقصدٍ يوفر له الأمن والاستقرار يلحق به أكثر مما كان يعيشه في الداخل الأحوازي، كونهم يعتقدون أن الخارج سينصفهم وهم يعيشون في ظل وضع إحتلالي بشع : عنصري وطائفي يحصي على الناس أنفاسهم، ويتتبع حركاتهم، ويأخذ البريء بجريرة المذنب، اذا كان هناك مذنباً . وفي أية حال، ان القصة التي سنتطرق اليها في هذا اللقاء لهي قصة محزنة فعلاً، فذوو القرابة كانوا أشد وقعاً في اِجراءاتهم من الآخرين ممن استقبلونا في ديارهم وهم لا يرتبطون بنا، لا قومياً ولا دينياً، وإنما يربطنا واياهم مجرد الشعور الانساني النبيل، وعليه أجرينا المقابلة التالية مع المناضل الأحوازي هادي المطوري (البطيلي)، وكانت هذه الكلمات التي قالها بسرعة وعلى طريقته الحذرة، مما هو كائن وما سيكون . في البدء نود سؤالكم عما جرى لكم طوال الفترة الماضية من تواجدكم في لبنان ؟ أين كان معتقلاً ابنكم محمد قبل خروجكم من لبنان ؟ في الأمن العام الذي يقع في منطقة المتحف ببيروت الغربية . هل تدخلت جهة أمنية أو سياسية لبنانية في موضع إخراجكم من السجن ؟ نعم . فالمتعاطفون مع القضية الوطنية العربية الأحوازية كثر، وإن كان الطغيان الطائفي يطبع تصرفات المرتشين الذين باعوا أنفسهم لشيطان الساواما (جهاز المخابرات الإيرانية) الفارسية الصفوية، إذ أن هنالك شخصيات وطنية وقومية ودينية تدخلت وضغطت على الحكومة اللبنانية من أجل الإفراج عن ولدي محمد وعملت على تسهيل أمورنا وبالتالي خروجنا كليا من لبنان باتجاه هولندا. ما هو دور مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان بعملية إخراجكم كأسرة؟ لا شك أن المفوضية متعاطفة مع كل القضايا الإنسانية الذين يعيشون في محنة التمييز العنصري والطائفي، وخصوصاً أنهم تعاونوا معنا في أعقاب ضغط سفارة الدولة الفارسية على مسئولي السجن وإصرارهم على ضرورة اعتقال ولدي وبالتالي إرجاعه إلى الأحواز عبر تسليمه لسلطات الاحتلال الإيراني ، أو ترحيله إلى سوريا ومن هناك تسليمه لإيران ، كما جرى للعديد من الاحوازيين ممن سبقونا في الخروج من الأحواز . لقد قاموا بإعطائنا نصائح أمنية ويسجل إليهم بإرشادنا إلى جهات تستطيع مساعدتنا وكان لهم دور إيجابي جدا. كيف كانت نتائج النداء الذي قدمه ابنكم المعتقل محمد حينما كان معتقلا في لبنان والذي فضح فيها دور السفارة الإيرانيةبلبنان والذي نشرته مشكورة جريدة الشرق الأوسط، الأمر الذي وصلت أنباؤه إلى مسامع المسئولين في الدولة اللبنانية والرأي العام اللبناني ؟ نعم . ما تقوله هو الصحيح والدقيق، فقد كان وبكل تأكيد له دور ملموس في تعاطف الشعب العربي اللبناني معنا، وحتى على الصعيد الرسمي، وقيام بعض الشخصيات الوطنية اللبنانية بالتدخل مباشرة من أجل مساعدتنا، وهناك الكثير من الأسماء والشخصيات ممن لا نستطيع التصريح بها حرصاً على عملها الوطني المخلص تجاه كل المضطهدين والهاربين من جور سلطات الاحتلال الفارسي والقمع . كيف خرجتم من لبنان وما هو دور الدولة الهولندية في هذه المحنة ؟ لا شك أن مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان قد عملت الكثير من أجل تسهيل عملية خروجنا، والإفراج عن ولدنا، وقامت باتصالات مع سفارة الدولة الهولندية التي سارعت بتوفير كل العناصر القادرة على دعمنا وتسهيل خروجنا. لقد قبلتنا الدولة الهولندية بسرعة وكان هنالك أشخاص لهم دور في تعريف ملفنا وقضيتنا أمام السفارة الهولندية... وساهم تعامل منظمة الهجرة الدولية (I.O.M) مع الأممالمتحدة، إضافة إلى تعاملهم مع الأمن العام، الأمر الذي سهل خروجنا ووصولنا الى هولندا ، ولولا هذه المنظمة الدولية لكان من العسير جدا خروجنا من لبنان والإفراج عن ولدي من السجن . هل هنالك لاجئون أحوازيون في لبنان ؟ وكم يبلغ عددهم هناك؟ نعم . يوجد لاجئون أحوازيون في لبنان، ويصل عددهم تقريبا إلى 20 فرداً لغاية الأسابيع القليلة الماضية، ولهم ملفات خاصة في المفوضية يبلغ عددها الثمانية، علما أن الكثير من الاحوازيين يخشون الوصول إلى لبنان بسبب المجسات الأمنية الفارسية وعمل أتباعها وعملائها، وهو الأمر الذي جعل الآخرين من الاحوازيين يذهبون إلى دول أخرى مثل تركيا وغيرها، مما يكلفهم أضعاف مضاعفة من الأموال، إضافة إلى إعاقة اللغة والتفاهم مع أبناء أوئلك المجتمعات . هل يتعرض اللاجئون الأحوازيون لمضايقات من قبل جهات لبنانية، رسمية أو غير رسمية ترتبط بالأمن الفارسي بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟ نعم.هنالك مضايقات واسعة وخاصة بسبب قضايا تتعلق بأوراق الإقامة والمرور. -هل تعمل سفارة الدولة الفارسية (إيران) في لبنان على التضييق على الاحوازيين ؟ وما هو دورها ؟ بالتأكيد، وخير التجارب ما رأيناه ولمسناه، سواء عبر اعتقال ولدي محمد والتحقيق معه من قبل شخصيات أمنية فارسية تعمل في السفارة الإيرانيةبلبنان التي قامت على التحقيق معه لمرتين متتاليتين وباللغة الفارسية، وهو الأمر الذي يدل على وجود عناصر إستخباراتية فارسية (إيرانية) كثيرة في لبنان تسعى لاعتقال اللاجئين الاحوازيين وبالخصوص السياسيين منهم،وبالتالي تسليمهم والذين تعدهم السلطات السياسية الإيرانية هم الأخطر على وجودها، علاوة على تسلط عناصر تنتمي لما يسمى بحزب الله علينا في لبنان وبتوجيه مباشر من قبل الدولة الفارسية بغية مضايقتنا بذرائع وحجج واهية من قبيل تقديمهم شكاوى ضدنا كأحوازيين . من هي الجهات الفارسية التي التقت ابنك في السجن؟ عناصر الاستخبارات التي تعمل في سفارة الدولة الفارسية بلبنان وهي التي استجوبت ابني لمرتين متتاليتين في السجن، وباللغة الفارسية. علاوة على أن القنصل الإيراني المدعو (لقبه: سلطان محمدي) كان قد التقى ابني محمد في سجن زحلة وطلب منه الموافقة للرجوع إلى إيران !!. وفي الختام أود تقديم الشكر إلى كل المتعاطفين معنا والذين وقفوا معنا في شتى المجالات وعلى وجه الخصوص صحيفة الشرق الأوسط التي كان لها الدور الكبير في الترويج لقضيتنا العربية العادلة، وكذلك كل وسائل الإعلام العربية والأجنبية والمؤسسات الإنسانية والشخصيات الوطنية والقومية التي سعت وقدمت لنا الدعم والتشجيع للصبر على تلك المحنة