ما ان اطل رأسه لتحية الجماهير الغفيرة التي اصطفت على جانبي سيارته، حتى قفزت فاطمة امتارا عدة بخطوات قليلة، لتعاين اثناء طيرانها مكانا حطت عليه خلف ظهر العقيد الزعيم، فكانت الامن والامان له، والراحة والطمأنينة لها. تلك هي مهمتهن، ليست القضية مسرحية من مسرحياته، ولا شيئا يريد ان يمتاز به، هو بالفعل يشعر بالامان اكثر بين يدي النساء. عندما خرج امام الجماهير كان العشرات من مرافقوه يقف ايضا بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة ايضا، لم يد في خلد احدا منهم ان يقفز لحماية ظهر العقيد الا فاطمة التي كانت تتحدث معنا مندمجة قبل ان تثب وثبتها الطويلة . "عائشة" ابنة القذافي أحابت عندما سؤلت عن حارسات والدها: قالت" إنه يثق أكثر بالمرأة الليبية، مضيفة "وجود الحارسات خلف والدي يهدف إلى إبراز أهمية المرأة". ويقال إنهن أقسمن "على تقديم حياتهن في سبيل القذافي"، ولذا فإنهن لا يتركنه أبداً، ليلاً أو نهاراً. وعدد الحارسات يتراوح بين 300 إلى 400، ويتلقين تدريبا متقدما في كلية خاصة، يقال إنها تشترط في المتقدمات أن يكن "عذراوات" وفق ما ذكرته صحيفة "الوفد" المصرية. ويرى القذافي أنّ النساء أكثر أهلاً للثقة من الرجال، وأنهن لن يقبلن الرشوة أو يخُنَّه، وهو رأي لاقى رواجاً لدى عدد من رؤساء العالم الذين أدخلوا العنصر النسائي إلى طاقم حرسهم. ومن المعروف أن القذافي غيّر أسماء الحارسات، ليحوّلهن إلى مجموعة "عائشات"، فأطلق عليهن جميعاً اسم عائشة، على أن يميز بينهن بالأرقام. بحيث أصبحن: "عائشة1، عائشة2، عائشة 3... إلخ". ولم يُسمع عن فرار أيّ منهن حتى اليوم، كما لا يعرف إن كن يتقاعدن أم يستطعن مثلاً تقديم استقالتهن أو ما شابه ذلك. ورغم أن ليبيا تعد من البلدان المحافظة، إلا أن حارسات القذافي لا يرتدين الحجاب، ولا يعرف شيئا عن خلفياتهم الاجتماعية، وكيف وافقت أسرهن على التحاقهن بتلك المهنة الشاقة وغير المقبولة في مجتمع قبلي مثل ليبيا. هؤلا ء العائشات يرافقن القذافي من الصباح حتى الليل، يقمن بلف ثوبه "جرده" الذي يتجاوز الثلاثين متراً، ويقرأن جزء من كتابه الأخضر له قبل أن ينام، ولكثرة ما قرأن له منه، خرج يوماً بتصريح يقول فيه "على كل فرد أن يقرأ الكتاب الأخضر، لأنه خلاص للبشرية وهو الدستور الصالح لجميع الأمم".... والعائشات يرافقن القذافي في أسفاره ومؤتمراته، بعد أن يقرأن الكتاب الأخضر ثلاث مرات، وكثيرا ما اثرن مشكلات بروتوكولية، مثل مشكلة في مؤتمر شرم الشيخ، عندما حاولن الدخول الى القاعة مع الزعيم ومنعن، فشعرن بالفزع.. لكن الحرس المصري تصدى لهن. فرٌحن يصرخن في الشوارع: "واقذافاه .. واقذافاه" حتى خرج عليهن هاتفاً: "لا تخفن فنحن إذا متنا قديسون .. وإذا عشنا مكافحون ثوار" فكفت العائشات عن الندب والصراخ. الموقف الأبرز للقذافي من المرأة، الذي لطالما وضعه في مكانة متفردة بين قادة وزعماء العالم، هو استعانته بالنساء ليشكلن الحرس الخاص المحيط به على مدار 24 ساعة، في خطوة استثنائية من نوعها، خاصة في العالمين العربي والإسلامي. ومع اشتداد المحنة على القذافي، وحصاره من قبل الثوار في مربع العاصمة طرابلس، أصبح هذا الحرس النسائي (على ما يبدو) خارج الخدمة مؤقتا، فلم يظهر في طلات القذافي الثورية، التي يباغت بها شعبه والعالم بين الحين والآخر. وعلى الرغم من مهنتهن القاسية، تحرص حارسات القذافي على الظهور حوله في أبهى صورة تؤكد أنوثتهن، مع وضعهن مساحيق التجميل وطلاء الأظافر، وترك بعضهن شعورهن مسترسلة، بل وارتداء بعضهن لأحذية ذات كعوب مرتفعة، مما دفع البعض في الغرب لأن يطلق عليهن "آلات القتل الفاتنة". أثبتت حارسات القذافي جدارتهن بثقته بهن أكثر من مرة، كان أبرزها عام 1998، عندما تعرضت إحدى حارسات القذافي للقتل، وأصيبت سبع حارسات أخريات عندما نصب أصوليون إسلاميون في ليبيا كمينا لموكب القذافي. وذكرت روايات لشهود أن رئيسة فريق حرسه الخاص ألقت بنفسها على جسد القذافي للحيلولة دون إصابته بالرصاص، وأنه حزن بشدة لمقتلها. إلا أن وجود "الأمازونيات" صاحبه أيضا مشكلات في بعض الأحيان، مثلما حدث عندما منع الأمن المصري دخولهن معه في فندق شهد انعقاد قمة عربية بشرم الشيخ عام 2003، مما أدى لاندلاع تشابكات بالأيدي، ووقعت أزمة أخرى خلال انعقاد القمة العشرين لمنظمة الوحدة الأفريقية في أديس أبابا بإثيوبيا، عام 1984، عندما أصر القذافي على دخول حارساته المسلحات معه إلى قاعة المؤتمر، وشعر بمهانة كبيرة لدى إصرار الأمن الإثيوبي على تجريد حارساته من الأسلحة. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، وأثناء زيارته العاصمة النيجيرية أبوجا، لحضور قمة تضم قادة من أفريقيا وأميركا اللاتينية، وقعت أزمة دبلوماسية بسبب اصطحاب القذافي معه 200 من الحرس الشخصي، أغلبهم من النساء، مدججات بأعداد ضخمة من الأسلحة، مما دفع قوات الأمن النيجيرية لرفض تقدمهن نحو العاصمة. واستشاط القذافي غضبا لدرجة أنه هم بالتحرك سيرا على الأقدام لمسافة 40 كيلومترا حتى العاصمة. واشترط الأمن النيجيري احتفاظ كل من الحارسات بثمانية مسدسات فقط، حسبما هو متبع مع جميع البعثات الدبلوماسية التي تدخل العاصمة، ولم يوافق حرس القذافي على تسليم أسلحتهم إلا بعد تدخل الرئيس النيجيري أولسيغون أوباسانجو. ماذا قالت عائشة؟ في حوار أجري مع ابنة القذافي عائشة في وقت سابق وسؤلت فيه عن حارسات والدها وردت بما يلي: * تطرقت وسائل الاعلام كثيرا الى ظاهرة «حارسات القذافي». فلماذا اختار والدك ان يكون حرسه من النساء؟ نستطيع القول انها ثقته بالمرأة الليبية، ووجود الحارسات خلف والدي يهدف الى ابراز اهمية المرأة. * كيف يجري اختيار الحارسات؟ يجري وفق ضوابط فنية وامنية وهن يتلقين التدريبات مثل الحراس الرجال. * الا تخافين على والدك وهو في حراسة النساء؟ بالعكس. اشعر بالاطمئنان عليه وهو محاط بهن