(51) عاماً مرت على ذكرى انطلاق ثورة ال(14 أكتوبر) ضد المحتل الغازي البريطاني ، تخلل هذه السنوات احتلال يُناظر مثيله البريطاني في كونه احتلال ، ويزيد عنه بشاعة في التصرف تجاه الأرض المحتلة والانسان الذي يسكنها . لم يدر بخلد ثوار ال(14 أكتوبر) أن بلدهم ستخرج من محتل أحتل الأرض ومن ثم بناها إلى محتل دمّر ونهب ما بناه المحتل الأول ، من مستعمر غازي إلى مستعمر يرى في نفسه وطني ..! دعونا من هذا الهراء واستحضار التاريخ عن المحتل الأول ووضعه أمام حاضر المحتل الثاني ، فأوجه الشبه بينهم لا توجد ، وكفة الأفضلية فيهم تميل إلى المستعمر الغازي الأول ، ولنتكلم في ذكرى الثورة الأولى عن حاضر الثورة الجديدة التي يُسطرها أبناء الجنوب في سبيل نيل حريتهم واستقلالهم . كل المؤشرات والدلائل تُشير إلى مليونية تقفز بحاضر ثورتنا إلى واقع فرض الأمر الواقع على الأرض ، وكل الدلائل والمؤشرات أيضاً تقول أن جنوب ما بعد ال(14 أكتوبر 2014م) سيكون مختلف عن جنوب ما قبله ، لا يعني هذا أنه تبشير باستقلال تام حتى لا يفهم البعض ما أقوله على أنه هكذا ، وإنما سيكون للثورة واقع على الأرض يفرض على العالم الآخر التعامل معها وفق هذا المتغير المستجد . تابعنا وباهتمام التحضيرات والتجهيزات الغير مسبوقة التي طغى عليها عنصر الحماس والتبشير بجنوب جديد يكتسي حلة ثورية مختلفة ، جنوب يتسع فيه الخطاب الثوري لكل أبناءه تحت رافعة ثورية واحدة ، هذا ما لمسناه من كثير من ناشطي الثورة وقادتها وحتى أنصارها ، ونأمل أن يُترجم هذا على الواقع من رحم يوم ذكرى الثورة ، فشعبنا بات متعطش لسماع مثل هكذا أخبار تزيد من منسوب حماسه الثوري التحرري . وفي يافع التي ما فتئت تُجسد الثورة في كل تفاصيل حياتها اليومية حتى في احتفالاتها التراثية السنوية التي باتت خلال السنوات الماضية تكتسي بلون الثورة وخطابها ، اليوم تعدى هذا الأمر إلى ما هو أبعد ، إذ ولأول مرة منذُ عشرات السنين يتم إلغاء مهرجانات يافع التراثية السنوية لصالح إحياء ذكرى الثورة في عاصمة الجنوبعدن نظراً لتصادف تاريخ المناسبتين في ذات اليوم ، جعلت يافع من ذكرى ثورة الوطن أهم من ذكرى تاريخ وتراث قبيلة ، وفي هذا تجسيد على أن القبيلة في الجنوب ولائها للوطن يفوق ولائها لذاتها وفي أنها جعلت من نفسها في كل مراحل الثورة مشروع فداء للوطن والثورة . هي ثورة متجددة كل يوم ، لا يخبو بريقها ولا يخفت ، وكلما ظن المتربصون أن أوان نهايتها أزف يُفاجئون بما هو عكس من هذا ، ولن يتوقف طوفان الشعب الثائر إلا حين ينال حريته واستقلاله . وختاماً أجدها فرصة بأن أُهني شعبي في الجنوب بذكرى الثورة ، وأُهني كل الأحرار والثوار ، وكل آباء وأمهات الشهداء ، وكل معتقلي الحرية .