عاجل: تأكيدا لما نشره "شبوة برس" عن هروب بن حبريش.. بيان هام من قيادة المنطقة العسكرية الثانية بالمكلا    ريال مدريد يعود لسكة الانتصارات ويواصل مطاردة برشلونة    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    سيئون.. مسرحية التقسيم وغياب القرار    أرسنال يعزز موقعه في القمة وتشلسي يسقط وليفربول يكتفي بالتعادل    اقتحام معسكر للإصلاح قرب مأرب بعد سقوط حضرموت بيد فصائل الإمارات    المنتخب اليمني يواجه العراق في افتتاح كأس الخليج تحت 23 سنة    مصادرة الأصول الروسية تهدد الاتحاد الأوروبي بخسائر ضخمة تتجاوز 190 مليار دولار    عاجل: العمالقة الجنوبية تقتحم تحصينات اللواء 23 وتبدأ السيطرة على العبر    وثائقي خيوط الخيانة ..فتنة ديسمبر من التخطيط إلى التنفيذ والنهاية المخزية    فيضانات غير مسبوقة بدول آسيوية والخسائر لا تحصى    5 شهداء بينهم طفلان في قصف صهيوني استهدف خيام النازحين بمواصي خان يونس    وكيل وزارة الكهرباء يلتقي فريق التوعية ومتابعة تفعيل الخط المجاني بهيئة مكافحة الفساد    عاجل: مرتزقة الإصلاح يرافقون أسرى الشرعية الذين أفرج عنهم بن الوزير يعودون لمهاجمة معسكر عارين(صور)    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    الخارجية العُمانية تكشف عن إبرام صفقة مع سلطة صنعاء    قراءة تحليلية لنص "سوق الخميس والمجنون" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "سوق الخميس والمجنون" ل"أحمد سيف حاشد"    الكثيري: وجهنا بتأمين المنشآت والمؤسسات وحماية المصالح العامة والخاصة بوادي حضرموت    الرئيس الزُبيدي يُعزي بوفاة القاضي صالح محسن باشافعي    هدوء حذر في وادي حضرموت بعد السيطرة على قيادة المنطقة العسكرية الأولى    اختتام الدورة التدريبية الخاصة بأمناء المخازن وموزعي الادوية في الشركات    مأرب.. تدشين مشروع توزيع كفالات الأيتام ل561 يتيماً ويتيمة من 10 محافظات    وزير المالية يلتقي مصنعي وتجار الرخام والجرانيت    صنعاء.. إصدار التعزيزات المالية بنصف مرتب أكتوبر 2025    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    "خيرات باجل".. مهرجان زراعي يعزز مكانة المديرية كنموذج إنتاجي واعد    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    وفاة رئيس اتحاد الأدباء في إب عبد الإله البعداني    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    النفط يتراجع وسط ترقب لنتائج محادثات السلام في أوكرانيا    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    عاجل: استشهاد أول أبطال القوات المسلحة الجنوبية في معركة تحرير وادي حضرموت    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم الشهيد (الهيثمي) لا وقت لديها للبكاء
نشر في يافع نيوز يوم 19 - 10 - 2015


بقلم / أحمد الربيزي
تتزاحم عندي هواجس كثيرة، عند شروعي الكتابة، في لحظات أود لو أستطع ان أكتب عن كل شيئاً جرى خلال أشهر العدوان الذي تعرضت له مدن الجنوب الباسلة .. لو أكتب عن كل الشهداء، و الجرحى وأسرد بطولاتهم وهم يدافعون عن الأرض والعرض، أود لو بأمكاني ان إعيد كتابة الملاحم البطولية التي صنعوها وكتبوها بدمائهم وأعلقها على جدران كل شوارع مدينتنا المغدور بها (عدن)، ليعلم ابنائنا ان هؤلاء الشهداء ذهبوا الى القتال المقدس وطنياً ودينياً، ذهبوا وهم ينشدون رضى الله ورضى أهاليهم وأصدقائهم ينشدون الوطن من خلال رصاصاتهم المعدودة، وامكانياتهم المحدودة، يسبقهم إيمانهم وواجبهم وهم يخوضون أول معركة في تاريخ الجنوب يتفق غالبية شعب الجنوب على قدسية خوضها دفاعاً عن الدين والأرض والعرضً والكرامة .
أتمنى لو أني استطيع ان اذهب الى كل بيت ومجلس لأسمع حكاياتهم وأرويها وأدرّسها لأجيالنا ليعلموا كيف صنع هؤلاء الأبطال (النصر المجتمعي) والمتمثل بتماسك الحاضنة المجتمعية التي أوجدت وساعدت ودافعت عن (المقاومة) التي صنعت (النصر الميداني) بدورها، ليس من خلال اشتراك الشرائح الاجتماعية فحسب، بل ومن خلال مشاركة الفئات الجنسية والعمرية في صناعة هذا النصر العظيم.
وحتى لا أطيل عنكم .. دعونا نتوقف اليوم عند عظمة أمهات لهن مواقف شجاعة يجب ان تحكى بل وتكتب بماء الذهب ولا تقل شجاعتهن عن أولادهن الشهداء. وهن في وجه التحدي حيث لا وقت لديهن للنواح والبكاء، وجهاً لوجه أمام أولادهن لحظة أستشهادهم أو سقوطهم جرحى أمامهن، في أركان حوافيهم الصامدة، وهن كثير ممن وصلتني قصصهن وأحببت ان أروي لكم واحدة من هذه البطولات.
في خورمكسر الكثير يعرفون حكاية الأم التي خاطرت بحياتها لتخرج جثة ولدها الشهيد من خط النار الأول، في أحدى أعنف المواجهات في حي السفارات في خورمكسر والذي سيطر عليه الغزاة، أنها حكاية أم الشهيد (ألهيثمي علي ألهيثمي) الذي استشهد برصاص قناصات الغزاة (الحوفاشيين) بعد عودته من مهمة إنقاذ زميله، الا ان رصاصات الغدر التي كانت تترصده منذو كان يقاتل مع زملاءه بجانب السفارة الروسية، في (كورنيش) ساحل أبين طالته بحقدها الدفين لترديه شهيدا في الحال ليس بعيدا عن داره بأحدى شوارع حي السفارات بخورمكسر.
كان (شارع الموت) – إن جاز التعبير – مسلك ناري لرصاصات (قناصة الموت) المتمركزين في البنايات العالية التي أحتلها الغزاة في راس الشارع بجانب السفارة الألمانية، فيما لا يستطيع أحداً من رجال المقاومة أو حتى من تبقى من رجال الحي الكهول والمسالمين الذين حاولوا لمرات عدة الخروج لإحضار جثة الشهيد (الهيثمي) الا ان رصاصات القنص التي تطلقها أيادي الغزاة المرتعشة كانت تخاف من أي حركة تظهر في الشارع، حتى وان كان جانبها إنساني بحت، مثل أخراج جثة شهيد، الوقت يمضي ودقائقه كأنها دهراً في مقياس قلب الأم المكلومة التي تتشوق لأحتضان ولدها حتى وان صار كحجراً صماء، فلم يدم الحال طويلاً، فشمرت ساعدها وهوت نحو أبنها المسجي على الاسفلت، بغير أكتراث لكل المخاطر، يسبقها قلب الأم المدمي بالفاجعة، وحنين صدرها المتدفق بالأمومة، لتحمل جثة فلذة كبدها الشاب، الى بيتها بمساعدة جارتها الشجاعة التي أبت الا أن تشاركها الشرف الرفيع .
حينها لم يعد هناك متسعاً لدى عيون وقلب الأم المقهورة على أبنها للبكاء، بقدر أهمية ما يجب عليها القيام به بيديها من حب وهي تغسل أطرافه وتمسح الدم المتجلط من جثته الهامدة، وفي أعظم حنان وأوفاء وأصدق حب قامت بإدهان أبنها الشهيد بزيت السمسم البلدي (الجلجل)، وحملت قطعة ورق مقوى ك(مروحة) لتحركها فوق جثته حتى لا تصاب بالتعفن كما تعتقد، حتى حين أقتحموا الغزاة القتلة من مليشيات (الحوثي وعفاش) في الدقائق اللاحقه عتبة دارها بقوة لم تكن تشيح بوجهها الغاضب عنهم وهي تقرأ ما تيسر لها من (سورة يس) وأمام رهبة المنظر لأماً (تمروح) جثة ولدها المسجي أمامها وهي تقرأ من (سورة يس) يتراجع جنود الغزاة المحتلين رويداً رويدا برهبة وخوفاً ووجل.
وفيما أهتزت مشاعر الكل في منزل (آل الهيثمي) حزنا على الشهيد تجلد قلب الأم كمداً حين سألها أحد أحفادها الثلاثة عن إطالة نوم والده ؟! ..اذا لابد من دفن جثمانه ف(إكرام الميت دفنه) وليس بيدها حيلة هي وزوجها وبضعة أولاد صغار من جيرانهم بعد ان نزح سكان خورمكسر وتركوا المدينة شبه خالية عدى من القتلة المحتلين، والذين رفضوا ان يسمحوا لهم بدفن أبنهم في (حوش) كلية الطب – المقبرة المؤقتة التي دفن فيها الكثير من شهداء خورمكسر – ليس لهم بداً ولا بيدهم حيلة من ان يقوموا بدفن أبنهم الشهيد (الهيثمي) في ركن من أركان (حوش) منزله، ليواروه الثرى وأي ثرى..! أنه ثرى بيته ثرى وطنه انه الطين الطيب الذي يحفظ الأمانة الثمينة التي تسلمتها من أيادي طيبة وطاهرة، وبعد أكثر من أربعة أشهر نُقل جثمانه الثرى الى مقبرة القطيع في كريتر، وقد تعجب الكثير ممن حضروا نقل جثة الشهيد الهيثمي علي الهيثمي حين وجدوها كما هي ولم تحلل ودون ان تطلع منها روائح تعفن، بل ان روائح الطيب تفوح منها – كما قالوا – فسبحان الله عز وجل.

ملاحظة : أحاول سرد حكايات لابطال حقيقيين استشهدوا دفاعا عن الأرض والعرض في بطولات حقيقية وأسعى بكل ما أستطيع للحصول على القصة وأتمنى ان تساعدوني لأجد قصص من كل مناطق الجنوب مع أخذ ملاحظة انني لن أنشر أي حكاية الا بعد ان أتحرى عليها تماماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.