وصول وفد عسكري سعودي إماراتي إلى عدن    الانتقالي يوضح حقيقة انسحاب قواته من حضرموت    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    مصدر عسكري: اشتباكات في معسكر عارين بين قوات دفاع شبوة وقبائل على خلفية غنائم    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الرئاسة: وفد التحالف في عدن سيناقش معالجة الإجراءات الأحادية وخروج القوات من حضرموت والمهرة    وقفات جماهيرية في القبيطة تحت شعار "جهوزية واستعداد .. والتعبئة مستمرة"    هجوم جوي يستهدف معسكرًا في شبوة    الأردن يهزم العراق ويبلغ نصف نهائي كأس العرب    الصين تسجل رقماً قياسياً في إنتاج الحبوب تجاوز 714 مليون طن    ضعف الدولار يرفع الذهب... المعدن الأصفر يتجه لتحقيق مكسب أسبوعي 1.8%    باريس سان جيرمان يلتقي ميتز ولانس يواجه نيس في الجولة 16 من الدوري الفرنسي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    منتخب اليمن للفروسية إلى مونديال العالم 2026    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ محمد بجاش    منطقة حدة بصنعاء تذهل العالم بقرار تاريخي .. ومسئول حكومي يعلق!    5 شهداء وجرحى في هجوم إرهابي بطيران مسير على عارين    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الاتحاد الدولي للصحفيين يدعو لاستبعاد قيادات حوثية من مفاوضات مسقط    تحركات مثيرة للجدل: كهرباء تعز تسحب المحولات من الأحياء إلى المخازن    قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    الانكماش يضرب الاقتصاد البريطاني في أكتوبر.. وتراجع حاد في قطاعي الخدمات والبناء    أيها الكائن في رأسي    "ذا تايمز" تكشف عن لقاءات سرية بين "الانتقالي" وكيان العدو الصهيوني    خبير في الطقس يتوقع هطول أمطار متفاوتة الغزارة على بعض المناطق    عدن تختنق بغلاء الأسعار وسط تدهور اقتصادي متسارع    زلزال بقوة 6.7 درجة يضرب شمال شرقي اليابان وتحذير من تسونامي    واشنطن تندد باستمرار احتجاز موظفي سفارتها في صنعاء    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    أغلبها من حضرموت.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 338 أسرة خلال الأسبوع الماضي    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    غوتيريش: مركز الملك سلمان للإغاثة يُعد نموذجًا بارزًا على السخاء وجودة الخدمات الإنسانية    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل بديوان عام وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وقطاعاتها    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    شهد تخرج 1139 طالبا وطالبة.. العرادة: التعليم الركيزة الأساسية لبناء الدولة واستعادة الوطن    منظمة اممية تنقل مقرها الرئيسي من صنعاء إلى عدن    الجنوب راح علينا شانموت جوع    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعادلة الصفرية مع إثيوبيا في سد النهضة والحدود تهدد بحرب إقليمية
نشر في يافع نيوز يوم 24 - 03 - 2021

* تصاعدت التراشقات في ملفي سد النهضة والحدود بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، وارتفع سقف التصعيد إلى مستوى يقترب من حافة الهاوية التي حذر منها كثيرون، لأنها تؤدي إلى صدام تؤثر تداعياته على دول المنطقة، حيث أخذ الخطاب المستخدم من قبل الدول الثلاث منحى خطيرا في القضايا الخلافية.

وبدت التصورات المقدمة متنافرة وتعكس الفحوى الحقيقي للمعادلة الصفرية المستخدمة في العلوم السياسية، أي مكاسب طرف خسارة للطرف الآخر، فإثيوبيا ترى أن أي تنازل في القضيتين يمثل مكسبا لخصومها، والعكس صحيح، ووصول الأزمة إلى هذا المستوى يعني وجود صعوبة هيكلية في التسوية السياسية لكل من الأزمتين.

وقال وزير الري والموارد المائية المصري محمد عبدالعاطي الاثنين الماضي، بمناسبة يوم المياه العالمي الذي يتم الاحتفاء به يوم 22 مارس من كل عام، إن بلاده "لن تقبل إجراءات إثيوبيا الأحادية بشأن سد النهضة، وما ينتج عنها من تداعيات سلبية ضخمة، في إشارة تنطوي على رسالة بعدم الصمت على التصرفات الحالية، والاستعداد لتبني إجراءات بعيدة عن المألوف".

وطالب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان في لقاء مغلق في منطقة أم درمان، السبت الماضي، إثيوبيا بالانسحاب تماما من منطقة الفشقة، باعتبارها تحتل أرضا سودانية وتقول للعالم العكس، محذرا من أن بلاده جاهزة لأي احتمال، والقوات المسلحة ستظل الحامي الحقيقي للشعب السوداني وثورته، وحامية للتغيير.

ونسج مسؤولون في الخرطوم عددا من السيناريوهات الغامضة لانعكاسات الملء الإثيوبي الثاني لسد النهضة في يوليو المقبل دون اتفاق مُلزم، واعتبره البعض بمثابة "إعلان حرب" على غرار المصطلح الذي كرره مصريون، ووصف بعضهم الأزمة مباشرة بأنها "أزمة وجود" ما يفتح الطريق أمام خيارات قد تلجأ إلى الخشونة.

خطابا الليونة والخشونة
الدخول في دوامة صراع بسبب سد النهضة أو الحدود سيفجر المزيد من المشكلات الإقليمية لن يخرج منها أي طرف رابحا

لم تظهر مصر أو السودان خطابا يؤكد أن الخشونة باتت وشيكة مع إثيوبيا، أو أن الأخيرة قررت إعلان الحرب على السودان، غير أن فقدان الثقة في العملية التفاوضية بشأن السد بعد أن رفضت أديس أبابا فكرة تشكيل لجنة رباعية للوساطة (مشكلة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة) واعتبرتها وسيلة لإطالة أمد الملء الثاني يصب في اتجاه الوصول إلى مرحلة اللاحل التي يُستوجب تحريكها بالتلويح بالحل العسكري دون استخدامه فعلا.

كما أن رفض السودان القبول بوساطة في الأزمة الحدودية يصب في الاتجاه نفسه، حيث يتمسك بزيادة وتيرة انتشار القوات المسلحة في المناطق التي استردها، بينما تصر إثيوبيا على استرجاعها بالأدوات العسكرية التي تزايد وجودها على الحدود وتدفع قوات الأمهرة المنخرطة في صفوف الجيش الإثيوبي نحو تفعيلها سريعا.

وتعزز هذه الحالة المتشابكةُ الأزمةَ وتضاعف القلق لدى دوائر معنية بالأمن والاستقرار في المنطقة، فالقوى الإقليمية والدولية القريبة من الدول الثلاث لم تبذل جهدا كافيا لتليين موقف إثيوبيا كطرف يرفض الحل والالتزام بالقوانين الدولية، أو تقنع القاهرة والخرطوم بضرورة إيجاد صيغة أخرى للتفاهم تنطلق من التسليم برؤية أديس أبابا المعلنة، وفقدان الخيال هنا كفيل بأن تخرج الأزمات المعقدة من عقالها السياسي.

وأخذ التصعيد السياسي حيال الانسداد الراهن طريقا جديدا، حيث بدأت مصر والسودان التنسيق والقيام بتحركات لدعوة المجتمع الدولي إلى التدخل لحل أزمة سد النهضة، بينما لا يزال ملف الحدود قاصرا على المناوشات بين الخرطوم وأديس أبابا، ولم تفلح جهود الوساطة غير المكتملة التي يقوم بها الاتحاد الأفريقي في تحريك المياه الراكدة.

ويقارن بعض المتابعين موقف إثيوبيا مع البلدين بموقف تركيا في المنطقة، وتحديدا مع القاهرة، ففي اللحظة التي تتأكد فيها إثيوبيا من أن سياستها الحالية سوف تكبدها خسائر باهظة على المستوى الداخلي ستجبر على القيام باستدارة والانحناء للعواصف على المدى القريب، لأن البيئة المحيطة بها مليئة بنزاعات وصراعات متداخلة، يمكن أن تفجر أزمات أشد وعورة مما هو حاصل في إقليم تيغراي.

خسارة المنتصرين
Thumbnail
انتشر مضمون المعادلة الصفرية في الكثير من الأزمات الإقليمية، وجعل بعض الدوائر تعتقد أن الوصول إلى مرحلة وسط فيها من خلال تسوية سياسية تحقق لكل طرف الحد الأدنى من أهدافه عملية صعبة، لكن عندما يصل الصراع أو الأزمة إلى مستوى مرتفع يمثل خطورة حقيقية على المنخرطين تضطر الأطراف إلى الرضوخ والعودة إلى طاولة التفاوض، وربما تتقدم جهات خارجية للتدخل من أجل منع اندلاع أزمة أشد.

وتبدو الأوضاع بين مصر وإثيوبيا والسودان قريبة من الوصول إلى سيناريو من هذا النوع، فالدخول في دوامة صراع بين أطراف هذا المثلث بسبب سد النهضة أو الحدود سيكون كفيلا بأن يؤدي إلى المزيد من المشكلات الإقليمية لن يخرج منها طرف بعينه رابحا، حتى ولو انتصر في البداية بضربة عسكرية خاطفة، فأي معركة في منطقة تتسم بسيولة عالية لن تكون نتائجها النهائية مضمونة.

ولا يعني الخلل في التوازنات بين الدول الثلاث الاشتباك المباشر من خلال حرب مسلحة تفضي إلى خسارة المنتصرين في ميادينها المختلفة، وتتحول الحصيلة النهائية إلى وبال، فقد يتم إجهاض استكمال مشروع سد النهضة ويتمكن السودان من إحكام السيطرة على إقليم الفشقة وتستسلم القيادة الإثيوبية الحالية للنتيجة، لكن لن تتحقق الأهداف المرجوة للطرفين، فتداعيات وروافد الخشونة غير هينة.

ولذلك فالتلميحات التي راجت بشأن المعادلة الصفرية وأنها سوف تفضي إلى حرب بالطريقة التقليدية عليها علامات استفهام، لأن هذا الخيار مرفوض من قوى إقليمية ودولية ترى أن هناك بارقة أمل وإمكانية للحلول السياسية، كما أن مصر أو السودان ليستا على استعداد لتبني سيناريو الحرب، ما يجعل المسار الذي تسلكه التوازنات الحالية يقتصر على لعبة مواصلة نزيف النقاط.

وإذا نجحت إثيوبيا في القيام بالملء الثاني في يوليو المقبل بنجاح واستثمرت انشغال مصر والسودان بالبحث عن حلول دبلوماسية تستغرق وقتا، تكون ثبّتت الأمر الواقع وحصرت خيارات البلدين في التقليل من الخسائر وليس منعها وسجلت هدفا كبيرا في مرماهما، والذي تتوقف انعكاساته على تماسك الجبهة الداخلية في إثيوبيا.

وتراهن القاهرة والخرطوم على ممارسة ضغوط متواصلة على أديس أبابا باللجوء إلى قناة مجلس الأمن والقوى التي تساهم في بناء وهندسة الخطط المستقبلية للسد، مثل الصين، ما يجعل المعركة تتصاعد في المسار الدبلوماسي، لكن المشكلة أن عملية إقامة السد تحولت إلى معركة وجود لإثيوبيا وعدم وجود لكل من مصر والسودان.

وباتت السيطرة على الحدود عملية غاية في الأهمية للخرطوم، وأي تهاون يقود إلى حدوث انهيارات في جسدها، ويقلل فرص العسكريين الطامحين للاستمرار في الحكم، ويبدو أن مجلسيْ السيادة والوزراء والجسميْن المدني والعسكري أخفقوا في استثمار التقدم الذي حصل في استرداد ما يراه السودانيون حقا كان مسلوبا.

ومع هذه التعقيدات التي تجتاح الدول الثلاث يمكن أن ينفلت زمام الأمور في أي لحظة، فمعارك الوجود يصعب التعامل معها بهدوء وحكمة ورشادة لمدى بعيد، لأن التغيرات على الأرض يمكن أن تقود إلى حرب تتوافر لها مقومات تجذبها نحوها بقوة، وهو الخيار الذي لم يعد مستثنى مع إثيوبيا التي تفضل الحرب على التسليم برؤية مصر والسودان في ملف السد والحدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.