'سأقود بنفسي المعركة دفاعا عن الشرعية الدستورية في العاصمة صنعاء وعموم المحافظات'.(من خطاب حرب للرئيس اليمني السابق أثناء اجتماعه بأعضاء الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي، صحيفة الوسط ،2 مارس 2011). قال صالح هذا الكلام وثورة الشباب لاتزال في بدايتها وكأنه كان يقرأ نهاية مستقبله وبأن هدف الثورة النهائي هو خلعه لذلك غلف مقاومته للثورة بالدفاع عن الشرعية التي ينتهكها اليوم شخصيا أوبواسطة أفراد أسرته وبلاطيه العسكري والمدني. دار الزمن دورته خلال عام وإذا بصالح هو الذي يقف ضد الشرعية التي حرص على سبك رواية تسليمها في 25 فبراير بعيد انتخاب الرئيس هادي لكي لايظهر بمظهر المنكسر وأن تنازله عن السلطة كان استجابة للمبادرة الخليجية التي يحاول صالح تقويضها بكل السبل وليس انصياعا لما لايزال يسميه انقلابا ومؤامرة وبلطجة. في 7 ابريل حدث تمرد عسكري من قبل شخصين من أسرته مما أثار أسئلة عديدة في الشارع اليمني عن 1- مستوى الانضباط في المؤسسة العسكرية والولاء لها لأن البعض أحسن الظن بها وبأنها لم تترهل كجهاز الخدمة المدنية وكل شيئ جميل في حياة اليمنيين أثناء حكمه البائس، و2- موقف المتمردين لو كان الغير هو الذي رفض أوامرهم العسكرية و3- عن القوانين الجزائية العسكرية الصارمة التي سيطبقونها في هذه الحالة. ويجيب من طرحوا الأسئلة أن على الرئيس هادي كنتيجة لعصيان قائد عسكري كبير( قائد القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر) أن يلغي فورا قرار تعيينه كمساعد لوزير الدفاع لشؤن التصنيع العسكري وكذلك قرار تعيين العميد طارق الأحمر كقائد للواء 37 مدرع بحضرموت المقال من قيادة اللواء الثالث حرس جمهوري بصنعاء، لأن ماحدث يمس هيبة الرئيس وقواعد الانضباط العسكري ويسيئ لسمعة المؤسسة العسكرية. وفي هذا الصدد يرى البعض أنه لابد من إحالتهما إلى لقضاء العسكري إذا أراد الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية وولائها للوطن وليس لفرد نزعت شرعيته. لقد تابعت مساء الجمعة 6 ابريل سباق المواقع الإخبارية اليمينة على نشر القرارات الجمهورية بإحداث تغييرات في قيادات عسكرية ومنها موقع المؤتمر نت لسان حزب المؤتمر الشعبي الشريك في حكومة الائتلاف الوطني بموجب المبادرة الخليجية. الموقع الأخير تأخر في نشرها وكأنه كان يعكس تفاجئ الرئيس السابق بهذه القرارات التي صدرت في يوم جمعة على غير ما اعتدناه منذ عشرات السنين من توقيت منتظم لصدور القرارات الرئاسية كل خميس. موقع المؤتمر نت الذي يضع نفاقا صورة الرئيس هادي على صدر صفحته الأولى وليس صورة الرئيس السابق أظهر ترددا واضحا في نشر القرارات الجمهورية المتصلة بالتغييرات القيادية في عدة مواقع عسكرية لأنها طالت إثنين من أسرة الرئيس السابق. أما موقع نبأ نيوز الناطق باسم إبن شقيق الرئيس السابق يحي قائد قوات الأمن المركزي فكان في واد آخر وقد تجاهل نشر القرارات لأكثر من 36 ساعة ثم سيس الأمر بالزعم أنها صدرت بتواطؤ بين رئيس الجمهورية وبين قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر الذي انحاز لثورة الشباب في 21 مارس بعد مجزرة جمعة الكرامة. وفي توقيت متزامن للتمرد أصدرالعميد يحي قرارات عسكرية موازية بإقالات وتعيينات قيادية في ثلاث مناطق غير مذيلة بتوقيع وزير الداخلية سيرا على نهج سابق وهو أن هذه القوات خارج سلطة وزير الداخلية. ومن ناحية أخرى إظهار استمرار التحدي لحكومة الوفاق ولرئيس الجمهورية، وذلك لايتم بدون علم الرئيس السابق. موقف المؤتمر نت كان انعكاسا لموقف 'الزعيم رئيس المؤتمر غير الشرعي' لما تبقى من المؤتمر الذي يتوقع البعض انهياره قريبا أو انقسامه على نفسه إذا لم تتدارك القوى الحية فيه الأمر وتضعه على السكة الصحيحة لينبض بالحياة وبالحيوية كقوة سياسية لا يراد لها أن تغيب بعد التخلص من الدم الفاسد ومن أدران فساد لازمه طوال 30 عاما. اللواء يحي الشامي الرئيس السابق لهيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي في المؤتمر الذي استقال عقب مجزرة جمعة الكرامة في 18 مارس 2011، أوضح في حديث لا تنقصه الصراحة والأمانة مع جريدة الهوية عدد4 ابريل، الفساد الذي استشرى في المؤتمر وتستر عليه الرئيس السابق باعتراضه على مناقشة فساد في أكثر من 100 فرع لحزب المؤتمر تصرف مخصصاتها كاملة وتذهب إلى جيوب فسدة المؤتمر وقوله 'هذا ليس وقته الأن'. وفي السياق نفسه ذكرت صحيفة الوسط المشار لها بعاليه بأن المؤتمر أنفق 325 مليون ريال لبلاطجة في محافظة عمران، شمال صنعاء، لإفساد 'مهرجان التغيير'. ( الدولار يساوي 215 ريال يمني). كان ذلك يحدث وصالح يحاصر الحزب الاشتراكي ماليا ويصادرأمواله ومقراته. ما حدث في 7 ابريل من تمرد على الشرعية التي تغنى بها صالح عند منعطف كل أزمة وحرب يجب ألا يتكرر. صالح نفسه خاض حرب 1994 غير المبررة باسم الشرعية الدستورية واليوم يصبح هو ذاته أول المنقلبين عليها. وصالح هو الذي وقع على المبادرة الخليجية وما هو ملزم له يعد ملزما لأسرته كجزء من النظام السابق. عندما كان صالح ينكث بوعوده والتزاماته كان يقول بأن 'الأسرة معترضة'. عودة نائبه البيض بعد حرب 1994 كمثال. الآن انتهى هذا الخلط بين الأسرة وبين السلطة. وللحريصين على دور جديد للمؤتمر الشعبي في مرحلة مابعد صالح أقول نحن في مرحلة جديدة تتطلب التكيف واستشعار المسؤولية الوطنية والرئيس هادي هو الرئيس الشرعي في السلطة ورئيسكم في المؤتمروليس أحدا غيره وهو يقود اليمن في المرحلة الانتقالية مستندا إلى المبادرة الخليجية التي وقعها صالح وهو يفتعل الابتسامة وإلى قرار مجلس الأمن رقم 2014. تعالج المادة 16 فقرة أ، من المبادرة 'إنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه'. وما قام به الرئيس هادي ليس إلا تطبيقا لهذه المادة. ويرتبط بهذه المادة، المادة 15 التي نصت إحدى فقراتها على تشكيل 'لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار'. وهذه المادة خولت للرئيس هادي ممارسة صلاحياته التنفيذية كرئيس للجمهورية وهو نائبا للرئيس وسلبت من السابق أهم اختصاته فما بالنا عندما يترأس البلاد بتفويض شعبي في انتخابات نزيهة. أما المادة 17 التي تحدثت عن هيكلة القوات المسلحة فتخص المرحلة الأولى السابقة على انتخابات 21 فبراير الرئاسية التي تشكل البداية للمرحلة الثانية وقد نصت على مايلي: 'تحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة مهنية ووطنية موحدة في إطار سيادة القانون'. وللعلم فالمبادرة الخليجية أصبحت جزء من القوانين ومن الدستور اليمني وتعلو عليهما بنص المادة الرابعة منها حيث تقول 'يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية ولايجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة'. هل تمعّن الرئيس السابق والمتمردون والمؤتمر الشعبي في قراءة هذه المادة. على هؤلاء أيضا الانتباه للبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في نهاية مارس الذي أكد على الاهتمام الدولي بالأوضاع الداخلية لليمن وعلى التزام كل الأطراف بتنفيذ المبادرة الخليجية. الرئيس هادي من جانبه أكد في اجتماعه في 3 ابريل بسفراء الدول الراعية للمبادرة على أنه 'ماض في التسوية السياسية المرتكزة على المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن'. الآن نقول من أجل الاستقرار ووحدة القوات المسلحة ليستثمر المؤتمر هذه اللحظة الفاصلة وينحازإلى الشرعية وإلى الشعب بدلا من التغريد خارج السرب الوطني. إن ما حدث في 7 ابريل عمل كثر الحديث عنه من قبل ولم يكن البعض يصدقه وهو أن اليمن كانت تحكمه عصابة فضحت نفسها بوقوفها ضد مصلحة الشعب اليمني في التغيير الذي يقوده الرئيس هادي وحكومة الوفاق. وسيسجل هذا اليوم في التاريخ العسكري اليمني كيوم أسود وكتمرد غبي قامت به عناصر كانت تعد قامات كبرى في المجتمع وتعد نفسها لقيادة اليمن إلى الأبد وتحيط نفسها بهالة من الوطنية الزائفة والحرص على المصلحة العامة واحترام الدستور والشرعية. إن رد الفعل الخليجي والدولي ضد التمرد اللامسؤول وتأييد قرارات الرئيس هادي يضعف عصابة الخمسة التي تريد أن تستمر في الحكم بالقوة أو أن تحكمنا من وراء ستار. ما يسمى بالدول الراعية للمبادرة الخليجية تمارس ما يشبه الوصاية على القرار السيادي اليمني بفضل صالح الذي أوصل اليمن إلى مرتبة الدولة الفاشلة التي أجمعت على أن 'قرارات هادي تتفق مع المبادرة وتخفض من التوترات ونقاط الاحتكاك وتنسجم انسجاما كاملا معها'. أما السيد الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي فقد دعا 'جميع القوى السياسية والأطراف المعنية إلى مساندة الرئيس هادي وعبر عن دعم المجلس لكافة إجراءاته'، وتواصل مع عدد من القيادات السياسية لدعم الرئيس هادي. المؤتمر شريك في العمل الوطني ولكن لاتوجد شراكة مجانية أو'تخريبية' تسعى لتحقيق حلم عودة صالح أو إحلال إبنه أحمد قائد الحرس الجمهوري مكانه في انتخابات 2014. ثلاثة دروس: 1- بعد صراع مسلح بين فريقين في الجيش اليمني فيما عرف بأحداث 23 - 24 اغسطس 1968 قبل الطرف الحزبي في الصراع (القوميين العرب) النفي الاختياري إلى الجزائر تقديرا لمصلحة عامة برغم أنه هو الذي تحمل العبء الأكبر في الدفاع عن الثورة ضد القوى التي حاولت إعادة النظام الملكي. 2- قام رئيس وزراء قبل 40 عاما وهو في منصبه بقتل عمد لمواطن يمني وتم نفيه بعد دفع الدية. هذا الرجل كان قائدا شجاعا وكان يتولى مسؤولية عسكرية كبيرة بجانب منصبه وكان له باع طويل في الدفاع عن صنعاء أثناء حصارها فيما يسمى بحرب السبعين يوما. الشريعة هي المصدر الوحيد في التشريع ولكن أين التشريع من التطبيق في عهد صالح. 3- أقالت في 9 ابريل رئيسة جمهورية ملاوي الجديدة السيدة جويس باندا قائد الشرطة لسوء إدارته التي أدت إلى قتل 19 شخصا خلال أحداث شغب في يوليو2011. هذه السيدة اختلفت مع الرئيس المتوفى قبل أيام وهي نائبة له وانحازت للضحايا وكانت من أشد المعارضين له. افريقيا تتقدم على طريق الانحياز للحرية ولحقوق الإنسان وتمكين المرأة ونحن في الحضيض. سنحان: سنحان التي كانت من القوى التي حاصرت صنعاء في الفترة المذكورة بعاليه ووقفت ضد الجمهورية جاد عليها الزمن أو غفلة اليمنيين بأن تكون شريكة للرئيس السابق وليس للمؤسسات في صنع القرار لمد 33 عاما وأحيانا عطلت فعالية كثير من القرارات. سنحان كما تقول أخبار لم تنفها شخصيات قيادية في حزب المؤتمر أرسلت في وقت مبكر من صباح يوم السبت 7 ابريل عناصر لتحاصر مطار صنعاء وتمنع الطيران منه وإليه. وبدلا من أن تكون سنحان جزء من الحل وتقنع الرئيس السابق بالكف عن تدخلاته غير المشروعة في أعمال السلطة إذابها تقف طرفا معاد للسلطة الشرعية ولحقها في إجراء أي تغييرسياسي أو عسكري يخدم الاستقرار ووحدة القرار العسكري. كان المتوقع من عقلاء سنحان الذين حل بعضهم محل سلطات عدلية حكومية أن يقفوا ضد التمرد العسكري وألا يدعموه. إن موقفهم غير الوطني خصم من رصيد مواطنتهم وولائهم الوطني ووضعهم شركاء في التمرد وتحمل مسؤولية دفع تعويضات طالبت بها منظمات دولية وشركات طيران من سلطة مطار صنعاء بسبب العمل الهمجي الذي تعددت أطرافه وتسبب في خسائر كبيرة لها. إن إرادة الشعب فوق الإرادة القروية والمناطقية ونزعة التوريث في جمهورية دفع فيها ثمن غال لنصف قرن، ودوام الحال من المحال.وليا ل'زعيم المؤتمر القدس