لايختلف اثنان ان القوة هي نتاج طبيعي للوحدة, وان الضعف والتمزق هو ابن شرعي للفرقة والشتات وهذا هو حالنا في البلدان العربية التي تفرقت شيعاً واحزاباً واصبحت فريسة سهلة الاصطياد, وبعد ان كنا امة يحسب لها العالم الف حساب اصبحنا امة ضعيفة مفككة متناحرة, وتتصدر خلافاتنا وصراعاتنا نشرات الاخبار الدولية, بينما العالم الشرقي والغربي مشغول ببناء قوته الاقتصادية وقدراته العسكرية. يتجه العالم نحو الوحدة فعلى سبيل المثال استطاعت اوربا رغم اختلافها اللغوي وتباينها الاقتصادي ان تتكتل وتتحد اقتصادياً تحت مسمى " الاتحاد الاوربي " وان تصبح لها عملة موحدة هي " اليورو " بينما نحن في العالم العربي لدينا مئة تسمية مئة عملة والف شعار, وهذا مالايرضاها ديننا الحنيف الذي يدعوا الى رص الصفوف وتشبيك الايادي والتوحد خلف قيادة واحدة. على مستوى الشرق الاوسط هناك خلافات لا اول لها ولا اخر بين دول الجوار ولا تكاد تخلو دولة عربية واحدة من تلك الخلافات وهي خلافات مصطنعة اوجدها الاحتلال الغربي بهدف الابقاء على الدول العربية متصارعة من اجل السيطرة على مواردها وثرواتها الهائلة. ليس هذا فحسب بل ان هناك دول اسلامية تصدر معاركها الى بلدان عربية للاسف وتستغل فقر الناس وحاجتهم المادية فتدفع بذلك الى الصراع والتناحر بين ابناء البلد الواحد, وهذا الحال هو السائد في اليمن. ففي شمال الشمال هناك دعم ايراني غير محدود وفي الجنوب هناك سخاء مالي وكل هذا ليس حباً في اليمنيين بقدر ماهو طمعاً في تحقيق مصالح قومية لتلك الدول التي تريد لليمن ان يبقى بؤرة للتوتر والصراع ومصدر قلق للعالم بأسره, وفي الاخير القاتل يمني والمقتول يمني والمثل الشعبي القائل " القرش يلعب بحمران العيون " هو ماينطبق على البعض للاسف, الذين يجب ان يكونوا عند مستوى التحدي وان يجعلوا اليمن فوق كل اعتبار . في صعدة قتال دائر بلغ عدد القتلى بحسب مصادر محلية هناك الف وثمانمئة قتيل بين السلفيين والحوثيين ودائرة اليتم تتسع كل يوم, ولا ادري ماهو المبرر لكل تلك المعارك التي اكلت الاخضر واليابس وذهبت بخيرة رجال اليمن, ولكن يكون هناك نصراً مؤزراً لطرف على اخر لان كل طرف يتمترس خلف عقيدة قتالية وستستمر الحرب الى مالا نهاية, وذلك مايهدد اقتصادنا المنهار اصلاً وينبىء بكارثة طائفية لم يعرفها اليمن من قبل. وفي الجنوب بدء اخواننا المناظلين حراك سلمي في 2007م للمطالبة بحقوقهم المنهوبة التي صادرها النظام البائد واقصى الكثير من الكفاءات العسكرية من مواقعها طمعاً في تثبيت العرش لولي عهده الذي بددت الثورة الشبابية الشعبية احلامه, ولكن سرعان مابدء ذلك الحراك يتجه نحو الحراك المسلح واتجاهه نحو القوة شوه جمالية ماضيه وجعل الجميع في الشمال يتخندقون في خندق الوحدة بدلاً من التعاطف مع الجنوبيين الذين صودرت حقوقهم ونهبت اموالهم. ومع اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت كنتاج طبيعي لاساليب الادارة للدولة في الفترة الماضية وارتكاب العديد من الاخطاءالقاتلة في الحكم جعل الشباب في كافة ساحات التغيير يجعلون القضية الجنوبية في سلم اولوياتهم, وسموا بعض جمعهم بتسميات تدل على انهم مع قضية الجنوب " كجمعة الوفاء للجنوب " و جمعة " القضية الجنوبية قضيتنا ", وبدءت بالفعل بعض تلك الاهتمامات توتي اوكلها على الارض. انا هنا ضد المناطقية لكنني اريد ان اوضح لبعض اخواننا ماتم القيام به منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني وخصوصاً في مايتعلق بالقضية الجنوبية فقد اصرت قيادات اللقاء المشترك على ان يتولى رئاسة الحكومة شخص جنوبي وكان الاختيار على الاستاذ محمد سالم باسندوه, ثم جاءت الانتخابات الرئاسية فخرج الشباب عن بكرة ابيهم يرفعون صور الرئيس هادي في كل ساحة ويلصقونها بكل جدار وانتخب هادي كأول رئيساً جنوبي منذ العام 1990م, ثم تم تعيين قائد للمنطقة الجنوبية وهو القائد البطل الشهيد سالم القطن, وبعد استشهاده وقع الاختيار على شخصية جنوبية هو الدكتور ناصر الطاهري ليتولى قيادة المنطقة الجنوبية خلفاً للقطن, وكذلك تم اختيار الكثير من الشخصيات الجنوبية في العديد من القضايا ومن يقراء جيداً القرارات الجمهورية التي اصدرها الرئيس هادي يراء انه كان للجنوبيين نصيب الاسد فيها. اضافة الى ذلك فقد كان الاهتمام بالمحافظات الجنوبية في اولويات اهتمام الرئيس هادي حيث تم تغيير اثنين من المحافظين من اجل تصحيح بعض الاشكاليات التي تعيشها تلك المحافظات. قد تكون تلك التعيينات غير مرضية لاخواننا الجنوبيين وخصوصاً اولئك الذين لهم مطالب حقوقية بالفعل ولكن خطوة الف ميل تبداء بخطوة والتغيير لايأتي دفعة واحدة واذا ارادوا استعادة حقوقهم فعليهم ان يقفوا معنا من اجل الوصول الى الدولة المدنية التي يسقط فيها حكم العسكر وتعاد للقضاء هيبته ونزاهته. هناك تيارات في الحراك نؤمن بانها على قدر كبير من المسؤلية ويعون كل خطوة يقومون بها, ولكن هناك اشخاص يريدون تشويه الحراك مثلما شوهوا وجه الجنوب في الماضي, ويريدون ان يعيدوا الجنوب الى مربع السحل والتصفيات والتأميم. هؤلاء الذين ينادون بتحرير الجنوب اليوم هم من يريدون بيعه لايران غداً,ومن يطالب بالاعتذار للجنوبيين جراء حرب 94 هو من سيسحق المعارضين له في الجنوب تحت جنازير الدبابات. اذا ماتحقق ذلك, ومن يقول بانه ان الاوان للحراك المسلح فهو من يستلم المليارات ويعطي غيره الفتات,ومن ينادي بالعدالة ومدنية الدولة واعادة الحقوق الى اهلها عن طريق القضاء فهو وحده من سيثبت للجنوب انه يحبه اكثر من اولئك الادعياء. على السيدعلي سالم البيض ان يعتذر للجنوبيين عن ماالحقه بهم هو وحيدر العطاس في 87 ,وعلى علي ناصر محمد ان يعتذر للجنوبيين عن مجزرة 86 الدامية, اما نحن فيكفينا اننا حافظنا على الوحدة منذ اربعة وتسعين وحتى اليوم والمستفيد من ذلك هم اخوتنا الجنوبيين ومن يستعرض تاريخ الجنوبيين منذ خروج الاستعمار البريطاني في العام 67م يدرك اهمية ذلك جيداً,لقد اختلف اخوتنا الجنوبيين في النضال فكيف سيتفقون في الحكم؟ نحن جيل صاعد لا نريد ان نوأخذ بجريرة اناس قاب قوسين او ادنى من توديع رحلة الحياة الدنيا, يجب ان نتطلع الى المستقبل وان ننظر الى الوطن بعين التساوي,, يكفينا تمزقاً ودماراً ومناطقية,العالم وصل الى سطح القمر ونحن لم نتجاوز لغة الاستقواء والمناطقية والتشدق بعبارات تسيء الى ماضيينا العريق وتنسينا التفكير في مستقبلنا الوليد. [email protected]