كانت جماعة الإخوان المسلمين تقف حجر عثرة أمام أي خطوة نحو تحقيق الوحدة اليمنية وصنعوا المطبات والعراقيل أمام أي تقدم نحو الوحدة...لكن الرئيس السابق علي عبدالله صالح كسر هذه الحواجز وتمرد عليهم وبادر في التوجه إلى عدن عام 1989 وهذا موقف إيجابي يحسب له مهما كانت أفعاله، وتم في عدن التوقيع على اتفاقية الوحدة وتنقل المواطنين بين الشطرين بالبطاقة الشخصية، وأعقب ذلك الاتفاق تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 على يدي الرئيسين السابقين /علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح، وكان هذا العمل قد أثار الإخوان المسلمين في صنعاء وجعلهم يغضبون كثيراً على هذه الوحدة، إذ أنه لا يجوز أن يختلط (الشيوعيون مع المسلمين) حسب اعتقادهم، وظهروا مكشرين أنيابهم ضد دستور الجمهورية اليمنية الذي جرى الاستفتاء الشعبي عليه عقب تحقيق الوحدة، وكانت النتيجة أنهم هزموا هزيمة ساحقة في هذا الاستفتاء الذي كان لهم موقف رافض لهذا الدستور، وكانوا يقودون حملة ضد إقراره، واستطاعوا بعد ذلك أن يستغلوا الخلافات التي حدثت بين (العليين) إبان الفترة الانتقالية ليقوم الشيخ الجليل عبدالمجيد الزنداني بزياراته البريئة لكل معسكر من معسكرات الجمهورية لبث سمومه فيهم وتحريضهم على الجهاد ضد (الكفرة والملحدين والشيوعيين) من أبناء الجنوب حتى نفخوا في (علي صنعاء) ليعلن الحرب على (علي عدن) لتتحول أرض الجنوب إلى ساحة حرب وفيد، تصاحبها حملات التحريض والفتاوى الإخوانية، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها استطاعوا أن يشفوا غليلهم من الدستور وعدلوه كما كانوا يريدون، ولكن سرعان ما جاء دورهم ليجدوا أنفسهم خارج السلطة، وهذه كانت صدمة كبيرة لهم من علي صالح، كونهم استطاعوا أن يتخلصوا من علي سالم البيض الطرف الأول في اتفاقية الوحدة بجعله منفياً خارج اليمن، بينما الطرف الثاني في التوقيع على الوحدة استطاع أن يخرجهم من السلطة، ولم ينل عقابه جراء إقدامه على التوقيع على هذه الاتفاقية التي وحدت اليمن، حتى جاء الربيع العربي والذي تم استغلاله استغلالاً مركزاً على شخص الرئيس، وذلك بواسطة حماسة الشباب لإسقاط النظام، فركبوا الموجة ليحققوا غايتهم وزيفوا الوعي الثوري، واستطاعوا أن يحولوا الثورة إلى ثأر مع علي صالح فقط، وتعمدوا التهرب من إسقاط النظام إلى إسقاط الرئيس، فكان أن ساعدتهم الظروف إلى أن وصلوا إلى إقناع هادي وبن عمر بإرهاب علي سالم وعلي صالح بالبيان المتضمن اسميهما كمعرقلي للتسوية السياسية، وكأن ذلك عقاب مقصود على ما قدماه من أجل الوحدة اليمنية بغض النظر عما لحقها من تداعيات أضرت بها، وخلافات بين العليين ربما أن للإخوان دوراً كبيراً في تلك الخلافات، خصوصاً ونحن نلاحظ اليوم ما يعملونه باسم الحفاظ على الوحدة وكأنهم وصلوا إلى المرحلة الأخيرة من الانتقام من الوحدة بعد أن انتقموا ممن قام بالتوقيع عليها. فخطابهم المتشنج الذي نسمعه اليوم وإطلاق إسم (الحراك الإيراني المسلح)على أبناء الجنوب، ومحاولة صنع عداء مناطقي بين الشمال والجنوب لا يخدم الوحدة بقدر ما يثير من هم صامتون للحاق بصفوف من يطالبون بفك الارتباط.