تقرير خاص/ وليد عبدالواسع سيظل كثيرٌ من ثوار 11 فبراير 2011م يتذكرون خطاب العقيد/ عسكر زعيل الناطق حينها باسم الجيش المؤيد للثورة الشبابية السلمية بعد أن صعد على منصة ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء مردداً: "إن بريهاتنا ونياشيننا ورُتبنا تحت أقدامكم أيها الشباب إذا لم تكن أرواحنا فداءً لكم وحياتنا من أجلكم".. وفي الذكرى الثالثة لإعلان أنصار الثورة الشبابية السلمية تأييدهم في الواحد والعشرين من مارس يستحضر شباب كُثر هذا الموقف وتلك العبارات التي صدح بها عسكر زعيل بينما هم يقاومون اليوم بؤس الواقع من أجل استكمال أهداف ثورة سامية اُغتيلت برصاصة المصالح الشخصية من سماسرة ثورات ,والتي ليس آخرها كراسي الحكم ومناصب السلطة وتقاسم وظائف ومدخرات البلد.. في الأسابيع الأولى من اندلاع ثورة الشباب السلمية وتحديداً قبل جمعة الكرامة كان جنود وضباط وأفراد الفرقة الذين يؤمنون حقاً بقدسية الوطن يتحسرون لعدم تمكُّنهم أو انعدام الحيلة التي تمكّنهم من الالتحاق بصفوف الثورة الشبابية التي طالما تاقوا إليها.. وفيما الكثيرون كانوا من خلف أسوار معسكرهم المتاخم لساحة الاعتصام يتألمون بصمت وهم يُصغون إلى أناشيد الفنان أيوب طارش عبسي وأغانيه الثورية والوطنية القادمة من منصّة ساحة التغيير إلى مسامعهم مجتازة الأسوار الاسمنتية وهي تهتف في أذانهم "وهبناك الدم الغالي, يا حماة الأرض يا شُم الجباه, عاش عاش الجيش حُرّاس الحدود". لم يجد آخرون من وسيلةٍ لتلبية نداء حماية الوطن ودون إحساسٍ بخوف إلا التسلل خلسة والذهاب بلباس مدنية إلى ساحة التغيير لمشاركة شباب الثورة فعالياتهم.. لكن المعادلة تغيرت بعد جمعة الكرامة.. وفي الواحد والعشرين من مارس 2011م أعلن الجيش موقفه المؤيد والمساند سلمياً للثورة الشبابية الشعبية السلمية وفي ساحة الاعتصام التحم الجيش بالشعب فكانت نقطة التحول في مسار ثورة فبراير التي مثّلت ضربة في خاصرة نظام صالح - حد الوصف. أبو سالم: مجزرة الكرامة سببُ انحياز القادة للثورة قال رئيس تحرير الموقع الكتروني لهيئة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية الزميل أحمد أبو سالم: إن الحديث عن أنصار الثورة تعني «كل من استنفرتهم ضمائرهم الحية لترك نظام استعد لإبادة شعبه مقابل بقائه في السلطة ..و إن المجزرة التي ارتكبها النظام في جمعة الكرامة كانت السبب الأكبر لانحياز القيادات العسكرية والدبلوماسية والمدنية للإرادة الشعبية والثورة الشبابية..» ، موضحاً أن انعقاد الندوة يأتي في إطار توضيح ما خفي عن هذا الحدث الإيجابي ودوره في إجبار النظام السابق على الرحيل دون رجعة . مؤكداً أن «جمعة الكرامة في 18 من مارس وانضمام الجيش في 21 من مارس غيّرا مجرى ثورة فبراير المجيدة ومسار التغيير في اليمن. جاء ذلك في كلمة له خلال ندوة نظمها الموقع الالكتروني لأنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية أمس بمناسبة الذكرى الثالثة لتأييد الجيش للثورة السلمية؟ اعتبر الجيش المساند عنصراً لردع حروب صالح الغابري: انضمام القوات المسلحة للثورة مثّل تحولاً تاريخياً في مسارها أشار الكاتب والمحلل السياسي/ محمد الغابري إلى أن انضمام الجيش للثورة جاء دقيق التوصيف بالتأكيد على سلمية الثورة التي جمعت بين قوة السلمية والقوة العسكرية التي تسندها. واعتبر الغابري القوة العسكرية المساندة للثورة الشبابية الشعبية السلمية عاملاً مهماً وخطيراً في عملية الوقاية وحققت بذلك عدداً من الإيجابيات أهمهما: تحقيق عنصر الدرع ل "علي عبدالله صالح" من خوض حرب شاملة ضد الثورة ومحاولة اجتثاثها لأنه لم يعد يمتلك الورقة العسكرية كاملةً, بل خسر قواتٍ ووحدات عسكرية لها ثقلها. وأوضح أن الإيجابية الثانية في إعلان الجيش التأييد للثورة الشبابية السلمية تمثّلت في اقتناع القوى الخارجية الإقليمية والدولية بأن علي عبدالله صالح لم يعد مسيطراً على البلاد والقوات المسلحة ومن ثمّ الاقتناع بضرورة إيجاد الحلول للحالة وفي مقدمتها مغادرة صالح رئاسة الجمهورية. وقال الغابري في حديثه عن دور انضمام الجيش للثورة في تجنيب اليمن عنف النظام بتحقيق التوازن: إن هذين العنصرين اللذين حققهما والانضمام خطيران في الواقع إذ استطاعت الثورة بعد ذلك أن تفاوض وهي تمتلك قوةً وأوراق ضغط. وأكد على ما حققته الثورة الشبابية السلمية من إعلان تأييد الجيش لها مثّل تحولاً استراتيجياً في مسار الثورة من خلال وجود تلك القوات المسلحة إلى جانبها بتاريخها وتقاليدها وسُمعتها وارتباطها بثورة سبتمبر وأكتوبر وهو ارتباط له معانٍ خاصة وقوة معنوية هائلة. وقال الغابري: نحن أمام معطيات نستطيع القول بأن انضمام القوات المسلحة إلى الثورة أوجد توازناً يسمى في المصطلح العسكري توازن ضبط. وأكد أن مشروع التوريث كان سبباً في عملية الهدم التي تعرض لها الجيش ، مشيراَ إلى أن الرئيس السابق أدخل القوات المسلحة في حروب من أجل استنزافها. وأنشاء الحرس الجمهوري كجيش بديل، كما أصبحت مؤسسات الدولة من أمن سياسي ووزارة المالية والبنك المركزي مؤسسات ثانوية، مقابل المؤسسات الشخصية من أمن قومي ومؤسسة اقتصادية وبنك التسليف. وأوضح الغابري، أن الثورة الشبابية اليمنية جاءت في وقتها المناسب ، وحققت أكبر انجاز تمثّل في إسقاط مشروع التوريث، غير أنه أكد أن الثورة لم تكتمل في تحقيق كافة أهدافها. وأشار إلى أن وسائل الإعلام التابعة للرئيس السابق علي صالح صورت أن اللواء علي محسن وحميد الأحمر هم الثورة ،مشيراً إلى أن ذلك خطأ وقع فيه الكثيرون. ونفى المزاعم التي تقول إن انضمام الجيش هو عسكرة للثورة، لافتاً إلى تشديد بيان الانضمام على سلمية التأييد والدعم، مؤكداً أن الانضمام أقنع القوى الخارجية بضرورة إيجاد حلول، في مقدمتها مغادرة صالح للرئاسة، إضافة إلى أن ذلك أوجد "توازن رعب". العزعزي: انضمام الجيش للثورة كان ضربة في خاصرة النظام يؤكد وكيل وزارة الثقافة وعضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية السلمية/ عبدالهادي العزعزي على أن انضمام أو بالأصح إعلان الجيش دعمه وتأييده السلمي للثورة ومن ثمّ تشكيل مجلس أنصار الثورة الذي ضم فيما بعد كلاً من العسكريين والدبلوماسيين وشخصيات اجتماعية وموظفين في جهاز الدولة الإداري شكّل تحولاً في مسار الثورة السلمية. وأوضح أن الجيش قدّم التضحيات وما زال يدفع ثمن هذا التأييد ودعا إلى الترحُّم على شهداء الجيش وعدم نسيان أولئك الذين سقطوا خلال فترة الثورة وحتى يومنا هذا. وأشار إلى أن هناك جنوداً ما يزالون يسقطون فيما آخرين فقدوا مصالحهم والبعض أصيبوا بشلل تام ومجاميع مازالت رواتبهم موقفة. ووجه العزعزي عتابه ولومه إلى كافة الأطراف سواءً المؤيدين للثورة أو شبابها؛ كون القوى التي بدأت تتآكل فيما بينها تتحمل مسؤولية إنصاف الضحايا مطالباً إياها بالوقوف صفاً واحداً استعداداً للمرحلة القادمة التي ستكون أصعب ممّا هي عليه اليوم - حد قوله. واعتبر العزعزي الأنظمة العربية والثورات من صناعة الجيش كما هو الحال في اليمن بالنسبة لثورتي سبتمبر وأكتوبر التي اكتوى بنار انحرافها مؤخراً وهو الذي اندفع مع الثورة الشبابية لتصحيح ما كان يعتبره خطأ متراكماً عمّا سكت عنه أو شارك فيه ولو بالصمت. وأشار إلى أن الجيش المُنضَم لثورة فبراير 2011م هو ذلك الجيش المتوارث منذ عام 1962م من الحرس الوطني أولاً ثم الجيش النظامي والذي ينتمي إلى الشعب اليمني. وفي تقييمه لدور الجيش في الثورة يرى العزعزي بأن الجيش هو القوة المنظمة الأكبر داخل البلد والأكثر نظامية ولذلك عملية التوازنات لا بد أن تراعي بأبعادها جميعاً. وقال: كنت واحداً من المجموعات الأولى التي بدأت بمسألة المظاهرات وكان تحديد المكان الذي قد نعتصم فيه كان أحد أهم المشاكل, عندما اتفقنا على أن تكون الساحة الكائنة أمام الجامعة كان همنا ظهرنا, كانت الفرقة الأولى مدرعة متواجدة خلفنا لذلك كان هناك حالة من الأمان لاعتبارات مختلفة منها إعلان قادة الجيش الانضمام من خلال البيان الذي أعلن يوم 21 مارس 2011م كان ضربة في خاصرة النظام إجمالاً أو إخراج الجيش من المعادلة باستخدامه من قبل النظام لقمع الناس. ورأى العزعزي أن الجيش المُنضَم للثورة امتداد لجيش ثورة سبتمبر 1962، كما اعتبر انضمامه لثورة الشباب إخراجاً للجيش من المعادلة، مشيراً إلى انعقاد مؤتمر الحوار الوطني كأول مؤتمر حواري باليمن في ظل تحييد الجيش. وقال إن من يرفعون أصواتهم بالعويل بأن هناك من سرق الثورة، يفعلون ذلك لأنهم فشلوا في نهب الثورة، وأوقف انضمام الجيش استثمار مشاريعهم الخاصة، ملمحاً إلى أن ولاء الجيش المؤيد للثورة كان للوطن فقط، فضلاً عن التزامهم بالواجب، وإعلانهم شراكتهم مع الجميع، واعتبرها حالة متقدمة، ورداً على اتهامات الأبواق التي حددها قرار مجلس الأمن 2140 كمحرضة على العنف. وذكّر بالفرحة العامة التي عمّت ساحات الثورة يوم انضمام الجيش في 21مارس 2011، وعقد مقارنة بما حدث في ساحتي صنعاءوتعز، حيث أحرقت ساحة تعز بما فيها في غياب الجيش المؤيد للثورة والحامي لشبابها. وشدد على ضرورة تسوية أوضاع العسكريين، وإعادة رواتب من قُطعت رواتبهم، ومنح حقوقهم. الرعيني: الجيش حقق توازناً في مسيرة الثورة الشبابية قال ياسر الرعيني، نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني: إن الجيش حقق توازناً كبيراً خلال مسيرة الثورة الشبابية السلمية وحتى اليوم، مشيراً إلى أن ما خرجت به فِريق أسس بناء الجيش والأمن يمثل انجازاً كبيراً على الصعيد الوطني. كما أشاد بالسلمية التي انتهجها الجيش في الحفاظ على السلمية الحقيقية لثورة الشباب وبدور الجيش في حفظ الأمن والاستقرار وعدم جر البلد إلى مربع العنف، والمهام المُناطة بالقوات المسلحة في توفير الحماية للمواطنين. مؤكداً أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في هذا الجانب ستحتل الأولوية في تطبيقها؛ لأن القوات المسلحة والأمن تعد ضامنة لتنفيذ المخرجات التي خرجت بها الفرق التسع عبر عشرة أشهر تم فيها الحوار الوطني. وأوضح الرعيني أن الأدوار التي لعبتها المكونات الثورية في الثورة الشبابية الشعبية السلمية كانت أدواراً تكاملية، وأن انضمام الجيش إلى الثورة أحدث توازناً كبيراً، أوجد توافقاً على خروج صالح من الرئاسة، كما كان لانضمام الأحزاب دوراً في تنظيم الفعل الثوري. وأشار إلى أن ما ميّز الثورة في اليمن أنها كانت ثورة سلمية حقيقية مع امتلاك السلاح، مشيراً إلى ما تضمّنه بيان أنصار الثورة، من تأكيد على تأييد الثورة سلمياً، ورفض الانجرار نحو العنف رغم محاولات الاغتيالات التي تعرضت لها قيادات، وما تعرضت له الفرقة الأولى من قصف، ورغم الهجمات على ساحة التغيير. الصريمي: تأييد الثورة السلمية تصحيح لمسار سبتمبر وأكتوبر يؤكد عضو الهيئة العليا لأنصار الثورة علي الصريمي على دور الجيش في انجاح الثورة، معتبراً تأييد جيش "الشعب والثورة" للثورة السلمية، تصحيحاً لمسار ثورتي سبتمبر واكتوبر، ولذلك الجيش الوطني في أربع مناطق عسكرية تضم 25 لواء اختار الانحياز إلى الإرادة الشعبية- حد تعبيره. وقال إن الانسداد السياسي والتردي الاقتصادي ووصول الدولة إلى حالة الفشل، مقابل حالة صد النظام السياسي لأي مطالب بالإصلاحات، دفع بالإرادة الشعبية إلى الثورة. وفي استعراضه الخطوات التي سبقت انضمام الجيش للثورة، كشف الصريمي أن صالح كان ينوي اقتحام الساحة وفض الاعتصامات قبل الانضمام، بواسطة الآلاف من عناصره المسلحين والذين كانوا بانتظار ساعة الصفر، وتكرار تجربة الإمام أحمد عام 48 بدخول صنعاء، الأمر الذي جعل قادة الجيش يتعجلون في إعلان تأييد الثورة. الضباعي: قرار الانضمام للثورة وطنيٌ 100% في حديثه عن خلفية اتخاذ قرار إعلان تأييد الجيش للثورة، يشير مسؤول اللجنة السياسية لأنصار الثورة سالم الضباعي إلى أن ما أوصل البلاد إلى الثورة، هي تراكمات أخطاء نظام علي عبد الله صالح من إجهاض لعملية الحوار، وإغلاق منافذ التوافق، وقتل المعتصمين في جمعة الكرامة، الأمر الذي كان يدفع نحو شفير العنف، مؤكداً أن قرار الانضمام للثورة كان وطنياً 100% حرصاً على كيان البلاد ومؤسساتها والأمن والسلام؛ كونه أكّد سلمية تأييد للثورة، والتزامه بأداء واجباته غير منقوصة في حفظ الأمن والاستقرار. موضحاً أن هيئة أنصار الثورة تشكّلت كوعاء واسع للمؤيدين للثورة ومثّلت تنوعاً من خلال أعضائها من عسكريين ودبلوماسيين وقبليين وإداريين في الدولة.