علي عبد الله صالح محاط بجيش جبار من الأخطاء يعصمه من النقمة أكثر من أي حصانة. إنه يكتسب مؤخرا في الوعي الشعبي البسيط غاية البساطة, ذلك الإشعال وتلك الهالة المرتدة قياساً إلى هول الأخطاء التي يقع فيها خصومه وأوجه القصور التي تطبع أداءهم الخافت حتى الآن من خارج منطقة المعارضة التي أقاموا فيها دهراً, وإن ذلك لمصدر للقوة لا يمكن الاستخفاف به إلا أنه للأسف مصدر ناضب وبأسرع ما يكون عليه النضوب. بالطبع قلت إن تتبع إخفاق معارضي صالح وزلاتهم مبعث قوة تحميه, لكن فقط بما يكفي لينجوا من الأذى ونوازع النقمة. غير أن على الرجل ألا ينسى بأن القوة المستمدة من نقائص معارضي هي أعجز من أن يركن عليها لكسر خط التاريخ أو أبطال حكمة الذي لا مرد له بالتغيير العميق ناهيك عن أن يصل به الجنون حد الأمل بأن تذلل له الطريق للعودة إلى منطقة السلطة أو لأحد من أفراد عائلته على الأقل في المدى المنظور. أفكر أن خصوم علي عبد الله صالح الأشداء هم إما مراكز قوة اجتماعية تقليدية سابقة للدولة انشقت عن صالح وجردته من دعمها واتخذته عدو وهي تتمتع بكامل مقومات البقاء بنفس الدرجة من القوة والثراء خارج مؤسسات وأجهزة الدولة وبموازاتها "بيت الأحمر مثلا". وإما تنظيمات عقائدية حافظت على بقائها خارج الدولة لسنوات بعد أن كانت جزءاً منها وهي حافظت على حضورها وفعالياتها اعتمادا على قدراتها الذاتية ومصادر تمويلها الخاصة وتحالفاتها, وإما مراكز قوة اقتصادية استفادت من نشاط أصحابها السياسي في البداية والأموال المتدفقة من خارج اليمن, قبل أن تتحول هذه النقود إلى رأسمال ينمو ويتعاظم . أو مزيج من الثقل الاجتماعي الموروث والتنظيم العقائدي والثقل الاقتصادي ومعه العسكري مؤخراً. بينما نفوذ صالح وعائلته طارئ, ومكانتهم مكتسبة فهي تأتي من استمرارهم فقط في قمة الحكم ومفاصل الدولة, أما حين يتم دفعهم إلى خارج جهاز الدولة ومؤسسة الجيش تحديداً فإن ذلك يعني أنهم أصبحوا أكثر الأطراف انكشافاً وضعفاً وهواناً أمام خصوم جبارين . لهذا يتراءى ليي انه ليس أمام هذه العائلة ذات الجذور الفلاحية, إلا أن تتمثل لشرعية هادي بلا تلكؤ, والاحتماء بها والانصياع لقراراته مهما كانت والإلتحام بالمؤتمر كفاعلين وليس كمتحكمين, وإن لزم الأمر تمكين هادي من السيطرة على الجيش سيطرة فعلية, والحفاظ على ارتباطه الحزبي بالمؤتمر الشعبي العام ومساندته, أو أن يختاروا الهجرة خارج البلاد وخصوصاً صالح, أو التحالف مع الحوثيين باعتبارهم قوى اجتماعية طائفية ومليشاويه مؤثرة في الشمال مع إن هذا غير ممكن لاسيما حوثيي صعدة. الخيار الأول هو الأنسب في ظني. لا أدري أهناك خيارات أخرى؟ كأن ينفصل صالح بالمؤتمر أو ينفصل عنه ويشكل حزباً يضم تنوعيه من الفاعلين والمصالح ومراكز القوى الاجتماعية التي لم تنشق عنه ولم تحافظ على ولائها لهادي. هذا يتوقف على حجم قوتهم المالية بدرجة رئيسية. "جانب كبير من الكتلة الشعبية والعسكرية والقبلية التي صعدت مع صالح إلى أن أجريت الانتخابات الرئاسية في طريقها ليتحول كامل ولائها إلى الشرعية الجديدة". لا أدري إلى أي مدى هذا التحليل صحيح؟ المصدر صحيفة الشارع