اليمنيون - سواء كانوا كتاب او ناشطين او صحافيين - الذين يتخذون من نشاطهم السياسي وتموضعاتهم الحزبية و السياسية مصدرا للارتزاق و مناسبات موسمية للجلوس فوق موائد الطرف السياسي الأوفر حظا في منح فتات مكرماته. هؤلاء ينقسموا الى فئتين: الأولى: لاتقراء الاحداث السياسية و سياقات مالاتها. حين تحدد تموضعاتها وتنقلاتها وانما تطبق المثل الشعبي القائل (واحنا مع الزاجي ياعون الله) انهم يشبهوا من يؤدوا رقصة البرع اينما سمعوا الطبل احتشدوا برقصاتهم حوله .. وهكذا يتحولوا من موقع سياسي الى اخر وينقلبوا على طرف كانوا قبيل لحظات يأكلوا من موائده بنفوس مشتهية بعضهم قبل 2011. كانوا مع نظام "صالح" و بعد الثورة تحولوا اخوان مسلمين. وقبل اقل من عام تحوثوا وتصالحوا مع ولي نعمتهم الاول .. و الآن يتهيئوا تلقائيا ليتحولوا الى مقاومين و مقاولين للمال السعودي. وليس لديهم مانع في ان يتحولوا الى قاعدة. أما الفئة الثانية: و هي الاكثر خطورة على الوعي فهي التي تقرأ الاحداث السياسية و المتغيرات الواقعية بذكاء ومكر ورؤية وعلى ضوء استخلاص قراءاتهم يبدأون ينسابون تدريجيا نحو تموضعات جديدة بعد ان هيئوا لأنفسهم ارضيات جديدة يقفون عليها. بنعومة تبريراتهم ينسابون من موضع الى اخر كالماء المنساب من فوق سطوح ملساء لا تسمع له اثر او خرير لكنك تجده. انهم يقرئون المتغيرات بحدسية فائقة وعلى ضوئها يصنعون تموضعاتهم الجديدة يعرفوا كيف يؤدوا الادوار. كراقصة البالية التي تجيد قراءة الايقاع وتحرك على ضوءه تنقلات اقدامها وتسبر اغوار جسدها و حركات مفاصلها في ظل اعجاب ودهشة الجمهور. هؤلاء اليوم مهيئون لأن يحظوا بتموضعات جديدة مع كل الاطراف عدا جماعة الحوثي التي بدأوا يغادروها بعد التطورات الأخيرة. و ينتقلوا الى الاماكن التي سبق وان حجزوا لهم مساحة فيها دون معمعة او ازعاج. وجهة نظري شخصيا، أن الارتزاق السياسي يضل عملا قبيحا و خارما لمرؤة صاحبه طالما وهو مؤسس على النفعية و الابتذال و بعيد عن المسئولية الوطنية و على حسابها ايا كانت طرائقه و مناهجه. سواء رقصة برع او بالي ناعمة. اعتقد ان جماعه الحوثي اليوم في احوج الأوقات لأن يقف معها الشرفاء و الوطنيين. ليس بدافع العزاء و المواساة لها من الهزائم التي منيت بها. و لا بهدف دعم الحركة في الاستمرار بمنهجها العنفي الاعتباطي الذي اوصل البلد و الحركة الي هذا التشظي .. و إنما بدافع دعم ومساعدة الحركة في اعادة قراءة تجربتها و نقدها والدفع بها لتخليق مسارات عملها السياسي في قوالب جديدة منظمة و مؤسسة و متسقة مع الابجديات الوطنية. و أيضا بهدف تحصين هذه الحركة من معطيات الانكفاء والعزلة والقلق المصيري. هذه المعطيات التي لو وصلت اليها الحركة و قد بات وشيكا سيحولها الى كتلة تدمير هائلة اكثر مما كانت عليه حال تمددها و سيدخل ذلك اليمن في دوامة حرب اهليه تستمد محفزات ديمومتها من المعطى المجتمعي والصراعي نفسه. شخصيا .. و لتلك الاهداف فقط سأدعم حركة انصار الله بالقول والكتابة و العمل ان تطلب الحال لذلك. ليقيني ان هزيمة الحركة مجتمعيا و انهيار حاضنها الوطني و هو الأهم و ليس هزيمتها على يد مرتزقة السعودية كفيل بأن يجعلها ان ارادت لنفسها البقاء ان تعيد ترتيب مساراتها و أولوياتها الوطنية و استبدال أدواتها و وسائلها العنفية بأخري مدنية مقوننة و مشرعنة. وبالتالي انتاج نفسها كمكون سياسي وطني واضح الاهداف والبرامج و يحسن من خارطة تنوع التوازنات السياسية المحكومة بأطر وطنية ومشروع جامع.