بوفيه بعينها جوار اليمنية بحوض الاشراف في تعز من تتقن هذا الطلب "شاي حليب مع الريش" بما للمعنى من لذة، الأمكنة تلتصق بأذهننا كلما كانت على قدر من الغموض والمساررة من السر، اقصد تلك التي تتحمل مسؤولية ادماننا ارتدائها بتلقائية حاجة منحنا حجة للبقاء قرب هاجس مريح من شواغل الدنيا. في تعز نرتاد أكثر الأمكنة تأثيرا لأنها كثيرة كثر شفافيتها ورقتها، اتنقل وفق مزاج طازج الحدث وهكذا اتخير قائمة من الأمزجة اليومية المختلفة والجميلة في آن .. يموسقنا وصال الاحبة هنا وهناك وتمر على أكثر من نبض اذ لن تجد تفسير لك سوى تعز، مدينة المدن قدم المعنى. تعز التي تدمرها المليشيات الآن ترمد دكيك وبسطات وعلو اللذة .. بهو الأرصفة حيث يمر العاملون بملح تعبهم وتمر الكائنات المبجلة، وارستقراطيها موازاة للتناغم الذي لن تفهمه تفرسات المقاتلون ولهيب خرابهم، لن يفهموا الأثر والخطوات التي كدت وتعبت لبهرجة الحضور لتعبرها خضرة رصاصة بكل ذلك الوجع. ينساب من تعز مدينة الحلم و دراما الشغف ابتهال الحب ورومانسية التأويل لا يثقلها سوى أنات المحبين بين شفق وغسق اللحظة، لن يكون الحوثيين أقل وطأة من غيرهم في جرح ذاكرة هذه المدينة الجميلة التي لطالما تهدجت بحب الوطن وقدمت نبلاء فكرها وحريتها لتتغسق حياتنا بالنور والعلم والثقافة، لن يشعر الحوثيين بشيء مثلما سيشعر ابناء تعز وبغض النظر عن كارثية ردود أفعال واسعة تمنطقت الخطأ بخطئين فالمؤثر الموضوعي يكمن في محاولة استلاب وجودي لهاجسها .. لأن تعز، يمني عَمر اليمن وخضبها اسهامه القوي في إعادة تكريس منظومة العيش وحركة التوالي التي تُقدم لليمني خدمة استمرار حياة المدن لا نخشى بعده توقفنا عن الحركة. نكتب عن تعز وندرك كمية استهلاك هذا الإسم بطريقة التباس اجتماعية وثقافية وسياسية معقدة، جعلت وجل وخوف الناس تنبثق من اسوء الزوايا وهي ذات الثقافة الصاعدة من ظلع سيء القدم، بملمح جديد غير ناضج لغوغائية الأبناء المنفعلين خارج إدراك فيمنولجية العلاقة مع أمكنة التعزي المستنسخة في كل مدن اليمن، والتي لطالما مدتنا بمعنى واحد لتعزالمدينة الحالمة حتى في ضجيج خطيئة هؤﻻء، ولم يكن القبيلي الذي جاء ليسهم في دمارها الا تصور حقيقي لذلك التوحس التعزي الصحيح الذي أُثبت الآن وجهة نظره بحمامات دماء سال منها أنين يخدش وجوهنا جميعا ويحيلها شيلة عجوز تعيبنا و ...... واشحة وجوهنا بخجل من هكذا مآلات .. ليست هذه نهاية جيدة لإيصال رسالة او اقتراح، أنها فوهة بندقية تقترح فكرة صارخة بجراح غائرة تحكي بجلاء كيف تفكر مشاريعنا كلما استيقظ عرق حب السلطة و أراد اصدار حنحنة مسموعة؟ اتساءل اين ذهبت السيدة العجوز في حوض الأشراف رأيتها قبل سنة تزحف بأربع لتصل للبوفية وتمدني بالوجع.. كيف هو الوجع يا سيدتي ؟ هل لوثت طريقك القبائل بالدماء والجثث؟ قبيلي تعز لا يقل عنفه عن قبيلي باقي اليمن، هؤﻻء نتفهمهم وعيهم بتعز الا اننا لا نتفهم النخب الثقافية والسياسية التي ارادت حمامات الدماء تلك، فتعز تعج بهم الا أنهم لم يكسروها فقط فقد كسروا كل البلد، وبقينا بإنكار موحش المعنى. أما آن الأوان كي يتعقل البرابرة ويكفوا عن ازهاق ارواح الناس والتمثيل الوطني زائد وزائف الادعاءات، اخوتنا في تعز يموتون بين سنادنة الحرب ومطارق حمى الأمراض، هلا استحيتم قليلا وتراجعوا حساباتكم وتوقفوا الاحتراب الذي سيقضي علينا جميعا؟ فقد حان الوقت لنواجه مصير قادم يريد ابتلاعنا جميعا بعد أن ينهكنا عن بكرة ابينا. اتركوا تعز وشأنها متنفسا لحنينا كلما شعرنا باليتم والغربة.