ولذا، وجد المرصد اليمني لحقوق الإنسان ضرورة التوصية باتخاذ التدابير التشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية لإزالة التهميش والشعور بالغبن وكفالة حقوق المواطنة المتساوية، وإزالة معوقات ممارسة الحق في التجمع السلمي وحمايته من العنف وإنفاذ أحكام ونصوص الصكوك الدولية، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة ومحايدة للمصالحة والإنصاف لجبر ضرر الأفراد وإنهاء حالة الخصومة السياسية والاحتجاجية جراء الصراعات السياسية الجهويه، وتوفير مناخات أمنة لممارسة حقوق الإنسان ومنها الحق في التجمع السلمي وحرية الفكر والرأي والتعبير ،واتخاذ التدابير اللازمة لإشاعة ثقافة التسامح، وتعديل الدستور بإضافة النص على كفالة الحق في التجمع السلمي وعدم إخضاعه لأي قيود قانونية أو إدارية، وتعديل القانون رقم (29) لسنة 2003 بشان تنظيم المظاهرات والمسيرات بإلغاء صلاحية الأجهزة الأمنية في تغير مكان التجمع ومسار المظاهرات والمسيرات. جاءت توصيات المرصد اليمني في خاتمة تقريره الرصدي عن حق التجمع السلمي وحركة الاحتجاجات المدنية في المحافظات الجنوبية للعام 2008م، وهو التقرير الذي ذهب إلى أبعد من تسجيل بيانات وأرقام وإحصائيات عن الحركة الاحتجاجية في المحافظات الجنوبية كرصد للحقوق السياسية والمدنية وانتهاكاتها، وإنما تعدى ذلك إلى الكشف عن جملة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنتهكة، ورصد انتهاكاتها كخلفية وجدت نتيجة لها المطالب التي رفعتها الحركة خلال الفترة الماضية متحولة بها الحقوقية باتجاه السياسية بشكل متصاعد ومضطرد زاد من تعقيد الأمور لدى طرفي النزاع. وفي يوم الأحد الماضي بمناسبة اليوم الدولي للتسامح، أطلق المرصد اليمني لحقوق الإنسان تقريره الذي أوضح أنه وخلال أعوام (2004م 2005 2006م) فقط، "تعرض ما لا يقل عن (7789) فدان أي (32,713,622) متر مربع من أراضي الدولة في محافظة لحج للاعتداء وهي وقائع تقدمت بها نيابة الأموال العامة أمام أجهزة القضاء وفقا للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في محافظة لحج، كما جري الاستيلاء على أراضي الجمعيات الزراعية منذ حرب 1994م", وهو ما ترتب عليه إفقار الفلاحين المنظمين في هذه الجمعيات وتركهم دون مصادر عيش. ففي محافظتي لحجوعدن فقط جرا الاستيلاء على أراضي (70) جمعية زراعية تصل مساحتها الإجمالية إلى (63,672) فدان- ما يعادل (267,422,400) متر مربع- ويصل عدد أعضاء تلك الجمعيات إلى (16,449) فلاح. وذكر التقرير أن عدد المبعدين عن وظائفهم الذين تمكن المرصد من الحصول على بياناتهم يقدر ب (23000) مبعد من مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة وفي مقدمتها المؤسسات العسكرية والأمنية. حيث يبلغ عدد المبعدين من وظائفهم في السلك العسكري- ضباط وصف ضباط وأفراد (13.000) شخصاً من إجمالي العدد المتوافرة بياناته لدى المرصد، ويبلغ عدد المبعدين المنتسبين إلى وزارة الداخلية (3000) شخصاً أما بقية المبعدين من وظائفهم في بقية أجهزة الدولة والذين يشغلون وظائف مدنية فبلغ عددهم (4000) شخصاً. وإذ أوضح التقرير أن قضية التقاعد القسري اكتسبت أهميتها من كون الأشخاص المشمولين بها كانوا عسكريين أو مدنيين لعبوا أدوارا أساسية في تحقيق الوحدة اليمنية، ونوعية المناصب التي شغلوها عقب تحقيق الوحدة وموقف السلطة منهم عقب حرب 1994م، حيث تم إبعادهم بعد الحرب من شغل الوظائف العسكرية بقصد التهميش والإقصاء، واحتساب فترات الإبعاد ضمن الخدمة مع استخدام نصوص القانون المتعلقة بإنهاء الخدمة وشروط التقاعد ضدهم وذلك عن طريق حرمانهم من التمتع بالحقوق المالية التي تضمنتها القوانين والقرارات التي تم سنها لمعالجة مشكلة الأجور والرواتب والزيادات؛ فإنه أشار أيضاً إلى طرق أخر للاستبعاد الوظيفي كالإبعاد عن شغل الوظائف والحرمان من ممارسة المهام مما أجبر الموظفين على البقاء في بيوتهم مع حصولهم على مرتباتهم دون مستحقاتهم الأخرى أو تعيين من هم أقل كفاءة منهم وخبره ورتبة مسئولين إداريين عليهم أو التصرف بالمؤسسات العامة واستبعاد العاملين فيها دون أن تعالج أوضاعهم. قمع التجمعات السلمية استعرض التقرير خلفية تاريخية سريعة لحق التجمع السلمي للمتضررين من حرب صيف 1994م منذ أول مسيرة سلمية بتاريخ 27/4/1998م والتي طالب المنظمين لها بإنهاء آثار الحرب إلا أن تلك المسيرة تم قمعها بالقوة المسلحة والرصاص الحي الأمر الذي أدى إلى سقوط قتيلان هما : فرج بن همام , وأحمد عمر بارجاش, وعدد من الجرحى واعتقال عدد من المشاركين في المسيرة, ثم تلتها مسيرة سلمية أخرى شهدنها مديرية مودية محافظة أبين تم قمعها بالقوة، وأحصى التقرير عدد سبعة قتلى في التجمعات السلمية للعام 2008م جميعهم من المحافظات الجنوبية، و75 جريحا من محافظات عدنولحج والضالع وتعز وعمران، وبنسبة كبيرة لمحافظتي الضالع ولحج خلال 623 تجمعا سلميا في عموم الجمهورية، تم انتهاك حرمة 85 تجمعا منها، وبلغ عدد المعتقلين بسبب ممارسة حق التجمع السلمي خلال العام 860 معتقلا، وكانت عدن الأولى في عد المعتقلين فيها على خلفية التجمعات، ب402 معتقلا، وتلتها محافظة لحج ب230 معتقلا، ثم محافظة الضالع والمحافظات الجنوبية الأخرى، ونقل 17 معتقلا من المحافظات الجنوبية إلى سجن الأمن السياسي في العاصمة صنعاء، وتعرض 20 منهم للإخفاء القسري. ورصد تقرير المرصد عن حق التجمع السلمي 38 تجمعا في أمانة العاصمة، تم قمع ستة منها، فيما شهدت عدن 41 تجمعا قمعت ثمانية منها، وجاءت محافظة لحج في المرتبة الأولى حيث شهدت 167 تجمعا تعرض 28 منها للقمع تلتها أبين التي عقد فيها 127 تجمعا سلميا، وقمع منها 11، في حين قمع 12 تجمعا في الضالع من أصل 54 تجمعا، ولم يقمع في حضرموت سوى تجمع واحد من 18 تجمعا، وتساويها إب في عدد التجمعات المقموعة من 25 تجمعا. محافظات المحويت وصعدة وحجة شهدت كل منها ثلاث تجمعات لم تتعرض للقمع، فيما الجوف ومارب وريمة قامت كل منها بتجمعين لم يتم قمع أيا منها، وكان نصيب المهرة أربعة تجمعات سلمية لم يحدث لها أي انتهاك، أما عمران فقد انتهك فيها تجمع واحد من أصل أربعة تجمعات، ونالت الحديدة شرف 9 تجمعات انتهك واحد منها فقط. واستعرض التقرير جملة واسعة من المخالفات القانونية والانتهاكات التي ارتكبتها أجهزة الدولة ممثلة بالأمن والجيش وأجهزة القضاء ضد التجمعات السلمية ومنظميها، كما استعرض الإجراءات التعسفية التي تعرض لها المعتقلون منذ اعتقالهم وحتى الإفراج عنهم كالإخفاء القسري, والاحتجاز خلافا لنصوص القانون, ومنعهم من ممارسة حقوقهم أثناء فترة احتجازهم - كمنع الزيارة عنهم ووضعهم تحت الحراسة المشددة - وعدم تمكينهم من ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم التي أحيلوا إليها, وتعرض بعضهم للمعاملة غير الإنسانية, ومحاكمتهم أمام محاكم استثنائية وغير دستورية، وممارسة التعذيب النفسي والبدني، بالإضافة إلى الإجراءات والفعاليات التي قام بها الفريق القانون للمرصد للدفاع عنهم.