- باجل- بسام الزريقي ضاق بهم الحال بين أهلهم وأحبائهم، وعزَّ عليهم العيش الكريم فوق ثرى بلادهم، فشدوا الرحال بحثاً عن حياة كريمة، ورزقٍ حلال، بعد أن ظل الفقر يحاصرهم والحظ العاثر يلاحقهم في كل رصيف وحراج.. ضربوا في البال صوراً رائعة لحياة جديدة سيدخلون إلى عالمها الجميل بمجرد تجاوزهم لحدود الفقر الذي دفعهم للرحيل.. أنهم آلاف اليمنيين “المتهربين” والذين يتسللون بطريقة أوبأخرى إلى أراضي دولة “جارة” تجهل الكثير من حقوق الجوار، لذا يقابلهم حراس حدودها بالنيران القاتلة والغادرة في ذات الوقت، لتمارس السعودية إرهاباً حقيقياً وتنتهك حق الكثير من اليمنيين في الحياة، تماماً مثلماً تنتهك حقهم في فرص العمل المشروعة على أراضيها.. مؤخراً أطلق حراس الحدود السعوديون الرصاص الحي المفاجئ والمباشر تجاه علي عبد الله صغير لتصيب رجله اليمني يروي “صغير” رحلة الألم التي خاضها مع مجموعة من الشباب اليمنيين، قائلاً: “كنا نحاول الدخول من منطقة “قطاع جلاح”، وفجأة وجدنا أنفسنا نتعرض لطلاقات نار عشوائية، اخترقت واحدة منها قدمي.. هربت إلى حيث أتيت، وقد جرح عدداً ممن كانوا معي بالطلاقات النارية الغادرة من قبل حرس الحدود السعودي”.. أما المواطن “حاتم أبوغيث أحمد” وهورجل مسن، فقد زارته “المستقلة” إلى منزله في قرية “الكدف” قرب باجل، حيث وجدناه مستلقياً على فراشه وبجانبه عكازين يساعدانه على الكركة، بعد أن أصيب برصاص حرس الحدود السعودي، يقول “حاتم” للمستقلة: “كنا نترزق على جهالنا ونبحث عن لقمة عيش كريمة، تسللنا الحدود عبر “الشبك” ككل مرة، وإذا بنا نفاجئ بحرس الحدود يطلقون علينا الرصاص، فأصبت أنا وامجهله (الشباب المرافقين له)”.. تعرض حاتم لعيار ناري أخترق فخذه عظامه، لتستقر الرصاصة في الرجل.. يضيف حاتم: “أقوم بالمعاملة لإجراء عملية تكلف “900” ألف ريال، موضحاً أنه قد يبيع ما تبقى له من أرض لم تعطه شيئاً، ويصف ما جرى له بالقول” جعلتني الإصابة أتعلق بالشبك الحدودي، فناداني العسكري أنزل، فقلت له “أقتلني إن أردت، فقام حارس الحدود بسحبي دون أن يسعفني، ربطت الإصابة بشالي بعد أن نزفت بشدة، في اليوم الثاني نقلني إلى مستشفى صامتة، وبقيت فيها ثلاثة أيام، منع عني الزيارة والاتصال، وكان ذلك بمثابة عملية خطف بهدف إخفاء جريمتهم، وشدد العسكري على الدكاترة أن يعجلوا بخروجي حيث لم يعالجوني بشكل أفضل، وفي الساعة 11 ليلاً قدم العسكر وأوهموني أن معي أمر خروج، أخذني الحارس إلى سيارة مغلقة، وهربوني من المستشفى إلى منطقة الطوال، حيث سجنوني في سجن “الهدف” لمدة يومين وفي ظهر اليوم الثاني أخذوني من السجن إلى منطقة بعيدة وخالية ورموني هناك مع بعض المصابين والمحتجزين بدون ماء أوأكل أوأي شيء آخر يساعدنا على الحياة، وبعد ساعات وجدنا أحد رعاة الأغنام اليمنيين، قام بمساعدتنا بالماء والأكل ورحلنا مع ظهور الحمير إلى أقرب منطقة حدودية يمنية”.. وأشار “حاتم” إلى أن مستشفى صامتة يعيش حالة طوارئ 24 ساعة، بسبب كثرة الاعتداءات والانتهاكات المباشرة ضد المتسللين اليمنيين، حيث يخرج من المستشفى الموتى والقتلى والجرحى والمشوهين والمصابين موضحاً أن بعضهم يقتل في الحدود وتلقى جثته في الصحراء.. ويروي “محمد الحوباني” المصاب الذي تم إسعافه إلى صنعاء ما جرى باختصار شديد نظراً لخطورة إصابته قائلاً: “اخترقت جسدي ثلاث رصاص واستقرت فيه” ويواجه الحوباني مخاطب كثيرة نتيجة إصابته.. رحلة البحث عن لقمة العيش الكريمة تقدم فيها اللقمة ولا تجد الكرامة، قصص يومية مليئة بالألم والبؤس تبدأ بالتدهور المعيشي على أرض اليمن وتنتهي برعب الرصاص القاتل المنطلق من أفواه رشاشات الموت السعودي..