“محمد”.. طفل يبلغ من العمر اثنى عشر عاماً، ما يزال يعيش تحت وطأة كابوس مرعب ينغص عليه حياته منذ ست سنوات مضت، وفي كل ليلة يقضي مضجعه مشهد جريمة مقتل أمه أمام عينيه حين غرة، عندما كان يلعب ذات مساء إحدى أيام شهر سبتمبر 2006م ليقتحم البيت زوج شقيقته (الحانقة)، ويوجه عدة طعنات إلى جسد الأم التي قامت لتفتح الباب حتى فارقت الحياة، ومن ثم دخول الجاني وإصابة زوجته شقيقة الطفل، وقام باقتيادها معه خارجاً وإيصالها إلى منزله في حين بقي الطفل مذهولاً بروعة المشهد المؤلم، وقد تصلبت عيناه على والدته الغارقة في دمائها، الألم التي ما فتئت تمنع حبها وحنانها وابتسامتها الدائمة للطفل الصغير.. تأثير المشهد يلقي بظلاله القاتمة على حياة الطفل محمد فضل خيري، بعد أن أصبح يعاني اليتم والحرمان، ورغم أن الجاني قام بتسليم نفسه في اليوم التالي للأجهزة الأمنية، حيث أودع في سجن المنصورة حتى الآن، إلا أن العدالة لم تتحقق بكل أوجهها، حيث يظل حكم الاعدام الصادر بحق الجاني حبراً على ورق، بعد انتظار دام ستة أعوام لهذا الحكم.. لقد عاش محمد سنوات طافحة بالألم والمعاناة، واستبد بقلبه الحزن العميق من هول المشهد الذي دمر طفولته وبراءته، حيث ظل ينظر إلى أمه تموت ببطء وهي غارقة ببحر دمائها، وباب المنزل مغلق من الخارج، حيث اغلقه الجاني بعد خروجه، فتحولت حياة الطفل إلى قصة حرمان ويتم وأسى، ولن يستطيع أن يتخلص من آثار المشهد طالما الجاني على قيد الحياة، فتطبيق حكم العدالة بالقصاص، قد يخفف عنه ما يعانيه من آلام نفسية شديدة.. حيث لا هم له الآن سوى القصاص من قاتل أمه، هذا الهم الذي أخذ كل تفكير الطفل اليتيم وحرمه حتى من الأحلام الطفولية البريئة، ومن التفكير بمستقبله وحياته.. لا يملك الطفل محمد - ومخاوف الضياع تحيط به من كل اتجاه في ظل التهاون في تطبيق العدالة- سوى مناشدة مجلس القضاء الأعلى بسرعة تنفيذ حكم القصاص بحق الجاني، ومناشدة المنظمات الحقوقية والمهمشة بحقوق الإنسان، الوقوف إلى جانبه في متابعة تنفيذ الحكم القاضي بإعدام المتهم، ليستطيع إكمال حياته بشكل طبيعي لأنه يعاني من تكرار رؤية مشهد الجريمة البشع، كلما فكر بأن قاتل أمه ما يزال على قيد الحياة بعيداً عن العدالة، فهو يرغب بحياة هادئة ويريد أمه أن ترتاح في قبرها بعد تنفيذ حكم القصاص بحق قاتلها.. عدنان الجعفري