سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعارض اليساري بلعيد يسقط قتيلا بأولى حلقات مسلسل الاغتيالات السياسية في تونس المعارضة تتهم النهضة بالضلوع في عملية الاغتيال.. والجبالي يشكل حكومة تكنوقراط لاحتواء الوضع
سقط صباح أمس المعارض اليساري البارز شكري بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد. وقالت مصادر تونسية إن القيادي اليساري شكري بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد المنتمي لتحالف الجبهة الشعبية اليسارية في تونس، بعد أن تعرض لإطلاق ناري مباشر أثناء خروجه من منزله إلى العمل. وقد أثار مقتل بالعيد موجة كبيرة من الغضب الجماهيري في الشارع التونسي الذي كان يعيش نوعا من الاستقرار مقارنتاً ببلدان الربيع العربي الأخرى برغم التجاذبات السياسية الحاصلة بين حزب النهضة الحاكم ومعارضيه. وكان وسط العاصمة التونسية وشارع الحبيب بورقيبة تحديدا ساحة لتظاهر مئات المنددين بالحادث المأساوي لأحد أقطاب المعارضة البارزين في فترة حكم بن علي، واحد أهم المساهمين بثورة الياسمين التونسية. الاحتجاجات امتدت إلى محافظات أخرى كقفصة والكاف قام فيها المتظاهرون بإحراق مقرات حزب النهضة الحاكم، كما لم تكن مدينة سيدي بوزيد - مهد انطلاقة الثورة التونسية- بمنأي عن الاحتجاجات الغاضبة، حيث لجأت قوات الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل بغية دموع تفريق المتظاهرين. كما دعت المعارضة التونسية جميع المواطنين إلى إضراب شامل احتجاجاً على الحادث. مقتل بلعيد لازال لغزاً كبيراً يحظى بالكثير من الغموض حول حقيقة الفاعل والأطراف التي تقف وراءه، فالتحقيقات لم تنتهي بعد وجهات التحري الرسمية لم تتهم حتى اللحظة، والشرطة التونسية قالت: "أن شخصان هما من نفذا العملية وأطلقا النار ثم لاذا بالفرار". غير أن أسرة الشهيد بلعيد وعدد كبير من المعارضين التونسيين سارعوا بتوجيه أصابع الاتهام صوب حزب النهضة الحاكم ،ويعود ذلك إلى توقيت عملية الاغتيال، والتي يرجعها الكثير من النشطاء التونسيين إلى الانتقادات اللاذعة التي لطالما وجهها بلعيد للحركة الإسلامية أضافتاً إلى آخر لقاء تلفزيوني أجراه المعارض مع تلفزيون نسمة، قبل يوم واحد من اغتياله. ويذكر أن بلعيد وخلال لقاءه التلفزيوني الأخير تحدث عن الاغتيالات السياسية في تونس، وقال: "أصبحت هذه الجماعات (في إشارة إلى حركة النهضة)، تمارس الاغتيال السياسي، وأجمع التونسيون على ذلك، ومن بينهم الغنوشي، الذي أراد الذهاب إلى عزاء القتلى، ورفض الأهالي استقباله. فهذا ضوء أخضر رسمي للاعتداء." وسبق وأن اتهم بلعيد السبت الماضي من وصفهم ب"المرتزقة" بتنفيذ هجمات على اجتماع لحزب الوطنيين الديمقراطيين ، حيث قال إن "حركة النهضة الحاكمة هي من تسخر هؤلاء المرتزقة". ومن ناحيته، ألغى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي زيارة كانت مقررة لمصر للمشاركة في قمة منظمة التعاون الإسلامي ، وقال في تصريحات له قبل عودته إلى تونس، إن اغتيال بلعيد لا يجب أن يعيق الثورة التونسية. وأضاف" هناك العديد من الأعداء لثورتنا السلمية. وهؤلاء مصرون على إفشالها" وفي السياق ذاته أدان زعيم حركة النهضة الحاكمة في تونس راشد الغنوشي عملية الاغتيال، وقال إن القتلة يريدون "حمام دم" في تونس ، متهماً جهات متآمرة بالوقوف خلف هذا الحادث ،ونافياً التهمة عن حزبه. وأوضح قائلا: "أن الذين يتهمون النهضة باغتيال بلعيد يقولون اقتلوا (أتباع) النهضة أينما وجدتموهم ، هؤلاء يريدون حمام دم لكنهم لن ينجحوا في ذلك. ولا يسعنا سوى أن ندين هذا العمل الجبان الذي يهدف إلى (تقويض) الثورة واستقرار تونس". من جهته، دعا رئيس المجلس التأسيسي التونسي مصطفي بن جعفر النخبة السياسية في بلاده لضبط النفس، واعتبر أن من اغتال شكري بلعيد "لا يحبون الخير لتونس"، وطالب بكشف الحقيقة وراء اغتياله والقبض على من ارتكبوا الجريمة فوراً. وقال إن اغتيال بلعيد يهدف إلى زعزعة استقرار تونس، مضيفاً أنها فرصة ينبغي أن يستفيد منها الوطن، مشيراً إلى أن تونس تمر بامتحان وأنها ضحية مخطط لإفشال المسار الديمقراطي. كما حمل الحكومة التونسية مسؤولية التصدي لكل مصادر العنف وحل كل الملفات العالقة التي تتعلق بالعديد من أحداث العنف الأخيرة في بلاده. وفي ظل الإدانة العامة من قبل جميع الشخصيات السياسية التونسية لحادث الاغتيال أعلن رئيس الوزراء وأمين عام حزب النهضة الحاكم اعتزامه تشكيل حكومة كفاءات وطنية مصغرة غير حزبية تلتزم الحياد مهمتها تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات في أسرع وقت وإخراج البلاد من الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد. كما طالب النخب التونسية بإعطاء الحكومة مهلة والتوقف عن المطالبات وقطع الطريق والاعتصام والمظاهرات والإضرابات لأشهر قليلة، وذلك من أجل تونس. واعتبر رئيس الحكومة التونسية اغتيال الزعيم المعارض شكري بلعيد جريمة نكراء، مشيراً إلى أن تونس تمر الآن بمفترق طرق. وأوضح أن اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد، بالرصاص أمام منزله صباح الأربعاء، سرّع في اتخاذ قراره هذا. ودعا الجبالي رئيس المجلس الوطني مصطفى بن جعفر إلى أن يحدد "تاريخاً واضحاً وجلياً وفي أقرب الآجال لإجراء الانتخابات"، لافتاً إلى أنه "لم يستشر" عند اتخاذ هذا الموقف لا أحزاباً حاكمة ولا معارضة بل "ضميري ومسؤوليتي أمام الله والشعب". اذا يظل مصير الشارع التونسي مجهولا حتى الساعة ، كما تطفو على السطح عديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول شكل المرحلة القادمة ، خصوصا في ظل التخوف من أن يكون مقتل بلعيد مجرد فاتحة لمسلسل الاغتيالات التونسية ، ويتساءل الكثير هل سيمهد هذا الاغتيال لثورة ثانية على غرار مقتل بوعزيزي الذي ألهم الشعوب العربية معنى الثورات. هي أسئلة الوقت وحدة كفيل بالإجابة عليها.