استقالة سالم العولقي.. شهادة إدانة جديدة في وجه منظومة الفساد    ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيا لوقف الانتهاكات بحق التعليم    استهتار البنوك وتواطؤ الحكومة: مشهد العبث الذي لا يُحتمل!    إصلاح حضرموت ينعى القيادي وعضو محلي المحافظة حمد عمر مدي    النفط يرتفع متأثراً بالأوضاع في الشرق الاوسط    ارتفاع شهداء لقمة العيش في غزة إلى 2456    بدء أعمال سفلتة خط البنك المركزي في مديرية صيرة بعدن    الأرصاد يتوقع هطول امطار رعدية على مناطق واسعة من البلاد    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ مجاهد يحيى معيض    بن الوزير وباسمير يتفقان على سرعة تشغيل ميناء قنا التجاري    هيئة إعلام الانتقالي تستعرض رؤيتها الاستراتيجية وخطط تطوير الأداء    محافظ حضرموت يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر المنورة    جنيف: ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات بحق التعليم    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    الغراب: 500 دولار مكافأة لكل لاعب يمني في حال الفوز على السعودية    الجمعية الوطنية تثمن نجاحات الانتقالي بقيادة الرئيس الزُبيدي    شركة النفط بعدن تختتم دورة تدريبية متخصصة في كهرباء السيارات الحديثة    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على سير عمل الأشغال العامة والطرق بالضالع    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    التكتل الوطني يدين قصف الاحتلال للدوحة ويحذر من تبعات استمرار الصمت العربي والإسلامي    توترات وقطع طرق رئيسية في حضرموت    دبي تحتضن النزال العالمي المرتقب بين عثمان نورمحمدوف وبول هيوز في 3 أكتوبر المقبل    منتخب الناشئين يدخل مرحلته الأخيرة استعداداً لبطولة كأس الخليج    نهب البنك المركزي وأسعار الصرف بصنعاء وعدن وفضيحة "الإعاشات"    بوليفيا تفجر مفاجأة من العيار الثقيل وتقصي البرازيل عن المراكز الأولى    ضبط 86 متهماً بإعانة العدوان و7 مطلوبين للعدالة في الضالع    اليمن في مواجهة السعودية 4 عصرا    اعتراف صهيوني بتصنيع يمني متفوق للمسيرات    مدير شركة مصافي عدن: الأسابيع القادمة ستدخل الوحدات الانتاجية للخدمة    العدوان على قطر: كشف لزيف السيادة وضعف الدفاعات    حزب الإصلاح.. إعلام الوهم بعد فضائح وهزائم الجبهات    خشعة حضرموت ومكيل يافع مواقع عسكرية ستصيب الجنوب في مقتل    عدن.. تشكيلات مسلحة تقتحم مستودعات تابعة لشركة النفط والأخيرة تهدد بالإضراب    تسجيل هزتين أرضيتين غرب اليمن    تكتل قبائل بكيل: العدوان الإسرائيلي على الدوحة اعتداء سافر يمس الأمن القومي العربي    مسؤول رقابي يتسأل عن حقيقة تعيين والد وزير الصحة رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بصنعاء    تصفيات اوروبا لكأس العالم: انكلترا تكتسح صربيا بخماسية    تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم: كوت ديفوار تحافظ على الصدارة    مصر تقترب من التأهل إلى كأس العالم 2026    الجاوي يدعو سلطة صنعاء لإطلاق سراح غازي الأحول    مصر: إحالة بلوغر إلى المحاكمة بتُهمة غسيل الأموال    الجراحُ الغائرة    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    وداعاً بلبل المهرة وسفير الأغنية المهرية    دعوة يمنية لعودة اليهود من فلسطين إلى موطنهم الأصلي بلاد اليمن    إب.. السيول تغمر محلات تجارية ومنازل المواطنين في يريم وتخلف أضرارا واسعة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    تواصل فعاليات "متحف الذاكرة" بتعز لتوثيق معاناة الحصار وصمود أبناء المدينة    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    وفيكم رسول الله    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقطرى جزيرة الأحلام
نشر في يمنات يوم 21 - 05 - 2020


علي ناصر محمد
يصادف هذا العام 2020م مرور 513 عام على الغزو البرتغالي لجزيرة سقطرى جزيرة الأحلام والأساطير ودم الأخوين والعنقاء، وفي عام 1972 زرتها كأول رئيس وزراء في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يقوم بزيارتها، وأقتبس جزء مما كتبته في مذكراتي عن هذه الزيارة:
"وصلنا جزيرة سقطرى…
إذن هذه هي جزيرة الأحلام التي يقال أنها موطن الطائر الخرافي العنقاء أو الرخ الذي حمل السندباد وطاف به مدن العالم القديم. كانت الدوائر الغربية وإعلامها في سنوات حربهم الباردة مع الاتحاد السوفييتي يزعمون أنها أصبحت قاعدة سوفيتية...
أتفقد الجزيرة… لا ميناء هنا، لا مطار، لا طرقات، لا كهرباء، لا ماء للشرب، لا مدارس، لا مستشفيات ولا وسيلة واحدة من وسائل الحياة العصرية… فكيف تصبح قاعدة سوفيتية..!؟
استقبلنا أهالي الجزيرة والمسؤولون فيها استقبالاً حافلاً وحاراً ..هذه هي الزيارة الأولى لمسؤول كبير من عدن إلى جزيرتهم التي شغلت العالم وما تزال..
بعد الاستقبال ركبنا سيارة جيب "لاندروفر" بصحبة مأمور جزيرة سقطرى وعدد من المسؤولين متجهين إلى عاصمتهم حديبو. انطلقت بنا السيارة في طريق صخري تتصاعد خلفنا أعمدة الغبار ثم اجتازت طريقاً مستوياً تنمو فيه أنواع غريبة من الأشجار ذات الطول المنخفض والأغصان الملتوية المجردة من الأوراق تقريباً. بلغنا مضيقاً جبلياً، ودعنا عندها سياراتنا حيث كان علينا الصعود بعد ذلك سيراً على الأقدام، متسلقين طريقاً شديدة الوعورة لمدة تقارب الساعة حتى وصلنا إلى حيث تعمل مجموعة من عمال الطرق في شق الطريق الترابي الذي سيربط حديبو بموري لأول مرة، شاهدت العرق يتصبب من رفاق الطريق وملابسنا مبتلة من العرق والجميع يلهث من العطش والتعب وبعض رفاقنا لم يقووا على السير والصعود لأنهم لم يعتادوا ذلك، وكانت الشمس تبدو لحيظات ثم تختفي وسط الغيوم التي احتوت جبل "حجهر" الشامخ . وصلنا الى حيث كانت تنتظرنا ثلاث سيارات هي كل ما تملكه السلطة هناك أما المواطنون فيعتمدون على الجمال والحمير والزوارق في تنقلاتهم.
بقي أمامنا للوصول الى العاصمة أكثر من نصف ساعة، قضيناها في صعود وهبوط، نعلو وننخفض في تصدعات جبلية وجلاميد صخرية كبيرة تغطي ساحل البحر حتى العاصمة. ها نحن الآن في حديبو عاصمة سقطرى، وهي في الحقيقة بلدة صغيرة تتزاحم فيها بيوت من طابق واحد أو طابقين نادراً بنيت من الطين، بأزقتها الضيقة التي لا يُشاهد فيها الناس تقريباً..
من هنا بدأنا رحلتنا في ماضي وحاضر سقطرى..
حيث الحياة البكر في قشرتها الأولى محتفظة ببكارتها وفطرتها وأصالتها، بيوت قليلة متناثرة مبنية من الطين والحجر وسعف النخيل الذي ينتشر على مساحات واسعة ويمتد حتى شواطئ الجزيرة فتغسل مياه البحر جذوعها في عناق حميم.
هذه الجزيرة، سقطرى، احتلها البرتغاليون والبريطانيون لكنهم لم يتركوا فيها أي شيء يمكن للتاريخ أن يذكرهم به. غير أنني علمت أن كنائس قد بنيت هنا بالقرب من حديبو كما جاء في كتاب الضابط والكاتب البريطاني جاكوب "ملوك شبه الجزيرة".
والغريب أننا لم نجد في الجزيرة فُندقاً أو نزلاً صغيراً، أو حتى لوكاندة للمنام، ولا دار ضيافة أيضاً، فأخذونا إلى مركز للشرطة. افترشنا الأرض ونمنا على سطحه، وحرصنا أن نلتحف جيداً خوفاً من البعوض والملاريا، وككل مكان في هذه الجزيرة لا يوجد لا ماء ولا كهرباء.
في الصباح، قمنا بزيارة الدوائر الحكومية والمدرسة الابتدائية والوحدة الصحية وهما المؤسستين الوحيدتين الموجودتين بعد 129 عام من الاحتلال.. حرصت على اللقاء بالمواطنين، كما التقيت سلطان المهرة وسقطرى نفسه، وهو السلطان عيسى بن أحمد سلطان سقطرى والمهرة من سلالة القائد العربي محمد بن عامر بن طوعري بن عفرار الذي تصدى ومقاتلوه لأول محاولة استعمارية للجزيرة وأبلى بلاء ً حسناً حتى استشهد مع أكثر من مائة وخمسة وعشرين مقاتلاً رفضوا الاستسلام والهدنه مع العدو، ولم يبق منهم إلا رجل أعمى بقي مختبئاً في أحد أركان القلعة، وعندما أمسكوا به سألوه: لكاذا لم تخرج؟ هل أنت أعمى؟!
فقال لهم: إنني أعمى، ولكنني أرى شيئاً واحداً وهو الطريق المؤدي إلى الحرية.
ويعترف البرتغاليون أنها أسوأ تجربة في حروبهم الخارجية بعد أن قُتِلَ عدد من جنودهم وضباطهم بالسيوف والرماح والحجارة في 13 يناير 1507م وقد حولوا مسجد مدينة السوق إلى كنيسة وقلعتها إلى قلعة القديس ميخائيل ولم تصمد قواتهم أمام الحصار والمقاطعة التي فرضها عليهم السكان، والوباء الذي فتك بهم. وهكذا حلت عليهم لعنة سقطرى كما حلت على الغزاة الفرنسيين والبريطانيين وغيرهم."
انتهى الاقتباس..
ونتابع اليوم ما يجري في سقطرى بين العناصر الموالية للشرعية والانتقالي والسباق الى حديبو وإلى مكتب المحافظ حول من يحسم ومن يحكم هذه الجزيرة ومن يرفع العلم اليمني ومن يرفع العلم الجنوبي، والذين يحركون هذه الأحداث ومن خلفهم ليس لهم أي علاقة بالجزيرة وسكانها.. هذه الجزيرة التي كانت بمنأى عن كل الصراعات الجنوبية البينية السابقة وانحصر صراعهم في الماضي مع الغزاة عبر التاريخ. أما صراع اليوم الذي نُقل الى الجزيرة قسراً فهو صراع يدمر النسيج الاجتماعي لسكان هذه الجزيرة ويمزق وحدتها .
أهل هذه الجزيرة أناس طيبون، مسالمون، شجعان وشرفاء يحبّون العيش بأمن وسلام.. لم يعرفوا الأحقاد والمكايدات في تاريخهم. وللتاريخ أقول إنني سمعت كلاماً جميلاً من أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله) عن أبناء المهرة، ومنهم سقطرى، والذين هاجروا الى الكويت وكانوا يعملون فيها.. حين أشاد الأمير بهم وقال: إننا نأتمنهم على أسرنا وعيالنا وأموالنا، لطيبتهم وأخلاقهم.
ما يجري في سقطرى مقلق للغاية ولا مصلحة لسقطري واحد في هذه الفتنة التي تعصف بجزيرة السلام والوئام.
وفي هذه الأيام المباركة من خواتيم شهر رمضان نناشد الجميع بأن يتركوا سقطرى هادئة آمنة وأن يكفوا عنها العبث القاتل الذي يمارسوه ولا ينقلوا إليها الصراعات التي لم تعرفها والتي بدون أي شك لا تخدم إلا أجندات مخفية ليست في مصلحة الجزيرة وأبنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.