"حماس" ترفض مقترح "ويتكوف" ..    حجاج بيت الله يتوافدون الى منى لقضاء "يوم التروية" اول مناسك الحج    سانشو يعلن رحيله عن تشيلسي    سريع يعلن استهداف حيفا والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن توقف حركة الطيران المدني وصفارات الانذار تدوي في المستوطنات    ضبط قارب على متنه مهاجرين غير شرعيين قبالة سواحل شبوة    أضحية غائبة وفرحة مفقودة    رئيس الوزراء يدعو شركاء اليمن إلى دعم خطة الحكومة وأولوياتها    إجبار شاحنات النقل الثقيل القادمة من عدن على مواصلة السير من دمت إلى ذمار    المنتخب الوطني ينهي معسكره الداخلي ويغادر حضرموت قبيل مواجهة لبنان في تصفيات آسيا    الأمن: مفتاح الحل.. ومسمار جُحا    الرئيس المشاط يعزي في وفاة يوسف أحسن الضوء    "المواصفات والمقاييس" تحذر من منتج حلوى هبي كاندي فييز ألمانية الصنع    رسميًا.. برشلونة يعلن رحيل لاعبه    برئاسة تحرير الأستاذ الدكتور الدناني: صدور العدد 58 من مجلة بحوث العلمية المحكمة المصنفة في معامل التأثير العربي أرسيف    صنعاء.. تحقيق يوثق مقتل وإصابة أكثر من 150 مدنيا بانفجار مستودع أسلحة للحوثيين وسط حي سكني    أبين.. قتلى وجرحى في اشتباكات مسلحة بين أفراد من الحزام الأمني    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يواصل جهوده التوعوية بأضرار التدخين في حضرموت    الأورومتوسطي: الاحتلال قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني بغزة في أسبوع    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025    الذهب يتراجع والنفط يصعد بسبب مخاوف نقص الإمدادات    قيادات حوثية تهرّب 5 سجناء متهمين بقضايا قتل من مركزي ذمار    قائد عسكري بشبوة يصرف مكرمة مالية لأسر شهداء اللواء 4 دفاع شبوة ولمواطنين    منظمة دولية تطالب بالتحقيق في الغارات الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي    النسخة الأولى من كأس العالم للأندية.. أموال كثيرة وحماس قليل    وزارة الصحة في غزة تجدد المناشدة العاجلة بإنقاذ المنظومة الصحية    عيد مدجّج!!    حين يُراد لوطن أن يُعاد تشكيله بعد دمار .. ومن تحت الركام !    جمعية البنوك تستنكر محاولة إنشاء هيئة إدارية في عدن    مكة المكرمة تروي قبسات من أخبارها (3)    وفاة شخص وإصابة آخرين إثر جرف سيول الأمطار سيارة كانت تقلهم في إب    مسئول في مالية مجلس الوزراء الشرعي يوظف أخيه المغترب بالسعودية    وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر يناهز 93 عامًا    تعديل جديد في دوري الأبطال بعد خروج أرسنال وبرشلونة    العثور على جمجمة ستيجوصور عمرها 150 مليون عام    أمريكا توافق على دمج الجهاديين الأجانب بالجيش السوري    رسالة من عدن المكلومة إلى مجلس القيادة    غير مرحب بهم في عدن..دعوات واسعة لحصار المرتزقة في معاشيق    فتح طريق تعز - عدن عبر كرش والشريجة    التأمينات الاجتماعية تبدأ صرف معاشات شهر يونيو2025    العشر الأول من ذي الحجة فضائل وأعمال    مدير صندوق نظافة الضالع: رفع قرابة 30 طنا من المخلفات يوميا    تحديد موعد بدء اجازة عيد الأضحى ومدتها في صنعاء وعدن    إلى هديل المجد وأغنية الضوء    ابنة المناضل راشد محمد ثابت تكشف الحالة الصحية لوالدها وحقيقة ما حصل معه وتوضح موقف السفير باحميد    الأوقاف تعلن اكتمال تفويج الحجاج اليمنيين إلى الأراضي المقدسة    مليشيا الحوثي تفتعل أزمة مياه في محافظة إب    حضرموت.. البرنامج الوطني لمكافحة التدخين ينظم ركنًا توعويًا بالمكلا مول    وزير الصحة لمناقشة التدخلات لمواجهة الإسهالات المائية الحادة    حقيقة تجديد عقد كريستيانو رونالدو مع النصر    ريال مدريد يعلن إصابة كورتوا قبل مونديال الأندية    عَطْفَةُ الْقَرْنِ    لأول مرة في تاريخه.. بيراميدز يتوّج بطلاً لدوري أبطال إفريقيا    مرض الفشل الكلوي (7)    بلادنا لم تعد لنا    حين يتحول الشاعر الى لغة واللغة الى كون متخيل في البومات آدم الثاني ل"علوان الجيلاني"    عرض قطع أثرية يمنية مسروقة للبيع في مزاد "أستارتي"    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى حظر عاجل لمنتجات التبغ المنكهة    - وجوه يمنية في القاهرة..يكتب عنها الصحفي الصعفاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمج الضرائب والجمارك بين التصحيح والانقلاب على السيادة المالية
نشر في يمنات يوم 31 - 05 - 2025

في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة التي تواجه اليمن، طُرحت مبادرات عديدة لإصلاح وتحديث منظومة الإيرادات العامة، من أبرزها مقترح دمج مصلحتي الضرائب والجمارك في كيان واحد يُعرف ب "الهيئة العامة للإيرادات". ورغم ما يعد به هذا الطرح من تقليل للنفقات الإدارية وتبسيط الإجراءات، إلا أن النظرة الاقتصادية والمؤسسية تقتضي تقييمه بعمق، نظرًا لتأثيره المباشر على الاستقرار المالي، وكفاءة تحصيل الموارد، والبيئة الاستثمارية.
فالدمج بين جهتين تختلفان جذريًا في الطبيعة والاختصاص، دون معالجة دقيقة للجوانب التشريعية والتنظيمية والوظيفية، قد لا يؤدي إلى تعزيز الإيرادات كما يُفترض، بل قد يُحدث آثارًا سلبية، منها إرباك السوق، وتراجع الكفاءة، وتهديد الثقة بالمؤسسات.
وعليه، فإن أي قرار بهذا الحجم يتطلب دراسة اقتصادية وتشريعية معمّقة توازن بين التكلفة والعائد، مع مراعاة خصوصية كل مؤسسة ودورها في حماية السيادة المالية للدولة.
اختلافات جوهرية تعيق الدمج
يرى الرافضون للدمج أن هناك فروقات وظيفية وتشريعية وتنظيمية واضحة بين الجهتين. فالجمارك جهاز سيادي يُشرف على المنافذ الحدودية، ويضطلع بأدوار رقابية وأمنية وصحية إلى جانب تحصيل الرسوم الجمركية، أما الضرائب، فهي جهاز محاسبي داخلي، معنيّ فقط بتتبع الإيرادات ومحاسبة المكلّفين.
يشير ناظم العريقي، مدير التدقيق والتعديل بجمارك تعز، إلى أن "الدمج غير متجانس مؤسسيًا، وسيتطلب تعديلات تشريعية معقدة قد تُدخل البلاد في فراغ قانوني وتُربك منظومة العمل، فضلًا عن تداخل الصلاحيات وصعوبة توزيع المهام".
فقدان التخصص وضياع الهوية المؤسسية:
يؤكد عبدالله البخيتي، عضو المعاينة والتفتيش الجمركي، أن "الجهاز الجمركي يعتمد على خبرات ميدانية وتقنية متخصصة يصعب استنساخها ضمن جهاز ضريبي"، محذرًا من أن الدمج قد يُفقد موظفي الجمارك هويتهم المهنية ويخلق حالة اغتراب داخل الهيكل الجديد.
كما أشار إلى احتمال "تراجع تمثيل الجمارك في الكيان الجديد، وتهميش دورها في صياغة السياسات".
التزامات دولية ومهام لا تُدمج
أوضح عبده علي الكهالي، مدير مركز ميتم الجمركي، أن "الجمارك تمثل الدولة في اتفاقيات دولية جمركية وتجارية، وإضعاف استقلاليتها قد يؤثر سلبًا على التزامات اليمن الدولية".
وأضاف: "ليس منطقيًا تكليف مفتش ضرائب بمهام ميدانية تحتاج خبرة جمركية دقيقة، والعكس صحيح، ما يجعل الدمج خلطًا للأدوار قد يؤدي إلى إرباك أكثر من إصلاح".
الأثر الاقتصادي للدمج
التأثير على الإيرادات العامة:
انخفاض الكفاءة التحصيلية نتيجة تداخل الأدوار وتعطيل المنظومات المتخصصة.
فقدان التخصص الفني، مما قد يفتح الباب للأخطاء والتلاعب.
تهديد بيئة الاستثمار والتجارة
تأخير في التخليص الجمركي وزيادة كلفة الاستيراد.
عدم وضوح الإجراءات، مما قد يربك المستثمرين والمستوردين.
التأثير على الثقة المؤسسية
اهتزاز ثقة القطاع الخاص.
مراجعة التصنيفات الاقتصادية لليمن دوليًا.
تكلفة الدمج
تكلفة مباشرة تشمل الهيكلة والتدريب وتعديل القوانين.
تكلفة غير مباشرة تشمل فقدان الكفاءات، تراجع الإيرادات، وتعطيل التجارة.
رؤية مشروع بناء الدولة
يشير طلعت ياسين المعبقي، نائب مدير جمارك تعز، إلى أن مشروع بناء الدولة، يهدف إلى بناء مؤسسات حديثة تُعالج السلبيات المتراكمة في أجهزة الدولة.
وقد حددت الرؤية أربع مسارات للدمج:
– الجانب المالي والأصول.
– الجانب البشري.
– الجانب التقني.
– الجانب الإداري والقانوني.
لكنه حذر من التسرع في الانتقال إلى الدمج قبل استكمال إعادة هيكلة الوزارات، موضحًا أن اللجان الميدانية لم تُمنح الوقت الكافي — حيث مُنحت فقط عشرة أيام لرفع تقرير نهائي — وهو ما جعله يبدو وكأنه "نزول شكلي فقط".
وجهة نظر قانونية ميدانية
ويرى المحامي عبدالسلام المخلافي أن الدمج "سيؤدي إلى تضخيم الهيكل الإداري وتعقيد الإجراءات نتيجة تضارب الثقافة التنظيمية والإدارية بين الجهتين"، مشددًا على أن "الجمارك ليست جهة إيرادية فحسب، بل جهاز سيادي يتعامل مع الأمن القومي والصحة العامة"، وأن أي تهميش لدورها قد يفتح الباب أمام "فساد الدمج" خلال السنوات القادمة.
الأبعاد السيادية والأمنية للدمج
يقول صالح بن ناجي القاضي، نائب مدير الضابطة الجمركية بجمارك صنعاء، أن "في كل دولة ذات سيادة تُبنى المؤسسات السيادية على أسس متخصصة"، محذرًا من خطورة تبسيط وظائف الجمارك بحجة توحيد الإيرادات.
وأوضح القاضي أن الجمارك جهاز سيادي له وظيفة ثلاثية:
حماية الأمن القومي.
تنفيذ السياسات التجارية.
تحصيل الرسوم الجمركية.
وأكد أن موظف الجمارك يمارس سلطة تنفيذية مباشرة، تشمل التفتيش والضبط والحجز والمنع والترحيل والمصادرة، ويعمل بتنسيق وثيق مع الأجهزة الأمنية وهيئات المواصفات والرقابة الصحية والبيئية. بينما الضرائب جهاز مالي محض، لا يملك صلاحية التفتيش أو حجز البضائع، ويعتمد على الإفصاح الذاتي والمحاسبة.
وأضاف القاضي: "دمج الجمارك في جهاز ضريبي يعني تحويلها من جهاز سيادي إلى وحدة مالية، ما يقوض وظيفتها الأصلية، ويهدد الرقابة الحدودية، ويزيد خطر التهريب وانتشار البضائع المغشوشة والممنوعة".
تجارب دولية
مصر.. حاولت دمج الجهازين في التسعينيات وفشلت، فعادت إلى الفصل بين "مصلحة الجمارك" و"مصلحة الضرائب".
فرنسا.. رغم وجود وزارة موحدة، ظلت الجمارك جهازًا مستقلًا إداريًا وفنيًا.
ألمانيا.. الجمارك جهاز أمني مستقل يتبعها وحدة مكافحة تمويل الإرهاب.
هل التنسيق هو البديل الأفضل؟
يؤكد ناظم العريقي أن التكامل عبر الأنظمة الإلكترونية وتبادل المعلومات هو الخيار الأمثل، بدلًا من الدمج القسري.
كما أوضح المعبقي أن لجان الدمج في الجمارك قدمت تصورًا مهنيًا يتضمن:
إدارات يمكن دمجها فورًا.
إدارات بحاجة لتعديل قبل الدمج.
إدارات يجب أن تبقى مستقلة.
وخلصت إلى ضرورة تزمين الدمج بشكل تدريجي، مع الحفاظ على استقرار النظام الإداري والمالي.
التوصيات
وقف إجراءات الدمج حتى استكمال الدراسات المهنية بمشاركة الجمارك.
تبني خيار التنسيق المؤسسي بدلاً من الدمج القسري.
دعم الربط الإلكتروني بين الضرائب والجمارك لتبادل البيانات والمعلومات.
الحفاظ على استقلالية الجمارك كجهاز سيادي.
ختامًا
يظل إصلاح المؤسسات هدفًا استراتيجيًا، لكن نجاحه مرهون باحترام خصوصية كل جهاز، وتقدير دوره في حماية السيادة الوطنية، بعيدًا عن القرارات المتسرعة والمغامرات الإدارية.
فهل يصبح مشروع الدمج إصلاحًا حقيقيًا، أم مغامرة مكلفة؟
الجواب بيد صُنّاع القرار وحكمة التنفيذ.
نقلا عن موقع أجراس اليمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.