استطلاع: جواد الحوفكي على بعد خمسة كيلومترات باتجاه الشرق من محمية (إراف) وعلى مشارف جبل اراف المطل على مديرية طور الباحة تقع قرية (البورحة) وهي إحدى قرى عزلة إرف الأسفل التابعة لمديرية المقاطرة م/لحج. هذه القرية تحولت الى بقايا أطلال لساكنيها وحلت محلهم الأشباح بعد أن تم تهجيرهم قسريآ في قصة تراجيديا كغيرها من قصص التراجيديا في الوطن الموجوع.. الهروب من الموت في زمن غابت فيه الدولة وفرضت فيه ثقافة السلاح ولغة الموت كان هو الخيار الوحيد لسكان هذه القرية.. في هذه القرية الشواهد وحدها هي من تدلك على حجم المآسأة الحقيقية التي حلت بساكينها الذين وجدوا أنفسهم نازحين ومهجرين من موطنهم الصغير المسلوب الى مناطق أخرى في وطنهم الكبير المنكوب.. وحدها فقط تلك الطيور الجميلة على أسطح منازل هذه القرية هي من تقول لك (هنا الحياة يجب أن تستمر).. قصة التراجيديا (إرف الأسفل) هضبة جبلية مترامية الأطراف وسكانها محرمون من أبسط الخدمات وشروط الحياة الانسانية, و عوضآ عن هذا الحرمان خصها الله بالطبيعة الجميلة الخلابة والتي تجعل منها منطقة سياحية لكنها منسية في الوطن المنسي, و لتوافر الماء فيها والعشب (المرعى) يتوافد إليها من العزل المجاورة من يمتهنون حرفة الرعي ويهتمون بالثروة الحيوانية كبدو رحل يتجهون إينما يجدوا الماء والعشب.. هذه النعمة التي خص الله بها سكان إرف لم يكن يتوقع سكان قرية (البورحة) أنها ستكون سبب لجلب النقمة لهم.. يحد قرية البورحة من الجنوب عزلة (الزفيتة) التابعة لمديرية طور الباحة وهي إحدى عزل قبيلة الصبيحة.. من هذه العزلة جاء الرعاة كغيرهم من بقية الرعاة مستغلين طيبة سكان أبناء إرف وإيمانهم بحق الشراكة في الماء والكلى وتقديسهم لحق الجوار إلا أن الرعاة من أبناء الزفيتة سيطرت عليهم النزعة الشيطانية وانحرفوا عن كل مبادئ وقيم الانسانية عندما بدأوا يمارسون سرقة أغنام أهالي القرية تاركين أغنامهم أيضآ طليقة العنان لتأكل الزرع وأشجار المانجو وغيرها من المحاصيل الزراعية التي يمنع الأهالي حتى أغنامهم من استباحتها كما هو معروف في قوانين الأرض والزراعة.. وعلى الرغم من تنبيهم بعدم تكرار ذلك إلا أنهم لم يعيروا أهل المنطقة أي اهتمام ما أضطر سكان إرف الأسفل من منعهم نهائيآ من دخول المنطقة كما روى ذلك حميد محمد سعيد وهو أحد النازحين والمهجرين من قرية البورحة.. في إحدى الليالي تم الإمساك بمجموعة من هؤلاء الرعاة التابعين لقبيلة الزفيتة من أهالي الرسان وهي إحدى القرى المحاذية لوادي معبق والتابعة لعزلة الأنبوه ومعهم أغنام كانوا قد سرقوها من منطقة أخرى مجاورة لعزلة إرف الأسفل في المديرية وتم إبلاغ إدارة أمن المقاطرة المتواجد في المجمع الحكومي في الصخر مركز المديرية تم أخذ اللصوص مع الأغنام من قبل إدارة الأمن وتم حبس المتهمين وجاء الملاك الحقيقين للأغنام وأخذوا أغنامهم فيما تم ترحيل الجناة الى إدارة أمن طور الباحة، إلا أن أهالي عزلة الزفيتة أخذتهم الحمية الجاهلية وبدأوا ينتقمون من سكان قرية البورحة وكانت البداية في ليلة 27/5/2011 حيث تم التقطع لمجموعة منهم وهم مسافرين بسيارتهم على خط طور الباحة كانوا قادمين من عدن وجرحوا أحدهم فيما تمكن البقية من الافلات منهم بالسيارة كما يروي ذلك محمد عبدالقادر وهو أحد سكان هذه القرية النازحين. و في ظل السلطات الأمنية الرخوة في الدولة الرخوة لجأ أهالي إرف الاسفل الى العرف القبلي وتواصلوا مع مشائخ الزفيتة وبعضآ من مشائخ الصبيحة وتم الاتفاق على أن يتم اللقاء في طور الباحة وتحكيم شخصيات من الطرفين لأنها المشكلة وإطفاء نار الفتنة.. و كان الاتفاق أن يكون اللقاء في مدينة طور الباحة لكن المفاجأة كانت غير متوقعة عندما تفاجأوا وفي وسط المدينة بمجموعة من أبناء قبيلة الزفيتة تطلق النار عليهم بكثافة وقتل اثنين منهم (عبدالملك عبدالكريم وعابد عبد الله حازم), وانسحبوا عائدين بعد أن تم أخذ قتلاهم الى ثلاجة المستشفى كما روي لنا هذه الحادثة أحد نازحي هذه القرية وهو الأخ أحمد سعيد عبده. تعصبت قبلية الزفيتة برمتها وتفاجأ اهالي قرية (البورحة) في تاريخ 5/6/2011 بالهجوم غير المتوقع على قريتهم الذي أسفر عن سقوط جرحى بينهم نساء ومع تكرار هذا الكر على قريتهم أضطر أهالي القرية الى النزوح من قريتهم تاركين القرية للمهاجمين الذين بدورهم دخلوا القرية واستباحوا كل ما فيها من ممتلكات.. في تاريخ 10/1/2013مجموعة من قبيلة الزفيتة يقتلون (محمد مقبل حسن) عندما هاجموه بالقرب من منزله ولم يكن أحدآ موجود غيره هو وإحدى إبنتيه وبعد قتله أخذوا سلاحه والكوت الذي كان يرتديه وكانت فيه 7800 سعودي كان قد أستلمها حوالة من السعودية وكان للتو واصلآ للبيت من عدن.. تم القبض على إثنين من قتلته في الحوطة (لحج) بعد ثلاثة أشهر من حادثة القتل عندما رأهم إبنه عاصم الذي روى لنا مأساة مقتل والده هذه بالصدفة وأبلغ عنهم وهم الآن في السجن والقضية منظورة لدى المحكمة التي مل من متابعتها وهي تؤجل الجلسات من جلسة الى أخرى كما يقول.. لا حياة لمن تنادي كغيرهم من أبناء هذا الوطن سكان هذه القرية طرقوا كل أبواب المسئولين والجهات المختصة مطالبين باحثين عن من ينصفهم ويعيدهم الى وطنهم الصغير المسلوب ويعيد لهم آدميتهم المقهورة حتى وصلوا الى مرحلة القناعة بأن المواطن اليمني كتب عليه أن يظل منهزمآ في وطنه الكبير ويعتريه الشعور بالمهانة ويعيش منفيآ في وطنه.. في الختام قرية البورحة تحوي 17منزلآ و ما يقارب 25 أسرة تم تهجير سكانها من قبل قبيلة الزفيتة ولم يتمكنوا من العودة حتى هذه اللحظة الى قريتهم بسبب عدم شعورهم بالآمان وللتهديدات التي تلقوها من هذه القبيلة في حال عودتهم وهم يناشدون الجهات المختصة في مديريتي المقاطرة وطور الباحة ومحافظة لحج الاهتمام بقضيتهم ومطلبهم الرئيسي هو أن يتم تأمينهم بالرجوع الى قريتهم ليمارسوا حياتهم الطبيعية وأن تضمن لهم الجهات الأمنية بعدم تكرار ما حدث لهم وأن تتخذ اجراءتها القانونية ضد كل من أعتدى عليهم وأزهق الأرواح وشرد الأسر ونهب الممتلكات. و يناشدون الجهات المختصة تعويضهم عما لحق بهم من أضرار في الممتلكات..