تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور ياسين نعمان: القضية الجنوبية أهم قضية في الحوار غير أنه تركها بدون حل جاد
في كلمة القاها في المجلس الحزبي الوطني
نشر في يمنات يوم 15 - 12 - 2014

اعتبر الدكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، أن المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد، تتسم بمجاهيل عديدة تجعلها شديدة التعقيد عندما يتعلق الأمر بالبحث عن حلول لمشاكلها المتنوعة.
و أكد الدكتور ياسين في كلمة ألقاها في افتتاح دورة المجلس الحزبي الوطني، التي افتتحت اليوم الاثنين بصنعاء، و ستستمر حتى بعد غد الأربعاء، أن المرحلة الراهنة، في طابعها العام، تتميز بكونها مرحلة انتقالية يفترض أن تؤسس لبناء الدولة التي عبرت عن مضمونها مخرجات الحوار الوطني.
و أشار إلى أن هذه المرحلة تعد مرحلة تأسيس، و لذا فإن الحياة لا بد أن تزدحم بكل ما يعتور المراحل الانتقالية من أوضاع متحركة في كل الاتجاهات، بما يصاحبها من صدامات، بحثا عن تعزيز بعض القوى لمواقعها على خارطة هذه المرحلة التأسيسية الهامة.
و نوه إلى أن تعقيدات هذه المرحلة تنعكس على النشاط السياسي للقوى السياسية السلمية من منطلق أن المشروع السياسي في اللحظة الراهنة أخذ ينكفئ بتأثير الحروب وأعمال العنف وما يرافقها من شحن ثقافي يستنجد بالطائفية والمناطقية وكل الهويات المفككة للنسيج الوطني.
و أكد أنه في ظروف كهذه يتم اختبار القوى الحاملة للمشروع السياسي الديمقراطي حول مدى قدرتها على استعادة المبادرة على قاعدة أن الصراع في هذا البلد هو في الأساس سياسي واقتصادي بوجهه الاجتماعي، تستقر عنده مصالح الناس بغير ظلم ولا تعديات.
و أشار أنه لا وجه للصراع من منطلق إيماني مجرد إلا عندما يراد له أن يكون فتنة وفساداً في الأرض، فالعدالة هي الوجه الاجتماعي لمعادلة الإيمان (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن). صدق الله العظيم.
و لفت إلى أن العشر السنوات الأخيرة التي مرت منذ انعقاد المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي، شهدت أحداثا هامة في حياة اليمن المعاصر، وسجلت بقوة تأثيرها على مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية، إدانة تاريخية لأنظمة الحكم التي فشلت في تعبيد أي مسار للتطور والنهوض بهذا البلد، بل راكمت المزيد من الصخور في المجرى العام للحراك الاجتماعي الذي كان يحاول أن يستنهض قوة المجتمع الذاتية لتحقيق ما فشل النظام الرسمي في تحقيقه.
و اعتبر أن هذه الأنظمة اغلقت كل منافذ التطور، وعطلت كل ممكنات البناء، وصادرت المبادرة الاجتماعية التي كانت تحركها حاجة موضوعية للتنمية لدى القوى الحية في المجتمع، مشيرا إلى تدهور الاقتصاد ومجموعة الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، واتساع رقعة الفقر والبطالة، وازدياد عملية توزيع الثروة، ما خلق تشوها لصالح الفئات والقوى المهيمنة وقوى الفساد، وتوقف عملية التنمية والاستثمارات، و أخذ الرأسمال الاجتماعي في صورة البنى والهياكل التحتية يتآكل على نحو بدت معه البلاد كما لو أنها تدخل مرحلة الشيخوخة المفضية إلى الموت.
و أشار إلى أن الأحداث سجلت استجابة شعبية رائعة للتحديات التي واجهت البلاد في صورة المواجهات السلمية بتعبيراتها السياسية والجماهيرية، وما رافقها من تفاعلات اجتماعية، أفضت إلى ثورة شعبية بدأت عام 2007 ممثلة في الحراك السلمي الجنوبي وثورة الشباب الشعبية السلمية عام 2011.
و أعتبر أن هذه الثورة غيرت وجه الحياة السياسية، وأكسبتها دينامية عالية، كان، وسيكون لها أثر إيجابي في مغادرة حالة الاستلاب القديمة التي عمت البلاد فيما يشبه اليأس من تغيير الأوضاع التي كرستها الأنظمة المستبدة في الوعي، حتى أن العمل السياسي تحول آنذاك إلى ما يشبه الاحتراف الذي يدور في نطاق ردود الفعل لممارسات الحاكم، ولم يكن قادراً على إنتاج الصيغ السياسية القادرة على تحريك الجماهير، حتى جاءت الثورة الشعبية في صورة الحراك السلمي وثورة فبراير لتقلب المعادلة رأساً على عقب، وتكسب الحياة السياسية ذلك القدر من الديناميكية التي بدا معها تغيير النظام السياسي بوسائل جماهيرية أمراً ممكناً وذلك حينما يتعذر على ذلك القدر المتواضع والمسموح به والمحاصر من الديمقراطية تحقيق هذا الهدف.
و أشار إلى أن الثورة الشعبية فتحت آفاقاً واسعة للتغيير ولتحويل العمل السياسي إلى حالة ثورية متجددة بعناصر حيوية من شأنها أن تعيد صياغة الحياة السياسية على قاعدة تكون فيها الإرادة الشعبية حاضرة بقوة، بل وتكون هي المحرك الرئيس لها.
و أكد أنه لا يجب أن تحجب الإخفاقات التي حدثت ولا الحروب التي نشبت بعد ذلك هذه الحقيقة.
و تابع: من الحقائق الحيوية التي يجب أن تظل ماثلة في الوعي هي أن هذا الثورة الشعبية قد هدمت المصدات التي احتجزت إرادة الشعب وسط ركام من اليأس ليبدأ حراك اجتماعي وسياسي منتظم بإيقاعات الضرورات الموضوعية للخروج من نفق التخلف والسير إلى الأمام، والذي بدونهما لن يكون هناك من مصير آخر غير التفكك والانهيار.
و أكد أنه بالثورة السلمية اختار الشعب اليمني الخروج من نفق التخلف والسير إلى الأمام، اختار طريق التغيير بالسلم، وفي أوج قوته عبر عن وفائه للسلام في لحظة تاريخية كان فيها نداً لنظام عطل كل مقومات تطوره بعد أن ثار عليه وفرض شروط التغيير التي ظل يتطلع إليها عقودا من الزمن.
و أضاف: سجًل اتفاق مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذه، ثم بعد ذلك اتفاق السلم والشراكة، حالة انتقال تاريخي في معادلة الحكم بجغرافيتها التي ظلت لعبة بيد المغامرين والمتنفذين لتغدو محط توافق سياسي عابر للجغرافيا التقليدية للحكم، مشيرا إلى أن ذلك تم وفقاً لعقد اجتماعي جديد يصوغه اليمنيون بمشاركة كل أطراف وقوى المجتمع، وعبر حوار شامل، عبرت مخرجاته عن أهمية وضرورات التغيير الذي استهدفته الثورة، حيث لا يمكن تقييم مدى نجاح الثورة أو فشلها إلا من خلال محتوى ومضمون هذه المخرجات وتنفيذها في الواقع.
و نوه إلى أن الاشتراكي شارك بفعالية في الثورة وفي العملية السياسية التي انتقل إليها الفعل الثوري باشتراط أن يكون أساسها التغيير الشامل لجوهر النظام السياسي والاجتماعي، وهو ما تحقق نظريا بالحوار الوطني. ولم تكن هناك من إمكانية أخرى لتحقيق مثل هذا التحول الجوهري في النظام السياسي إلا بالحوار كمعادل موضوعي لخيار التغيير بالسلام.
و لفت إلى أنه البديل للعملية السياسية كان هو إغراق البلاد في حرب أهلية شاملة لا يعرف أحد إلى أين ستنتهي أو إلى أي يد سيسلم مصيرها.
و اعتبر ما حدث بعد ذلك مسألة تحتاج إلى تقييم موضوعي لاكتشاف مكامن الخطأ.
و رأى الدكتور ياسين في كلمته أن هناك ثلاث قضايا رئيسة يجب أن التوقف أمامها بجدية باعتبارها القضايا التي تفاعلت لتعيق مسار العملية السياسية على النحو الذي شاهدناه حتى اليوم.
و أوضح نعمان، أن القضية الأولى هي: نقل السلطة، الذي اعتبر حجر الزاوية في العملية السياسية، قد تعطل أو عطل منذ اليوم الأول، الأمر الذي فقدت معه هذه العملية أهم شروط نجاحها، وأدى هذا الوضع إلى إضعاف فرصة التغيير عبر محاولات تعطيل وإعاقة عمل السلطة التوافقية وإفساد آليات عملها، وكذا إعاقة تنفيذ معظم المهام التي شملتها المرحلة الانتقالية، بما رافق ذلك من اختلالات أمنية وإدارية وكذا المحاولات المستمرة لإحداث فوضى عامة جسدت إصرار بعض الأطراف على إفشال هذه العملية لأسباب لم تكن بعيدة عن حسابات تتعلق برد الفعل تجاه ثورة فبراير، إما انتقاماً منها أو استغلالا لها.
و القضية الثانية هي: أن المنظومة السياسية بمكوناتها كافة، والتي عول عليها في الاتفاق على صيغة وطنية سياسية وقانونية لبناء الدولة، جاء كثير منها إلى الحوار محمَلاً بأثقال الماضي وجروحه المحتقنة، وعلى الرغم من أن الحوار استطاع إلى حد كبير أن يطفئ كثيراً من أوار الرغبة في الثأر أو الانتقام وذلك من خلال التسويات السياسية والقانونية التي شملتها مخرجات الحوار، إلا أن كثيراً من الأطراف تعرضت لابتزاز الضغوط التي مارستها الأجنحة المتطرفة، داخلها أو خارجها، والتي ظلت ترفض الحوار وتعمل على إفشاله لتمرير مشاريع الحرب والفوضى بالاغتيالات وتفجير المواجهات المسلحة في أكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد. لقد كان تأثير هذه الأجنحة المتطرفة كبيراً لدرجة أنها استطاعت أن تفرض خيارات المواجهات المسلحة في كثير من الأحيان حتى بعد الاتفاق على قضايا الخلاف بين مختلف القوى المتحاورة. وأدت هذه الظروف، إضافة إلى الحسابات الخاطئة، ورفض الضمانات الخاصة بكيفية التعاطي مع مخرجات الحوار الوطني وكذا محاولات الالتفاف المتواصلة على العدالة الانتقالية، إلى توفير مناخات العودة إلى مشروع الحرب. واستطاع مشروع الحروب أن يعيد صياغة المواقف والتحالفات على قاعدة الثارات والانتقام، وكذا على قاعدة تعطيل بعض مخرجات الحوار الوطني، على النحو الذي أربك المشهد وأجهض روح الحوار بصورة شكلت انتكاسة للعملية السياسية. ولطالما حذرنا من مخاطر الاستعانة بالخطاب الانقسامي، أياً كان عنوانه، لدعم الموقف السياسي على الأرض لما لذلك من آثار خطيرة على النسيج الوطني. وفي رأينا أن المشكلة لا تكمن في وجود طوائف أو مذاهب أو أعراق أو ثقافات متعددة في أي مجتمع من المجتمعات، وإنما تكمن المشكلة في كيفية إدارة هذا التنوع وحماية مصالح الجميع على قاعدة المواطنة المتساوية. لا تبنى الأمم ولا يستقيم أمرها إلا على قاعدة المواطنة، بما تفرضه من حقوق وواجبات، وفي إطار هذه القاعدة المحكومة بالمبادئ الكلية المنظمة للحياة والمصالح واحترام التنوع بإمكاننا أن نستعيد الموقف من بناء الدولة التي تحمي كرامة وحريات الإنسان وتصون حقوقه وتحفظ خصوصياته.
و المسألة الثالثة هي القضية الجنوبية، مشيرا إلى الاشتراكي كان له موقف من الاسلوب الذي عوملت به القضية الجنوبية في حينه، و أن ذلك الأسلوب قد تجاوز حقيقة أن قضية الجنوب كانت تحتاج إلى معالجة تنطلق من الطبيعة الخاصة لهذه القضية باعتبارها قضية سياسية، تعد محور بناء الدولة، التي لا يجب أن يخضع حلها لمساومات أو مراوغات كتلك التي تمثلت في اللجوء إلى تقسيم الجنوب إلى إقليم شرقي وإقليم غربي بدلاً من النظر إليه كوحدة متكاملة في المعادلة الوطنية لبناء الدولة الاتحادية الديمقراطية.
و أكد أن رأي الحزب كان و ما يزال أن تتكون من إقليمين. مشيرا إلى أن الحزب قدم بمسؤولية وطنية كاملة، المبررات السياسية والتاريخية، وغيرها من المبررات المتعلقة بالعوامل التي هدمت شروط الوحدة السلمية بالحرب.
و تابع: تمسكنا بهذا الخيار، غير أننا لم نجد من يحاورنا بمسؤولية سوى الاتهام بالانفصالية.
و عبر عن أسفه من قمع الحوار بأن يضع البعض أنفسهم حماة لوحدة دمروها بالحرب وبالتعالي على الوقائع التي إنتجتها سياساتهم الخاطئة على الأرض. وبإرادوية، مبعثها الشعور بتضخم القوة في مواجهة الاستحقاقات الفعلية لنجاح الحوار.
و أكد الدكتور ياسين في كلمته أن أهم قضية في الحوار تركت بدون حل جاد يستلهم خيارات الشعب في الجنوب وتضحياته الجسيمة التي قدمها منذ نهاية حرب 1994لإسماع صوته مطالباً بحل عادل لقضيته.
و اعتبر أن هذه الإرادوية اخطئت للمرة الثانية والثالثة... والعاشرة في تقدير أهمية وعمق هذه القضية عندما تطرح على مائدة النقاش بحثاً عن الحل.
و أوضح، أنه في كل مرة كانت تلجأ فيها النخب إلى المراوغة، كانت القضية تتعقد أكثر وأكثر، ومعها يشعر الناس باليأس من توليد شروط موضوعية من داخل المعادلة الوطنية للحل العادل الذي يردده الجميع.
و أضاف: البعض تعدى ذلك وبصورة عمد فيها إلى إعادة طرح مشاريع الهوية القديمة نكاية بالمعادلة الوطنية ليؤكد فشلها في إيجاد الحل العادل من داخلها.
و أشار أنه وعلى نحو متسارع بدأت مشاريع الهوية المنكرة ليمنية الجنوب تعيد إنتاج نفسها لتقتحم مسار حل القضية وتربك المشهد مستفيدة من هذا التلكؤ الذي أخذ يفقد المعادلة الوطنية ديناميتها في إنتاج الحل العادل الذي يرضي الشعب في الجنوب ويحافظ على هويته اليمنية.
و أكد أنه لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الجنوب نفسه تعرض هو الآخر لرفض هويته من قبل هويات أخرى من داخله ترفض الجميع.
و اعتبر أن المعادلة الوطنية والهوية اليمنية هما المؤهلتان موضوعيا لإيجاد مثل هذا الحل العادل.
و أشار إلى أنه عندما ينصرف معنى الهوية اليمنية إلى أهمية بقاء الجنوب موحداً ومحمياً من التفكك، فإن المعادلة الوطنية و الهوية اليمنية هما الوحيدتان القادرتان على تحقيق ذلك. معتبرا أن الهويات الأخرى فهي وإن كانت حاضرة في سياقات تاريخية من حيث مبناها ومعناها في الإطار الزمني الذي تشكلت فيه حتى انفتاحها على هوية أكبر لأسباب موضوعية، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بما يمثله دعاتها في الوقت الحالي من تعالٍ على الواقع، فالحقيقة التي لا يجب أن نغفلها هي أن الهويات لم تكن هي أساس مشكلة اليمن حتى يهرب إليها البعض لتمييع الحل.
و نوه إلى إن الكيفية التي توظف فيها الهويات في اللحظة الراهنة تجعلها متصادمة مع الحقائق التاريخية في أكثر الموضوعات صلة بالجغرافيا السياسية والمصالح الاستراتيجية للشعب.
و اعتبر استحضارها في الوقت الحاضر لا يشكل حالة انقسامية في الجنوب فحسب ولكنه يدخل هذه القضية في مواجهات تجرها بعيدا عن مضامينها السياسية إلى صراع هويات توفر ذرائع لنزعات عصبوية ستصبح أشد خطورة على القضية الجنوبية من أي تحديات أخرى.
و قال: إن التاريخ لا يتكرر بصورته القديمة إلا على نحو هزلي. والتاريخ كما يقول بعض الفلاسفة "هو سجل للتغيير وتذكرة بأن لا شيء يدوم للأبد، وحتى الذي يزول ويعود إلى الظهور مرة أخرى فإنه لا يعود بالوضع القديم نفسه".
و أضاف: أما الذين يتباكون - صباح مساء - على المعادلة الوطنية فلم تسعفهم الدموع أن يقدموا أي دليل على ثقتهم بأن هذه المعادلة قادرة على إنتاج الحل من داخلها بما يرضي الشعب في الجنوب، لأن البعض لا يفهم هذه المعادلة إلا بأنها قوة وتسلط ومراوغة وأمر واقع، وبذلك فإنهم يدفعون الآخرين إلى البحث عن الحل من خارج هذه المعادلة وبعناوين هوية مختلفة وتسويقها داخل بؤر اليأس والاحتقان التي تتشكل يومياً في المجتمع بسبب ما يولده هذا الفهم الخاطئ للمعادلة الوطنية من حلول محبطة.
و تابع: إن التحديات الضخمة التي تنتصب أمام البلاد في صورها الأمنية والاقتصادية والسياسية والوطنية لا تترك أي مجال للمعالجات الترقيعية أو المؤقتة، فإما أن نكون أو لا نكون.
و أكد على ضرورة حسم خيارات الحل لجملة هذه التحديات بروح تضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الأخرى.
و أشار إلى أن البلاد لم تعد تحتمل المزيد من التدهور دون أن يؤدي ذلك إلى تهديد كيان الدولة برمته.
و نوه إلى أن الدولة تعرضت منذ زمن طويل للمصادرة لصالح أطراف في المعادلة السياسية والاجتماعية، وأخذت هذه الأطراف تتناوب على إضعاف الدولة من مواقعها في الدولة وفي المجتمع وباستخدام أدوات الدولة نفسها.
و قال: لقد رأينا كيف أن هذه الأطراف أضعفت الدولة، بل وصادرتها أحيانا كثيرة، ولم تستطع بدورها أن تؤدي وظيفة الدولة في صيانة المجتمع وحماية مصالحه.
و أضاف: واليوم وبعد كل هذه التجارب المكلفة والمأساوية لا بد أن تكون مهمتنا الرئيسة هي حماية الدول من الانهيار.
و أشار إلى أن ما يقف على رأس المهمات المطلوب انجازها لحماية الدولة من الانهيار مغادرة مشروع الحروب فوراً والتوقف عن المؤامرات والاغتيالات والقتل الذي ما زالت تمارسه بعض القوى بهدف إرباك الأوضاع العامة, والعودة إلى مسار العملية السياسية، والعمل بجدية على إنجاز ما تبقى من مهام المرحلة الانتقالية.
و أكد أنه في سياق هاتين المسألتين تبرز أكثر المهمات إلحاحاً في الوقت الحاضر وهي؛ أولاً: التصدي بقوة لكل محاولات جر البلاد إلى صراع طائفي، فالشحن الذي يتم في اللحظة الراهنة لتقسيم المجتمع على هذا الأساس هو من أخطر ما تعرض له اليمن في حياته المعاصرة، وهو محاولة خبيثة لتحويل الصراع حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشغل الشعب، والتي يجب أن يعمل على حلها ليؤمن مسارات تطوره وتقدمه واستقراره، إلى صراع تستحضر فيه كل العوامل المفضية إلى الحروب والتفكك والتمزق.
و لفت إلى أن ما يجب التأكيد و الدعوة إليه هو أن على القوى السياسية والاجتماعية والدينية بعناوينها المختلفة أن تلتزم بحقيقة أن خلافها في جوهره هو سياسي واقتصادي، وأن العنوان المذهبي والطائفي أو الملتبس بالحديث عن هويات متناقضة ليس سوى أداة شحن خطير لتحويل الخلافات التي يمكن حلها على قاعدة الاتفاق على إدارة رشيدة للمصالح إلى صراع يستأثر فيه المتغلب بكل المصالح.
و اعتبر أن العبث الذي يمارسه البعض، داخلياً وخارجياً، بتوظيف هذه القضية في إشعال الحروب وإذكاء العنف، هو عمل تخريبي يعد امتداداً طبيعياً لما تشهده المنطقة من صراعات دموية وتدمير ممنهج لمقدرات بلدانها، والذي لن يتوقف عند الحدود المسموح بها كما يتصور هؤلاء.
و أكد أنه بات علينا في اليمن الادراك قبل فوات الأوان أننا قد ندفع الثمن باهضاً لحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل سوى أننا أُقحمنا فيها لأسباب تتعلق بتسويات لسنا طرفا فيها.
و في المسألة الثانية، يجب التعاطي المسؤول مع القضية الجنوبية، و التوقف بمسؤولية أمام خيارات الشعب في الجنوب، على أن يترافق ذلك مع المشروع الذي يؤمن الحل في إطار المعادلة الوطنية والهوية اليمنية، مع احترام التنوع، وبما يبقيه موحداً ودون تسويف بتقسيمه ليبقى طرفا في معادلة الدولة الاتحادية المكونة من إقليمين.
و لفت إلى أنه لا بد أن نكرر هنا ما قلناه أكثر من مرة من أن على النخب السياسية في الجنوب أن تتفق على قواسم مشتركة دون أي غطرسة أو مخاتلة من قبل أي طرف بفرض خياره على الآخرين كخيار وحيد.
و قال: لقد أدى هذا الوضع إلى ضياع كثير من الفرص التي كان بالإمكان استغلالها لتعزيز المسار لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وفقاً لخيارات الشعب في الجنوب.
و أضاف: لا بد لهذه القوى، من وجهة نظرنا، أن تنتج روابط وثيقة بالعملية السياسية دون تحفظ وذلك من منطلق أن هذه العملية تعنيهم وتعني القضية الجنوبية، ففي سياقها فقط يمكن حل القضية الجنوبية، كما أن نجاحها في الحفاظ على كيان الدولة يعد ركناً هاماً في توفير شروط هذا الحل.
و أشار إلى أنه إذا حدث الانهيار، فإن الجنوب سيجد نفسه تائهاً ومتخبطاً ومنقسماً وسط هذا الانهيار، ربما أكثر من الشمال.
و أكد إن تجاهل ورفض العملية السياسية سيخلق الفرصة أمام مشروع العنف الذي ستتولاه قوى جاهزة ومتربصة بالجنوب وباليمن عموماً.
و تطرف الدكتور ياسين في كلمته إلى ما به الوطن العربي، مشيرا إلى أنه يمر بظروف وتحديات جسيمة وتبقى القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية والتحدي الأكبر الذي يجب أن يظل حاضراً في وعينا ومقترناً بنضالنا على صعيد أقطارنا..
و اعتبر أن هذا النضال سيظل ناقصاً ومجزءاً وغير فعال بدون أن تكون فلسطين حاضرة في كل قسمات ومحطات هذا النضال.
و اعتبر أن لهذه الحقيقة وجهها الموضوعي الذي لا يمكن تجاهله عندما يتعلق الأمر بأمن هذه المنطقة ودولها قاطبة مع بقاء هذه القضية بدون حل عادل.
و أشار إلى أن الأنظمة العربية انشغلت بقضاياها الداخلية وكأنها لم تعد تدرك أن تعقيدات هذه القضايا الداخلية هو من صميم حسابات التسوية التي تريد إسرائيل وحلفاؤها فرضها على الشعب الفلسطيني، وأن الشعب الفلسطيني وقواه الحية المناضلة وهم يتصدون لمشاريع التسوية تلك لا يدافعون عن قضيتهم المشروعة على نحو مجرد من مصالح شعوب المنطقة..
و أكد أن هنالك ترابط وثيق يشكل فيه الفلسطينيون، بتضحياتهم الجسيمة، خط الدفاع الأول عن مصالح الأمة وهذا هو ما يجعل هذه القضية حصان الرهان في معركة كسر العظم مع قوى التخلف.
و اعتبر إن واجب العرب بدعم القضية الفلسطينية يجب أن ينظر إليه في الأساس من هذه الزاوية التي يتكامل فيها الأمن القومي العربي وتتكامل فيها المصالح العربية وكذا عناصر القوة في مواجهة التآمرات التي يتعرض لها الوطن العربي حتى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.