لم يستمر معها سوى شهرين وهجرها وهي تحمل جنيناً وسط أحشائها. عادت تلملم آلامها إلى منزل والدها وسط لوم أهلها وخاصة زوجة أخيها التي لم تتركها وشأنها من إهانة وسب وشتم وكلما اشتكت لوالدها وأخيها لردع زوجته لا تجد منهم من يُصغي لها وما كان منهم أن وبخوها وأهانوها وأصبحت لا تدري من أين وإلى من تشتكي. آلام وإهانات مرت الأيام سريعة وبدأت تشعر بآلام الولادة ويتدافع الجنين الذي بدأ يصارع الخروج إلى الحياة، يتيم الأب وإن كان على قيد الحياة. كانت جميلة تصرخ وتصرخ لأم تلملم جراحها ولأب تجد في كنفه الرعاية مهملة وسط زحمة الحياة وكثرة إخوانها ، لم تمتد إليها يد واحدة تمسح دمعتها أو تلم جروحها سوى يد أختها الكبرى التي أخذتها واعتنت بها طوال ال 20يوماً التي تحتاج إليها لكي تستعيد فيها عافيتها بعد أن وضعت مولودها البكر. عادت إلى منزل والدها تحمل رضيعها بين أحضانها وهي تحمل كل أمل أن يتغير حالها ويعود زوجها وتعود حياتها رغم رفضها هذا الزوج إلا أنها واجهت نفسها وخاصة بعد ولادتها.. تعرُّف وانحراف بعد فترة من الزمن تعرفت جميلة على امرأة بالمصادفة، منحت قلبها لها وبدأت تحكي لها عن قسوة أهلها واتهامهم إياها بأنها هي من تسببت في هجر زوجها ومدى إحساسها أنهم يكرهونها . بدأت هذه المرأة باستغلال كل ما يساعدها بجر جميلة نحوها وكسبها بشتى الوسائل كي تكون لقمة سهلة وبسيطة.. جميلة لم تنحرف كما قالت لي إلا بعد أن أصبح عمر ابنها عاماً ونصف، ومشت وراء هذه المرأة التي بدأت تعرِّفها على الرجال واحداً تلو الآخر ومن حضن رجل لآخر.. لم يسأل عنها واحد ولم ينتبه لغيابها أو حضورها أحد. تقول "كنت أترك ابني في المنزل وأذهب وأغيب لأيام، لم ألقِ اهتماما.. أعتذر لهم ويسكتوا وأحضر لهم الفلوس ولا أحد يهتم لشأني حتى أدري ما هؤلاء الناس .. ازداد كرهي لهم ولنفسي ، بدأت أتغيب أكثر فأكثر، بدأت أدخن وأخزن حتى الخمر شربتها، لم أجد من يردعني ولو كان معي أهل يحبوني ما دفعوني لهذا الطريق وكانوا وجدوا لي حلا ينقذني من الانحراف بسؤالهم عني، أين أذهب؟ من أصاحب؟ أين أختفي؟ أو حتى على الأقل يسألوا عن زوجي أو يطلقوني منه في المحكمة. قبل أن أصل لهذه المراحل تقدم لي أناس كثر لما عرفوا بحالي.. لم يرض والدي أن يطلقني بحكم المحكمة. ذهبت للمحكمة ورفعت قضية فسخ فلم أجد منهم أي رد فعل سوى ضربي ومنعي من الذهاب إلى المحكمة وقولهم "زوج بنت القبيلي واحد" ، متناسين أني لا زلت مراهقة وأم لطفل لا أدري كيف أتعامل معه؟ وامرأة فاجرة ساقطة ليس لها معه حق في العيش أو في الحياة.. وإلى حين كتابة هذه السطور تمنت جميلة لو أنهم حين ضربوها ومنعوها من الذهاب إلى المحكمة "لو أنهم ضربوني ومنعوني من الخروج من المنزل وحالوا بيني وبين الذهاب لأحضان الرجال..".