أكد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل عضو المجلس الأعلى للقاء المشترك ، الأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية ، أن الحادث الذي تعرض له في شهر نوفمبر من العام الماضي لم يكن مروريا ، وأنه جاء ردا على رفضه عسكرة ثورة الشباب ، موضحا بأن الذين يريدون هيكلة الجيش قبل الحوار لديهم مشروع خاص. كما كشف الدكتور المتوكل عن العديد من القضايا والمواقف المتعلقة بالوضع الراهن ، وحقيقة العلاقة بين مكونات تكتل أحزاب اللقاء المشترك ، في هذا الحوار الذي أجرته معه صحيفة الجمهور ، ويعيد موقع يمنكم نشره . نص الحوار : * دأبت أحزاب اللقاء المشترك وأمام أي حادث على محاولة تسييسه واستغلاله في صراعها ضد الآخر، لكنها في الحادث الذي ألمَّ بك وأنت القيادي في المشترك سارعت مثلها مثل النظام الحاكم في التأكيد بأن الحادث هو حادث مروري بحت، الأمر الذي وضع علامات استفهام.. ما رأيك؟ - هذا الموضوع غريب فعلاً، وبالنسبة لي أنا مقتنع أنه لم يكن حادثاً مرورياً على الإطلاق، وأنه "موتور" سياسي. * طبعاً أنت تتهم جهات معينة في اللقاء المشترك؟ - لا.. لا.. أنا لم اتهم المشترك ولا أشخاصاً ولا قوى بعينها، ولا أستطيع حتى اللحظة أن أتهم أحداً، بل أنا أتهم نفسي، أنه كانت لدي آراء ومواقف أزعجت الكثير. *من بين هذه المواقف، يأتي موقفك الرافض لعسكرة ما تسمى ب"ثورة الشباب"؟ - نعم.. أنا رفضت عسكرة الثورة، وكتبت رسالة للمشترك حول هذه المسألة، رفضت إيقاف التعليم في الجامعة، وبدأنا نعمل توازناً في القوى وبما تحتاجه العملية الديمقراطية في البلد، كنا رتبنا مع محمد علي ابو لحوم ومع الحوثيين ومع الحراك الجنوبي ومع كتلة الأكاديميين في الجامعة الدكتور جلال فقيرة وجماعته، ومع عدد من القوى.. هذه المواقف أو هذه الآراء هي في اعتقادي كانت وراء ما تعرضت له من حادث. * وربما يكون من بين هذه المواقف موقفك من موقف الشيخ عبد المجيد الزنداني من الدولة المدنية، وما دار بينك وبين الشيخ من جدال؟ - لا.. لا.. هذا كان قديماً، وقد كنت حينها وبعدها أمشي في الشارع بمفردي ولم يعترضني أحداً، ولكنني اعتقد أن ما حصل لي هو نتاج للمواقف الجديدة، وهي كما قلت لك "عسكرة الثورة، التعليم في الجامعة، هيكلة الجيش، توازن القوى". * هذه المواقف تزعج أطرافاً في اللقاء المشترك، بما يعني أن هذه الأطراف أو هذه القوى هي من يقف وراء الحادث؟ - هذه المواقف تزعج الكل.. عملية توازن القوى مثلا يضيق منها الكل، فقد يكون فيه طامعون من هنا وهناك، ولهذا وقف الطرفان من الحادث موقفاً واحداً. * تقصد أنهم سارعوا بالتأكيد على أن الحادث مروري بحت؟ - نعم.. مع أنه ليس كذلك، ما حصل هو حادث سياسي نتيجة مواقف سياسية. *صباح يوم الحادث، كنت حضرت اجتماعاً مع مكونات تسعون معها إلى خلق توازن قوى، وكان الظاهر في الاجتماع الأستاذ عبدالغني الإرياني ومجموعته مجموعة الوعي؟ - صحيح.. اجتمعنا وكان الاتفاق أن نستكمل الاجتماع في الليل، قلت لهم أنا لا أحبذ الخروج في الليل، أنا دائما ألتزم بقول الله تعالى "وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشا"، ولكن لأنني الأكثر اهتماما بهذا الموضوع -خلق توازن قوى- اضطررت للخروج، قلت لهم طيب، لكن أنا لا أعرف مكانكم، قالوا بانرسل لك، وفعلا أرسلوا اثنين. * من أرسلوا بالضبط؟ - سامي الحداد، وسمية (لا أذكر لقبها الآن) لكنني عرفت لاحقاً أنها إصلاحية، مشينا في المساء لكننا حصلنا الجسر الذي يفترض أن ندخل منه مسدوداً بسيارات، قلت لماذا ما نقول لهم يخرجوا من الجسر قالوا مش ممكن، ورجعنا من جنب الجسر في شارع وكان بجانبه أيضا شارع كبير، وكان خالياً تماماً لا سيارات فيه ولا مترات ولا حتى مشاة من بني آدم.. قلت لهم طيب أين البيت قالوا خمس دقائق ونكون قد وصلنا، قلت طيب نقطعها مشي ولم أعرف بعد ذلك ما حدث إلا بعد ثلاثة أيام وقد أنا في الأردن، سألت عندما صحوت: أيش فيه؟!!.. أين نحن؟!!.. أيش اللي حصل؟!!. * أفهم من كلامك أن الشارع "الفارغ" هو الذي جاءت منه الدراجة النارية؟ - أنا أصلاً لم أشعر بالدراجة النارية ولم أرها، وإذا كانت هناك دراجة نارية فهي جاءت من الشارع الذي نزلنا فيه. *أقصد أن الشارع "الفارغ" كان مهيأ للجريمة؟ - يبدو أنه كان كذلك.. أنا قناعتي أنه إذا كان فيه دراجة نارية فهي جاءت من الشارع الذي نزلنا فيه، لأن الشارع الذي أمامي كان (فاضي) تماماً. * يعني.. إجمالاً نقدر نقول إن القوى التي تقف وراء الحادث هدفها قطع الطريق أمام استكمال هذا المشروع الذي تسعون إليه.. أعني خلق توازن بين القوى؟ - ما عنديش فكرة، ولكن أنا- كما قلت لك- اعتبرته نتيجة لعدد من القضايا، وهي القضايا التي أشرنا إليها، أيضا أنا كنت كتبت رسالة لجمال بن عمر أننا نريد تشكيل لجنة لهيكلة القوات المسلحة على أسس حضارية، وهذا الموضوع سيغضب الطرفين. * وقبل الحادث بيومين كنت قد خالفت المشترك فيما يتعلق بإيقاف التدريس في جامعة صنعاء، بل وذهبت أنت كأستاذ في الجامعة للتدريس في المباني البديلة؟ - نعم.. وانتقدت هذا الموقف بشكل كبير، وقلت إنني سأكون حيث يكون الطبلة، وأنا ضد وقف التعليم، وقلت لهم الذين تمنعونهم من التعليم في جامعة صنعاء هم الفقراء والمساكين أما أبناء الأثرياء والمسؤولين هم في الجامعات الخاصة، وكتبت مقالاً حول هذا الموضوع ونشر في صحيفة "الأولى"، وأنا اعتبر هذا أحد المواقف والآراء التي تسببت في الحادث الذي تعرضت له. * هل التقيت بالشاب منفذ العملية؟ - أنا طلبت ذلك، وقد جاءني والده وشقيقه ووالدته جاءوني إلى البيت وقيلوا معي وكان عندي عدد من الإخوان، وتناقشنا في الموضوع وقالوا لي انه شاب في الصف الثاني ثانوي، وقناعتي أنا أنه إما مغرر به وإما فقير إلى الحد الذي تغريه الفلوس على ارتكاب أي شيء، وقد قلت للمحامي حسن الدولة عندما جاءني إلى الأردن، قلت له وبكل وضوح لا يجوز أن تركزوا على هذا المسكين. * ألم تلتق بهذا الشاب بعد؟ - لا.. لا.. أنا قلت لعائلته الذين جاءوني، ما يهمني من المعلومات التي تأتيني منه هو إحساسه بالندم والذنب، وأنه لن يكرر مثل هذا العمل مع أي كان، وإلا فلا استطيع أن أعفو عنه طالما وهو لا يزال لديه الاستعداد للقتل، لقتل أي شخص كان.. وأنا في اعتقادي انه مغرر به بمعنى انه ليس عدوانياً إلى هذا الحد، أما إن كان كذلك- عدوانيا- ففي هذه الحالة لا يجوز أن أعفو عنه. عسكرة الثورة غلط * منذ انشقاق بعض وحدات الفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن الأحمر وانضمامه إلى ما يسمى "ثورة" الشباب، تغير مواقفك، وأصبحت تتحدث وبجرأة عن "طلبنة الساحات"، وعسكرة الثورة ولك كتابات بهذا الخصوص؟! - أنا قلت إن عسكرة الثورة كان غلط- وهذا ما يفترض- أمام نضال سلمي، والنضال السلمي أدواته معروفة، وكان لي أيضاً رأي أهم طالما وقد حصل ما حصل، أنه ما دام وقد أصبح لدى الثورة عسكر لماذا لا تستفيد منهم ليس في الحرب وإنما في صناعتهم للمستقبل في الجيش الذي تحتاجه الدولة المدنية؟!!. * الاستفادة في المستقبل ليست محل اعتراض.. ما وجه اعتراضك على الاستفادة من الجيش المنشق في اللحظة "الثورية" إن جاز التعبير؟ - اعتراضي هو على الممارسة، وليس على الجيش بحد ذاته، أنا اعترضت عندما بدأ العسكر يخرجون مع الشباب السلميين في المسيرة، وتحديداً في تلك المسيرة التي اتجهت إلى شارع الزبيري وحصل فيها الصدام المسلح.. أنا قلت أنه لا يصح عسكرة الثورة لأن ذلك يتعارض مع مفهوم النضال السلمي، ولذلك العالم اعتبر تلك المظاهرة مظاهرة غير سلمية. *اعتراضك على "عسكرة الثورة" البعض يقول إنه اعتراض على شخص اللواء علي محسن الأحمر بحكم ارتباطه بتيارات إسلامية معروفة؟ - لا.. لا.. أنا كنت أقول بأن التيارات الإسلامية في العالم العربي كله هي اللي دفعت بالقوات المسلحة إلى الحكم.. في مصر الإخوان المسلمين، وكذلك في السودان، وفي تونس، وقلت: أنتم تدفعون العسكر إلى الحكم ليضربوكم بعد ذلك. ولهذا كان رأيي أنه طالما وقد أصبح لدى الثورة جيش، لماذا لا نعمل على تكييفهم وتدريبهم وتثقيفهم بحيث يكونوا أداة من أدوات الدولة المدنية المنشودة؟!!. *أنت وقفت ضد أن يكون لدى ما يسمى ب"الثورة" جيش؟ - أنا وقفت ضد الممارسة، وليس ضد الانضمام، أنا كنت ضد ممارسة الجيش عملاً ثورياً، كأن يخرج في المسيرات، وقلت- وبكل وضوح- يجب أن تقتصر مهامه إذا كان ولا بد على حماية المداخل المؤدية إلى الساحة فقط، وأن يتحول هذا الجيش إلى الجيش الذي نحلم أن يكون للدولة المدنية. *-كيف؟ جيش تحت سلطة مدنية، وإلا كيف نضمنه في المستقبل.