أدرجت منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) أمس الجمعة كنيسة المهد في بيت لحم بالضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية على لائحة التراث العالمي ، في إجراء عاجل أثار احتجاجاً حاداً من "إسرائيل"، وأعربت الولاياتالمتحدة عن شعورها بخيبة الأمل . وأدرج "مكان ولادة السيد المسيح" الذي يضم أيضاً مسار الحج بأغلبية 31 صوتاً مقابل ستة أصوات معارضة وامتناع اثنين عن التصويت ، أثناء جلسة تصويت سري لأعضاء لجنة التراث التي تضم خصوصا هذه السنة فرنساوروسيا وألمانيا واليابان، وذلك أثناء اجتماع في سان بطرسبرغ في شمال غرب روسيا . وتم الترحيب عبر التصفيق الحاد بإعلان إدراج الموقع ضمن التراث العالمي، بعد أن كان غير مؤكد بسبب اعتراضات "إسرائيل" وما ينطوي عليه من رهان سياسي وآراء مخالفة لخبراء عن ملف الصيانة الفلسطينية . وفي رام الله أسرعت الرئاسة الفلسطينية إلى التعبير عن سعادتها ، وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس محمود عباس لوكالة فرانس برس "هذا اعتراف من العالم بحقوق الشعب الفلسطيني ، هو انتصار لقضيتنا وعدالتها" . من جهته قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "هذا يوم تاريخي وهذا قرار تاريخي انتصر فيه العالم لمصلحة الشعب الفلسطيني وهو قرار تاريخي بإعادة الحق المفقود للسيد المسيح عليه السلام" . واعتبر أن القرار "تصويت من العالم لمصلحتنا وتنبيه لخطورة استمرار الاحتلال" . ورأى "أن كل فلسطين متحف تراث عالمي وإنساني وسيأتي اليوم الذي تعود فيه إلينا كل حقوقنا لأن العالم لا يمكن أن يبقى صامتاً على الاحتلال "الإسرائيلي" لأرضنا ، هذا انتصار للحركة الدبلوماسية التي تهدف لإعادة فلسطين إلى الخريطة الجغرافية" وتابع "وهو خطوة أخرى في طريق طويل باتجاه اعتراف العالم بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، وكنيسة المهد هي أول موقع فلسطيني يدرج ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو . واعتبر الموفد الفلسطيني في سان بطرسبرغ الذي أعطي له الكلام مباشرة بعد التصويت، أن القرار يمنح الفلسطينيين "حقهم الثقافي في تقرير المصير" وقال الموفد الذي لم يذكر اسمه "إن هذه المواقع مهددة بالدمار الكامل بسبب الاحتلال "الإسرائيلي" وبناء جدار الفصل، وبسبب العقوبات "الإسرائيلية" والتدابير المتخذة لطمس الهوية الفلسطينية" ، وأضاف "ذلك يثبت أن المجتمع الدولي بأكمله ينوي حماية فلسطين ( . . .) وضمان قيام الدولة الفلسطينية بحدود 1967 مع عاصمتها القدس الشرقية" . ورد المندوب "الإسرائيلي" بحدة على قرار لجنة التراث ، وقال "إن القرار الذي اتخذ للتو سياسي بحت ويشكل من وجهة نظرنا انتهاكاً خطيراً لاتفاقية التراث العالمي ولصورتها" . كما أعرب السفير الأمريكي لدى اليونيسكو ديفيد كيليون عن "خيبة أمل كبيرة" بعد إعلان إدراج كنيسة المهد على لائحة التراث العالمي ، وقال السفير الأمريكي في بيان إن "هذا الموقع مقدس بالنسبة إلى كل المسيحيين، وعلى منظمة اليونسكو ألا تكون مسيسة"، مشيرًا إلى أن الإجراء الذي اتخذ صفة العاجل في التعاطي مع ملف كنيسة المهد، لا يستخدم عادة إلا للمواقع المهددة بالتدمير الوشيك . وقد تقدم الفلسطينيون في إجراء "عاجل" بطلب إدراج الموقع بعد حصولهم على عضوية منظمة اليونيسكو في أكتوبر/تشرين الأول 2011 إثر تصويت أثار غضب "الإسرائيليين" والأمريكيين وطلبوا إدراجها "بصفة عاجلة" بسبب "التلف والتخريب الذي لحق بمجمل البنية المعمارية لكنيسة المهد" . وكانت "إسرائيل" أكدت أن "لا اعتراض" لديها لإدراج الموقع في التراث العالمي لكنها احتجت على استخدام الإجراء العاجل معتبرة أنه "طريقة للتلميح إلى أن "إسرائيل" لا تحمي الموقع" . وكان ترشيح بيت لحم شهد انتكاسة مع الرأي المخالف لبعض خبراء المجلس الدولي للنصب والمواقع الذين أوصوا فلسطين بإعادة النظر في ملفها، معربين عن أسفهم لغياب الدراسة "بشأن ملائمة حدود ومقتضيات حماية وإدارة" الموقع . كذلك عبرت الكنائس القيمة على الأماكن المقدسة -الأرثوذكسية اليونانية واللاتينية والأرمنية- عن تحفظات وتخوف من استغلال الموقع . وبيت لحم التي ولد فيها السيد المسيح تعتبر من أبرز أماكن الحج لدى المسيحيين لوجود كنيسة المهد فيها، كما أنها أول موقع سياحي في الأراضي الفلسطينية (نحو مليوني زائر في 2011) . ويعود بناء كنيسة المهد إلى عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين في القرن الرابع ميلادي ثم تم ترميمها في عهد الإمبراطور يوستينيانوس في القرن السادس، وهي من أقدم المواقع المقدسة في المسيحية .