مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    سلام الغرفة يحقق الفوز الأول على حساب أتحاد سيئون في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    سيئون يتخطى هلال السويري ويقترب من التأهل في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    رحيل الشيخ الزنداني يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    ذمار: اندلاع حرب أهلية مصغرة تُثبت فشل الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم    بينهم يمني...شاهد: لحظة القبض على 4 متهمين بجرائم احتيال مالي في الرياض ومداهمة شقتهم    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    دعاء مستجاب لكل شيء    ماذا طلبت جماعة الحوثي من الشيخ عبدالمجيد الزنداني قبل وفاته ورفض طلبها؟    حزب الرشاد يعزي في وفاة الشيخ الزنداني عضو الهيئة العليا للإصلاح    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    رئيس مجلس القيادة: برحيل الشيخ الزنداني خسرت الأمة مناضلاً جمهورياً كبيراً    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    طبيبة سورية تكشف عن علاج مبتكر لسرطان الرحم بدون ألم الكيماوي    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    لهذا يُستهدف الانتقالي..!    رئاسة الجمهورية تنعي الشيخ عبدالمجيد الزنداني وتشيد بدوره في مقارعة النظام الإمامي    غضب المعلمين الجنوبيين.. انتفاضة مستمرة بحثا عن حقوق مشروعة    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    ماني يتوج بجائزة الافضل في الجولة ال 28 من دوري روشن السعودي    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحتفل باليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    راتكليف يطلب من جماهير اليونايتد المزيد من الصبر    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    ريال مدريد يقتنص فوزا ثمينا على برشلونة في "كلاسيكو مثير"    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحوثيون يخفون نتائج الثانوية لابتزاز الطلاب!    فاسكيز يقود ريال مدريد لحسم الكلاسيكو امام برشلونة    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    مركز الإنذار المبكر بحضرموت يعلن انحسار تدريجي للحالة الجوية الموسمية    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني (1)    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الرياضية بين النشأة والتطور..مادة علمية تاريخية
نشر في يمني سبورت يوم 26 - 01 - 2013


[email protected]
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
تُوصف مهنة الصحافة الرياضية والتي هي إحدى وسائل الإعلام عامة والرياضي على وجه الخصوص بأنها مهنة المتاعب والضغوط النفسية، وذلك بما تحتويه من مواعيد طباعة وفرز وتعاملات عديدة مع أحداث متنوعة على المستوى الميداني، وترتيبات تقنية لا تقبل الخطأ ولا التقصير معها، فبعض المباريات تجرى في وقت متأخر جداً من الليل ويجب أنْ تحتويها الصحف الصادرة في اليوم الموالي خصوصاً إذا كانت تلك المباراة على نهائي البطولة. كل هذه وغيرها من الظروف تُحتم على الكوادر الصحفية الوقوف أمام مسئولياتها المهنية، وهي في حالة من التوتر والقلق، مما يفرز ضغوطاً ومعاناة نفسية تتراكم عبر الكثير من القرارات التي تصدر عنها ويتعامل معها الإعلاميون.
ومن أولئك الذين يتعامل معهم هذا القطاع المهم حكام كرة القدم، والذين يرون في الإعلام عموماً والصحافة الرياضية على وجه الخصوص أحد أسباب الضغوط القائمة عليهم، والتي قد تكون مصدر معاناتهم، والمتمثلة في عدم تقديرها لحجم المسئولية ومقدار الصلاحيات التي تتطلبها مهنة التحكيم، وكذا الظروف الصعبة التي تحيط بهم منذ اللحظة الأُولى التي يتعيّنون فيها لإدارة المباراة إلى ما بعد انتهائها . كما أنَّ التضارب في التعليمات التي تُصدرها بعض الصحف، وتَوجه بعض الصحفيين لتشجيع أندية بذاتها، ربما يكون سبباً في مزيد من حالات المواقف الضاغطة التي يواجهها الحكام.
ويحاول الباحث التعريف بالإعلام الرياضي لأنه البوتقة التي تنطلق منها الصحافة الرياضية من حيث: مفهومه، وعناصره، وأنواعه، والأُطر المنظمة له. ويتضمن أيضاً تعريفاً شاملاً للصحافة العامة في اليمن، والصحفيون العاملون بها، والشروط الواجب توافرها فيهم، كما سيتطرق للصحافة الرياضية بشكل مفصل كونها الركيزة الرئيسية لهذه الدراسة وذلك من حيث: النشأة، والتطور، والمبادئ، والسمات، والأهداف، والوظائف.
كما أشتمل على النظريات الإعلامية المطبقة على الصحافة، وآثارها على الصحافة الرياضية في اليمن. وكان لتأثيراتها حيز واسع، كذلك للدوافع التي تجعل الصحف العامة تُدرج في طياتها ملاحق وصفحات رياضية. وشمل الخصائص والفنون والأساليب التي تتميز بها، ولأنواع الإصدارات الرياضية من مجلات وصحف وملاحق، ومن خلال محتوياته تتضح الأهمية الكبيرة التي تحتلها الصحافة الرياضية كونها جزء مما يسمى بالسلطة الرابعة، ولذا فهي تؤثر على كافة جوانب رياضة كرة القدم من لاعبين، ومدربين، وجماهير، ومسيرين، والانعكاس المباشر لذلك على الحكام، والمتمثل في الضغوط المسلطة عليهم عبر التغطية اللاحيادية لأنشطتهم وفعالياتهم المختلفة .
لكون الصحافة الرياضية جزء لا يتجزأ من المنظومة الصحفية التي بدورها لا تنفصل عن الإعلام الرياضي خاصة والإعلام بصفة عامة فهي: " أحد أشكال الاتصال الجماهيري أو الجمعي بحيث يكون هناك مصدراً واحداً يُخاطب الناس الذين يهتمون به، وهذه الأشكال كثيرة ومتنوعة منها المرئية ومنها المسموعة ومنها المقروءة ومهامها الاتصال الجماهيري أي عملية التفاعل بين الفرد والمجتمع ". (1: 30)
فيما ترتبط بكل ما هو مكتوب بطريقة الطباعة المعتمدة على التكنولوجيا، فهي: " التي تعتمد على التكنولوجية والطباعة، من خلال النص المكتوب الذي يقرأه الفرد في المكان الذي يُريده، والزمان والطريقة التي يُريدها ".(2:99)
ولعلاقتها بعملية نقل الأخبار فهي كذلك "عملية بث ونشر دوري ومستمر للأخبار، والأحداث، والموضوعات، والآراء العامة، والمنوعات، في المجالات المتعددة والبث: يتم عبر وسائل الصحافة الرياضية المسموعة والمرئية. والنشر: يتم عبر وسائل الصحافة الرياضية المقروءة ". (3: 330)(عبد القادر حاتم، 1989، 330) .
فهذه المهنة كما يراها الباحث تقوم على جمع وتحليل الأخبار المتعلقة بالشأن الرياضي والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور في شتى الرياضات، وغالباً ما تكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث على الساحة الرياضية، والتعليق عليها من قبل المتخصصين: كالحكام، والمدربين، واللاعبين، والإداريين، والخبراء الأكاديميين، من كافة جوانبها قصد إيصال الفائدة للجمهور الرياضي.
ولأنَّ النجوم في مختلف الرياضات لا يمكن معرفتهم إلا بواسطة وسائل الإعلام الرياضي ومنها الصحافة الرياضية، حتى غدت بوابة رئيسية للإطلاع على مشاهيرها، فأصبحوا نجوماً يُشار إليهم بالبنان بفضل تسليط الضوء عليهم من خلال كل ما يتعلق بهم، ولعل هذا هو ما جعلها جاذبة للقراء من الجماهير الرياضية.
" فلا توجد مبالغة إنْ قلنا أننا نعيش في عصر كرة القدم وأنَّ عناصرها من: لاعبين، مدربين، حكام – هم النجوم والقدوة الذين تفرضهم هذه الوسائل لاسيما عبر الصحف، والتي تُلِح على تأكيدهم حتى أصبح هؤلاء محور اهتمام الناس كبيرهم وصغيرهم. ولهذا فليس من الغريب أنْ تكون صفحات الرياضة من أكثر الصفحات جذباً لاهتمام القراء في مجتمعاتنا. وتأكيداً لذلك " ثبت من خلال الدراسة العلمية ميدانية أنَّ (65%) من قراء الصحف المصرية يهتمون بصفحة الرياضة، وأنَّ (26.5 %) منهم تأتي صفحة الرياضة لديهم في المرتبة الأُولى مقارنة بالصفحات الأُخرى في هذه الصحف". (4: 25)
نشأة وتطور الصحافة الرياضة العربية
إنَّ للعرب باعاً محترماً في مجال الصحافة الرياضية، وهو امتداد طبيعي كونهم عبر البابليين أول من خط بالقلم، كما ظهرت الكثير من النقوش والآثار في مختلف المناطق العربية الدالة عن التعبير، كون تلك الطريقة هي أُولى المقدمات لما يُعرف بالصحافة الحديثة.
" وتعد مصر أول دولة عربية عرفت الصحافة الرياضة عندما أصدرت صحيفة الرياضة عام (1888م)، ثم تلتها العراق في (1922) بصدور مجلة الرياضية، أما في لبنان فقد تم صدور صحيفة الحياة الرياضية في بيروت عام (1925)، وأصدرت السودان مجلة الرياضة والسينما في (1940)، وشهدت سوريا سنة (1955) صدور مجلة الأبطال، أما السعودية فصدرت بها مجلة الرياضة في (1380ه) بمكة المكرمة، وفي ليبيا صدرت أول صحيفة رياضية عام (1966) وهي الأُولمبياد، ثم تلتها الكويت بمجلة الرياضي (1971)، ثم الجزائر (1972) بمجلة الهدف، والإمارات بمجلة الزمالك عام (1973)، وفي قطر صدرت مجلة الصقر عام (1977) والتي كانت أكثر انتشاراً " (4: 44). أما اليمن فقد شهدت عام (1990) صدور صحيفة الرياضة كأول صحيفة رياضية تابعة لمؤسسة الثورة الحكومية بعد تحقيق الوحدة.
ونظراً لأنَّ معظم الدول العربية بدأت تهتم بالصحافة الرياضية، من حيث الإصدار والعاملين بها فقد دعت الحاجة لتأسيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية واليمن أحد أعضائه، وهو هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية يعمل متعاوناً في تحقيق أهدافها مع كافة الهيئات والتنظيمات العربية والقارية والدولية ذات العلاقة، "وقد تأسس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية في شهر المحرم (1392ه) الموافق يناير (1972م) بالعاصمة العراقية بغداد، ويضم جميع الدول العربية، ويقع مقره في العاصمة الأردنية عمان، وقد كان يُطلق عليه عند تأسيسه بالرابطة العربية للصحافة الرياضية ثم سُميَ بالاتحاد العربي للصحافة الرياضية.
(http://www.a-spa.org/main.php) الموقع الرسمي للاتحاد).
" فيما تأسس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية – واليمن أحد أعضائه أيضاً – بعد الاتحاد العربي بست سنوات، وكان للعرب دور كبير في إنشاءه عبر الشهيد الشيخ فهد الأحمد الصباح رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم والذي كان من أبرز المؤسسين للاتحاد أثناء أسياد بانكوك عام (1978م)"(50:5)
" ورغم أنَّ اليمن عضو مؤسس للاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية، إلا أنَّ عدم وجود اتحاد يمني معترف به حرم الصحفيين اليمنيين من المشاركة في مؤتمر الاتحاد الذي عُقد بالكويت عام (2008)، وهو الأمر الذي أعاق الصحفيين اليمنيين من الالتقاء بنظرائهم الآسيويين، وتعد هذه إحدى سلبيات عدم وجود اتحاد يمني للإعلام الرياضي من شأنه التواصل مع الجهات المعنية في الاتحادات العربية والقارية والدولية". (11:6)
مبادئ الصحافة الرياضية
من أجل تمكن الصحفي الرياضي من ممارسة مهنته ضمن قواعد عادلة وسليمة عليه إتباع المبادئ الصحفية التالية :
أ‌- المسؤولية : إنَّ التفاني في العمل وخدمة القراء بالنسبة للصحافة الرياضية ومساهمتها في الحفاظ على مصالح الجمهور يحمل الصحيفة وكل العاملين ﺑﻬا مسؤولية كبرى تعود بالفائدة على الكل سواءً الصحفيين أو القراء.
ب‌- حرية الصحافة: بما أنَّها جزء من الصحافة العامة وجب المحافظة على حريتها باعتبارها حق من حقوق الصحفيين والجمهور أولاً، وهذا حسب القوانين المنصوص عليها باعتبارها حق من حقوق الإنسان عامة ولذلك وجب على الصحفي الذي يتمتع بالحرية التامة والعمل على خدمة مصالح بلده وأداء مهامه كصحفي وكمواطن عادي .
ت‌- استقلال الصحافة: يجب أنْ تكون الصحافة ككل والصحافة الرياضية بشكل خاص حرة وغير مقيدة نحو أي منحى أو اتجاه، سواءً كان معنوياً أو عادياً باستثناء جمهورها الرياضي، فهي مكلفة ومسئولة اتجاهه بالعمل على خدمته وخدمة مصالحه وذلك في حدود الأمانة الصحفية مع اشتراط التحقق من مصادر الأخبار ومصداقيتها .
ث‌- الولاء والصدق والذمة : من المعلوم أنَّها كغيرها من الصحف تَدين بالولاء لجمهورها فقط دون غيره كائناً من كان وهي مكلفة بالصدق معه في كل ما تنشره من معلومات وموضوعات مع اشتراط أنْ يكون أو تكون الأخبار المنشورة ذات علاقة بالموضوع أو بما وقع حقاً دون تحريف أو زيادة أو نقصان .
ج‌- عدم التحيز: ينبغي التفريق بين الخبر والرأي، فالأخبار عادة ما تكون خالية من وجهات النظر مجردة من الرأي، أما التعبير عن الرأي فله مكانه في بعض الفنون الصحفية الأُخرى كالمقابلة التي تُحَرَر وتُوضع دفاعاً عن وجهة نظر معينة أو قضية معينة تهم الجمهور وتشغل بال الرأي العام الرياضي .
ح‌- الصراحة في القول: فلا يجوز لها إطلاق الاتهامات غير الرسمية التي تمس سمعة بعض الأفراد في المجال الرياضي دون أنْ تُعطي الفرصة للمتهم من إبداء دفاعه، كخبر رشوة بعض الحكام، وقد جرت العادة إعطاء الصحافة للمتهم في جميع أحوال الاتهام التي لا يتناولها القضاء للدفاع عن نفسه، كما لا يجوز لها مهاجمة المشاعر الشخصية للأفراد بدون التأكد من حقيقة ما تنشره إرضاء لفضول الناس، كما أنه من الواجب على الصحافة الرياضية تصحيح أخطاءها فوراً مهما كان مصدرها أو نوعها.
خ‌- قواعد اللياقة : لا يجوز لها أنْ تُسرف في نشر تفاصيل الجرائم التي قد تحدث في المجال الرياضي لأنَّ رسالتها أسمى من أنْ تتعرض لنشر كل ما يتعلق بالجرائم وسوء السلوك. (121:5-122)
فالمبادئ التي يجب توافرها في الصحافة الرياضية بحسب رؤية الباحث تضائل وجودها في الآونة الأخيرة – على الأقل في حدود معاينته للصحافة اليمنية – فقد تجاوزت بعض الصحف الرياضية حدودها من خلال إثارة الفتن بين الفرق الرياضية وإدارييها وجماهيرها، وبين حكام كرة القدم في تحيز واضح لطرف ضد آخر. فبعض الصحف انتهجت هذا المسار من أجل الربح المادي عبر توزيع أكبر عدد من نسخ الصحيفة.
وبغض النظر عن المضايقات التي قد تلحق بالفئة المستهدفة، مستغلين في ذلك مساحة الحرية الصحفية التي تشهدها الجمهورية اليمنية، وعدم وجود اتحاد يضم الصحفيين الرياضيين ويحد من تجاوزاتهم، ولكن هذا الاستغلال كان في شقه السلبي، كون صراحة القول ليست بطبيعة الحال توزيع التهم جُزافاً كتقديم الرشوة للحكام من دون إرفاق ذلك بأي دليل مادي أو سند قانوني، وكل ذلك يتنافى مع الولاء والصدق والذمة، ومع قواعد اللياقة الأدبية وتحسين لغة الطرح والنقد والتحليل.
وعلى الصحفي الرياضي أنْ يتقيد ببنود قانون الصحافة والمطبوعات اليمنية رقم (25) لسنة (1990) من خلال مواده (13-26) والقاضية بالتزامه نقل المعلومات الصحيحة للجمهور بطريقة صادقة وأمينة، مع احترام كرامة وسمعة الأفراد، وألا يستغل مهنته للأغراض الشخصية وابتزاز الحكام.
سمات الصحافة الرياضية:
للصحافة الرياضية سمات تشترك بها مع الصحف العامة والمتخصصة الأُخرى ومنها :-
أ‌- السرعة : لأنَّ غالبية الصحف تَصدر يومياً فإنَّ عليها متابعة الأخبار بسرعة كبيرة لِتُطلع قراءها على ما جَد منها، ومن تلك الأخبار ما يختص بالأنشطة والفعاليات الرياضية، وهذا ما يجعل الصحيفة بحاجة إلى تحديث مستمر وسريع، وهو أمر يقع على عاتق وكالات الأنباء بالدرجة الأُولى.
ب‌- الصحف سهلة التناول: فحجمها صغير ومواضيعها متعددة متنوعة تُقرأ بسرعة، فهي تتألف من الأخبار الرياضية وما يتعلق بها من تحليل وتعليق ومن المقالات الصغيرة والحديث الصحفي والتحقيق الصحفي، والسعر الزهيد للصحيفة عامل هام من عوامل انتشارها لأنَّ بإمكان كل شخص شراؤها رغم انخفاض مستواه المعيشي بخلاف الكتب والمجلات .
ت‌- الانتشار الكبير والسريع: فالصحف تُوَزع في كافة أنحاء البلد الذي تَصدر فيه، وغالباً ما تُوَزع في البلدان المجاورة أيضاً عند السماح لها بذلك، وقد أسهم البريد العادي والجوي في سرعة إيصال الصحيفة لجميع المناطق حتى غَدت السرعة صفة لازمة للصحافة .
ث‌- توظيف النظريات: توظف الصحف الكثير من النظريات الصحفية التي تحمل الحقائق النفسية والعقلية للإنسان من خلال ممارستها الصحفية المختلفة في محاولاتها التأثير على هذا الإنسان وتشكيل اتجاهاته وميوله ووجهات نظره تجاه القضايا والمواقف المختلفة.(70:7)
ج‌- التواجد على شبكة الانترنت : يرى الباحث: بأنَّ شبكة المعلومات العالمية (الانترنت) سَهّلَت من سرعة إطلاع الحكام كغيرهم من الأفراد على الصحف عبر مواقعها في (الشبكة العنكبوتية)، فالآن بإمكان الجميع حكاماً ولاعبين وإداريين وجماهير، من قراءة محتويات الصحف ليلة صدورها وقبل أنْ يتم توزيعها على نقاط البيع، ولعل هذه التقنية (الانترنت) قد اختزلت العامل الجغرافي، فجعلت الصحيفة المحلية تنتقل على المستوى الوطني، وسمحت لهما معاً من العبور إلى بلدان العالم المختلفة في ثوان معدودة، وهذا التقنية أعطت للصحافة ميزة إضافية، فتواجدها في لحظات على المواقع الالكترونية سَهّل أيضاً عملية حفظها وأرشفتها بواسطة (pdf) أو طباعتها أو إرسالها لأي شخص في العالم في برهة من الزمن، وحرصت أكثرية الصحف اليمنية الاستفادة من هذه التقنية.
كما يرى الباحث أيضاً: بأنَّ ما يميز الصحافة على وجه العموم، والرياضية منها على وجه الخصوص عن غيرها من وسائل الإعلام الأُخرى، أنّ القارئ بإمكانه اختيار الوقت المناسب لقراءتها. والحكام بصفتهم الفئة المستهدفة من هذه الدراسة يستطيعون كغيرهم من الإطلاع عليها صباحاً في بيوتهم والبعض الآخر يقرؤونها في مَقَار أعمالهم وآخرون لا تسمح لهم ضغوط العمل والوقت إلا بقراءتها في البيت ليلاً على سبيل المثال، كما يستطيع الحكام الحصول عليها بسهولة وهم متوجهون إلى الملاعب أو عند عودتهم منها، كما يستطيعون قراءة ما يريدونه منها، وإعادة قراءتها مراراً لمزيد من الفهم والاستيعاب وقتما شاءوا. بينما يتحكم المذيع أو إدارة البرامج في البث الإذاعي والتلفزيوني بالبرامج المقدمة في وسائل الإعلام الرياضية الأُخرى.
فالتطور الذي طرأ على الصحف في الآونة الأخيرة من خلال الطباعة الحديثة والألوان الجميلة جعلها أكثر جذباً للقارئ وهو ما مَكّن القارئ من الاحتفاظ بها أو بأجزاء منها لأغراض شخصية أو في المكتبات الخاصة أو العامة، كما أنَّ التغطية الواسعة التي تقوم بها الصحف بوصولها تقريباً إلى معظم الأكشاك المنتشرة في الشوارع، بالإضافة إلى رخص ثمنها بحيث يستطيع أي شخص شرائها، كل ذلك جعلها تتواجد عند عدد كبير من المتابعين للشأن الرياضي، وهذا ما هو حاصل في اليمن، ولهذا أصبحت لها مكانة مميزة لديهم لتميزها عن بقية الوسائل الإعلامية الأُخرى من مرئية أو مسموعة .
الصفات التي تميز الصحافة الرياضية عن بقية الوسائل الإعلامية:
تتميز الصحافة الرياضية كغيرها من الصحافة العامة عن بقية الوسائل الإعلامية الأُخرى بالصفات التالية:-
أ‌- أنها اقدر على الاحتفاظ بالمعلومات لأطول مدة ممكنة، وهي بذلك تتيح الفرصة لمستقبل الرسالة الإعلامية لكي يشاهد المطبوع أكثر مدة، ولكي يتثبت من بعض النقاط التي يود أن يركز عليها.
ب‌- تمتاز كغيرها من المطبوعات بأنها أكثر قدرة على التصرف في المادة التي تتضمنها من حيث الحجم، فالمطبوعات هي أفضل وسيلة لتقديم الموضوعات الطويلة والمعقدة.
ت‌- أنها الوسيلة الوحيدة التي يستطيع القارئ عرض نفسه عليها في الوقت الذي يناسبه ويتفق مع ظروفه.
ث‌- تُستخدم الصحافة الرياضية بنجاح أكثر مع الجماهير المتخصصة، ولا يقتصر ذلك على الممارسين فقط بل على المتابعين للشأن الرياضي. (8:8)
أهداف ووظائف الصحافة الرياضية:
" أضحت الصحف تلعب دوراً هاماً في تكوين الرأي العام حتى لقبها البعض بالسلطة الرابعة أي أنها بعد السلطات الثلاث – التشريعية والقانونية والتنفيذية – وذلك دلالة على أهميتها في حياة الناس وقدرتها على التأثير في الرأي العام، وبالرغم من أنَّ التلفاز يُعد مصدر الأخبار الرئيسي – بحكم البث الفضائي – إلا أنَّ الصحف لا زالت هي الأكثر انتشاراً كوسيلة اتصال جماهيري، إذ أنها أصبحت من ضرورات الحياة لما تحتويه من مواضيع متنوعة كالأخبار والتحليلات والمقالات السياسية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية والثقافية". (9: 181).
فالصحافة الرياضية لها أهداف ووظائف ليست بعيدة عن الصحافة العامة أو مختلفة عليها، فهي تقوم بنفس الوظائف وترمي إلى نفس الأهداف، ولكن في مجال أكثر تخصصاً وبطرق تتناسب مع طبيعة الجمهور المستهدف. ويمكن عرض أهداف ووظائف الصحافة الرياضية على النحو التالي:
أهداف الصحافة الرياضية:
لقد وضعت الصحافة المكتوبة نصب أعينها تحقيق عدة أهداف يمكن تلخيصها في النقاط التالية :_
أ‌- تزويد الجماهير بالأخبار اللازمة لها لِتُكَوِّن حكمها على الموضوعات العامة.
ب‌- التعليق على الأنباء الرياضية .
ت‌- تعكس آراء الآخرين في الموضوعات والأحداث الرياضية والتعليق عليها من خلال عرض آراء ووجهات نظرهم.
ث‌- التغطية الكاملة للبطولات والأحداث الرياضية المحلية والعالمية .
ج‌- التعريف بالأبطال والمثاليين في اﻟﻤﺠالات الرياضية المختلفة والتركيز على الناشئين.
ح‌- توضيح مفهوم السلوك الرياضي والروح الرياضية.
خ‌- العمل على نشر الروح الرياضية والبعد عن التعصب والكراهية بين أبناء الوطن.
د‌- التعريف بالقواعد المختلفة للألعاب الرياضية .
ذ‌- توعية وتثقيف الجماهير رياضياً.
ر‌- التوجيه والإرشاد للأفراد والأندية والهيئات والاتحادات الرياضية والجهات الحكومية والأهلية. (5: 103- 104).
من خلال الأهداف التي صاغها خير الدين عويس و عطا عبد الرحيم يرى الباحث: بأنَّ جُلها يتحقق فيما تتعاطى به الصحافة الرياضية في اليمن – في حدوده الوسطى – غير أنَّ الأخبار تأخذ حيزاً كبيراً من تغطيتها، وهو الغالب عليها ورغم أنَّ ذلك يُعد أمراً ايجابياً، إلا أنه يتوجب على الصحافة اليمنية أيضاً الاهتمام بجوانب التحقيق والتحليل والنقد بصورة متوازنة خصوصاً في الإصدارات الأُسبوعية فيما ترتكز الأخبار في الإصدار اليومي، بما يعطي التوازن لمحتوى الصحيفة ويجعلها ذات فائدة للقارئ.
فجوانب توعية وتثقيف الجماهير وتوضيح مفهوم السلوك والروح الرياضية لا توجد بالقدر الكافي رغم أهميتها، ولهذا ينبغي على الصحافة الرياضية باليمن أنْ تتوجه بالنصح والإرشاد سواءً للإفراد أو للأندية أو للهيئات والاتحادات الرياضية أو بقية الجهات الحكومية والأهلية لما من شأنه نبذ التعصب وتقبل الخسارة وجعل التنافس في قالبه الرياضي فقط بعيداً عن أي حسابات أُخرى .
وظائف الصحافة الرياضية:
يرى محمود علم الدين : أنَّ وظائف الصحافة المكتوبة تختلف من مجتمع لمجتمع لآخر، ومن زمن لآخر، وعلى ضوء هذا يمكن تحديد بعض وظائف الصحافة الرياضية فيما يلي :_
أ- الأخبار والصحافة الرياضية:
وتتم الأخبار عبر الصحافة الرياضية من خلال تغطيتها للأحداث الرياضية بشكل دقيق وصحيح وشامل بما يُعطيها معناها الحقيقي، وأنْ تقدم الصحافة في نفس الوقت دائرة واسعة من المعلومات والمعارف والقوانين الرياضية، ومن المبادئ الهامة في الخبر الموضوعية وعدم خلطه بالرأي – الشخصي – حتى لا تتحول عملية تغطية الأحداث الرياضية إلى عملية نشر لأنصاف الحقائق والافتراءات .
ب- الشرح والتفسير والتحليل :
إنَّ الدور الذي يلعبه الشرح والتفسير والتحليل هو إعطاء مدلول واضح للمعلومات والأخبار المقدمة للقراء، وإزالة الغموض ومساعدتهم على فهم وإدراك وتكوين وجهة نظر أو رؤية حول الموضوع عبر هذه الأحداث أو تلك الموضوعات الرياضية، في البناء العام للأحداث وباستخدام أشكال صحفية مختلفة .
ج- النقد والتعليق وطرح الرأي :
تتعلق هذه الوظيفة بمقدار ما تتمتع به الصحافة الرياضية من الحرية، وبالمجال المتاح من أجل القدرة على النقد والتعليق على المواقف والموضوعات والأحداث الموجودة في الساحة الرياضية، بطريقة تعكس مختلف الاتجاهات الرياضية في المجتمع الرياضي وتناقش كافة القضايا والمشكلات الرياضية المثارة في المجتمع وإبداء الرأي لا يعني صحة أو خطأ الرأي المعاكس .
د- تحقيق التكامل والترابط بين أفراد المجتمع الرياضي :
يمكن أنْ يحدث التكامل والترابط والتماسك بين أفراد المجتمع الرياضي بواسطة الصحافة الرياضية وبحبهم وانتمائهم للمجال الرياضي ورغبتهم بالنهوض والارتقاء به إلى أعلى المستويات.
ه- نقل التراث الرياضي من جيل لآخر :
تكون هذه المهمة من خلال التعريف بالأبطال والنجوم الرياضيين الذي أثَّروا في المجتمع الرياضي بما حققوه من إنجازات رياضية، هذا بالإضافة إلى تعريف هذه الأجيال بالقيم والتقاليد الرياضية السائدة حتى يمكن المساهمة في عملية التنشئة الرياضية للأجيال القادمة .
و- التوثيق والتاريخ :
تعتبر الصحافة الرياضية مُوّثِقاً يقوم بجمع الأحداث الرياضية اليومية وتوثيقها في صحيفة يومية تجمع كل الأحداث والوقائع المتلاحقة والمتتابعة مما يجعلها مصدراً يمكن التزود بالمعلومات الرياضية منه في أي وقت .
ز- التسلية والترويح فيه :
تقوم الصحافة الرياضية بهذه الوظيفة من خلال التخفيف عن القراء من آثار التوتر والمعاناة اليومية، ومساعدتهم على قضاء أوقات فراغهم بأساليب مناسبة تحقق لهم المتعة والثقافة الرياضية من خلال نشر القصص الرياضية والكلمات المتقاطعة والمسابقات والألغاز ونشر الصور الرياضية الطريفة والرسوم الكاريكاتورية الساخرة. (10: 15).
ويرى الباحث: بأنَّ قيام الصحافة الرياضية اليمنية بنشر الصور المسيئة للحكام، كالتي تبين الاعتداءات الجسدية عليهم، أو إظهارهم في قالب رسوم كاريكاتورية ساخرة تؤثر على حالتهم النفسية، وتسبب ضغوطاً كبيرة عليهم لأنها تجعلهم محط سخرية الجمهور، وهذا الأخير يستخدمها في الملاعب للتشويش على الحكام أثناء قيادة المباريات. مما يجعل الحكام تحت تأثير الضغط الذي تُسببه نشر مثل هذه الصور والرسوم في الصحافة، الأمر الذي قد ينعكس سلبياً على أدائهم من خلال شُرودهم الذهني تحت وطأة تعليق وصيحات الجماهير عليها.
الصحافة الرياضية ونظريات الإعلام :
تستند الصحافة الرياضية على نظريات إعلامية عديدة ترتكز عليها عند تعاطيها مع الأحداث الرياضية، ويختلف تأثير هذه النظريات بحسب الأُسلوب والزمن الذي تستعمل فيه، وبحسب شخصية الأفراد المراد تأثيرها عليهم، ومن هذه النظريات ما يلي :-
نظرية التأثير المباشر وقصير المدى :
يرى أصحاب هذه النظرية " أنَّ علاقة الفرد بمضمون المواد الإعلامية للإعلام الرياضي هي علاقة تأثير مباشر وتلقائي، فلإنسان الذي يتعرض لأي مادة إعلامية سواءً كانت صحفية أو تلفزيونية أو إذاعية فإنه يتأثر بمضمونها مباشرة وخلال فترة قصيرة" .
" ومعنى ذلك أنَّ مشاهدة الفرد لبعض مظاهر العنف في إحدى المباريات من خلال التلفاز أو عند قراءته عنها في الصحافة الرياضية، فإنه بالضرورة وبناءً على هذه النظرية سوف يُحاكيها ويحاول تطبيقها في واقع حياته، ويسمى هذا بالمنحنى في دراسة تأثير مضمون الإعلام الرياضي بنظرية الحُقنة أو الرصاصة. ومُلخص هذه النظرية أنَّ الرسائل الإعلامية مهما كان نوعها والتي تبثها وسائل الإعلام تؤثر في الإنسان المتلقي لها تأثيراً مباشراً كما لو أنه حُقن بإبرة مخدرة أو أُطلقت عليه رصاصة". (11: 19) .
ويرى الباحث: بأنَّ تأثير هذه النظرية على الجماهير اليمنية يتم بصورة كبيرة عبر الصحافة الرياضية، كونها المتفاعل الأكبر من بين وسائل الإعلام الأخرى مع القضايا الرياضية، فيما التلفاز اليمني بقنواته الأربعة يظل غائباً حتى عن بث مباريات دوري كرة القدم ولو بصورة مسجلة – إلا في المباريات النهائية التي يحضرها كبار مسؤلي الدولة – وذلك بسبب خلافات مالية مع اتحاد الرياضة، كونه يشترط مستحقات مالية مقابل نقل المباريات فضائياً. ولعل هذا ما جعل مساحة تغطيته للأحداث الرياضية خصوصاً رياضة كرة القدم في أضيق حدودها وبالتالي يكون تأثيرها محدوداً مقارنة بالصحافة الرياضية.
نظرية التأثير على المدى الطويل أو التراكمي :
يرى أصحاب هذا الاتجاه: "بأنَّ تأثير ما تعرضه وسائل الإعلام في المجال الرياضي على الجمهور يحتاج إلى خبرة طويلة حتى تظهر آثاره من خلال عملية تراكمية ممتدة زمنياً، تقوم على تغيير المواقف والمعتقدات والقناعات الرياضية وليس على التغيير المباشر الآني لسلوك الأفراد. وتعتمد هذه النظرية على أنَّ الإنسان يحتاج لزمن طويل حتى يُغيّر نمط تفكيره وأُسلوب حياته وطريقة تعامله مع الأشياء التي يتعرض لها، ووفقاً لهذا الأُسلوب فإنَّ استمرار تعرضه إلى المادة الإعلامية التي تنبذ العنف الحاصل في الملاعب الرياضية بكل صوره وأشكاله سواءً من اللاعبين أو الجمهور أو المدربين وإظهاره بصورة مُنافية للروح الرياضية السليمة من قبل الإعلام الرياضي مما يؤدي إلى قلة ظهور حوادث العنف هذه وبالتالي يمكن القضاء عليها على المدى الطويل" (11: 19) .
نظرية التطعيم أو التلقيح :
" اشتق اسم هذه النظرية وفكرتها من الفكرة نفسها التي يقوم عليها أساسها التطعيم ضد الأمراض فالجرعات المتتالية من المفاهيم والقيم الرياضية التي نتلقاها من الإعلام الرياضي تشبه الأمصال التي تُحقن بها لكي تَقل أو تَنعدم قُدرة الجراثيم على التأثير بأجسامنا، فاستمرار تعرض الجمهور لمشاهدة العنف والجريمة والتي تحدث في الملاعب الرياضية مثلاً يخلق لديهم حالة من اللامبالاة تجاهها وعدم النفور منها" (11: 19) .
نظرية التأثير على مرحلتين :
ويقصد بذلك " انتقال المعلومات على مرحلتين حيث ترى هذه النظرية أنَّ تأثير وسائل الإعلام في المجال الرياضي على الجمهور يتم بشكل غير مباشر ويمر بمرحلتين :
المرحلة الأُولى: والتي هي ما تبثه أو تنشره وسائل الإعلام في المجال الرياضي للجمهور، فالذي نتلقفه مباشرة منها قد لا يؤثر فينا كثيراً بل قد لا نُعيره أدنى اهتمام عند بث وسائل الإعلام لرسائلها وبتلقينا لتلك الرسائل (المعلومات) تنتهي المرحلة الأُولى.
المرحلة الثانية: يبدؤها من يُسميهم علماء الاتصال بقادة الرأي في المجتمع، وهم كل الأشخاص البارزين داخل التجمعات الصغيرة في المجتمع كجماعات الأصدقاء والزملاء في النادي أو الفريق والأقارب. قادة الرأي هؤلاء هم بعض أصدقائنا أو أصحابنا أو ذوي الرأي فينا.
فالذي يحدث في هذه المرحلة هو أنَّ قادة الرأي هؤلاء قد شاهدوا نفس الذي شاهدناه وقرؤوا نفس الذي قرأناه فبدؤوا بالحديث عنه بطريقة تُنبهنا إلى أشياء لم نَفطن لها، وبأُسلوب أكثر إقناعاً من الطريقة التي عرضتها وسيلة الإعلام، وقائد الرأي هذا قد يكون له النفوذ المادي أو الأدبي أو كليهما ما يجعلنا نتقبل تفسيره ورؤيته الخاصة للرسالة الإعلامية مما يؤدي إلى تأثرنا بكل جزء من مضمون تلك الرسالة. (5: 31) .
نظرية تحديد الأوليات :
اُستعير اسم هذه النظرية من فكرة جدول الأعمال الذي يبحث في اللقاءات والاجتماعات وفكرة النظرية على أنه مثلما يحدد جدول الأعمال في أي لقاء ترتيب الموضوعات التي سوف يُناقشها بناء على أهميتها.
فالإعلام الرياضي يقوم كذلك بالوظيفة نفسها، أي له جدول أعمال خاصة به وعلى أساسها ترتب الموضوعات وفقاً لدرجة أهميتها فالأهم ثم الأقل أهمية، وجدول أعمال الإعلام الرياضي هو ما يبثه من برامج رياضية أو موضوعات مكتوبة حتى يبدوا لجمهور القُراء أو المشاهدين أو المستمعين أنَّ هذه البرامج والموضوعات أولى وأهم من غيرها بالاهتمام، فتركيز الإعلام الرياضي على موضوع معين وإعطاء حيز كبير له يعني للجمهور بأنَّ هذا الموضوع أو الشخص له من الأهمية ما تجعله حاضراً باستمرار أو بكثرة في الإعلام الرياضي، كما أنَّ الموضوعات أو الأشخاص الذين ليس لهم حضور في الإعلام الرياضي ليس لهم أهمية لدى عامة الناس. (11: 19) .
نظرية حارس البوابة :
جاءت هذه النظرية من عمل الحارس الذي يقف عند البوابة فَيُدخل من يشاء ويَمنَع من يشاء. وغالباً ما تتحكم الاعتبارات الشخصية في قرار هذا الحارس. والنظرية من حيث استخدامها في الحديث عن تأثير الإعلام الرياضي تنطلق من أنَّ الأشخاص العاملين في الإعلام الرياضي يتحكمون فيما يصل إليه الناس من مواد إعلامية، والمتمثل في تدفق المواد الإعلامية للجمهور يقوم به رجل الإعلام كحارس يقف على بوابة الجماهير ويسمح بتمرير مواد إعلامية مُعينة لهم.
ومن خلال هذا الدور فهو يحدد للجمهور ما يجب أنْ يقرأُه أو يشاهده أو يسمعه، فمثلاً رئيس تحرير صحيفة رياضية ما هو الذي يقرر نشر خبر عن اعتداء لاعبي فريق ما على الحكم في مباراة لكرة القدم وفي نفس الوقت يحجب خبر امتثال نفس لاعبي هذا الفريق في مباراة أُخرى لقرارات الحكم على الرغم من عدم صحة بعض هذه القرارات، أو قد يصف أحدُ المحررين في تعليقه على إحدى المباريات أنَّ الخشونة الزائدة من جانب بعض اللاعبين على أنه لعب رجولي.كما أنَّ المحرر نفسه يستطيع إعادة صياغة هذا التعليق حيث يَعتبر خشونة هؤلاء اللاعبين عنفاً غير مقبول ويعتبره أيضاً خروجاً عن الروح الرياضية.
إذاً فدور حارس البوابة الإعلامي مؤثر في الجمهور من خلال سماحه بمرور رسائل إعلامية معينة، وبالمقابل منعه عنهم رسائل أُخرى قد يكونون في حاجة أكثر إليها من التي عُرضت عليهم، وهناك مقولة إعلامية تقول: الأكثر أهمية ليس الذي تم عرضه على الجمهور بل ذلك الذي لم يتم عرضه بعد عليهم. (11: 22) .
نظرية الاستخدامات والإشباع :
تنظر هذه النظرية في العلاقة بين الإعلام الرياضي وجمهوره بشكل مختلف عن النظريات السابقة. ففي هذه النظرية يحدد الإعلام الرياضي للجمهور نوعية الرسائل حسب رغباته يتحكم بدرجة كبيرة في مضمون الرسائل الإعلامية التي يعرضها الإعلام الرياضي. لذا ترى هذه النظرية أنَّ الجمهور يستخدم المواد الإعلامية الرياضية لإشباع رغبات معينة لديه. مثال ذلك الشخص الميّال للعنف والمغامرات تستهويه مشاهدة أحداث العنف التي يشاهدها في الملاعب الرياضية من خلال التلفاز أو قراءة تفاصيلها من الصحف والمجلات فيسعى جاهداً لاستخدامها لإشباع هذا الميل.
بالمقابل فاللاعب العصبي – سريع الاستثارة – يجد ذاته وراحته النفسية في المشاهد التي يظهر فيها مثل هذا السلوك وهذا يشعره بأنه ليس وحده الذي يمارس هذا السلوك مما يدعم التوجه إليه أكثر وأكثر. فنظرية الاستخدام والإشباع تنطلق من مفهوم شائع في علم الاتصال وهو مبدأ التعرض الاختياري وتفسيره أنَّ الإنسان يُعرِض نفسه اختيارياً لمصدر المعلومات (الإعلام الرياضي) الذي يُلبي رغباته ويتفق وطريقته في التفكير، ونظرية الاستخدامات والإشباع يكون لها تأثير ايجابي في المجتمع الرياضي، طالما أنَّ ما يقدمه الإعلام الرياضي في هذا المجتمع خالٍ من العنف والعدوان، ويعمل على كبح الخيالات المريضة بمعنى عدم مسايرتها للسلوكيات المريضة والمنحرفة.
( 11: 27) .
مناقشة آثار تلك النظريات على الصحافة الرياضية اليمنية:
يرى الباحث : بأنَّ تأثير تلك النظريات على الصحافة الرياضية اليمنية يتفاوت من نظرية لأُخرى بنسب تختلف بحسب طبيعة تلك النظرية وتغطية الصحافة اليمنية للأحداث الرياضية، فمن خلال نظرية (التأثير المباشر وقصير المدى) نجد الجماهير اليمنية تتأثر أكثر بالصحافة الرياضية كونها المتفاعل الأكبر من ضمن وسائل الإعلام الأُخرى مع القضايا الرياضية، فيما التلفاز اليمني – بقنواته الأربع – يظل غائباً حتى عن نقل مباريات كرة القدم ولو بصورة مُسجلة – باستثناء المباريات التي يحضرها كبار رجال الدولة – وذلك بسبب خلافات مالية مع الاتحاد، كون التلفزة اليمنية بعكس جميع نظيراتها العالمية تشترط حصولها على مبالغ مالية مقابل نقل المباريات عِوَض أنْ تقوم هي بالدفع لاتحاد كرة القدم، ولعل هذا ما جعل مساحة تغطيته لأنشطة كرة القدم في أضيق حدودها. ولهذا فالتلفاز اليمني يظل تأثيره محدوداً جداً في الجماهير الرياضية وفق هذه النظرية.
أما فيما يتعلق بنظرية (التأثير على المدى الطويل والتراكمي) فإنَّ الصحافة الرياضية لا تتناول أحداث (العنف) على سبيل المثال كظاهرة مُقلقة طوال الموسم الكروي، بل تتعرض إليها فقط عند حدوث حالة عنف معينة في لقاء ما، وهو ما يجعل القارئ غير مطلع على الدوافع التي قادت إلى حدوث تلك الحالة، كما أنَّ التغطية لا تكون عند مستوى الحدث وخطورته، بحيث لا تعقد الندوات ولا المحاضرات ولا المؤتمرات التي تبين الخطر الفادح الذي يترتب على ظاهرة العنف، لاسيما ذلك العنف الموجه نحو حكام كرة القدم، وبالتالي لا يُساعد ذلك على إحداث تغيير في المواقف أو المعتقدات العالقة بذهن الفئة المستهدفة.
وينطبق هذا أيضاً على نظرية (التطعيم أو التلقيح) فعدم الإسهاب في محاربة ظاهرة العنف والسلوك غير الرياضي في الملاعب اليمنية لا يؤدي إلى أنْ يعرف المجتمع بخطورتها ونتائجها الوخيمة ليس على الرياضية فحسب بل على النسيج الاجتماعي كله. ولذا ينبغي على الصحافة اليمنية أنْ تتعمق في محاربة هذه الظاهرة، والتي إنْ ترُكت على حالها فسوف يستفحل أمرها، وعندها يصعب القضاء عليها أو الحد منها لأنها تُصبح حينئذٍ داءً مُزمناً.
وفيما يخص نظرية (التأثر على مرحلتين) فالصحافة الرياضية اليمنية تعمل كثيراً وفق المرحلة الأُولى منها، والمتمثلة في بث ونشر الأخبار وما يتعلق بها من تحليلات ومقالات وحوارات واستطلاعات، أما المرحلة الثانية فإنها لا تقل أهمية عن المرحلة الأُولى والمرتكزة حول أخذ أراء الخبراء والمُبرِزين من المختصين – كونهم يقرؤون ما بين السطور – في القضايا المُثارة والمطروحة للنقاش والبحث. فهذا الحيّز تكاد تكون مساحته ضئيلة جداً في الصحافة الرياضية اليمنية، ورغم هذا فيقتصر تناول الموضوع على آراء ومقالات وتحليلات الصحفيين أنفسهم، مما قد يجعل الآراء المطروحة أكثر تحيزاً من قِبَلِهم. ولهذا يتوجب أنْ تنفتح الصحافة اليمنية على المرحلة الثانية من هذه النظرية لتكمل المرحلة الأُولى منها.
ومن خلال نظرية (تحديد الأوليات) والتي تعتمد على أنَّ الأشخاص والمواضيع الأكثر حضوراً في الصحافة الرياضية اليمنية هي الأكثر أهمية لدى القارئ، وعليه فإنَّ ظهور المدربين واللاعبين والإداريين باستمرار عبر لقاءات مكثفة وتسليط الضوء عليهم بصورة مُلفتة، يجعلهم محط أنظار واهتمام الجماهير. بالمقابل فإنَّ الحكم اليمني يظل غائباً عن دائرة الأضواء إلا في أوقات قليلة جداً، وهم ما يجعله غير معروف سوى في حالة الإساءة إليه أو التشهير به عند حدوث اعتداء عليه، أو في حالة عدم توفقه في إحدى المباريات. عندها فقط تُصاغ بحقه العناوين البارزة، وتُفرد له مساحات واسعة، وتُصوره وكأنه المخطئ الوحيد، وتَجعله شماعة لكل الأخطاء، مع أنَّ وقوعه في الخطأ وارد لكونه بشر يُخطأ ويُصيب مثله مثل بقية عناصر الرياضة. وعلى النقيض من ذلك فإنَّ بروز الحكام وتألقهم في قيادة المباريات لا يُشار إليه إلا في ثنايا السطور إنْ حدث وأُشير إليه. وهذا أبرز ما يتعرض إليه الحكام من قبل الصحافة الرياضية في اليمن.
ولعل ذلك يتطابق مع نظرية (حارس البوابة) فالصحفي أو الصحيفة هم المتّحكمون في عُبور الأشخاص للجمهور الرياضي، وغالباً ما تتحكم الاعتبارات الشخصية للصحيفة أو للصحفي فيما يقرؤه الجمهور. فعلى سبيل المثال: أخبار الاعتداءات التي يتعرض لها الحكام تتصدر صفحات وعناوين الصحف والملاحق الرياضية، أما فيما يتعلق باحترام اللاعبين لهم وتنفيذ قراراتهم فلا يُشار إليه بنفس الكيفية أو المساحة أو الزمن، ولعل هذا ما يقودنا للتأكيد على أنه ليس المهم فيما تم نشره بل قد يكون الأهم فيما حُجب عن النشر.
أما بخصوص بنظرية (الاستخدام والإشباع) فيرى الباحث: أنَّ الصحافة الرياضية اليمنية تتميز بالتنوع فمنها الرسمي ومنها الحزبي ومنها المستقل ومنها ما يتبع بعض الأندية أو من يُناصرها، كل ذلك التنوع في الإصدار أشبع لحد ما رغبات الجمهور اليمني، والذي أضحى ينتقي الصحيفة التي تقف إلى جوار الفريق الذي يُشجعه أو تمثل وجهة نظره – بغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها.
فعلى سبيل المثال عند إخفاق فريق معين فإن مُناصريه يستخدمون الصحف التي تُصوره على أنه مظلوم ووقع ضحية الحكام، وعلى أنه كان مُستَهدفاً منهم، في حين أنَّ ذات الصحيفة تُغفل ذكر الأسباب الحقيقية للخسارة، والتي قد تكون ناتجة عن خطة سيئة من المدرب أو لتساهل اللاعبين في أداء واجبهم فوق أرضية الميدان أو لتقصير إداري في البرمجة والتحضير.
تأثيرات الصحافة الرياضية:
هناك أنواع من التأثيرات يمكن للصحافة الرياضية إحداثها في الجمهور، وهذه التأثيرات بحسب محمد الحضيف تتلخص في ما يلي:-
تغيير الموقف أو الاتجاه الرياضي :
يُقصد بالموقف رؤية الإنسان لقضية أو شخص ما وشعوره تجاهه، وعلى هذا الموقف يَبني الإنسان حُكمه الأساسي على الأشخاص الذين سُيصادفهم، والقضايا التي يتعرض لها، وهذا الموقف قد يتغير سلباً أو إيجاباً، رَفضاً أو قُبُولاً، حُباً أو كُرها، وذلك بناءً على المعلومات أو الحيثيات التي تُقدم للإنسان.
والإعلام الرياضي لديه القدرة من خلال ما يبثه من معلومات رياضية على تغيير النظرة الضيقة من جانب البعض للرياضة، حيث يعتبرونها مضيعة للوقت بواسطة قدرته على تغيير مواقفهم تجاه بعض الأشخاص الرياضيين والقضايا الرياضية المعاصرة، فيتغير بالتالي حُكمهم على هؤلاء الأشخاص وتلك القضايا .
فمثلاً: عندما يُمدنا بعشرات الأحداث حول فريق يعترض على الحكام أو يعتدي عليهم. تكون النتيجة أنَّ القارئ قد يُغيّر موقفه من هذا الفريق ويصبح هذا الفريق له سمعة غير طيبة ويقترن اسمه بكل أحداث العنف أو الشغب داخل الملاعب، ولذا فمن الضروري ألا يَستقي الفرد معلوماته من مصدر واحد حتى لا يرى الأمور من خلال وجهة نظر واحدة والتي قد تكون ناقصة أو منحازة لطرف على حساب الآخر.
1-14-2 تغيير المعرفة الرياضية :
المعرفة الرياضية هي: " مجموع كل المعلومات الرياضية التي لدى الفرد، وتشمل المعتقدات والمواقف والآراء التي تخص المجال الرياضي وكذلك السلوك الرياضي. فالإعلام الرياضي ومن خلال ما يملكه من إمكانيات يستطيع أنْ يُحدث تغييراً في المعرفة الرياضية لدى الجمهور متى ما استطاع توظيف بعض المتغيرات كشخصية الإنسان وخبرته في بيئته الرياضية .
التنشئة الاجتماعية في المجال الرياضي :
" هناك مؤسسات معينة في كل مجتمع قد تقوم بتنشئة الأفراد وتثقيفهم رياضياً، ومن هذه المؤسسات: المنزل والمدرسة والمراكز الدينية، هذا بالإضافة للمؤسسات الرياضية: كالأندية ومراكز الشباب والساحات الشعبية، ثم جاء دور الإعلام الرياضي الذي لم يعد مُجرد مُساهم صغير في عملية التنشئة بل أصبح عاملاً مهماً ومؤثراً في هذه العملية، وذلك بسبب دُخوله كل بيت ومخاطبته للنشء والشباب والكبار، ولهذا ينبغي أنْ تعمل تلك الوسائل الإعلامية على تعزيز الانتماء للوطن والابتعاد عن الإرهاب والعنف ليكون عُنصراً صالحاً في مجتمعه".
الاستثارة الجماعية :
من خصائص الإعلام الرياضي قدرته على الوصول إلى قطاع كبير من الجمهور وهذا يمثل وجهاً من الوجوه الايجابية له، إلا أنَّ الوجه السلبي له يتمثل في إساءة استعمال ذلك، فهو لديه القدرة على التأثير في الجماهير، ولذا عليه عدم المغالاة والمبالغة، وحثهم على التنافس الشريف وهو الهدف الأسمى للرياضة أما النتائج فللتوفيق دور كبير فيها .
الاستثارة العاطفية :
الإعلام الرياضي يتمتع بقدرة فائقة على التعامل مع العواطف الإنسانية عبر استخدامه لأساليب العرض بما تملكه من إمكانيات تخاطب الفكر والوجدان، فمثلاً يستطيع أنْ يجعلنا نتعاطف مع الضحية بل ونبكي معها حينما يعرض لنا مشاهد المعاناة والألم التي تعرضت لها كاعتداء الجمهور على حكم إحدى المباريات، وقد يقدم لنا مبررات لهزيمة فريقنا القومي وخروجه من بطولة ما نتيجة ظلم الحكام على الرغم من أنَّ هذه المبررات قد لا تقوم على سند صحيح. كما أننا في الوقت نفسه وبناءً على تلك المعلومات والمبررات الخاطئة قد نكره حكام هذه المباراة ولا نحزن للأذى الذي قد يتعرضون له من قبل الجماهير، وتجاهل إدانة أو شجب هذا السلوك غير الرياضي من جانب هذه الجماهير بحجة أنهم هم السبب في هزيمة هذا الفريق وخروجه من البطولة .
الضبط الاجتماعي في المجال الرياضي :
تمثل عملية الضبط الاجتماعي إلى جانب المؤسسات الأمنية والاجتماعية عنصراً مهماً في المحافظة على النظام والاستقرار داخل الملاعب الرياضية. والإعلام الرياضي بما يملكه من إمكانات أصبح من أهم أدوات عملية الضبط الاجتماعي في المجال الرياضي نظراً لكونه أولاً يمتلك الطبيعة الجماهيرية، وثانياً لاعتماد الناس عليه كمصدر يكون هو الوحيد للكثير من المعلومات الرياضية لقطاع كبير من الجمهور. فترويجه لأراء وأفكار رياضية معينة والتعتيم على ما يُخالفها يجعلها تخلق ما يشبه العُرف الرياضي الذي يتفق الجمهور على قبوله بل ويُحاذر الناس من مخالفة ما جعله الإعلام الرياضي إجماعاً، كإبراز كرة القدم النسائية وتخصيص مساحة واسعة للدعاية لها من أجل تشكيل رأي عام وإجماع يقبل ممارسة الفتاة لكرة القدم.
صياغة الواقع :
حيث يقوم الإعلام الرياضي بصياغة الواقع وتقديمه للجمهور كما هو، ويُقصد بالواقع: ذلك الجزء الذي يعرضه أو ينشره حول الأحداث والقضايا والموضوعات الرياضية المعاصرة داخل المجتمع الرياضي، بحيث يبدوا وكأنه أمر واقعي وطبيعي ومعبر عن الحقيقة، كتصوير الفريق القومي بالقوة الضاربة التي لا تهزم، فيما يُمنَى من أول احتكاك رسمي بخسارة ثقيلة، حينها يُدرك الجمهور أنَّ صياغة الواقع من قبل الإعلام لم يكن واقعاً صحيحاً وبالتالي يفقد مصداقيته لدى الجماهير وقد يقود لعزوفهم عن متابعة الرياضة، ولذا يجب على مسئوليه القيام بصياغة الواقع كما هو دون زيادة أو نقصان حتى لا يُصاب الجمهور بالتمزق ويفقد الثقة في المجتمع الرياضي بصفة خاصة ومجتمعه الأصلي بصفة عامة" (11: 31-34).
ويرى الباحث: بأنَّ تأثير الصحافة الرياضية في الجمهور اليمني تتفاوت بقدر ما تتناوله من أخبار وتعليقات، وتحقيقات، ولقاءات، واستطلاعات، وتحليلات، ومقالات، فعلى ضوء ذلك يمكن لهذه الصحيفة أو تلك من تغيير مواقف أولئك الجماهير تجاه القضايا الرياضية المختلفة التي يهتمون بها.
فعلى سبيل المثال: تستطيع صحيفة ما أو عدة صحف من تسليط الضوء على عدم توفيق حكم معين في مباراة أو أكثر- من وجهة نظرها – وجعلها قضية تشغل الرأي الرياضي. ستكون النتيجة حينها بأنَّ نظرة تلك الجماهير لذلك الحكم تحولت إلى ازدراء واحتقار، ويجعله غير مرحب به لإدارة مباريات أُخرى، ومن شأن ذلك أنْ يؤثر على الحالة النفسية للحكم، وهو ما قد يقوده لترك التحكيم وقتياً أو نهائياً بحسب حجم الهجوم الإعلامي عليه. ولهذا ينبغي للقارئ التفطن إلى الدواعي التي جعلت تلك الصحف تشن ذلك الهجوم على الحكام، فقد يكون ذلك لمصلحة فريق خسر إحدى المباريات التي كان يديرونها.
كما أنَّ الصحافة الرياضية يمكن لها لعب دور مهم في تغيير المعرفة الرياضية، بواسطة تثقيف الجمهور وتعليمه بقوانين الرياضات وتاريخها وفوائدها. وتقوي كذلك علاقة الشباب بوطنهم من خلال التنشئة الاجتماعية السليمة، عبر الوقوف خلف الأندية والمنتخبات الوطنية التي تُمثل البلاد مهما كانت النتائج.
بالمقابل على الصحافة الرياضية ألا تستخدم أُسلوب الشحن والتعبئة التي تُصور المباريات وكأنها ساحة قتال، وتظهر المنافسين وكأنهم أعداء. فهذا ما يقود الجماهير في حالة الخسارة للخروج عن الروح الرياضية، لكونها وجدت في الملعب عكس ما طرحته الصحافة عن الفوز العريض والهزيمة الساحقة للخصوم على صفحاتها. وذلك يتناقض تماماً مع (صياغة الواقع) الذي يجب تبنيه من قِبَل الصحافة الرياضية. وهذا ما لمسه الباحث عند تحضير المنتخب اليمني لبطولة الخليج العشرين لكرة القدم التي استضافتها اليمن للفترة من 15/12 – 5/1/2011م.
فقد بالغت الصحافة في الإشادة بالمنتخب وبنتائجه في اللقاءات الودية، وجعلت منه نداً ومنافساً للمنتخبات الخليجية، ولم تُراعي ظروف المباريات الودية ونوعية المنتخبات التي لعب معها. والنتيجة أنَّ الجماهير التي مَنّت نفسها بنتائج مبهرة – وفق أُسلوب التغطية الصحفية قبل انطلاق البطولة – وجدت منتخباً مُغايراً مما أصابها بخيبة أمل كبيرة وجعلها تُساند المنتخبات الأُخرى.
ولهذا ينبغي أنْ يكون طرح الصحافة الرياضية اليمنية منطقياً ومُتزناً ومبنياً على أُسس علمية، وبعيداً عن المبالغات والمزايدات واستثارة عواطف الجماهير، لأنَّ ذلك لا يخدم الرياضة بقدر ما تكون نتائجه سلبية، وهو ما لا تستطيع الصحافة معالجته أو إصلاحه على المدى القريب. فقد ينتج عن ذلك شغب وعنف ابتداءً من الاعتداء على الحكام واللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية، ومروراً بتدمير الملاعب والمنشآت الرياضية وانتهاءً بإقلاق السكينة العامة في المدن التي تستضيف المنافسات الرياضية.
من خلال ما ورد في هذا الفصل من إحاطة بالصحافة الرياضية ومدى تأثيرها في المحيط الذي تعمل فيه، والمتمثل في مجمل الأنشطة والرياضات، نجد بأنَّ دورها مهم بل وغاية في الأهمية، فبدون وجودها لا يَطَلّع الجمهور على تلك الفعاليات، بل وتصبح في مناطق الظل، ولا تخرج للعلن ولا تشتهر وتبرز إلا بواسطة التغطية الصحفية.
ولأنها تحتل تلك الأهمية البالغة، فقد أُعطيت وأُعطىَ العاملون بها سلطة الرقيب والمقَيّم -بما أنها تعد السلطة الرابعة- بل والموجه في أغلب الأحيان للممارسين الرياضيين، ومنهم حكام كرة القدم، ولعل ذلك هو بيت القصيد، فالحكام يرون فيها تدخلاً في سلطاتهم من خلال الولوج في صميم قانون الرياضة وتفسيره على هوى رجال الصحافة دون الاستناد إلى نصوص قانون كرة القدم ولائحته التنفيذية، وهو ما جعل تناولات بعض الصحفيين تخرج عن مسارها الطبيعي، حتى وصل يبعضهم إلى التشكيك والتجريح والتشهير بالحكام.
إنَّ تلك الممارسات التي ينتهجها بعض الصحفيين ولدَّت لدى الحكام ضغوطاً نفسية شديدة، وأثّرت سلباً على أدائهم في المباريات التي يُديرونها، بل وألَبت الشارع الرياضي عليهم، وجعلت الجميع ينظر إليهم نظرة الجاني الذي يستوجب العقاب، وينتج عن ذلك الاعتراض المستمر على القرارات، وأحياناً قد يصل الحال لدرجة الاعتداء الجسدي سواءً من قبل: اللاعبين، والمدربين، والمسيرين، والجماهير، فجل أولئك يُسقطون ما تتضمنه الصحافة على الحكام داخل الملعب، وهو ما يربكهم، وقد تخرج المباريات عن سيطرة بعضهم نتيجة ذلك.
وبالتالي فإنَّ التعاطي الخاطئ من قبل الصحافة لا يؤثر فقط على الحالة النفسية للحكام، وإنما تصل تأثيراته على الرياضة برمتها، وإذا ما استمرت بعض الصحف على هذا النهج المعادي للحكام فقد لا نجد يوماً من الأيام من يطرق سلك التحكيم، خوفاً على نفسه ومحيطه الأُسري والاجتماعي من الإهانة التي قد تُلحقه به الصحافة الرياضية.
ولهذا ينبغي أنْ تتعامل تلك الصحف بحيادية تامة مع الحكام، وتبتعد عن الانحياز لبعض الأندية، وأنْ يكون نقدها هادفاً وبنَّاءً، ولما فيه صالح الرياضة، لا صالح الأهواء والرغبات الصحفية الشخصية.
المصادر
1. محمد جميل حمامي (2008) : نشر الكلمات في أساليب تأثير وسائل الصحافة على المجتمعات، القدس.
2. محمد دحماني (2006):تأثير الصحافة الرياضية في انتشار ظاهرة العنف في ملاعب كرة القدم الجزائرية، مذكرة ماجستير غير منشورة ، معهد التربية البدنية، جامعة الجزائر .
3. مديحة محمد الإمام (1979): دور الصحافة في نشر الثقافة الرياضية عامة وألعاب القوى خاصة، أطروحة دكتوراه، جامعة الإسكندرية ، بكلية التربية الرياضية للبنات .
4. إسماعيل إبراهيم (2001):الصحفي المتميز، ط1، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة.
5. خير الدين علي عويس و عطا حسن عبد الرحيم (1998): الإعلام الرياضي، الجزء 1، مركز الكتاب للنشر، القاهرة .
6. صحيفة 14 أكتوبر، الإعلام الرياضي لن يشارك في مؤتمر الاتحاد الأسيوي للصحافة الرياضية، العدد (14287)، 9/11/2008م
7. محمد منير حجاب (2000): أساسيات الرأي العام ، ط2، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة .
8. طلعت همام (1988): موسوعة الإعلام والصحافة – مائة سؤال عن الصحافة، ط2، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عَمّان.
9. محفوظ احمد جودة (1999): العلاقات مفاهيم وممارسات، ط1، دار زهران للنشر والتوزيع، الأردن.
10. محمود علم الدين (1991): الصحافة – المداخل الأساسية، كلية الإعلام، جامعة القاهرة .
11. محمد عبد الرحمن الحضيف (1994): تأثير وسائل الإعلام – دراسة في النظريات والأساليب، مكتبة العبيكان، الرياض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.