محمد عبد الباري – شاعر له صولاته وجولاته في محراب الشعر وفي عالمه الذي عندما يقراه الواحد أو يستمع به لا يريد أن يتركه حتى يستكمل المتعة من تلك الأبيات التي يبدعها الشاعر الفتيح الذي وصفه الزميل وجيه القرشي في إحدى كتاباته بقوله "عاش مثل النخيل واقفاً بكل ثبات رغم طغيان الظروف المعيشية.. لم تهزه تقلبات الشهور والأعوام التي كانت تحمل إليه الحكايات المضنية وتخضبه بمواجع الدهر، وكان يعرف قبل خروجه من منزله أن هناك أمام عتبة الدار تنتظره القساوات التي تستقبل خروجه بأنين المواجع ونهد الحبيب المفارق وفي زمن لم يعرف الرفاهية والتباهي بالكماليات المتعددة.." الشاعر الفتيح اليوم يعاني أوجاع العمر ويرقد في مستشفى اليمن الدولي بعد أن تعرض لجلطة خطيرة وهو الذي كان " حاكى ويحاكي السواقي، ويرفع هامته إلى أعلى مغازل السبول والمحاجين التي تنحني وتسجد برأسها إلى الأسفل مثقلة بالحبوب وكأنها تبادله الغزل وتمد له الجبين لتعانقه وهو يبادلها نفس الحب ويشكو لها جور الزمن مردداً أمام الحقول بقوله: ( الرفافيح في يدي.. والجراح في ساعدي.. وأنا شارح موعدي.. والبلاد ضاقت بنا. .ما بقى غير الرحيل). فيما كانت هناك طيور النورس والجوالب وأفراخ الحمام والعيل التي تخرج أيام الصراب كانت كلها تردد معه لحونها وتترجاه بأن يتراجع عن قراره وينسى حكاية الرحيل، حيث كانت تجيب عليه من كلماته وتقول: (أيها الشاكي لمن تشتكي جور الزمن؟ ما رأيت من غير ثمن حد قد نال المنى… لا تفكر بالرحيل) نعم الشاعر الفتيح رجل عصرته الحياة وهو المتصف بالتواضع الجم والأخلاق العالية ولذلك فلا غرابة أن يكون ولده الصحفي مطر الفتيح بقمة الأخلاق ونبل الصفات ..وأمام مرض الفتيح الشاعر صاحب ديوان المشقر بالسحابة نتساءل إلى متى سيظل المبدعون يعانون إهمال وجور الجهات التي اعتصرت عمرهم ومنهم الفتيح الذي قدم الكثير للوطن وللشعر ولتعز .. الفتيح رغم معاناته التي كانت إلا انه كان يحضر ويشارك كل فعاليات تعز ومهرجاناتها ولكن عندما قسي عليه المرض افتقدته تلك الاماكن وصارت تبحث عنه كلما أقيمت ندوة وأمسية وصباحية شعرية .. الفتيح شاعر يمنح الشباب جزء من وقته ليتحدث إليهم ويعطيهم تجربته في الحياة الأدبية والشعرية ، لكنه اليوم بحاجة لدعاء الجميع بان ينجيه الله من خطر تلك الجلطة التي أجبرته على ترك أمكنة كانت تتزين بوجوده