يبدو أن قدر وزارة الشباب والرياضة استقبال التعيينات واستحداث المناصب لأغراض ذاتية خدمة لأهداف حزبية مقيتة، دون إدراك مدى ارتباط تلك التعيينات بهيكلة الوزارة، أو قدرة المحمولين إلى الوزارة فوق بساط القرار الجمهوري على إحداث نقلة نوعية وترك بصمة إيجابية في واقع الشباب والرياضة الذي يتخبط كمن أصابه مس شيطاني. وزارة الشباب والرياضة ربما هي الحقيبة الوحيدة التي لا يجد المكلفون بتشكيل الحكومات المتعاقبة السابقة واللاحقة صعوبة في اختيار من يشغل منصبها ويحمل مسئوليتها، وربما لا يعرض أكثر من اسم لها، بل تجد أنها تأتي في آخر الاهتمامات، ليس لعدم أهمية كرسيها بل لعدم أهمية مجالها في نظر القائمين على أمور البلاد. حتى أن التعيينات التي تتم تتجاهل كثيراً من الكوادر ذات الخبرة والتي أفنت أعمارها في خدمة الرياضة والشباب، وتنتظر اللحظة التي يتم فيها الالتفات لعطائهم وتواجدهم فوق مكاتبهم يؤدون مهامهم على أكمل وجه.. علّهم سيقضون ما بقي من أعمارهم في انتظار قرار جمهوري عصي على الصدور يعيد إليهم قليلاً من الأمل، ويشعرهم بأن هناك من مازال في موقع القرار يقدر عطاء وجهد بذل في سبيل وطن، وخدمة للأجيال. في كل بلاد الدنيا لكل وزارة أو مصلحة حكومية أو أهلية هيكلة وظيفية أو سلم وظيفي يحدد المناصب العليا والدنيا فيها ويتم توزيع الأشخاص على ضوئها، بما يعني أنها فراغات محددة يجب ملؤها وفق معايير الكفاءة والخبرة من منطلق أن الوظيفة العامة ليست حكراً لحزب أو جماعه بقدر ما هي تكليف لمن يستحقها لا تشريفاً له. في كل بلاد الدنيا نجد الأشخاص يتدرجون في المناصب وفق التخصص ومعيار الرجل المناسب في المكان المناسب، دون أن يأتي بهذا الشخص من بعيد لتبوؤ منصب في وزارة أو مصلحة بها من الكفاءات والخبرات ما يكفي لسد الاحتياج ويساعد في تطبيق مفهوم التدرج الوظيفي. المناصب المستحدثة في وزارة الشباب والرياضة لم تكن من أجل حاجة الوزارة أو افتقارها لمن يدير العمل بقدر ما هي نتاج لسياسات خاطئة مازالت صاحبة الصوت الأقوى في الواقع الشبابي والرياضي. إن قطاع الشباب والرياضة لا يحتاج لمزيد من التعيينات واستحداث المناصب، بقدر احتياجه لأياد أمينة تدفعها قلوب صادقة ذات نوايا مخلصة تعمل على انتشاله من واقعه المتخلف الذي تؤكد تخلفه تصنيفاتنا العربية والقارية والدولية. لن يتحقق التطور المنشود بزيادة المناصب التي تؤدي إلى تنازع الاختصاصات المفرملة للعمل والمؤدية للفشل والإخفاق والتخلف، وإنما بالتخطيط السليم وإخضاع الوظيفة العامة لمعايير الكفاءة والمهنية، وإعمال مبدأ المحاسبة ومنهج “من أين لك هذا”؟!