هاهي أسود اليمن وكواسره قد ضاقت بأرضها ذرعا بما رحبت وهاجرت لأرض الرافدين لتعطي الصورة الأمثل والأجمل للكرة اليمنية الحقيقية التي لا لبس فيها، ولا تطفل بروتوكولي .. الكرة التي جبلنا عليها ونتعاطاها في الأزقة والحواري والطرقات العامة تلك الكرة الجميلة التي أصابها القبح والمرض عندما توسد أمرها من ليس لهم علاقة بها .. فنقلوها للعالم بصورة أبشع .. عند ذلك كان لابد للكرة أن تعيد اعتبارها لنفسها، وترسل ممثليها ومندوبيها الأفضل والأقدر على مسح تلك الكآبة التي لحقت بها، وتقديم النموذج (الصادق) و (علاء) المستوى الراقي للكرة اليمنية، فكانوا ومازالوا سفراء فوق العادة في النرجيل الأخضر والعشب العراقي الضارب جذوره في عالم الكرة. أحمد الصادق (صخر) بازلتي قوي من جبال عدن القاسية والراسية والعاصية على الغزاة صنع منه أجدادنا اليمنيين سد مأرب .. لمنع تسرب المياه وحجزها، وهاهو يمنع المنافسين الكرويين في أرض الرافدين من الاقتراب من حماه وعرينه ويصدهم عن بلوغ مياهه الإقليمية .. شكاه الكاسر والسفاح وقالوا: لو كان لنا صخر كالصادق لما تفتت أحجارنا وتناثرت في القارة الصفراء. أحمد الصادق هجين محسن من القيراط والخلب .. من الزحيري – لاعب كامل – ومن عزيز عبدالرحمن وحسين جلاب .. فيه صلابة شمسان الجبل ونسائم قلعة صيرة .. فيه أصالة بيارق الهاشمي وسماحة أهل البريقة والغدير .. وهو بجملة مفيدة رشيدة جديدة: (صنع في عدن). أما الآخر ولا داعٍ لذكر اسمه لأن رسمه وإيقاعه الرشيق يعرفنا باسمه بأحلى تعريف .. هو فاكهة كل المواسم .. وهلال كل الأعياد .. وشجرة البن اليمانية المغروسة على شط العرب – ملتقى النهرين العظيمين (دجلة والفرات) – هو نبتة الكرة الأصيلة التي لم تفسدها المبيدات الحشرية لاتحاد الكرة وحافظت على نقاوتها وأصالتها حتى وإن شطبوها وحرمونا من أريجها في المنامة .. هو نسمة الربيع البعداني .. وحرارة الصيف الحديدي .. ورشاقة قوام سكان تعز وزمهرير المناطق الباردة. علاء الصاصي أيقونة الإبداع الكروي اليمني وخلاصته وإكسيره .. لحظة الامتاع الصادق الراسم بقدميه أحلى صور الطبيعة .. الفنان الذي غمضته بلده حقه فراح يقدم انغامه في قصور بني العباس. نجمان كرويان يمنيان .. عفوا أسدان وضرغامان عشقا الزئير في أرض الرافدين .. وألفا التجانس والتآلف مع سباع العراق في زمن قياسي يسمع صداهما من به صمم (!!) واستطاعا الانصهار والتناغم مع الأشقاء وكأنهم من مواليد البصرة .. وعندما تعرض أحدهما للإساءة المحتملة والمتوقعة في ملاعبنا الكروية زأرت له كل السباع والأسود والفهود انتصارا له .. كم هو جميل ورائع أن يحل الإبداع الكروي اليماني في أرض خصبة ويصب الشهد الدوعني في أفواه تقدر قيمته وتعرف أصالته وتكتشف حلاوته التي لا تقدر بثمن. فمثل هذين النجمين – وما أكثرهم في بلادنا السعيدة – هما الناقل الحقيقي لمصداقية الموهبة الكروية التي أراد البعض أهالة التراب عليها ووضعها وتصويرها كصحراء قاحلة لا تنبت زرعا ولا تدر ضرعا .. ولو كانت الصحراء تنبت أمثال هؤلاء لكانت البرازيل جرداء والأرجنتين قاحلة !!.