صورتموهم لنا آلهة فعبدناهم وجعلتموهم شياطين فخفناهم وقلتم لنا أنهم المرجع والمآل فصدقناكم واعتقدنا لثقتنا بكلامكم واتكالا على مقالاتكم أنهم النافعون في السر والعلن والضارون عند العز والوهن . أيها الإعلاميون ررحماكم بنا وحنانيكم بعقولنا وصبركم قليلا على غبائنا وجهلنا ، أنتم الأذكى فدعوا لنا الغباء وأنتم الأدرى فاتركوا لنا الخواء . أوحيتم إلينا زورا وبهتانا أن الحاكم وحاشيته هم العاملون على راحتنا والساهرون لأجلنا والمتألمون لشقائنا وبؤسنا واستطعتم إقناعنا أننا مجرد عبء ثقيل على الحاكم وحاشيته فمنا من انتحر ومنا من ترك البلاد وفر ومنا من خضع وانكسر . سفهتم العلماء فسفهناهم حقرتم العباقرة والممبدعين فاحتقرناهم ومجدتم الجهلاء فعظمناهم وصغرنا أنفسنا أمامهم . غرستم التمايز الطبقي في مجتمعاتنا ورسختم قواعد العنصرية ووزعتم المناطقية والجهوية فما عرفتم لنا حق ولا ذكرتم لنا دم ولا احترمتم لنا دين ولا وطن / فلله أنتم ما أقساكم وأشقاكم وأقواكم على أهلكم وبني جلدتكم وذويكم في الدين والدم . ثم أنتم هاءلاء بعدما عظمتم من عظمتم تفاجؤونا بتحقيرهم واستصغار شأنهم فما هم في عرفكم الجديد وانقلاب تفكيركم الأخير إلا طواغيت مجرمين لصوص الثروات محتكروا السلطات متفردين في الصلاحيات فما كفرنا بكم بل خرجنا للشارع نثور عليهم ونطرح النفس والنفيس للتخلص منهم ومن جبروتهم ، فغصنا في فوضى ما لها آخر وتفكك ليس له رابط . أيها الأعلاميون / هل تريدون : أن نستورد ونستقدم معدين لنشرات الأخبار لنحظى بنشرة تشعرنا أن موظفي الدولة الرسميين ما هم إلا خدم لشعبهم بدء من رئيس الجمهورية وانتهاء بالوزير وليس الشعب خادم لهم . ذكرني الأستاذ خالد عليان المنظم للثورة الشبابية الشعبية السلمية بالأستاذ المرحوم عبد القادر محمد موسى الذي اشتهر بالإسهاب في أيراد التفاصيل الدقيقة عن تحركات الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكان المعول من خالد عليان وهو يعد التقرير عن زيارة الرئيس عبد ربه لمسكوه العاصمة الروسية أن يعكس ثقافة الثورة وتطلعات الأمة في امتلاك وسائل الإعلام الرسمية لكن بدلا من ذلك بالغ فأسهب فصل فاسترسل حتى أجبرني على إغلاق التلفاز والانصراف عن بقية أخبار النشرة ،بالله عليكم كيف يذكر الخبر الواحد بخمس صيغ والتطويل في العرض خصزصا الصور المملة ، عد عزيزي القارئ إلى الأخبار الخاصة بالوزير القطري العطية والتي كان بالإمكان اختصارها في خبر صغير نصه أجرى الوزير القطري عدد من اللقآت ‘ ويتم ذكر الأسماء التي التقى بها ' تم في تلك اللقآت الآتي :::::: وهكذا بقية الأخبار يكتفى بالأهم فقط والذي يذكر في المحلية لا يذكر في الرسمية . كما ينبغي عند تقديم التقارير الأخبارية الدقة والمصداقية ، وأذكر للتمثيل الخبر الذي ورد في النشرة الرسمية نشرة التاسعة ليلة الجمعة حيث قال المذيع ما يلي : عبر المواطنون عن إدانتهم واسنكارهم للاعتدآت المتكررة على خطوط الكهرباء وفيما يأتي نماذج من استطلاعات المواطنين / وهنا كانت المفاجأة حيث كانت إجابة المواطنين تتلخص في أهمية الكهرباء ومدى حاجة الناس لها ولم أستمع ولا واحد يدين التخريب الذي أشار إليه المذيع قبل التقرير ، وبالطبع هذا له دلالة سيسية متعلقة بانتماء وزير الكهرباء وانتماء معد التقرير على الأقل هذا ما فهمته .
ينبغي على الجهات المعنية بوسائل الإعلام الرسمية تعميق ثقافة ولاء العاملين بمؤسساتها للشعب لا للقائد الرمز وغير الرمز ، ثقافة احترام المتلقي والمتابع للنشرة أو البرنامج الجماهيري . بالله عليكم ماذا يعني المشاهد من سرد برقيات التعازي والتهاني بل وجعلها في سطارة النشرة حتى وإن لزم إذاعتها فلابد من اختصارها وجعلها في آخر النشرات . أخبروني ما مدى استفادة الجمهور اليمني من استقبال سفير بل سفراؤ ونتائج الاستقبالات واحدة لكن ما يتم هو ذكر كل واحد على حدة . قد يقول قائل أي ضرر من كلما ذكرت ؟ فأقول المسألة بوضوح ترسيخ صورة شخص من المفترض أنه جاء يخدم شعبه لا ليخدمه شعبه . أمور إدارية اعتيادية تقوم بها بعض الوزارات واللجان لاسيما اللجنة اعليا للنتخابات فتجدها أخبارا هامة تتصدر ما سواها من الأخبار / من تلك الأمور : إقرار الخطط والاستماع للتقارير وتوزيع مهام داخلية عادية وهكذا . والرسالة المراد الإيحاء بها للمشاهد البائس المسكين هي : هاؤلاء يتعبون من أجلك لله في لله ويسهرون ويعملون المعجزات والخوارق فاحفظ أسماءهم وسجل أدوارهم وحنطهم في ذاكرتك فهم أنفع لك في دنياك وآخرتك . الشعب قام بثورة هدفها الأسمى استعادة سلطته على خدامه وجعلهم دائما تحت المساءلة وفي استعداد يومي للتغيير في إطار دستوري شفاف وعادل وآمن . أيها الإعلاميون لا تضخموا الصغيرة ولا تحجموا الكبيرة ولا تصنعوا لنا آلهة نعبدها من دون الله ولا تحقروا إبداعا ولا عملا من شأنه الرقي بالمجتمع والفرد وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .