لو كنت صاحب القرار في "أنصار الله" لأعلنت، من طرف واحد، إيقاف المعارك والانسحاب من حوالي دماج بشكل كامل، ثم لنقلت مشكلة المسلحين الأجانب إلى المستويات السياسية وإلى طاولة مؤتمر الحوار ومارست ضغوطا وأحرجت جميع الأطراف السياسية بها. سأفعل ذلك ليس لأني ضعيف بل لأني قوي، وقوتي تجعلني مسؤولا أكثر عن أمن الوطن (كل الوطن وليس صعدة فحسب) ولايمكن أن أسمح أن يستفزني أحد لأصبح طرفا في حرب أهلية المقصود بها تدمير اليمن بكله. سأقدم كل التنازلات وأرضخ لكل ابتزاز ولا أسمح للسعودية أن تورطني في ورطة فادحة كهذه.. ثم ما الذي سيضرني لو كدس السلفيون حتى نصف أسلحة اليمن في هذه القرية الصغيرة جدا والتي تُعد قطرة في بحر نفوذي المحيط بها من جميع الجهات؟! والأهم لماذا لم أسأل نفسي حتى الآن: كيف لم أطور طوال السنوات الماضية وإلى ماقبل التوتر أية سياسة ودية للتعامل مع معهد ديني مختلف معي يقع على تماس معي ووسط ملعبي؟ لا ينفع أن أعتذر بالقول ان الحجوري لم يمنحني الفرصة، فأنا لن أعدم، لو اجتهدت، وسيلة للوصول إلى علاقة غير متوترة معه وأصحابه، ولو فعلت ذلك لكنت تحاشيت الكثير مما يحدث الآن. اذا كانت السعودية تحرك السلفيين، وهذا ما أشارت اليه امس ممثلة الاتحاد الاوروبي في اليمن، فإن هذا التحريك كان بامكاني ان أفشله أنا بعدم الاستجابة لاستفزازات الحجوري أو غيره، حتى لو قتل بعض أعضاء تياري، أليس الإمام علي عليه السلام يقول: "وما على المرء من غصاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه أو مرتابا في يقينه"؟! وثالثا( أو خامسا؛ لا أعرف)،.. إذا كنت أوصلت الآن رسالة لجميع اليمنيين، بدون قصدي، أني تركت الأمور تتدهور بيني وبين السلفيين هنا في صعدة، فكيف سأقنعهم (اليمنيين) لاحقا بأني أستطيع التعايش مع بقية المختلفين معي في سائر المحافظات؟!! ومرة أخرى لاينفع أن أقول أني خضت المعارك مضطرا، فهذا يعني اني أجعل من نفسي أضحوكة، لأن التيارات الذكية لا يضطرها أحد لخوض حرب خوفا من ألف أو حتى ألفي مسلح يتمركزون على مساحة اثنين كيلومتر مربع داخل عشرات آلاف الكيلومترات التي أسيطر عليها. وإضافة لذلك سأكون كمن يخدع نفسه لو اعتقدت أنني لم أخسر لدى عموم الناس العاديين في اليمن بسبب هذه الحرب.. وان الاصلاح ومحسن والسلفيين هم فقط من يحرضون علي؛ إنني أعرف جيدا أن حربا طُبعت بطابع ديني كهذه لا يمكن الا ان يكرهها كل اليمنيين وبالتالي سيحملوني انا مسؤوليتها مهما كان خصمي مسؤولا بدرجة أكبر. إن هذه الحرب تجعلني، بلغة أخرى، مصداقا لقول أمير المؤمنين أيضا: "والله لا أكون كالطاعن نفسه ليقتل ردفه" (والمعنى لن أكون كمن يطعن نفسه لكي يقتل الرجل الراكب وراءه). فلماذا أطعن نفسي، وبلدي بكل هذا العنف، كي أتخلص من هباءة مسلحة وقعت على طرف مني؟؟ نعم كان هذا ما سأفكر فيه وما سأفعله لو كنت صاحب قرار في "أنصار الله" ولكني لست كذلك ولست حتى مجرد عضو عادي، ما أنا إلا كاتب وصاحب رأي سيتلقى بعد دقائق شتائم كاسحة من مناصري السلفيين وبعض ناشطي الفيس الحوثيين وبينهم من هو أكثر بؤسا من ناشطي الإخوان. يا سيد عبد الملك، يا أستاذ صالح هبرة.. ليس الشديد بالصرعة بل الشديد من امتلك نفسه عند الغضب، وكلكم على ثغر من ثغور هذا "الوطن" فليحذر أن يؤتى الوطن من قبله.. أرجو أن تكون الرسالة وصلت.