− يرفع الجمهوريون في اميركا شعار "الحمار" كرمز لحزبهم القوي احتراماً لصفاته النافعة لبني البشر و لأنه أيضا مخلوق صبور و خدوم .. ومنذ استعاظ الانسان الالات الحديدية كالسيارات والطائرات عن "الحمار" صار "الآدمي" قاسياً وعديم الرحمة . قلبه أصم كالفولاذ و عقله لا يعرف المنطق . في بلادي "اليمن" اعلن الكاتب الساخر (عبدالكريم الرازحي) تخليه عن صداقة مجتمع البشر و اكتفاءه برفقة بعض الحيوانات كالحمار .. و دائماً ما يكتب "الرازحي" عن حكمة حماره و شهامته و نبله . ولما غاب كاتبنا الجميل عن أخيرة "اليمن اليوم" افتقدنا حيواناته الأليفة التي يمتعنا بقصصها ونوادرها المسلية ، عميقة الهدف والحكمة . فآثرت إلتماس طريق يُذكرنا ب "غابة" عميد السخرية اللاذع في غيابه المرتحل الى ارض الكنانة الحبيبة . - بعث إلي صديق عزيز برسالة عبر تطبيق whatsapp تحكي قصة جميلة عن احد "الحمير" المتأثرين بالحكمة والمنطق ، فقفز الى ذهني أن يكون هذا "الحمار الحكيم" هو حمار صاحبنا "الرازحي" .. تقول القصة : ( كان يا مكان في أحد الإصطبلات العربية مجموعة من الحمير وذات يوم أضرب حمار عن الطعام مدة من الزمن ،،فضعف جسده وتهدّلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من شدة الوهن ،فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم ،،وأراد أن يفهم منه سبب ذلك ،فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا ، وقال له : ما بك يا بني ؟! لقد أحضرت إليك أفضل أنواع الشعير.. وأنت لم تزل رافضا ً أكلها ..أخبرني ما بك ؟ ولما تفعل ذلك بنفسك ؟ هل أزعجك أحد ؟ رفع الحمار الابن رأسه وخاطب والده قائلا: نعم يا أبي .. إنهم البشر .!! ، .دُهش الأب الحمار وقال لأبنه الصغير: وما بهم البشر يا بني ؟ أجابه : إنهم يسخرون منّا نحن معشر الحمير !! .. فقال الأب وكيف ذلك ؟ اجاب : ألا تراهم كلما قام أحدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار !! ، أنحن حقا كذلك ؟ وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار ... يصفون أغبياءهم بالحمير .. ونحن لسنا كذلك يا أبي .. ! إننا نعمل دون كلل أو ملل .. ونفهم وندرك.. ولنا مشاعر أيضا ، عندها ارتبك الحمار الأب وحار في الرد على تساؤلات إبنه الصغير وهو في هذه الحالة السيئة ، ولكن سُرعان ما حرّك أذنيه يمنة ويٍسرة ثم بدأ يحاور ابنه محاولا ً إقناعه حسب منطق الحمير : انظر يا بني إنهم معشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا ً قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير بالإساءة ..فانظر مثلا ً .. هل رأيت حمارا ً خلال عمرك كله يسرق مال أخيه ؟ هل سمعت بذلك ؟ هل رأيت حماراً ينهب طعام أخيه الحمار؟ هل رأيت حمارا يكنز الشعير بينما غيره جائع ؟ هل رأيت حماراً يشتكي على أحد من أبناء جنسه ؟ هل رأيت حمار يعذب بقية الحمير ليس لشيء إلا لأنهم أضعف منه أو أنه لا يعجبه قولهم ؟ هل رأيت حمارا عنصريا يعامل الآخرين من الحمير بعنصرية اللون والجنس واللغة ؟ هل رأيت حماراً يشتم أخاه الحمار أو أحد أبنائه ؟ هل رأيت حماراً يضرب زوجته وأولاده ؟ هل رأيت زوجات الحمير وبناتهم يتسكعون في الشوارع والمقاهي ؟هل سمعت يوما ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب من أجل الحصول على الشعير؟ هل رأيت حماراً من دولة عربية لا يفهم كلام أخيه من دولة عربية أخرى ؟ هل رأيت حماراً عميلا لدولة أجنبية ويتآمر ضد حمير بلده ؟ هل رأيت حمارا يفرق بين أهله على أساس طائفي ؟ هل رأيت حماراً يفعل ما يفعله اليوم بعض الساسة البشر يُشع أحدهم حقداً ولا يشبع من التفرقة والقتل؟! هل رأيت حمارا يغلق الحدود ؟ هل رأيت حمارا يزهق الأرواح تلو الأرواح من أجل كرسي ومنصب ؟ نحن معشر الحمير نعرف من نحن ، خلقنا الله لحكمة ونحن نعمل بمقتضاها ..ولكن البشر هل يعرفون الحكمة من خلقهم ويعملون بمقتضاها جيدا؟ أم ( إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) ولهذا أطلب منك أن تحّكم عقلك (الحميري) ،وأطلب منك أن ترفع رأسي ورأس أمك عاليا ً وتبقى كعهدي بك حمار ابن حمار !!، واتركهم يا ولدي يقولون ما يشاؤون ..فيكفينا فخراً أننا حمير لا نكذب لا نقتل لا نسرق لا نغتاب لا نشتم لا نرقص فرحا ً وبيننا جريح وقتيل . !! - أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول : نعم سأبقى كما عهدتني يا أبي ..سأبقى أفتخر أني حمار ابن حمار يحاسبني الله ثم يقول لي: كن ترابا ً فأكون ترابا ً ولا أدخل النار التي وقودها الناس والحجارة !. * تأكيد أخير على "حكمة" الحمير وبقية اجناس الحيوان .. حين دعاهم سيدنا "نوح" عليه السلام للصعود على متن سفينة النجاة ، فصعدوا على الفور .. بينما ظل يدعو "البشر" 950 عاماً للهداية فلم يهتد منهم الا قليل شكلوا العالم الجديد بعد طوفان الغضب الذي انهى جنون الاغبياء الحقيقيين في هذا العالم الممتلئ بالحيوانات الناطقة وهي لاتفكر أو تعقل ! - صحيفة اليمن اليوم - عدد السبت