لاشك أن علاقة الوطن بالشباب علاقة وثيقة ووطيدة وهي كعلاقة الروح بالجسد حيث أنّ الشباب هو مرحلة العطاء والبناء والتنمية والإعداد الذاتي بالتأهيل والثقيف وهو أيضاً أفضل مرحلة من ناحية القوّة والنشاط والحيوية وإكتساب المعارف وتعلّم الخبرات , والعمل على إفراز التجارب عند تقادم العمر , والشباب هم بُناة الحاضر وأمل الغد المشرق في القيادة والريادة و صناعة الفكر في شتى مناهل الحياة . والوطن : هو ذلك الأرض والبيت الكبير الذي ولدنا وترعرعنا ونشأنا فيه, ونهلنا من علومه , وأكلنا من خيراته , و ظللّتنا سمائه وأفترشنا ترابه , فيه ملامح وجوهنا , وأصالة إنتمائنا , هو المكان الذي نسير إليه مهما أبتعدنا , وننجذب إليه مهما غبنا , هو الذي يحتضننا عندما يرفضنا الجميع , هو الذي نفخر به يوم العز , هو الذي ننشدهُ الحب ونتمنى له السلام الدائم , هو الذي يجمعنا مع كل أهالينا وأصدقائنا ويرحب فينا ويضيق بدوننا . تعتبر فئة الشباب في أي مجتمع وأي بلاد من أبرز وأقدر الشرائح المؤثرة والقادرة على العطاء وذلك نظراً لما تمتلكه من طاقات نفسية وجسمية وحماس وإندفاع كبير والحب في البحث والإستطلاع والتغيير والتطوير , ولذلك دائماً ما تخطط هذه الدول إلى إستثمار طاقات الشباب لأنها المحرّك الرئيسي والمعجّل للتنمية والذي يخدم المصالح الإجتماعية وكذلك الأهداف الوطنية . وإذا لم يتم ذلك فإن هذه الطاقات ستكون ثروات مهدرة لن يستفيد المجتمع منها , ولكن قد تتحول إلى أمراض قد تصيب مفاصل المجتمع وتجعله عرضة للشيخوخة في مجال التنمية والبناء وسيفرز عن ذلك الكثير من الأزمات والأخطار المتواليه والتبعات السلبية . الوطن هو بشبابه المتعلّمين والمؤهلين والمثقفين في معظم المجالات العلمية والإنسانية , وحاجة الوطن إلى الشباب كحاجة العليل إلى الدواء , لا يكون الوطن أكثر أماناً وإستقراراً إلا إذا كان شبابه فاعلين ومتميزين واكثر رقياً ووعياً , لا أحد يشكك بدور الشباب الفعّال في مختلف نواحي الحياة , فهم يشاركون هموم الوطن وهم حرّاسه الأمينون وهم الكنوز المخبؤه لأيام القحط , عقلية الشباب دائماً تتصف بالمرونة والأنفتاح والقدرة على التكيّف مع أي طارئ تخبئه مستجدات الحياة التي تتصف بالتغير المتسارع في شتى مناحي الحياة السياسية والإجتماعية والعلمية وهُناك تكون النفس الشبابية أصلب إرادة وأمضى عزيمة وأقدر على مواجهة التحديات مهما لاحت في الأفق من المحبطات والمثبطات وكاسرات الإرادة , فألارادة والعزيمة وحب الإكتشاف والقدرة على تحويل المستحيل إلى ممكن , هي من أجمل الخصائص الطيبة بالشباب فالتركيز على شريحة الشباب هو تركيز على قلب الوطن بحد ذاته . لذلك نّوجّه دعوة لحكومتنا اليمنية أن تُقيم الأندية الفكرية والصالات الرياضية وتعمل على تفعيلها عملياً للحفاظ على ثمرة الشباب وطاقاتهم وتعمل على إحتضان مواهبهم وطموحاتهم وإيجاد بيئة مناسبة لآمالهم وما يتطلعّون إليه , وهذا بتصوّري من أجمل البدائل التي تُقدّم إلى الشباب بدلاً عن تخزين شجرة القات .