أصبحت اليمن بين مُفترقٍ عجيب ومُستقبلٍ غامض , وفي تشّظي واضح فالثورة الذي خرج فيها الشعب بمختلف فئاته وتوجهّاته ومذاهبه وقبائله وأحزابه وشبابه الذين قدّموا دمائهم وأرواحهم من أجل الحُلم بدولة مدنية حديثة تُلبي طموح المواطن اليمني هدفها إرساء سيادة القانون وتطبيقة على الجميع قد أعادت إنتاج نفسها ولكن بطريقة مُغايرة تماماً حيثُ خرج من رحم الثورة الثورة المُضادة التي يتولّى قيادتها الزعيم جيفارا علي صالح , لقد كان خطاب الأخيرفي إقامة إحتفال ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام مشحوناً بتراكمات الماضي وتصوّراته , والرغبة الجامحة في الإستعراض والحرص على الظهور الإعلامي بأي شكل كان . لا يمكن لثورة شعبوية ذات زخم وضخامة أن تفرز ثورة أُخرى مُضادة ومُعادية لها في آنٍ واحد إلا إذا كان قادتها مُرتبكون ومراكز القُوى متوّزعة بين الأضداد فالتاريخ يُعلّمنا دوماً أن الثورة يقوم بها المسكاين والفقراء والشباب المملؤ بالحماس ويقطف ثمرتها أو يُطفئ وهجها أصحاب القوى والمتنّفذين وهو ما يحدث في اليمن. اليمن يتقسّم بالتدريج فالذي يحكم رئيس ورئيس آخر برتبة زعيم , والجيش جيشان , والإعلام إعلامان , وحتى التفجيرات والتفخيخات تقاسمت بين القاعدة وبين العصابة التي تقود الإغتيالات السياسية للحيلولة على الحكم أو لمحاولة إثارة الفوضى والبلبلة وإدخال البلد في صراع دموي مستمر .الدولة تتراجع هيبتها ويقلّ نفوذها في معظم مناطق اليمن . إنّ القلق والتوتّرات والإغتيالات وتأخير إصدار القرارات يكلّف الشعب اليمني المزيداً من الوقت وبالتالي المزيد من الخسائر إذ أنّ الأوضاع سيئةً للغاية وفي تصاعد وتنامي مُستمّر ما يُنذر بكارثة وإنفجار قد يقود إلى مالا يُحمد عُقباه . فاليمن اليوم يواجه الكثير من الصراعات والإرهاصات والممُخططات التي تريد أن تثني الشعب عن ثورته الأم , في ظلّ تجاهل تام وواضح من قبل الدول الشقيقة والصديقة ..إلأّ أنّهُ يمكننا القول أنّهُ في أي مرحلة إنتقالية فإنه لا بد من مواجهة الكثير من العوائق والعراقيل التي تقف أمام عجلة التغيير خصوصاٌ في الحالة اليمنية المُعقّدة التراكيب والتفاصيل ولكن يبقى الأمل على الشباب الواعي والصامد لتجاوز هذه المرحلة الخطيرة والخطيرة جداً .