تضامن حضرموت يتأهل رسمياً للدرجة الأولى لكرة السلة ( بطلاً لتجمع سيئون )    نتائج قرعة كأس العرب قطر2025    امين عام حزب الله : اليمن هزم امريكا .. والحرب لم تنته بعد..!    صنعاء .. الشعبة الجزائية تخفف اعدام الحرازي إلى السجن    روسيا وأوكرانيا تتبادلان 614 أسيرا ضمن المرحلة الثانية من اتفاق إسطنبول    السهام ينتزع فوزاً مثيرا من الطليعة في بطولة البراعم لأندية تعز    إتلاف أكثر من أربعة أطنان من الأدوية الفاسدة والمهربة في مأرب    صندوق النقد يتوقع تسارع النمو في الخليج 1 % سنوياً خلال 2025 و2026    المسعد...لم يجد من يسعده    "المجاهدين الفلسطينية": ما زال اليمن يضرب أروع أمثلة الصدق والوفاء لنصرة غزة    أحمد راضي... الإعصار الهادئ الذي سرق قلوبنا    باريس سان جيرمان يتوج بكأس فرنسا ويحقق الثنائية المحلية    بحضور وزير الشباب .. عرض كشفي لطلاب الدورات الصيفية في البيضاء    حماس: استمرار عمليات إسناد غزة يؤكد نبل مواقف الشعب اليمني    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 25 مايو/آيار 2025    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي سبأ الرياضي بمأرب الاعتراف النهائي    الرهوي يؤكد دعم الحكومة لجهود وزارة الثقافة والسياحة    بصاروخ إسرائيلي: طبيبة فلسطينية تفقد اطفالها ال 9 (صور)    ريال مدريد يعلن إصابة فالفيردي    للعِبرة..؟؟    تحرير الضالع صمود أسطوري وتلاحم بطولي    شرطة حضرموت الوادي والصحراء والنيابة العامة تنفذان حكم قصاص بالاعدام في المحكوم عليه #ناصر_الكلدي    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على عدة محافظات ويحذر من تدفق السيول    روسيا تدخل قائمة أكبر 3 اقتصادات عالمية من حيث فائض التجارة    العثور على كنز بيولوجي تحت سطح البحر قد يغير فهمنا لتاريخ البشرية    العثور على خاتم ذهبي نادر يعود إلى القرن الثالث ق. م. في القدس    مصرع 7 مرتزقة بغارة جوية في أبين    مليشيا الانتقالي تحاصر تظاهرة للنساء في عدن    نيابة المخالفات بالحديدة تتلف 14 طن دجاج مستورد غير صالح للاستخدام الادمي    الجولاني دخل سجن بوكا الأمريكي كإرهابي قاعدي وخرج منه داعشي    10 وفيات في عدن نتيجة للحميّات والأوبئة وانقطاع الكهرباء    "آل بن سميط" يحتفلون بزفاف الشابين الدكتور أحمد والدكتور عبداللاه بمدينة شبام التاريخية    الغيثي: ضغوط على الانتقالي لتسليم شبوة لقوات "درع الوطن العليمية"    باكريت: تحرير الضالع انتصار عسكري ومنعطف استراتيجي    كارثة صحية في المناطق المحتلة    عدن بين مشهد الأمس وواقع اليوم    منع "ثورة النسوان" من التظاهر بساحة العروض بعدن    في قضية سجين الرأي الصحفي محمد المياحي    هزة ارضية في خليج عدن    النعمي يكشف عن تمرد على قرار رئاسي بخصوص ضرائب قات الشرفين ويتهم لوبي بالتحريض ويتحدث عن مغارات فساد    ميلان يحقق الفوز امام مونزا في اخر جولات الدوري الايطالي    إنجاز وطني عظيم    في حضرة المياحي    شركة نفطية أجنبية تنسحب وابن بريك يوجه بتشكيل إدارة لقطاع العقلة النفطي ويحدد الجهة التي يوجه إليها الانتاج    مقهى "الإبي" وصاحبه بتعز .. سبعون عامًا من ثبات الموضع وتبدلات الأحوال    تقرير: زيادة الرسوم الأمريكية 50% قد تكلف ألمانيا 200 مليار يورو    الذهب يرتفع أكثر من 2 بالمائة    تدشين غرس 10 الاف نخلة في شوارع الحديدة    شرطة مرور إب تضبط سيارتين بسبب التفحيط    يمنيون بالقاهرة يحتفلون بالذكرى ال35 للوحدة اليمنية    الصحة العالمية: وفاة 10 أشخاص وإصابة نحو 13 ألف بالكوليرا في اليمن خلال الثلث الأول من 2025    في ذكرى رحيله العاشرة    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    الخطوط الجوية اليمنية تعلن البدء بتفويج الحجاج من مطار صنعاء اعتبارا من الغد    مطاوعة وزارة الأوقاف يحتكرون "منح الحج المجانية" لأنفسهم    اكثر من (8000)الف حاج وحاجه تم عبورهم عبر منفذ ميناء الوديعه البري مديرية العبر بحضرموت    دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موالون لزعيم يمني يطالبون "بي بي سي" بالإنحياز الكامل لرغباتهم
نشر في يمن برس يوم 11 - 02 - 2012

من أعجب العجائب الإعلامية التي قرأتها في حياتي شكوى تتضمن اتهاما لهيئة الإذاعة البريطانية، تلك المؤسسة الإعلامية العريقة، بالانحياز ضد إرادة ابناء المحافظات اليمنية الجنوبية. هذا الانحياز المزعوم أو التهمة الغريبة وردت في موقع اخباري صغير يديره على ما يبدو ناشطون جنوبيون تابعون لزعيم فك الارتباط علي سالم البيض، ولكنهم يطلقون على الموقع اسما كبيرا جدا لا يتناسب مع محتواه، وهو " وكالة أنباء عدن".
هذه الموقع أو لنقل هذه الوكالة نشرت مؤخرا تحريضا لأبناء الجنوب اليمني المقيمين في بريطانيا لإرسال شكوى إلى مسؤولي الهيئة البريطانية يتضمن نصها المنشور اتهاما مضحكا لتلفزيون بي بي سي العربي بأنه يحاول تهميش الحراك الجنوبي وينقل صورا لا تمت للحقيقة بصلة ، أو بمعنى آخر يحاول التلفزيون تصغير حجم مظاهرات الحراك وتكبير وتضخيم وتلميع المظاهرات المناهضة للحراك.
فهمت من هذه الشكوى أن تلفزيون "بي بي سي" العربي قد توصل إلى اختراع جديد لم تسبقه إليه أي محطة اخبارية أخرى وهو إدخال عدستين إحداهما محدبة والأخرى مقعرة إلى كاميرات المصورين التلفزيونيين. والغرض من هذا الاختراع الجديد هو تصوير الأحداث التي تروق للمحطة بعدسة قادرة على تضخيم حجم تلك الأحداث واستخدام العدسة الأخرى لتصغير الأحداث التي لا تروق لبريطانيا العظمى.
طبعا من الناحية العملية لا يوجد أي محطة تلفزيونية تستخدم مثل هذه العدسات ان وجدت، ناهيك عن أن محطة "بي بي سي" متهمة عند قطاع آخر من اليمنيين بأنها تشجع الانفصاليين اليمنيين وتقدم لهم منبرا يعطيهم حجما أكبر من حجمهم وبالتالي فمن الصعب تصديق ما تضمنته هذه الشكوى الغريبة. وبصفتي اعلامياً تلفزيونياً قبل أن أكون كاتبا صحفيا، فإن أي شكاوى متناقضة ضد محطة من المحطات تؤكد لي تماما أن المحطة إياها تقوم بعملها على خير ما يرام. وعندما تختفي الشكاوى فإني أشعر بالقلق من أن تكون المحطة المسكوت عنها قد بدأت ترضي هذا الطرف أو أذاك أو تجير عملها لأجندة سياسية قد لا تتوافق بالضرورة مع المهنية الاعلامية غير الخاضعة للأهواء السياسية. وربما أن محطة بي بي سي هي الأكثر تلقيا للشكاوى لأنها الأكثر التزاما بالمهنية.
وبحكم معرفتي بأساليب العمل في المحطات الكبرى وتعاملي الدائم مع تلفزيون "بي بي سي" والقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية فإني أعرف تماما الحرص الشديد الذي تبديه الهيئة بمختلف أقسامها على التوازن وعدم الانحياز وإظهار وجهات النظر المتعددة كما هي. ناهيك عن اني اتابع تقريبا كلما بثته الهيئة عن القضايا اليمنية على وجه الخصوص ولم أجد أبدا أي خروج عن المهنية والأخلاق الإعلامية التي تعلمناها أثناء الدراسة الجامعية.
وبما أني واحد من ضيوف ومعلقي تلفزيون "بي بي سي" العربي، فإني عندما يطلب مني المشاركة في برنامج من البرامج، أحيانا أفاجأ باتصال في آخر لحظة تعتذر فيه المحطة عن استضافتي بمبرر عدم وجود من يمثل وجهة النظر الأخرى المخالفة لوجهة نظري، وأتقبل هذا الاعتذار بكل رحابة صدر بل واحترمه لأنه يدل على مدى حرص المحطة على عدم تفضيل وجهة نظر ضد أخرى.
أما الشكوى المنشورة في موقع ما يسمى بوكالة أنباء عدن فأعتقد أن أصحابها يريدون من محطة عريقة مثل "بي بي سي" أن تتحول إلى نسخة أخرى من " وكالة أنباء عدن" أو نسخة من تلفزيون علي سالم البيض السخيف الذي يديره دخلاء على المهنة الاعلامية.
لدي قائمة طويلة من الأسباب التي يبطل كل واحد منها الشكوى ضد محطة تلفزيون "بي بي سي" العربي من قبل الحراكيين الجدد لكني سأكتفي هنا بعشرة أسباب فقط احتراما مني للمساحة المتاحة لي في هذه الصحيفة:
أولا: هذه المحطة هي أول محطة باللغة العربية تقدم علي سالم البيض بعد خروجه من اعتكاف دام 15 عاما حيث استضافته مرارا وحاورته في أكثر من برنامج، كما استضافت معظم رموز الحراك اليمني الجنوبي. ومن غير المستبعد أن تكون المحطة قد رفضت استضافته مؤخرا بناء على طلب منه، لأن المحطات في العادة هي التي تقرر متي تستضيف ومن تستضيف وليس الضيوف هم الذين يقررون.
ثانيا: الشكوى تتسم بطابع مقيت من الشخصنة لأنها تشير بأصابع الاتهام إلى الإعلامي التلفزيوني اليمني المعروف أنور العنسي بأنه يقف وراء سياسات التهميش المزعومة التي تنتهجها المحطة ضد القضية الجنوبية، وتزعم الشكوى أن العنسي هو أحد مراسلي المحطة في جنوب اليمن، وهذا غير صحيح. وتدل هذه المعلومة على أن كاتبي الشكوى لا يستندون إلى حقائق بل يجهلون أبجديات العمل الاعلامي لأن من يعد ويقدم تقريرا عن منطقة معينة ليس هو بالضرورة مراسل المحطة في تلك المنطقة. بل قد يكون منتج تلفزيوني يعمل في المركز الرئيسي للمحطة ويتعامل مع بلدان ومناطق وقضايا لا حصر لها ولا يمكن أن يخصص جل وقته لقضية واحدة محصورة في عقول قلة أو فئة معينة من الناس.
ثالثا: أنا أدرك أن مركز الكون كله لدى بعض الحراكيين الجدد هو " الجنوب" وأن قضايا الكون كله محصورة في القضية الجنوبية، ولكن هذا التفكير لا تشاطرهم فيه محطات الكون المتعددة ولا يشاطرهم فيه زميل المهنة أنور العنسي الذي لا بد أنه مشغول بقضايا أكثر اتساعا والمحطة التي يعمل فيها تغطي العالم كله ولا ينحصر عملها في مثلث الحراك الجنوبي.
رابعا: من المفارقات العجيبة أن وجود الزميل أنور العنسي في محطة بي بي سي قد لعب دورا إيجابيا بلا شك في إيصال المحطة إلى سياسيين يمنيين من مختلف المشارب كان من الصعب على المحطة حتى الحصول على أرقام هواتفهم بدون وجود كوادر على دراية بالخريطة السياسية اليمنية. ولا أشك لحظة واحدة أن العنسي ساهم في إيصال المحطة إلى قادة الحراك الجنوبي اليمني وساهم كذلك في إيصالهم إلى المحطة، ولكن لا يجب أن نتوقع منه أكثر من ذلك لأن هناك معايير مهنية تحكم عمله، وغالبا ما يكون ولاء الاعلامي مكرساً للمحطة التي تدفع راتبه الشهري وليس لأهواء الجهات السياسية هنا أو هناك.
خامسا: فشلت الشكوى في تقديم مثال واحد على الانحياز واكتفت بالعموميات. والحياد بالنسبة للشاكين لا يعني سوى الإنحياز الكامل لأهواء بعض الحراكيين أو أنانيتهم المفرطة.
سادسا: من المفارقات العجيبة أن أصحاب الشكوى من أنصار علي سالم البيض يزعمون أنهم من دافعي الضرائب في بريطانيا، في حين يصفهم آخرون أنهم عالة على دافعي الضرائب في بريطانيا لأنهم يتلقون اعانات من الحكومة البريطانية بصفتهم لاجئين سياسيين أو عاطلين عن العمل. وهم في الحقيقة متفرغون للعمل من الباطن مع علي سالم البيض في المواقع الالكترونية العديدة التي يمولها بالمال الحرام بحوزته، من أجل إعادة تسويقه إعلاميا بعد أن فشل سياسيا. أما دافعي الضرائب الحقيقين فهم مشغولون بأعمالهم المضنية ولا وقت لديهم لمتابعة خزعبلات ناشطي حركة تاج وأحلامهم المريضة.
سابعا: تطالب الشكوى بتعيين مراسلين جنوبيين بدلا عن أنور العنسي أو مراسلين أجانب وبذلك يفصح الشاكون عن عنصريتهم بأن شكواهم لا تستند إلى أي وقائع سوى اسم ومحل ميلاد صحفي بعينه ظنا منهم أنه يعمل مراسلا للمحطة في جنوب اليمن. في حين أنه مقيم في لندن ويخضع لقواعد ومعايير المحطة في المركز.
ثامنا: يعتقد الشاكون أن ما تبثه محطة بي بي سي من صور في نشراتها وبرامجها التقطتها كاميرات المحطة ، وهذا غير صحيح إذ أن الوكالات الاعلامية تزود محطات التلفزة بالكم الأكبر من الصور والأخبار وبهذا فإن الصور المهمة التي نشاهدها عبر شاشة "بي بي سي" لا تختلف كثيرا عما تبثه الجزيرة أو العربية أو غيرها من المحطات التي تدفع اشتراكات لوكالات الأنباء العالمية مقابل هذه الخدمة.
تاسعا: المحطات التلفزيونية المتميزة لا تهمل الأحداث المتميزة ولكن الحراك الجنوبي للاسف تحول إلى ظاهرة صوتية ومشاحنات داخلية ولم يعد يصنع أي حدث يمكن أن تسعى إليه محطات التلفزة.
عاشرا: تتماشى الشكوى المنشورة المشار إليها مع شكوى أخرى وردت على لسان علي سالم البيض في حوار سبق الإشارة إليه في خرافة الأمس مع صحيفة "الوطن" الكويتية اتهم فيه دول العالم بلا استثناء والحكومات العربية بالتعتيم الاعلامي المقصود على قضية الحراك الجنوبي اليمني مشددا على أن هذا التعتيم "مرتب ومدبر"، وهذا الاتهام لا يوجد ما نصفه به سوى أنه في منتهى السخف ولا أسخف منه إلا تلك الشكوى العجيبة.
*منير الماوري - كاتب يمني
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.