تقول حكاية أن مسلما ويهوديا تشابكا، واستطاع اليهودي طرح المسلم أرضا وبرك عليه، ومع ذلك كان يصيح خائفا، فتعجب من مر به، وسأله: أنت بارك فوق خصمك، فمالك تصيح؟ فأجاب اليهودي: أنا خايف من القلبة! وعندنا قوم مثل ذلك اليهودي، مهزومون نفسيا، لا يثقون بأنفسهم حتى وهم في أفضل حالاتهم، دبروا للرئيس علي عبدالله صالح أزمة، وفجروا مسجد الرئاسة للتخلص منه، فأصابوه، وأصابوا رجال دولته بعاهات، ووقع على اتفاقية نقل السلطة، وتركها مستغنيا عنها، ولا يود العودة إليها، ثم جاءت القرارات الرئاسية لتقصي كل من لهم علاقة به من مواقعهم العسكرية والأمنية والمدنية، ومع ذلك ما يزال "رهاب علي عبدالله صالح" مسيطرا عليهم، تزيغ قلوبهم وأبصارهم، مرعوبون منه، يصيحون صيحة اليهودي: خائفون من القلبة! يحتالون، ويجتهدون في تقليب الأمور، ويقلبون كلامهم في الشهر مرة أو مرتين.. على الرئيس السابق علي عبدالله صالح مغادرة البلاد.. نحن خائفون من القلبة!.. ولما يتبين لهم أن هذه ما نفعتش، يقلبوا الصحن، ويقولون: يترك رئاسة المؤتمر الشعبي العام.. نحن خائفون من القلبة! يعتزل العمل السياسي، نحن خائفون من القلبة!
ينقلبون على المبادرة الخليجية، ويكذبون في الضحى أن المبادرة تلزمه ترك السياسة.. عليه أن يترك السياسة، نحن مفجوعون من القلبة.. ويكذبون: الحصانة مقابل الجلوس في البيت.. نحن خائفون من القلبة!
نحن خائفون من القلبة!. أيش نعمل؟ أيش نعمل؟ نعمل قانون عزل سياسي على مقاسه وحده.. وما سبرتش.. أيش نقول؟ أيش نقول؟ نقول إنه لم يكمل نقل السلطة.. نحن خائفون من القلبة! الرجل يتحكم بنصف الحكومة.. خائفون من القلبة! ..ما سبرتش.. طيب.. يخرج المؤتمر الشعبي من الحكومة، لأننا خائفون من القلبة!
يتركهم يتقلبون في البلاد ويقلبون المكايد، وبينما هم كذلك يكتشفون أنه وحزبه في مؤتمر الحوار يتبنون مواقف وطنية تبهر الأنظار، وتزيد الأنصار، فيصيحون: صالح يترأس المؤتمر والمؤتمر في السلطة، يعني لا يزال في السلطة، ونحن خائفون من القلبة!
والأصل أن اتفاق التسوية السياسية محدد وواضح، تم بين طرفين متساويين، ولا يمكن أن يستمر إلى نهايته إلا بوجود الطرفين، وليس في الأمر قلبة، ولا في التفكير قلبة، لكن -ولله درك يا صالح- المصابين برهاب صالح، سيظلون يصيحون: نحن خائفون من القلبة، حتى لو وضع بنعمر في صدورهم قلوبا من حديد.