لعل أبشع ما مررنا ويمر به يمننا الغالي هو تناسل لغة الأحقاد واشتداد أوارها في شتى بقاع الوطن.. مرت علينا سنين هذه ألازمه قاحلة مرعبة من عمر هذا لوطن المنكوب.سنين ولت بمُرها وحَرِها وقَرِها انقضتْ من عمر شعب مازال ينحت على صخر المرارات وما تفجرت أنهار رُقيهِ و نماءه . لغة الأحقاد تناسلت عايشنا في ثوانيها النازفة ما لم نعرفه منذ أن صرخنا صرخة الميلاد, مرت علينا أيام عجاف وأيام يابسات وعاريات من مكونات الأمينات , خرجنا بحصيلة فيها من المرار ارتالا ومن الدماء انهارا ومن الحزن كثبانا ,, وحصيلة أننا شعب يبدو أنه سيظل طويلا يتدثر بأغلظ المآسي ويكتسي بالقهر عمرا آخر ويرتدي البؤس سنين عجاف قادمات,, ويرتوي بالمعاناة جملة وتفصيلا. لغة الأحقاد رَمتْنا على شاطئ الانتظار نرتجي قدوم النوارس من بر الأمان لكنها ما أتت,, لغة الأحقاد كانت حصيلتها نزفا وألما وكدرا,, كانت حصيلتها مفردات كثيرة جمعت في ثناياها كل المتناقضات لمواطن مازال يتوق للحظة نجاة وانعتاق من كل ما جره لأن تكون كرامته في الدرك الأسفل من الامتهان ,, يتوق إلى لحظة تخرجه من عنق القهر وتنتشله من قمقم البؤس وخيبات الرجاء وتخرجه من بطن حوت ابتلع بداخله كل فرص الانعتاق.,ومازال يرتجي وطنا يعيش فيه كريما مصانا.. لغة الأحقاد أنتجت قوى سياسية أجهضت كل حلم وبددت كل أمنية واستمرأت التناحر وقفزت على الدماء خدمة لصهيل الكراسي الصدأة ,, ووسّعَتْ بقعة الأحزان فينا وزادت مساحات القهر وحصدت فينا فيضا من أناتنا والوجع.لغة الأحقاد لم تنقضي بعد بل نحن من ذوت فينا بارقات الرجاء ولم يعد فينا سوى صدى النوح والهم العظيم. لغة الأحقاد أفرزت لنا لغات كثيرة وأكثرها تداولا لغة الغاب ومنطق القوي يفتت الضعيف وخرج الناس عن إطار تراحمهم وإنسانيتهم وامتطت ملامحهم سعار القبح والتوحش وعدم الرحمة والتراحم ,, وصارت لغة اليأس هي الطاغية على كل شفاه تتحدث بينما في المهجة عين دامعة تنسال منها غاشيات القهر والوجع الكبير.. لغة الأحقاد لغة تناسلت بشكل مفرط لم نعهده من قبل في كل زاوية من اليمن وتبعها لغة الانتقام والنيل من الآخر وشقاق النفوس وضيقها كأنما تصعد في السماء حتى صارت ضيقة كخرم الإبرة,, لغة الاحقاد استفدنا منها خصلة ساردة في البغاء و هي الكراهية لمجرد الكراهية ومحو الآخر والقتل لمجرد الفتك والقتل لا لشئ غيره.. انتعلنا عقولا من خارج اطار العصر ومن جب الماضي وعند هذه النقطة فقط تشابهت كل العقليات,, لا فرق بين متدين او ليبرالي او قبلي جاهل إلا لغة النسف وكهنوت الايدلوجيات العقيمة التي تمجد الشر والمكوث في كهوف الانغلاق والجمود..لم يعد لدينا ما نفاخر به في اليمن لا الدين ولا العقل ولا اللغة ولا الاصالة ولا الاخوة ولا الوحدة كلها صارت شعارات تفتقد لدسم المصداقية والولاء للوطن.. والوحيد الباقي فينا وطن ينزف نأمل أن يتجاوز كل أوجاعه وكل لغات الحقد التي رافقته خلال الفترة الماضية أجهضت كل لغة فيها خير وسلام .فهل نجد للغة الأحقاد من مترجم؟ومتى نترجم ولاءنا للحبيبة اليمن ولا شئ غير اليمن حبا وسلاما؟ المصدر- الجمهورية نت