طوال فترة حكم الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح واللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع يسعى جاهداً ليكون الرجل الأول ويتخطى موقعه في سلم السلطة باتجاه الأمام، ولهذا وخلال سنوات عمل على استمالة شيوخ القبائل بدعمهم بالمال والسلاح وعقد التحالفات معهم إلى جانب علاقته المتميزة مع الجماعات الإسلامية »الإخوان المسلمين« الذي يعتبر أحد كبار قادتهم العسكريين على أمل أن تخدمه الظروف يوماً ما ويكون الرجل الأول في البلاد. ومع تسارع الأحداث والمتغيرات السياسية التي شهدتها اليمن وإعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 09م واعتماد النظام الديمقراطي والتعددية الحزبية والسياسية وإقرار الانتخابات المباشرة أساساً للحكم والوصول إلى كرسي الرجل الأول.. تضاءلت فرص اللواء محسن أكثر وأكثر وبدأ يفقد الأمل حتى تحول طموحه في الزعامة إلى عقدة نفسية ومرض مزمن لم تخفف من وطأته الصلاحيات التي منحت له وأوصلته ليكون الرجل الثاني بعد علي عبدالله صالح في مصدر القرار.. فحاول توسيع نفوذه وشغل النظام بالمشكلات ومنها حروب صعدة السبعة.. والزج باليمن في صراعات مذهبية وطائفية مستعيناً بالفتاوى التحريضية لعلماء الإخوان المسلمين ومستعيناً أيضاً بمليشياتهم المسلحة وبرجال القبائل الموالين له وبأعضاء تنظيم القاعدة الإرهابي الذي دخل كلاعب أساسي في الساحة اليمنية بعد الهجوم على المدمرة الأمريكية كول وما تلاها من هجمات إرهابية على السياح والشركات والمصالح الأجنبية وعمليات الخطف والتقطع التي ينفذها رجال القبائل غير أن هذا أيضاً لم يضعف من سلطة علي عبدالله صالح ولم يؤثر على علاقته بالدول الأخرى، بل على العكس أضعفت من سلطة اللواء محسن وحدت من نفوذه بعد أن وجد نفسه على رأس قائمة المطلوبين ومعه الشيخ عبدالمجيد الزنداني بتهمة دعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين وتجنيدهم وتسليحمهم، ولولا علي عبدالله صالح لكان هو ومعه الزنداني قد حلا ضيفين دائمين على أمريكا في جوانتانامو.. وبقي على هذا الحال حتى كان ما يسمى بالربيع العربي الذي أنعش طموح اللواء محسن وجدد أمله بإمكانية الحصول على منصب الرجل الأول ولو لأسبوع واحد فقط.. فما كان منه إلا أن خلع عباية النظام الذي ظل ثلاثاً وثلاثين سنة أحد دعائمه ورموزه ومن كبار المتنفذين والمتهمين بالفساد ونهب المال العام.. وسارع إلى ساحة اعتصام الشباب التي طوقها بجنوده وآلياته العسكرية لينصب نفسه القائد العسكري للثورة مدعياً دعمه للتغيير ومساندته لثورة الشباب متنصلاً عن تاريخه الذي لم تكن صفحاته بيضاء كما يعتقد، وبدأ من موقعه الجديد تقمص دور الرجل الأول والظهور كند لعلي عبدالله صالح والبديل الأمثل في حال تنحيه أو نجاح ثورة الشباب كما حصل في تونس ومصر وليبيا.. ومرة أخرى يخطئ اللواء محسن في حساباته ووجد نفسه أبعد الخيارات الممكنة ومن ثم جاءت التسوية والمبادرة الخليجية لتقضي على حلمه الأخير في الزعامة رغم كل محاولاته لتفجير الوضع عسكرياً وإشعال فتيل العنف والفوضى. ولا يزال حتى اللحظة يراهن على إفشال المبادرة الخليجية التي قضت على حلمه بعد أن كاد يتحقق كما يظن.. وإن كان ما قاله في لقائه الصحفي الأخير دليلاً على حالة الإحباط التي يعاني منها وإن عقدة الزعامة لا تزال تلازمه حتى اللحظة إلا أن ما قاله أيضاً يعتبر رسالة تهديد مبطنة لرئيس الجمهورية المشير عبدربه منصو هادي وكأنه يقول له أنا من أوصل علي عبدالله صالح للحكم والسبب في بقائه طوال هذه الفترة ولم يترك الحكم إلا بعد أن تخليت عنه.. وأنا ما زلت صاحب السلطة والنفوذ في بقاء الرؤساء أو إسقاطهم.. وسأبقى في عهدك الرجل الأول أيضاً.. والحليم تكفيه الإشارة. نقلاً عن صحيفة تعز