قُتل ما لا يقل عن 47 شخصاً، وجرح العشرات، في مواجهات مسلحة اندلعت، فجر أمس الثلاثاء، ووصفت بأنها الأعنف، بين مقاتلي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ومقاتلي "أنصار الشريعة" (القاعدة)، الذين شنوا هجمات مباغتة على وسط وأطراف مدينة رداع بمحافظة البيضاء. وهاجم مسلحو "أنصار الشريعة" نقاطاً ومواقع يتمركز فيها الحوثيون في المدينة، وأعقب ذلك حرب شوارع وتبادل للقصف بالأسلحة الثقيلة، فيما شاركت طائرة من دون طيار أمريكية، في قصف استهدف مسلحين من "القاعدة". ونقلت صحيفة "الأولى" عن مصادر محلية بأن المواجهات اندلعت حوالى الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الاثنين، واستمرت حتى ال4 والنصف من فجر أمس الثلاثاء، واستخدم فيها الطرفان الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة. كما تدخل الطيران الحربي بشن غارتين على مسلحي "القاعدة". وقالت المصادر إن "حرب شوارع" امتدت لساعات بين الحوثيين و"أنصار الشريعة"، وصلت إلى مناطق كثيرة وسط المدينة، وإن حالة من الهلع والخوف أصابت سكان المدينة الذين تفاجأوا باندلاع المواجهات بتلك الصورة العنيفة، بعد أيام من الهدوء الذي عاشته المدينة، حسب وصفهم. وتحدثت مصادر محلية وأمنية متطابقة برداع، أن نحو 47 شخصا قتلوا في مواجهات أمس، بينهم 8 أشخاص من "أنصار الشريعة"، في الضربتين الجويتين، و12 آخرون في المواجهات، فيما قتل ما لا يقل عن 27 شخصا من الحوثيين، خلافا لعشرات الجرحى من الطرفين. وفي التفاصيل، أوضحت المصادر أن مسلحي "أنصار الشريعة" هاجموا مقاتلي "أنصار الله" من خلف نقطة دار النجد شمال المدينة، وأطلقوا عشرات القذائف بمدافع الهاون وال"آر بي جي"، على قلعة رداع التي يتمركز فيها الحوثيون. وقال سكان محليون إن أعمدة الدخان تصاعدت من قلعة رداع، جراء القذائف التي تساقطت عليها، وإن مواجهات بين الطرفين أعقبتها مباشرة، وامتدت حتى مناطق كثيرة وسط المدينة، لافتين إلى أن عدداً من منازل وممتلكات المواطنين تضررت أثناء المواجهات. وبينت مصادر محلية أخرى أن الهجوم الذي شنه "أنصار الشريعة"، كان مفاجئا لجماعة الحوثيين، حيث تسللوا من طرق فرعية من المدخل الشمالي الشرقي لمدينة رداع، وتحديدا من نقطة دار النجد والخضراء وحربة، بشكل مجموعات. وقالت المصادر إن طائرات حربية يمنية (عمودية) وأخرى أمريكية من دون طيار، حلقت أثناء المواجهات، فوق سماء المدينة، حتى الفجر، فيما انسحب "أنصار الشريعة"، عقب المواجهات، من أماكن مختلفة بالمدينة، باتجاه "قيفة"، تساندهم القذائف التي كانت تنطلق من خارج المدينة. وأضافت أن طائرة من دون طيار شنت غارتين جويتين على سيارتين تابعتين ل"أنصار الشريعة"، عقب المواجهات في رداع، أدتا إلى تدميرهما، ومقتل قرابة 8 أشخاص كانوا على متنهما. وأوضحت المصادر ذاتها أن الغارة الأولى استهدفت سيارة نوع "حبة وربع"، في منطقة "المتار"، كانت تحمل أسلحة، وعلى متنها عدد من مسلحي "أنصار الشريعة"، قتلوا جميعهم، وأحرقت السيارة بالكامل، فيما استهدفت الغارة الثانية سيارة نوع "هايلوكس غمارتين"، في منطقة "المرفد"، وأدت إلى مصرع جميع من كانوا على متنها. وقالت مصادر محلية بمنطقة قيفة إن أبو أسامة الصنعاني، أحد القيادات الميدانية ل"أنصار الشريعة"، قتل في الضربات الجوية، أمس. ونقلت الصحيفة عن شهود عيان إن هدوءا حذرا عاد للمدينة، عقب المواجهات، وإن مسلحي جماعة الحوثي كثفوا من دورياتهم وانتشارهم وسط المدينة وفي أطرافها. وتحدث مصدر محلي بقيفة عن مقتل 7 من جماعة الحوثي في "جبل العليب" القريب من منطقة المناسح، في هجوم شنته عليهم مجاميع من القبائل و"أنصار الشريعة"، عقب انسحابهم من مدينة رداع. وكما نقلت الصحيفة عن مصدر أمني في البيضاء إن "أنصار الشريعة" أكدوا من خلال هجومهم، أمس، على مدينة رداع، ومواجهتهم "أنصار الله" (الحوثيين)، أن انسحابهم من رداع كان تكتيكيا ليس إلا، وأنهم قادرون أن يصلوا إلى الحوثيين في أي وقت وأي مكان، حسب تعبيره. وقلل المصدر الأمني ذاته من فعالية اللجان الشعبية التابعة لجماعة "أنصار الله"، في مدينة رداع، مؤكدا أنها ليست بالوضع الذي يمكن لها أن تتصدى لأي هجوم من قبل "أنصار الشريعة" عليها أو على مراكز تجمعاتها في المدينة. واعتبر أن هجوم "أنصار الشريعة"، أمس، على نقاط ومواقع الحوثيين بالمدينة، غرضه الانتقام، وإضعاف قدراتهم القتالية، من خلال الهجوم المباغت، ثم الانسحاب إلى معاقلهم الرئيسية بمنطقة "يكلا". وعن سهولة دخول "أنصار الشريعة" إلى مدينة رداع، رغم تواجد مسلحي الحوثيين في الطريق العام المؤدي إلى المدينة، وعلى مداخلها، قال المصدر: "أعتقد أن "أنصار الشريعة" استخدموا طرقا فرعية هم يعرفونها جيدا، وأنها خالية من أي مسلحين تابعين للحوثيين، أضف إلى أنهم يتلقون تسهيلات في ذلك من القبائل الموالية لهم بقيفة". وحول غياب دور الأمن والجيش في الأحزمة المحيطة بمدينة رداع، سيما وأن الدولة تقوم بمتابعة "أنصار الشريعة"، أوضح المصدر الأمني ذاته أن الأجهزة الأمنية والعسكرية شبه مشلولة في رداع، نتيجة لمستجدات الأوضاع، سيما بعد دخول الحوثيين للمدينة. وقال: "حاولنا بعد تراجع دور الجهات الأمنية والعسكرية في المواجهات بين الحوثيين و"أنصار الشريعة"، أن نشكل نقاطاً أمنية من أهالي مناطق رداع، لحماية مناطقهم من أي طرف، أو منع وقوع أية مواجهات حتى داخل المدينة ذاتها، غير أن القبائل انقسمت بين موالٍ للحوثيين، وأخرى لأنصار الشريعة". وفيما استبعد المصدر الأمني وجود حل قريب في ما يحدث برداع، واستتباب الأمن فيها من قبل الجهات الأمنية والعسكرية؛ أكد أن عمليات الكر والفر والمواجهات ستتواصل بين الحوثيين و"أنصار الشريعة"، سواء في "قيفة"، أو حتى بمدينة رداع نفسها. وأكد المصدر مقتل أبو أسامة الصنعاني، القيادي في "أنصار الشريعة"، في الضربة الجوية الأولى في منطقة "المتار"، التي استهدفت سيارة قال إنها كانت تحمل أسلحة. في سياق متصل، قالت مصادر محلية بمنطقة يكلا، إن سكان المنطقة عثروا على 4 قتلى من الحوثيين، في مدرسة بمنطقة "سيلة الجراحي"، يعتقد أنهم كانوا أسرى لدى "أنصار الشريعة"، مشيرة إلى أنه تم قطع رؤوسهم جميعاً.