هناك مدرستي تفكير رئيسيتين حول الاستقالة المُفاجئة، يوم الثلاثاء، للرئيس عبد ربه منصور هادي في اليمن وحكومته. هادي- رجل دولة ضعيف، والذي كان حليفاً قوياً في معركة واشنطن ضد تنظيم القاعدة وباقي المتطرفين السنة- ربما قرر التنازل عن الحكم اعتقادا منه أنه هُزم بواسطة الحوثيين، المتمردين الشيعة الذين رفعوا السلاح في وجه الدولة بعد سنوات من المظالم السياسية. الأمر الآخر، أنه قد أعلن تخليه عن منصبه، متوقعا أن الحوثيين سيقبلون بالتوصل إلى اتفاق، بسبب أنهم ليسوا مهتمين في حكم واحدة من أكثر الدول الفقيرة والقابلة للاحتراق في العالم.
يوم الأربعاء، ذكرت حكومة هادي أن اتفاقية الشراكة قد انهارت مع الحوثيين، والذين يسيطرون حاليا على العاصمة. من غير الواضح لماذا كشفت النقاب عن ذلك.
ينبغي على الولاياتالمتحدة والدول المجاورة لليمن الدفع بفرقاء الأزمة الحالية باتجاه حل وسط يُجنب انهيار شامل للدولة. إن الآثار المترتبة على تفكك كامل للمؤسسات الحكومية سيكون كارثياً.
وجاءت استقالة هادي بعد أسابيع من المفاوضات المتوترة مع الحوثيين، الذين لديهم معقلهم الخاص في شمال اليمن، ويتلقون دعماً كبيراً من إيران. جاء هادي- لواء في الجيش اليمني- إلى السلطة في 2012 كمرشح وحيد على ورقة الاقتراع، بدعم من الحزب المهيمن والمعارضة. إذا كانت الحكومة المدنية التي يقودها، في الواقع، مطوية، فإن فراغ السلطة بالإمكان أن يؤدي إلى تجزئة أعمق في البلاد، وتزايُد دراماتيكي للعنف.
وبموجب هذا السيناريو، سيكون من الصعب للغاية على الولاياتالمتحدة مواصلة حربها على أتباع القاعدة اليمنيين، أو ما يعرف بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وأحد الأجنحة المقاتلة والأكثر نشاطا للخلايا الإرهابية. أعلنت الجماعة، والمنتمية للسنة، مسؤوليتها عن المذبحة الأخيرة في مكتب مجلة ساخرة في باريس. كما تآمرت أيضاً للقيام بهجمات عديدة على أهداف أمريكية.
بالإمكان أن يجُر صراع طائفي موسّع في اليمن بقوة السعودية، المملكة السنية المجاورة، وإيران الشيعية إلى صراع على السلطة لا يمكن التنبؤ به، والتي لا أحد من الطرفين سيعقد فيها اليد العليا. إذا حاول الحوثيون حكم البلاد ذات الغالبية السنية، فمن المؤكد أن أتباع القاعدة سيكسبون المزيد من الدعم. في حين أن الحوثيين لديهم عداء طويل مزعوم تجاه الولاياتالمتحدة، لديهم الكثير ليخسرونه إذا استمر تنظيم القاعدة في تحقيق تقدّم، احتمال مفزع للولايات المتحدة وهادي.
“لدينا مصالح متداخلة مع الحوثيين” قال أندريو تيريل، عالم في شؤون الشرق الأوسط في كلية الحرب للجيش الأمريكي، والذي درس الصراعات على السلطة الذي شهدتها اليمن مؤخراً. ” نحن جميعاً على الأرجح أكثر قلقاً حول تنظيم القاعدة من مشكل اليمن الأخرى.”
ليس من المعروف أن لدى الولاياتالمتحدة خط حوار مفتوح ومباشر مع الحوثيين، لكنه سيكون في مصلحة واشنطن البدء في بناء علاقة، حتى من خلال قنوات خلفية. التكتيكات التي استخدمها الحوثيون للضغط على هادي، بما في ذلك محاصرة منزله واعتقال مدير مكتبه وطاقمه كرهائن، عمل يبعث على الأسى. لكن بعض شكاويهم حول انتشار الفساد وسوء الإدارة مشروعة. وعلى الرغم من العداء المعلن للجماعة تجاه الولاياتالمتحدة، فإنه من غير الواضح اعتزامها مهاجمة أهداف غربية. فيما لو قامت وساطة دولية بناءة، ثمة فرصة لهادي والحوثيين تمكنهم من قيادة البلاد بعيداً عن انهيار خطير. لتسهيل ذلك، ربما تطلب الأمر عقد اتفاقية ماهرة بدعم السعودية، إيرانوالولاياتالمتحدة.