كم هم مساكين وضحايا شباب الساحات المستقلين وخصوصاً حملة الشهادات الجامعية.. كم ظلوا يحلمون بالتغيير نحو غدٍ أفضل ووطن أجمل.. لم يستطيعوا حتى الآن استيعاب ماحدث لهم ،بل لم تعط لهم الفرصة للاستيعاب أصلاً لم يتوقعوا أن شباباً مثلهم ولكن حزبيين موجهين تقاسموا معهم رغيف العيش لم يتوقعوا منهم أنهم قد قدموا أساساً لخطف ثورتهم السلمية وسبيها واغتصاب عذريتها وهم لايفقهون من أحاديث البخاري ومسلم إلا مابين السرة والركبة ،والذين هم أنفسهم اليوم من يشرعنون لقاطع الطريق أن يسلب الآمنين أمنهم واستقرارهم واختطاف لحظات الأمان القليلة التي قد يشعر بها المواطن.. الكثير من الفتاوى كانت تنزل كالمطر تصدر من مشائخ موجهين حزبياً ،صورت هذه الفتاوى لقاطع الطريق بأنه هو الثوري الحق وأن مايقوم به من سلب ونهب وقتل النفس البريئة يقربهم من الجنة ، رغم أنهم يعلمون جيداً بأننا نعلم أن أفكارهم وتوجهاتهم تتقاطع تماماً مع مبدأ الثورة الحقة والتي لو كانت تحققت أهدافها حرفياً لقدموا للمحاكمات ولعلقت لهم المشانق ولأعدموا في ميدان عام على ما اقترفت أيديهم من جرائم بحق هذا الشعب.
الذين تسلقوا على أكتاف الشباب السلميين هم من يعيثون فساداً اليوم على مرأى ومسمع من العالم كله ،ولكن هذه المرة فسادهم قانوني جداً وباعتراف رسمي من وزير المالية صخر الوجيه والذي اعترف بأنه تم تجنيد فقط 53000 ثلاثة وخسمين ألف فرد من المجندين الجدد من المليشيات المسلحة وقطاع الطرق اعتمد لهم 24 مليار ريال من الميزانية العامة كرواتب شهرية في الوقت الذي يصدر فيه مجلس الوزراء قراراً بمنع التوظيف في الخدمة المدنية لمدة أربع سنوات من حملة الشهادات الجامعية .. حقيقة وجهة نظر جديدة أعجبتني أنا شخصياً ،وقرار صائب من رئيس الوزراء باسندوة فهذا الأخير هو وبعض أفراد حكومته أرادوا أن يوصلوا رسالة واضحة وصريحة للشباب من خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا أنه إذا أردتم أن تتوظفوا وتحصلوا على مرتبات فعليكم أن تتحولوا إلى مليشيات مسلحة وقطاع طرق وأن تعلنوا ولاءكم لحزب الإصلاح وتحت قيادة مشائخ حاشد أو مشائخ مخلاف أو الفرقة الأولى مدرع وساعتها سيتم الاعتراف بهم بأنهم رجال يعتمد عليهم ساعة العسرة.. أهم شيء أن يحتوي ملف كل واحد منهم على سيرة ذاتية وشهادة خبرة بعد عمليات السلب والنهب وكم »رأس« قتل ممن لاحول ولاقوة لهم من الناس الأبرياء إرضاءً لولي النعم.. تلك هي الدورات التدريبية الجديدة التي يجب أن يحصل عليها حملة الشهادات الجامعية الباحثين عن التوظيف ،فهي الدورات الوحيدة المؤهلة والمعترف بها من قبل باسندوة وبعض أعضاء حكومته والذين يدارون بالريموت كنترول من قبل حزب الإصلاح وتحديداً من قبل حميد الأحمر واللواء علي محسن المؤيد لقرارات الرئيس هادي في النهار والمنقلب عليها في الليل.. فمثل هؤلاء القوم المهووسين بالسلطة والمدمنين على جمع الثروة تعد دعوتهم إلى الإصغاء لصوت العقل نوعاً من الجنون ومضيعة للوقت بسبب إعجابهم بأنفسهم.. ولديهم قناعة وتصور مسبق بأن مايقومون به من قول أو فعل هو عين العقل ويتماشى مع روح الشريعة الإسلامية التي يفتقر إليها سواهم. عموماً لابد من الاعتراف بأننا مفترون ومتحاملون على الإخوان المسلمين بوجه عام ،وعلى التجمع اليمني للإصلاح بوجه خاص ،فمخاوفنا منهم ليست في محلها وتفتقر للأدلة والمصداقية ..فهم الرحمة المهداة ،لايكذبون ،ولا يفترون ولا يلفقون التهم ..لايغشون ولايزوِّرون ولايرتشون ولاينهبون ولايقطعون السبيل ،ولايقتلون النفس المحرمة.. أحباؤنا الإصلاحيون يا إخوة: صالحون مصلحون، ليسوا بانتهازيين ولا متسلقين ولا إقصائيين .. زاهدين عن السلطة وليس في قاموسهم الاستئثار بالوظيفة العامة حتى لو كانت وظيفة حارسي في عمارة أو فراش في مدرسة فهي لديهم من متع الدنيا الزائلة.. تكمن أفضليتهم بقوة إيمانهم أكثر منا نحن ضعفاء الإيمان .. لذا فإن الخالق عز وجل قد اختارهم لهداية الناس من الظلمات إلى النور ومن الظلال إلى الهدى ،فهم منبع الحق والعدل والصدق والطهارة والنقاء والاستقامة إلى حد أنهم يقتربون من مرتبة الملائكة لولا أنهم فقط يأكلون ولايشبعون ويشربون ولكن لايرتوون.. الإصلاحيون .. أرق الناس أفئدة.. يضحون بكل أوقاتهم لعمل الخير وإسعاد الفقراء والمحتاجين.. أموالهم كلها مودعة في الجمعيات الخيرية المنتشرة في السهول والجبال والأودية ،تعمل على مدار العام يكرهون العمل الموسمي، جمعياتهم لايستغلونها في العمل السياسي والحزبي في مواسم الانتخابات.. الإصلاحيون هم الوحيدون الذين لايمتلكون أية تجارة أو استثمارات لا في المدارس ولا في الجامعات ولا في المستشفيات لا في الشقق المفروشة ولا في العقارات ،لا في السلاح ولا في المليشيات ..ليس في الإصلاحيين من يجيد التهريب والتنقيب وتهريب الآثار وتزوير العملات.. ليس من سماتهم التواطؤ والتآمر والطعن في الظهور للحلفاء وقت الأزمات.. هم في الطب أبرع من أبناء العم سام ، يعالجون الإيدز والبواسير من دون عمليات..