طوت أغلبية شرائح وفئات الشعب اليمني العام الماضي 2015، المليء بالكثير من الدموية والعنف والبؤس والمعاناة والحرمان والأحزان نتيجة الحرب المدمرة التي أشعلتها قوى الانقلاب والتمرد المتمثلة بميليشيا جماعة الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وامتدت وتشعبت نيرانها إلى كل بقاع البلاد لتأكل الأخضر واليابس وتهلك البلاد والعباد بدون استثناء. رغم حجم التركة الهائلة من المآسي والآلام والدمار والخراب التي خلفها عام 2015 وآلة الحرب في نفوس السكان بمختلف الأجناس والمستويات وعلى مدى اتساع الرقعة الجغرافية اليمنية، افتتح اليمنيون عامهم الجديد 2016، بتطلعات وآمال جذورها متأصلة في قاع الأرض وفروعها تعانق السماء مستبشرة بأن القادم حتماً سيكون أفضل على المستويين الداخلي اليمني والخارجي الإقليمي والجزيرة العربية وفي مقدمتها دول التحالف ومجلس التعاون الخليجي العربي، بفضل الله سبحانه وتعالى ومن ثم تجسيد تكاتف وتعاضد الإخوة والأشقاء في الروح والجسد الواحد والصف الواحد بإسدال الستار إلى الأبد وإلى غير رجعة على آخر فصول المشروع الفارسي الذي تنفذه ميليشيات الحوثي وصالح، في التمدد والتوسع عبر اليمن في خاصرة الوطن العربي.
تطلعات اليمنيين بعام 2016 تتلخص في عودة اليمن بجنوبه وشماله سعيداً كما كان في سابق عهده، وأن يحل الأمن والأمان والاستقرار وتعم العدالة والمساواة والتكافل الاجتماعي وفعل الخير والحياة الكريمة في كل ربوع البلاد والحياة اليومية لكافة أبنائه الذين تحملوا وتجرعوا شتى أصناف الويلات والمعاناة طوال سنوات العقود الماضية.
وساهمت دول التحالف العربي وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بأدوار بارزة وكبيرة في إنقاذ اليمن واليمنيين، وحقهم في تحقيق أحلامهم وأمنياتهم بالعيش تحت مظلة دولة النظام والقانون والعيش الكريم والاحترام المتبادل، بعيداً عن كل أشكال وصور الظلم والطغيان ومصادرة الحقوق والحريات وسلب ونهب ثروات ومقدرات البلد وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة والحكم العائلي والقبلي والعسكري على أنظمة الحكم الحديثة القائمة على أسس ومبادئ النزاهة والعدالة والمساواة وتحقيق التنمية الشاملة بمشاركة جميع مكونات وفئات المجتمع، وإغراق البلد في أتون الصراعات والفوضى والعنف والإرهاب.
تحولات ومتغيرات
وقال الناشط عدنان الراجحي، صنع عام 2015 تحولات جذرية في المشهدين السياسي والعسكري، ورغم حصاده الأكثر مرارة لم يكن مملوءاً بالمفاجآت التي كان يتوقعها الجميع حين انتهى عام 2014، ومع هذا ظهرت أشياء على السطح وحملت طابعاً إيجابياً مع الأحداث التي شهدتها المنطقة. وأضاف: أن عام 2015 اختزل الكثير من المشاهد المتسارعة بفعل المياه الراكدة التي حركتها تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط خاصة والعالم بأسره عامة، وللأسف واجهت الناس الكثير من التحديات بعناوين مختلفة أبرزها الحرب.
وأشار إلى أن العام الجديد ربما يأتي بصورة مغايرة عمّا حمله سلفه العام المنصرم، وقد يكون بداية لتصحيح المسار ومعالجة الأخطاء من خلال العمل بوتيرة عالية من جانب الإنسان ولأجل الإنسان، لتحقيق طموحات حدودها السماء وتطلعات إلى الأفضل وهي العناوين التي نتمنى أن يحملها الجميع عند استقبال عام 2016، لتصحيح الصورة النمطية والذهنية التي واكبت العام الماضي، حاملة بؤساً أكثر من حمل سعادة ورخاء الإنسان.
آفاق رحبة
من جانبه رأى الباحث السياسي عبدالله بن شملان، أن العام الماضي مملوء بالتشاؤم والتفاؤل معاً، بما رافقه من صراعات سياسية وعسكرية عصفت باليمن ودمرت بنيانه المدني ونسيجه الاجتماعي بفعل قوى استأثرت بالشعب والوطن خلال العقود الماضية، وتحدث قائلاً: برغم مرارة الصراع إلا أنني متفائل بعام 2015، كونه عام نهاية الحكم القبلي الكهنوتي العسكرتاري ونهاية رموزه التقليدية، نحو آفاق رحبة وتحديداً لشعب الجنوب الذي مُنح أملاً في استعادة دولته وكيانه السياسي بالذات، وذلك بعدما استطاعت المقاومة الجنوبية تحرير أغلب محافظات الجنوب.
وأردف بالقول: تطلعاتي وآمالي في عام 2016، أن يحقق الشعب اليمني بدعم قوات التحالف العربي النصر المؤزر على قوات المخلوع علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، وعودة الأمن والأمان والاستقرار لليمن عامة، ونجاح الحوار والعقلانية في حلحلة المشكلات الوطنية والسياسية العالقة ومنها حق شعب الجنوب في استعادة دولته وتقرير مصيره، وحق القوى السنية في الشمال بالتعبير عن ذاتها وإزاحة هيمنة القوى المسيئة للزيدية عليها منذ قرون طوال.
وعبّر بن شملان عن أمله في توفيق دول الخليج بمساعدة اليمن واليمنيين للخروج من أزمتهم بعد سنوات من القهر والفساد والاستبداد تحت شعارات الوحدة التي حولت بعض القوى إلى وحدة الذل والخيانة والفساد.
انطباعات 2015
ولفت رئيس تحرير صحيفة وموقع «عدن الغد» الإخباري الإلكتروني فتحي بن لزرق، إلى أن عام 2015 كان الأسوأ على الإطلاق في حياته، وأنه ربما كثيرون يشاركونه هذا الإحساس المليء بالمرارة والحزن والفجيعة، حيث كان العام الأكثر الذي زار فيه المقابر وودع فيه الأحبة، وأيضاً العام الأكثر الذي بكى فيه. واعتبر أن العام الماضي دفع فيه اليمنيون في كل مكان ثمناً لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، حرب أكلت الأخضر واليابس وقضت على أشياء قليلة كانت موجودة بالحياة، ولهذا سينصرف، وقد انصرف 2015 غير مأسوف عليه تسابقه أمنيات ودعوات إلى الله العلي القدير ألاّ يكون العام الجديد 2016، مشابهاً له في شيء، واختتم تعليقه على العامين الماضي والحالي، بدعاء الله أن يرحم كل من قُتل في 2015، وأن يحفظ وينجي ويسعد جميع الناس الطيبة، ويجعل عام 2016 عام سعادة ومحبة ورخاء للكل ولكل من يحبون ويكرهون أيضاً.
تطلعات 2016
اختصر الناشط السياسي والإعلامي زيد السلامي، تطلعات عام 2016م، بأن يكون عام النصر والتمكين وتقديس الحياة وإنهاء العنف والقتل والدمار، ووصف ذهاب عام 2015م بأنه ذهب بكل أوجاعه وآلامه وأحزانه، باعتباره كان عاماً ثقيلاً فيه من الأحزان الكثير، ولكنه أيضاً فيه من بصيص الأمل والانتصار على أكثر من صعيد.
عام الخير
وبدأ مدير المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان في عدن وهيب هائل، عامه الجديد بدعوة إلى فعل الخير ليكون عام الجميع خير بإذن الله، وقال: لنتذكر أن الأيام تمضي ولا يبقى إلا العمل الصالح، ولنعرف أن العطاء والرحمة بيننا لا تنقص مما نملك شيئاً، وهناك أعمال تبقى في الذاكرة لأنها تحمل طعماً خاصاً ومميزاً، ولكل شخص أعمال إنسانية شارك فيها كان له فيها بصمة مهما كانت بساطتها فأثر الخير والعطاء يبقى.
ودعا هائل إلى تشجيع الناس فيما بينهم واستذكار ما قاموا به ليكون لهم حافزاً كبيراً، وليقوموا بأعمال إنسانية قادمة رائعة ومميزة يرسمون من خلالها البهجة أولاً في حياتهم ويعيدون الأمل لكل من يتلمس العطاء بإنسانية وإحسان، وتمنى أن تكون كل أيام عام 2016 خيراً وسلاماً وأمناً وأماناً وعطاء على الجميع، وليكون الجميع للخير فاعلين وللعطاء مبادرين.