لما كتب الشاعر الأستاذ عباس الديلمي أنشودة "يمن الفخار" والمعروفة باسم " نحن الشباب" وغناها المرحوم علي بن علي الآنسي، تم أيامها تسجيل تلك الأنشودة في تلفزيون صنعاء أواخر السبعينيات بطريقة مليئة بالحيا . وكان الفنان الآنسي يتقدم صفين من النساء والرجال الذين كانوا في تلك الأيام الجميلة من الزمن يشكلون فرقة الموسيقى الوطنية الخاصة بمكتب الثقافة بصنعاء. ولكنني حزنت كثيرا الآن وأنا أبحث عن نفس ذاك التسجيل عبر اليوتيوب، ولم أجدها مثلما كانت، والواضح أن منظومة تلفزيون (صنعاء) الذي استخدموا "حرافة الكروما" لحذف صورة الأستاذ علي سالم البيض من إنجاز رفع علم الوحدة سنة 1990، هم ذاتهم الذين حجبوا –وبنفس الطريقة السمجة والغبية- كل النسوان، بما فيهن نساء فرقة الإنشاد في أغنية "نحن الشباب" على اعتبار أن المرأة عورة، الله يعور عيونهم، قولوا آمين . لا أحد يغالط الناس والتاريخ –بتلك البجاحة– التي غالطنا بها نظام صنعاء (القديم – الجديد). وها أنا الآن كلما أبحث عن تلك الأنشودة البهيجة، أجدهم قد جعثوا أبوها.. تارة تشاهدها في تسجيل كرنفالي.. تسمع صوت الآنسي وصوت الفرقة الموسيقية من خلفة، وأما الصور المصاحبة للتسجيل، فكلها للرئيس السابق وإنجازاته، أو صور من الأرشيف لعرض كرنفالي وعسكري من أحد احتفالات أعياد الثورة اليمنية . والمضحك في الأمر –وهي رسالة أخرى أوجهها إلى مسؤلي إعلام الرئيس السابق صالح- أن أحد اليوتيوبات التي فيها تسجيل تلك الأنشودة يصدح بصوت الآنسي رحمة الله تغشاه رفقة فرقة رجالية فقط، والكارثة أن الأنشودة المسروقة حال انتهائها، يطلع من بعدها -مباشرة- خطاب سريع للرئيس السابق "صالح " ولكأنهم بذلك يقولون للمشاهدين: هيا شوفوا، هذا هو الذي حجب النسوان حق الفرقة. بل وهو أيضا الذي سرق كل الإنجازات الفنية التي سبقت عهده. يتعين على فريق إعلام "صالح" أن يفعلوا أي تدبر يمكنهم من خلاله إعادة تلك الأنشودة بتسجيلها القديم (نساء ورجال) إلا لو عادهم مُترسين وراء خطابات "الاختلاط" سرحة الجن . أخي الأستاذ عباس الديلمي.. سأعتبر هذا المقال –أيضا- رسالة لك .. ولابد أنك حين تشاهد تلك الأنشودة الرائعة والبهية، ستحزن مثلي –وربما أكثر- على صورة إنسان اليمن الذي كان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إنسانا منفتحا على الحياة، وأصبح الآن منغلقا وكئيبا وله أحلام وتطلعات ورغبات أقرب إلى حمل الأحزمة الناسفة، إذ تمكنت تلك المنظومة القبلية الدينية خلال 33 سنة فائتة، من دك كل حصون الفكر والثقافة والفن والجمال ، وقايضتها –جهرة- بثلة من المشايخ وتنابلة فرق الجهاد، والنتيجة ما نلاحظه -الآن- من تفجيرات وتقطع ولوث جعل حياتنا كعصف مأكول. (يتبع غدا) [email protected]