للشيخ عبدالمجيد الزنداني، وعائلته وجماعته التكفيرية، حاجة اسمها جامعة الإيمان.. قالوا عند تأسيسها سنة 1993 أنها جامعة تهتم بالعلوم الشرعية وبالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وهذا أمر جيد للأمانة.. القرآن الكريم كتاب عظيم لمن يقرأه بتدبُّر، وفيه من العبر والإعجاز ما يمكن أن ينقلنا إلى الحياة الحقيقية. لكننا وللأسف الشديد- منذ تأسيس هذه الجامعة وحتى اللحظة- لم نلمس من مخرجاتها أي إعجاز علمي، غير أن «الزنداني الابن» كبر، ما شاء الله، وقد هو يظهر إلى الناس محملاً بلقب «الشيخ»، ويفتي في كل شيء ورأسه فارغ! هذا إعجاز والَّا يبطلوا الناس. الدراسة في جامعة الإيمان مدتها 7سنوات، وعمر الجامعة منذ تأسيسها بلغ إلى الآن أكثر من 20 سنة، وخلال كل هذه الفترة لم نسمع- ولو لمرة واحدة على الأقل- أن أحد طلبة هذه الجامعة تخرج وأصبح فقيهاً سخَّر علمه وطاقته لخدمة قضايا مجتمعه المتعب والغلبان. كلهم يخرجوا معبأين في الغالب بحالة من العدائية والكراهية لكل شيء. إذ يتم هناك إفراغهم من إنسانيتهم وإحالتهم إلى وحوش.. وحتى لا نكون غير منصفين، تخرجت من هذه الجامعة أسماء عملاقة ك»علي أحمد جار الله السعواني»، وهو صاحب إعجاز قتل «جار الله عمر أمام الناس وخلقه»، القتل بهذه الطريقة هو إعجاز والكل...! بدأت جامعة الإيمان نشاطها أول الأمر ب 4000 طالب، هم في الغالب أبرياء، وقصدوها من أجل تعليم يريهم وجه الله الحسَن، لكن المهارة المؤذية التي يتحلى بها أعداء الحياة استطاعت أن تحيل كثيراً من هؤلاء الطلبة إلى مجرد أصابع من بارود، وهات يا قوارح فوق المجتمع. إفراغ الإنسان من آدميته وإحالته إلى وحش ضاري، هذا بحد ذاته إعجاز لا يقوم به إلا مُجرم متمرس، ومن شاهد جريمة «العرضي» سيبدو مقتنعاً تماماً بأنه لم يشاهد بشراً يقتلون بشراً أبرياء، بل شاهد وحوشاً ضارية، الله يخارجنا. طلبة جامعة الإيمان أبرياء في الغالب، قصدوها لوجه الله بالفعل، لكنها في الأساس جامعة لم تتأسس من أجل علم لابتغاء وجه الله، بل تأسست لمحو وجه الحزب الاشتراكي اليمني باعتباره الشرك الجالس في الجنوب.. انتهى الحزب وانتهت الشيوعية في العالم، لكنها بالنسبة إلى جماعة جامعة الإيمان لم تنتهِ، ولن تنتهي، ذلك لأنها ليست مجرد حرب إيديولوجيا، بل لقمة عيش، وما حد يقفل دكانه. في مجتمع مغلق كاليمن، هذه الجامعة مصيدة مفتوحة وكوارثها مفجعة. وفي مجتمع متناحر مذهبياً وطائفياً، كاليمن، بقاء أي تعليم خارج منظومة التعليم الرسمي، كان حوثياً أو سلفياً أو من حق جامعة الإيمان، لا يبدو أكثر من كونه حشداً لمعارك قادمة باسم الدين وتحت غطاء الشرع. وجامعة الإيمان التي زرتها ذات يوم من العام 2005 إن ظلت على ما هي عليه فإنها ليست مكاناً للعلم الذي يخدم البشرية، بل مصيدة لتجهيل الناس ولإفراغهم من آدميتهم إلا من رحم ربي. ومادام الأمر مستمراً على هذا النحو، فإنه فعلينا إذن ألَّا نشتكي من «تفقيس» الوحوش. على أن هناك كارثة مستمرة نعيشها كمجتمع ونعاني من نتائجها، ولكننا لم نمتلك، إلى الآن، جرأة مواجهتها. كثير ممن يسمون أنفسهم علماء دين على أية حال يعتقدون، أساساً، أنهم فوق العلم نفسه، ويحاولون- من خلال خوضهم معارك لا علاقة لها برغيف الإنسان أو بآدميته وحريته وعقله وكرامته- أن يعطوا لهذا الشُّح في الضمير ملامح ربانية!