إن الدخول في معركة حاسمة ضد كل التناقضات في وقت واحد وفي أكثر من جبهة في اليمن لهو بداية النهاية للمشروع التوافقي الدولة الاتحادية الذي توافقت عليه كل القوى التقليدية والحداثية في مؤتمر الحوار الوطني . فإيجاد صيغة تشاركية مع كل القوى دون استثناء لطرف أو حزب أو مكون من المكونات السياسية والاجتماعية هو محاولة لا يتردد الرئيس الهادي عن اعتمادها في هذه المرحلة الحرجة من عملية الانتقال السياسي . أمام المرحلة الانتقالية الحالية تحديات وممارسات فردية وجماعية من قوى مضادة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، فالتوجه الوطني قد رسم خطة لمواجهة شاملة ومحسوبة من حيث الأبعاد والظروف والتوقيت لكبح جماح المسعورين واللاهثين خلف السلطة والثروة بمختلف وسائل القوة, كالقوة العسكرية وقوة الحوار والتفاوض . الشائعات التي تبثها القوى المتصارعة اليوم أن الرئيس الهادي ينصاع لتوجهات قوى على حساب قوى أخرى بات مخزيا وعارا يكتنف الواهمين والطامعين ولا أساس له من الصحة، فهو يدل على مدى القلق والعزلة القاتلة التي يعاني منها هؤلاء . المواقف والإجراءات التي اتخذت منذ تولي الهادي الحكم أثبتت أنه لا ينصاع إلا لعملية التحول السياسي واحتياجاتها بخطوات ثابتة ومدروسة، وصبره على بعض القوى المتهالكة نابع من محاولته تجنب الحرب مراعيا للواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه، محاولا التفاوض والوصول إلى حلول بشتى الوسائل والوقوف على مسافة واحدة مع الفرقاء السياسيين الذين يتصارعون لتحقيق أطماعهم ومصالحهم الأنانية الضيقة، حتى لا تعود تلك القوى المضادة إلى قوتها وتعمل على الانتقام وبحقد من كل ما هو توافقي ووطني، فالمهم الخوض في كل ما هو ممكن ومتاح لمنع اغتيال المشروع التوافقي . الرئيس هادي يدعو مرارا وتكرارا كل القوى التي تتصارع إلى التخلي عن العنف والتخلي عن السلاح والاتجاه نحو تغليب المصلحة الوطنية والانخراط في مسيرة البناء والتغيير وتجنب الخطوط الحمراء وعدم اعتراضها، وعليها جميعا أن تنتهز الفرصة وتهيئ البيئة السليمة للنهوض والتقدم، والتخلص من جراح الماضي وحل مشاكل العجز والفساد والخلاف، والشروع ببناء ثقافة المبادرة والعمل، وثقافة البحث عن البديل وثقافة التنافس في البرامج والخطط العملية السياسية لا الصراع والخلاف، فتجاوز الخطوط الحمراء سيواجه من قبل الشعب والقيادة السياسية بحزم وقوة .